Skip to main content

Full text of "أعداد سلسلة عالم المعرفة"

See other formats




«أق7]| - رك رر؟ ؟قبسررة بجربيم 6مقر سرام رساكة جالقي جاسرور شر برسم 





© نمو العلاقة بين الطفل والأم 
ليف 
د. فايز قنطار 








سلسلة كت ثقافية شيرية 9 المبلكس الوشنم للثقافة والفنون والآداب_ الكوين 


صدرت السلسلة قئ يناير 8/]| بإاشراف أحمد مشارى العدواتى 3 1|990 


166 
الأمسوصة 


نموّ العلاقة بين الطفل والأم 








وج 17592229 
المواد المنشورة في هذه السلسلة تعبر عن رأي كاتبها 
ولا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس 


المضوع 


ل 
501 
الأصول السلوكية للأمومة 


كم ل 
السلوك عبر التطور 


الفصل الثاني: 
سلوك النتشلق عند الإسان 


الفصل الثالث: 
سلوك الأمومة عند الرئيسات 


الفصل الرابع: 


الأمومة وسلوك التغدية 


الفصل الخامس: 

تكيف الصغير وسلوك الأمومة 
البياب الثاني: 

التفاعل بين الطفل والحاضن 


الفكل لانت 
التفاعل بين الطفل والأم 


الفصل السابع: 


الأمومة في الأسرة العربية 


الفصل الثامن: 
سلوك الأمومة وتطور الطفل 


535 


53 


77 


95 


16 


17 


37 


اذ١ا‎ 





شكر وتقدير 


أود أن أتقدم بالشكر والتقدير إلى كل من ساعدني 
أقاك اعد اذ هذا الكحات» وأخصض بالذكر الدكتور ينوا 
شال (لقمطه8.5) من مركز البحوث الفرنسي الذي كرس 
وقتا طويلا لمناقشة موضوعات عديدة من هذا 
الكتاب. وكذلك الدكتور روبير سوسينيان 
(مقمع :و5ناه1.5) الذي كان لجهوده دور كبير فى 
المعالجة التحصاكية للمعلومات, 

وأتوجه بالشكر والامتنان إلى الأستاذ ترامبلي 
(رهاطدده:.*) عميد كلية التربية في جامعة مونتريال 
كنا الذي تح ابواب كلرقة:خفيوضا أبزاب مكقيقينا: 
واستضافنا على الطريقة العربية؛ ووفر لنا فرصة 
الأطااع على اتحدك المرائجع العلنية وفرضة الحواق 
مع العديد من الباحثين في أمريكا الشمالية. 

إلى الأستاذ نوفل صلاح مدير معهد إعداد مدرسي 
اللقة العريية شى متحافظة السويداء سودي خالصن 
الفكن والقدير للساغات الظويلة التي أمضاها في 
قراءة المخطوطة وللمناقشات العديدة التي كان لها 
أثر لا ينسى. له جزيل الشكر والامتنان. 

إلى الفاحص المجهول عميق الشكر والتقدير؛ فلقد 
كان لملاحظاته القيمة أثر عميق في بلورة النص النهائي 
لهذا الكتاب. ا ا 

إلى كل هؤلاء. عميق الشكر والامتنان مع التأكيد 
على مسؤوليتي وحدي عن الثفرات والأخطاء. 


د. فايز قنطار 


مدخل 


ما دور الأم؟ وما سلوك الأمومة؟ وما وظائف 
هذا السلوك؟ وما مدى تأثير الأم في طفلها؟ 

تبيدو الإجابة على هذه الأسئلة سهلة للوهلة 
الأولى. فكل منا يعرف أن العلاقة بين الأم وطفلها 
المعارف الشخصية حدا أدنى يمكنها من تنشئة 
طفلها . فالطبيعة أهلتها للقيام بهذا الدور؛ وبالرغم 
من هذاء فإن النظر المتفحص إلى هذه العلاقة 


يظهر مدى تعقيدها وتداخل عوامل متعددة في 
تحديد مسارها؛ فنشاط الأم اليومي وسلوكها تجاه 
الطفل يبين غنى سلوك الأمومة وتنوعه؛ ويبين في 
الوقت نفسه الفرق بين أم وأخرى في التعبير عن 
هذا السلوك. فالصبغة العاطفية التى تلون هذا 
السلوك أو ذاك. والمدة الزمنية القن تمطنيها الأم 
في حالة نشاط تجاه الطفل وتكرار هذا النشاط 
أو ذاك وخصائص أخرى توضح التنوع في سلوك 
الأمومة. حيث تلعب عوامل الثقافة. وشروط الحياة 
العامة. وعوامل الشخصية دورا هاما فى هذا 
السلوك. إلا أن علاقة الأم بصغارها قورب كيه 
دون قاعدة بيولوجية ثابتة. وتتحدد هذه العلاقة- 
لدى الأنواع الأخرى-بشكل شبه كامل بوساطة آلية 
(ددنسقطءعه) غريزية وراثية. فنشاط الآم تجاه 
صغارها يمكن إظهاره بصورة آلية عند الحيوان 
مثلا؛ إل أن الأمر يختلف عند النوع البشريء حيث 
يتميز الإنسان عن الأنواع الأخرى بقدرته على 


9 


الأمومة 


تكييف سلوكه في ضوء المعارف المكتسبة. وعلى الرغم من أهمية العوامل 
البيولوجية في تحديد السلوك الإنساني فأن التجرية والخبرات المكتسبة 
تلعب دورا حاسما في تعديل هذا السلوك. 

إن ما يميز الإنسان عن الأنواع الأخرى ثيمبت قدرفه على استعمال 
الوسائل فحسب بل قدرته على الاتصال (دمناهءنصتاتصحدمه) أيضاء فبواسطة 
الاتصال يتم نقل المعارف والخبرات من جيل إلى جيل آخر. فالإنسان 
يفضل قدرته على الاتصال مغ الأغراد الآخرين من أبناء جنسه تمكن من 
حل مشكلاتة الأساسية المتعلقة يبقاء التوع وتظووه باستهران. 

إن معالجة سلوك الأمومة؛ وعلاقة الأم بطفلها تضعنا أمام ظاهرة 
معقدة, فسياق التكيف بين الطرفين سياق ديناميكيء يلعب التعلم والاكتساب 
فيه دورا هاماء وإن كانت المورثات هي التي تزود (الميكانيزم) الذي يسمح 
بدوره بتحقق هذا السياق التكيفي. إن سلوك الأمومة يتحدد بعوامل عديدة: 
فالأم الشابه تتأثر بسلوك أمهات أكثر تجربة وخبرة منها فهي تلاحظ 
سلوك الأمومة عند والدتهاء وتحاول تقليدهاء والتقيد بالقيم والتقاليد 
التي يفرضها الوسط الاجتماعي-الثقاضي. إن الاعتبارات المختلفة لطبيعة 
سلوك التعلق تقود إلى إشكالات علمية تتأثر بطريقة الولادة» ودور الطبيب 
والقابلة في مشافي التوليد؛ والنصائح التي يجب أن تعطى للأم: وطرق 
التعامل مع القادم الجديد . وهكذا تأخن دراسة سلوك الأمومة أهمية خاصة 
في العملية التربوية لأن التربية في المراحل اللاحقة من حياة الطفل يجب 
أن تققد إلى الأسسى القى وطبعدها الأشرة وخصنوضا الآ يوق تقوم 
أحيانا بمقارنة سلوك الأمومة عند أنواع مختلفة؛ ففي ذلك أهمية بالغة 
لإلقاء الضوء على هذا السلوك وأسبابه ووظائفه والعوامل المؤثرة فيه إلا 
أننا نحذر من خطر تعميم نتائج البحث التي تتعلق بنوع من الآنواع على نوع 
آخر. إن الطمأنينة التي توفرها الملامسة الجسدية مثلا أثناء تفاعل الأم مع 
صغيرها عند بعض الثدييات لا يمكن تعميمها على النوع البشريء؛ وإن كان في 
مقارنة النتائج التجريبية لأنواع مختلفة فائدة كبيرة لفهم الأصول البيولوجية 
للسلوك بشكل عام ولسلوك الأمومة بشكل خاص؛ إن من أهم وظائف سلوك 
الوالدية* ضمان حياة الصغار والمحافظة على بقاء النوع؛ ويختلف هذا السلوك 
باختلاف الأنواع لكي يتلاءم والظروف الايكولوجية (البيئية) لكل منها . 


مدخل 


إن معظم أنواع الطيور وجميع الثدييات تولى صغارها عناية خاصة: 
تتمثل هذه العناية عند الطيور بحضن البيوض وتغذية الفراخ وإبقائها في 
درجة حرارة مناسبة وحمايتها من الأخطار. ويعتبر إرضاع الصغار من أهم 
خصائص سلوك الآمومة عند الثدييات (,1986 :1]ء5:ع81 سه منان51): بينما 
يكون لنقل المعارف والمعلومات من الكبار إلى الصغار أهمية خاصة عند 
النوع البشري. 

تلعب الأم دورا بارزا في سلوك الوالدية (عندهةتقطء8 لمنمععدط).؛ إلا أن 
الآب عند العديد من الأنواع يشارك في العناية بالصغار ويقوم أحيانا 
بالدور الرئيسي في هذا السلوك. 

يتأثر سلوك الوالدية؛ إلى درجة كبيرة بسلوك الصغارء مما يستدعى 
النظر إلى وظيفة الوالدية في إطار التفاعل بين الأهل والطفل. إن هذا 
الببلوك الترجيه قمعو الصبهاى يمكق إتازقه يمتيرات بخاضة تحمل بن 
الخصائص ما يمكنها من إطلاق هذا السلوك. حيث يظهر سلوك الأمومة 
تحت تأثير جملة واسعة من المؤثرات الشمية والبصرية والسمعية واللمسية 
الخ... فبكاء الطفل البشري من أهم المؤثرات التي تنشط سلوك الأمومة. 
ويؤلف سلوك الآمومة مركبا معقدا ويزيد في تعقيده أنه يتناول شخصين 
اثنين: الأم وطفلهاء إذ يتأثر الواحد بالآخر ويقوم كل منهما بدور محدد في 
بناء العلاقة التي تربطهما. إن تطور الدراسات المتعلقة بالسلوك قد حمل 
الباحثين على استخلاص مبادئ وقوانين تحكم تطور الظاهرة السلوكية 
وتؤثر فيها. فلا نستطيع أن ننكر مسؤولية الكبير نحو الطفل. فتطور 
الصغير يتأثر-إلى درجة كبيرة-بمواقف الكبار؛ وبالطريقة التي يعاملونه بها 
وبالقيم السائدة إلخ... 

سنحاول في هذه الدراسة أن نلقي الضوء على علاقة الأم بالطفل ونمو 
هذه العلاقة وأثرها فى تطور الصغير. 

إن التاكيد غلى مسؤؤلية العبار حو اللأطفال لقصو باإضافة انا 
جديد إلى المرأة-الأم؛ فهي تعيش في وسط تقافي-اجتماعي ينكر الاستقلالية 
على الضعيف عامة وعلى الصغير بوجه خاص ويؤكد التسلط والقمع.ء 
كقيمة تربوية في تنشئة الصغار. وفي علاقات التواصل الاجتماعي. 

إن غالبية الأمهات يتصرفن نحو الصغير حديث الولادة كما لو كن 


الأمومة 


يتعلقن به بقوة» ولكن بعضهن يشعرن نحوه بعدم الاكتراث. ومع مرور الوقت 
تشعر معظم الأمهات بتعلق قوي يربط بينهن وبين الصغير. 

إن سلوك الأمومة يترجم هذه المشاعر إلى أفعال محسوسة يمكن 
ملاحظتها وقياسها. وتعتبر معرفة كيفية تشكل هذه الروابط وزمن تشكلها 
غاية في الأهمية. على الصعيدين النظري والعملي. 

إن مسألة قياس درجة التعلق بين الطفل والأم مسألة معقدة, ولا تزال 
موضع نقاش بين الباحثين. فمنهم من يرى أن بعض صيغ سلوك الأم 
الموجهة نحو الصغير كالملامسة الجسدية. وحمل الصغيرء وتقبيله, 
واحتضانه؛ والنظر المطول إليه بعد الولادة مؤّشرا هاما بالنسبة لمستقبل 
التعلق بين الطفل والأم, اعصدعكآ له و5دداء1) (1976 بينما يرى آخرون إن هذه 
المظاهر السلوكية لا تعبر عن طبيعة التعلق تعبيرا دقيقا قلا بد من اعتماد 
مؤشرات إضافية (1زهم,ع1] كسد منان1986,51١):‏ وتختلف الآراء. نظرا لتضارب 
نتائج البحوت المتعلقة بهذا الموضوع. ربما يعود ذلك لاختلاف المناهج المتبعة 
في دراسة التعلق. حيث لا تزال مشكلة المنهج المعتمد مشكلة قائمة لم يتفق 
الباحثون حولها بشكل نهائي. 

لقد أشار بعض الباحثين (المرجع السابق) إلى أثر الاشراط البافلوضي 
التقليدي في تطور علاقة الأم بالطفل وفي نمو محبتها له. حيث يصبح 
الصغير مصدر المؤثرات-الاشراطية وغير الاشراطية-التي تثير محبة الأهل 
وعنايتهم به. ويمكن للاشراط الوسيلي أن يساهم في نمو التعلق بين الأم 
والطفلء إذ يثبت السلوك المعزز ويلغي الأفعال غير المعززة. فالآم تفعل كل 
شيء يمكن أن يكون مفيدا بالنسبة للطفل. ويكون ذلك بمثابة تعزيز لهذه 
الأفعال.. وعند التقدم التدريجي والتعرف على الطفل والإلمام بحاجاته. 
تحاول الأم معرفة أفضل الوسائل لإرضاء تلك الحاجات؛ فتغذية الطفل» 
وتنظيفه وإبقاؤه في جو من الدفء. تصبح أفعالا راسخة عند الأم: وشعورها 
بالرضى (التعزيز) بعد كل فعل يسهم في تطور سلوك الأمومة عندها وضي 
نمو محبتها وتعلقها بالصغير. إلا أن بعض الصغار قد يخفق في أشعار الأم 
بالرضى مما قد يتسبب في فلة محبتها له وفي رفضه وعدم تقبلها له. 

إن ما يجري في السنوات الأولى بين الطفل والأم يهم المشتغلين في 
التربية التي تهدف إلى إيجاد الوسائل» وتوفير الشروط التي تسمح بتنشئة 


مدخل 


الطفل بطريقة مثلى. وتجنيبه المرض والانحراف وهدر الطاقات الطبيعية. 

فالطفل الذي لا تتوفر له الفرص اللازمة لتنمية شخصيته:؛ وقواه 
المختلفة. يصعب أن يصبح شابا مبدعا خلاقا. إن الهدف الأساسي لكل 
عملية تربوية هو تهيئة الظروف التي تمكن الطاقات والقابليات الكامنة 
عند الفرد من التفتح؛ والتحقق. ويجمع علماء النفس والتربية على أهمية 
السنوات الأولى فى تكون الفرد ونموه؛ لذا شهدت العقود الماضية تزايدا 
مطردا في اللدراساة والبحوث التي تتناول سلوك الأمومة وعلاقة الأم 
بطفلهاء إلا أن المكتبة العربية تفتقر إلى هذه الدراسات بالرغم من أهميتها 
الخاصة في مجتمعاتناء لتعرضها إلى تغيرات سريعة؛. في الميادين 
الافقضادية. والاجقاهية: مهنا يتك على طرق السفكة ومطلاقة الظمل 
بالأسرة؛ فالأم الشابة تتنازعها من جهة الطريقة التقليدية في الأمومة, 
ومن جهة أخرى الطرائق الحديثة القادمة من الغرب؛ من هنا تبرز مسؤولية 
المختصين العرب في تطوير الملاحظة؛ والدراسة والمناقشة والبحث في 
مسائل التربية في المراحل المبكرة من العمر. والعمل على صياغة نظرية 
عربية كتقص العوالي:الجاهرة: وكاخت مين الأمضان خافتنا يخصاقصن 
مجتمعناء وتضع منجزات البحث والعلم في خدمة الأمهات والمربين بما 
يضمن توقير الشروط المناسبة لتنشئة الطفلء ورعاية القوى الواعدة ضفي 
وطننا العربي. وتجدر الإشارة إلى مسؤولية المؤوسسات الأكاديمية في د 
المجال إذ تفتقر إلى برامج منهجية للبحوث العلمية: وإلى مراكز للمعلومات 
حيث تتم عملية تجميع وتنسيق المراجع والوثائق الضرورية للبحث. 

كما يجب أن تأخذ المناهج التربوية بعين الاعتبار كيف يمكن تهيئّة 
أطفال اليوم كي يكونوا أمهات وآباء المستقبل. فتوسع المعلومات المستقاة 
من البحث العلمي لا يعني تحول فن تربية الأطفال إلى علم ولا يعني تحديد 
صيغة واحدة. وجرعة سحرية إجبارية؛ لتربية الصغار لتحل محل التعددية 
في طرائق التطبيق التربوي. وفي علاقة الأهل بأطفالهم؛ فتوسع المعارف 
لا يلغي فنية الفنان ولا التعبير العفوى المبدع لديه. 


البباب الول 
الأصول السلوكية للأمومة 


اللسلوك عبر التطوو 


تكيف السلوك عبر التطور 

إن السلوك الفطري الذي يأخذ صيغة معينة 
عند جميع أفراد النوع يبدو ثابتا في الوسط المعتاد 
للعضوية؛ وبالرغم من تميز هذا السلوك بالثبات 
والاسفران: كيو حرضية تلفاكن العميق يمشروظ 
المحيظ عثرما تثير يشكل جذرى عهنا على معتاة: 
إن التمل قاذ الذي يضف جميم فساكل الثمل 
في صنفين: الأصدقاء والآعداء يتعامل مع كل صنف 
منيد افا تدر حتت جو ااتتويكي حل القنلة 
أن تتعلم من هو الصديقء ومن هو العدو. إن تربية 
النمل» بطريقة تجريبية في وكر لصنف آخر (معاد) 
يؤثر في تعلم النملة فيما بعد إذ ينعكس الأمر 
فتعامل النملة النوع المعادي معاملة الأصدقاء. 
وتعامل أفراد النوع نفسه معاملة الأغداء؛ فاتسلوك 
الفطري ليس وراثياء فالوراثة تعطي القدرة الكامنة 
ا 710000 
النظام بطبيعته وبصيغته. حسب شروط المحيط 
الذي تطور ضمنه. 

إن الأسس السلوكية كالأسس العضوية لا يمكنها 
أن تسهم في بقاء النوع إلا إذا تطورت ووضعت 
على المحك في محيط يوقر حدودا معينة تسمح 


17 


الأمومة 


بذلك. فأعضاء الحوت تتمتع بفعالية عالية عند وجوده في المحيطات, أما 
إذا نقل منها فهي تفقد معظم فعاليتها. كذلك بالنسبة لنظام سلوكي ماء 
فقد يكون مناسبا في محيط معين وقد يقود إلى العقم والموت في محيط 
آخر. فالقرقب'' لا يمكنه التكاثر في محيط لا يوضر له وجود حفرة يبني 
بها العش؛ فالأجهزة العضوية والسلوكية تفقد فعاليتهاء وتكون غير مثمرة 
إذا طلب منها التعامل مع محيط لم يسبق لها التكيف معه. 

يعتبر مفهوم التكيف. من وجهة النظر البيولوجية. مفهوما أساسياء 
وينطوي على صعوبة بالغة عندما يتعلق الأمر بالأنظمة السلوكية عند 
الحيوان؛ وتتضاعف هذه الصعوبة بالنسبة لسلوك الإنسان. لقد كان من 
المتعذر قبل النظرية الداروينية فهم كيف يمكن لبنية عضوية معينة عند 
الحيوان: أو عند الأعشابء أن تتكيف بصورة فعالة؛ فالقدرة على التكيف 
لآية بنية بيولوجية أو فيزيولوجية أو سلوكية تكون نتيجة للانتخاب الطبيعي 
والذي أدى؛ في محيط معين إلى النجاح في التكاثر وبالنتيجة إلى المحافظة 
على الأنواع الأكثر تلاؤماء وفي نفس الوقت أدى ذلك إلى اختفاء الأنواع 
الأقل تلاؤماء حيث أنها أقل حظا في التكاثر من سابقتها. 

إن تبني هذه النظرية-المتعلقة بالتطور العضوي والفيزيولوجي للحيوانات- 
يعود إلى وقت طويل. أما فيما يتعلق بتبني هذه النظرية في ميدان السلوك 
فيرجع إلى مرحلة قريبة إذ يعود الفضل في ذلك إلى الايتولوجيين/2) 
(كأداع 10[مطا8) . 

إن هؤّلاء حاولوا فهم دور الوسائل السلوكية في البقاء؛ وفي المحافظة 
على نوع ماء في محيطه الطبيعي المعتاد . هذا المنهج ساعد على فهم الجوانب 
الأساسية لسلوك الإنسان خاصة ما يسمى بالسلوك الفطري. إن بنية 
النظام السلوكي الفطري تسمح بالتوصل إلى نتيجة مفيدة للفرد؛ إلا أن 
هذه الفائدة ليست سوى فائدة مباشرة؛ فالفائدة النهائية تكون فائدة النوع 
فلو تعلق الأمر بمضغ الطعام؛ أو الحماية الذاتية؛ أو الاتحاد الجنسيء أو 
الدفاع عن الأرضء فالمحافظة على النوع تكون النتيجة النهائية لهذه الأنظمة 
السلوكية إن الفرد يشكل عضوا في هذا النوع: والنظام البيولوجي الذي 
ينطبق عليه مفهوم التكيف ليس فردا وإنما وحدة اجتماعية 
(«متنهانه1969()2,نزط1نده8) 


السلوك عبر التطور 


السلوك الفطر ى والسلوك المكتسب 

إن التقدم الذي شهدته العقود الأخيرة في علوم الايتولوجيا (52هامد8) 
وعلم النفس التجريبي وفيزيولوجيا الجملة العصبية قد ساهم في إعادة 
النظر في العلاقة بين الفطرة والاكتساب وفي تطور الحوار بين أنصار 
هذين المفهومين. ويتميز السلوك الذي يسمى عادة بالسلوك الفطري 
بالخصائص التالية: 

-١‏ يتطابق السلوك الفطري مع نموذج متشابه لدى جميع أفراد النوع. 

2- لا يعتبر هذا السلوك استجابة بسيطة لمؤثر بل يكون سلسلة من 
الأفعال: تتبع طريقا خاصا يمكن توقعه. 

3- يكون لهذا السلوك فائدة كبيرة حيث يسهم في المحافظة على بقاء 


الفرد وعلى استمرارية النوع. 
4 - يمكن للعضوية أن تظهر هذا السلوك بالرغم من غياب فرص التعلم 
أو ندرتها. 


لقد اتسمت النقاشات التقليدية بالتعارض بين الخصائص الفطرية 
والخصائص المكتسبة؛ إلا أننا ندرك الآن بأن مسألة التعارض بين السلوك 
الفطري وبين السلوك المكتسب مسألة غير واقعية. حيث يصعب فهم الواحد 
بمعزل عن الآخر كما يصعب تصور المساحة بلا طول أو بلا عرض. إن 
الخصائص البيولوجية في جوانبها المختلفة-التشريحية أو الفيزيولوجية أو 
السلوكية- هي نتيجة للتفاعل بين المعطيات الوراثية وشروط المحيط. يجب إذن 
إغادة التطر هي مفهوم الفظرة والاكتسات :وإتجاد مصطاع جدود ليجل معلهها : 

وتتميز الخصائص التي نعتت بالفطرية بنوع من الاستقرار والثبات 
بينما تتميز الخصائص المكتسبة بالتغير والتأثر بشروط المحيط. فالسلوك 
«الغريزي» يتمتع بدرجة من الاستقرار في الوسط طللما أن هذا الوسط 
يبقى في الحدود التي يعيش ضمنها النوع. ويظهر هذا السلوك في صيغة 
متوقعة عند جميع أفراد النوع وهذا ما يسمى بخصائص النوع أو مميزاته. 

وتعتبر البنية التشريحية والفيزيولوجية لدى الإنسان استمرارا لما هو 
عليه الحال عند الأنواع الأخرى. إلا أن الأمر مختلف بالنسبة للبنية السلوكية. 
فبائرهم من أن البدية الساركية الآساسية للكاكن البشري عشابه مع نظريتيا 
عند الثدييات العلياء إلا أنها تعرضت خلال التطور إلى تغيرات خاصة 


نا 


الأمومة 


تسمح بالوصول إلى نفس الأهداف بطرق ووسائل أكثر تعددا. فالوجود 
الإنساني. في علاقته بالأنواع الأخرىء له تركة بيولوجية هامة؛ يعتبر فهم 
هذه التركة مقدمة ضرورية لفهم السلوك البشري. 

ومن وجهة نظر الداروينية الجديدة (كنمفسمة2160-2) يجب على كل 
مخلوق أن يتكيف مع محيطه كي يتمكن من البقاء. ويتم هذا التكيف ليس 
فقط بواسطة الأعضاء الجسدية البيولوجية؛ بل أيضا بواسطة السلوك 
(1975, 11/11500) من هنا نستطيع أن ندرك أن دراسة السلوك أصبحت فرعا 
من فروع البيولوجيا وأن السلوك يدرس ويحلل-كالًعضاء الجسدية-من 
حيث مركباته ووظائفه في تكيف العضوية وقدرتها على البقاء والاستمرار. 

يؤكد بعض الباحثين على أهمية العوامل الوراثية في تحديد السلوك 
الاجتماعي (1935١؛‏ ممععمط) وهناك من يبالغ في دور هذه العوامل(,1111502 
6 1030 ,1975) وهناك من يرى أن السلوك الغريزي لا يمكن أن 
يكون نتيجة للتعبير الجامد للوراثة. يظهر هذا السلوك عند فرد معين 
تحت التأثير المزدوج والمتلازم للتجربة وللنضج البيولوجي الجسدي (1980, 
ةم حصةن) . إن هذا التصور الأخير يظهر ديناميكية السلوك وتطوره التدريجي 
تحت التأثير المتبادل بين النضج والتجرية:؛ مما يقود إلى تغير فردي في 
التكيف ليس فقط على صعيد النمو الحركي الفاعل للعضوية بل أيضا في 
خصائص وميزات فعالية التعبير السيلركن.. ا 


السلوك البشرى عبر التطور 

يتميز الإنسان عن غيره من الكائنات بقدرته على التغيير والتجديد في 
محيظه: لمكن مق توسيع الأومناط التى تسم لةباليقاء والعمل والتكائر 
في شروط معقدة جدا. لقد تمكن الإنسان أيضا من التغيير الجذري في 
شروط المحيط بحيث اصطنع جملة من الأوساط الجديدة خصوصا خلال 
عدة الآلاف سنة الماضية. لقد سمحت هذه التغييرات بتضاعف سريع 
لسكان المعمورة. وعلى العكس من ذلك بالنسبة للكائنات الأخرى: فالمحيط 
عند معظم هذه الكائنات يتميز بالاستقرار النسبيء فهو لا يتغير إلا بشكل 
محدود. ويتم هذا التغيير ببطء شديد . فكل نوع يعيش في وسط كبير 
التشابه مع ذلك الوسط الذي تطورت ضمنه الأنظمة السلوكية للنوع وعملت 


السلوك عبر التطور 


بشكل ملائم. فالمحيط الذي تعيش ضمنه الأنواع اليوم كبير التشابه-إن لم 
يكن متطابقا-مع نفس المحيط الذي شهد تطور كل نوع من هذه الأنواع. 

إن التنوع الذي أحدثه الإنسان في محيطه-خاصة في مجال السكن- 
والتغير السريع الذي شهده هذا المحيط أدى إلى تجاوز مبداً الانتخاب 
الطبيعي بدرجة كبيرة. إن ذلك حمل بولبي (8115,1969) على القول بأن 
محيط الإنسان المتمدن؛ أو نصف المتمدن.ء لا يتطابق مع المحيط الذي سمح 
لأنظمة السلوك الفطرية بالتطور والتكيف. 

لقد عاش الإنسان في محيط شبه مستقر طيلة مليوني سنةء. ومنذ 
عشرة آلاف سنة تقريبا بدأ المرحلة الزراعية التي ترافقت بتعديل كبير في 
المحيط وصل إلى قمته في المرحلة الصناعية في العصر الحديث. إن هذا 
التعديل في المحيط البشري لا يمثل إذن أكثر من 0.5“ من عمر الوجود 
الإنساني (965!, 7106135). إن الأنواع الأخرى تعدل في محيطها أيضاء فذلك 
ليس وقفا على الإنسان؛ فالحشرات والعصافير مثلا تبني أعشاشها . إلا 
أن ذلك يعتبر نتاجا للسلوك «الفطري» ويتم بصورة شبه آلية؛ مما يساعد 
على إقامة التوازن بين النوع والمحيط. على خلاف التغيرات التي يحدتها 
الإنسان في محيطه فهي ليست نتاج السلوك الفطري وإنما نتاج التقاليد 
الثقافية التي تنتقل من جيل إلى آخر. وتعاني التقاليد الثقافية من تسارع 
كبير في عصرنا الحاليء بسبب التقدم التكنولوجي الهائلء مما يؤدي إلى 
اختلال التوازن بين الإنسان ومحيطه. فالعلاقة بين الطرفين فقدت 
استقرارها في عصر الثورة الإلكترونية. 

إن فهم المحيط البدائي الذي عاش وتطور فيه الإنسان يمكننا من فهم 
أفضل للسلوك الفطري. ومن هنا تبدو أهمية دراسة الأقوام التي لازالت 
تعيش فى وسط مشابه للوسط البدائى للانسان: وكذلك أهمية المكتشفات 
الأثرية لقي يمكن أن تزودنا بالاويات المتعلقة بحياة الأولين. 


العلاقة بين الأم والطفل 

تبين دراسة علاقة الترابط بين الأم والطفل؛ عند جماعات بشرية 
متنوعة, أن العائلة هي الوحدة الاجتماعية الأساسية عند البشر. لقد 
أشارت الدراسات المختلفة التي تناولت أقواما عديدة إلى أن النساء والصغار 


الأمومة 


يترافقون دوما برجال بالغينء وإن لم يكن هؤلاء الرجال دائما آباء. بل من 
المقربين. لقد اعتبر (فوكس 202,1967) الأم وأطفالها-وربما أطفال أبنتها- 
القاعدة الاجتماعية الأساسية للجنس البشري. وتختلف هذه الأقوام بعضها 
عن بعض في علاقة الأب أو عدم علاقته بهذه الوحدة الأساسية. قفي 
بعض المجتمعات يرتبط الأب بهذه الوحدة بشكل دائم نسبياء وفي مجتمعات 
أخرى يرتبط بعدة وحدات (تعدد الزوجات). بينما لا يرتبط الأب في 
مجتمعات أخرى لا من قريب ولا من بعيد بهذه الوحدة الاجتماعية؛ فذلك 
يتشابه إلى حد بعيد مع الأنواع القريبة من الإنسان. 

إن ما يميز الأنواع الراقية-ومن ضمنها الإنسان-عن غيرها هو كونها 
تعيش في زمر اجتماعية مؤلفة من الجنسين؛ من أعمار متفاوتة. فمن 
النادر مصادقة الآنثى والآولاد بلا ذكرء ويندر كذلك وجود الذكور في حالة 
وحدة. وتبقى الزمرة الاجتماعية عادة ثابتة طيلة العام وإن تعرضت للتفرقة- 
من وقت إلى آخر-والتشكل من جديد . فمغادرة الفرد للزمرة لا يحدث إلا 
نادراء وغالبا ما يقضي حياته بالقرب من أفراد سبق أن اعتاد مرافقتهم. 

تعيش الزمرة الاجتماعية في مساحة محدودة من الأرضء وتميل إلى 
القاء والانسدران ضون تعدودها بوشانبا نا كحيض الأخراع اتمماسة هى 
وسط متداخل مع أعداء متربصين بأفراد النوع؛ وهذا ما يدفع إلى تبني 
نظام سلوكي يسهم في حماية النوع؛ إذ تنظم الزمرة الاجتماعية دفاعا 
ذاتياء فيقوم الذكور البالغون بالتعاون لطرد العدو وعند تعرض أحد الأفراد 
للتهديد. بينما يبتعد الصغار والإناث عن منطقة الخطر. فالفرد الذي 
يتعرض للمفاجأة في حالة من العزلة عن الزمرة يمكن أن يكون فريسة 
سهلة. هكذا يكون التنظيم الاجتماعي عند الحيوانات الراقية؛ وكذلك عند 
الإنسان البدائي. وتختلف الأنواع في درجة نضجها بعد الولادة» وبالتالي 
في درجة اعتمادها على البالغين؛ فالمولود البشري يقطع شوطا طويلا من 
النمو والتعلم قبل التمكن من البقاء دون مساعدة الكبار. 

ويلاحظ عند العديد من الأنواع ميل عام عند الصغار للتعلق القوي مع 
بعض الكبار البالغين من أفراد نفس النوع. ويأخذ التعلق شكل الاقتراب 
المكاني بين المولود والكبيرء ويؤدي الانفصال بين الطرفين إلى ظهور علامات 
الاضطراب والخوف عند الصغير. ويعتبر إرضاع الصغير واحدة من الوظائف 


السلوك عبر التطور 


المتعددة التي تقوم بها الأم للمحافظة على حياته. ويأخن سلوك التعلق بين 
الأم المرضعة وطفلها قيمة هامة في المحافظة على بقاء النوع أثناء عملية 
الانتحاب الطبيعئ. 


سلوك التعدق 

يعرف سلوك التعلق (12ا8602510 أمعداعة]1ى) بأنه كل صيغة من السلوك 
للؤدى إلى التقارب يين الآم والصغيق إن الطبيعة كؤودنا بامظة معسوسة: 
قلا حقلة مختلت الأترا ع تركن وجوه المصان حول الآم عمس الطيويواتكيل 
والبقووانواشي ركتالاك متم اشر شيو سارك التاق بالنها ريدسين الأ 
والصغار وإعادة التقارب في حال اختلاله. ومن الملاحظ أن الأم كتعرف 
على صغارها دون غيرهم: وكذلك الصغار سرعان ما يتعرفون على الأم 
ويتبعونها دون غيرها من الكبار. والشذوذ عن ذلك يعتبر نادرا وحالة غير 
طبيعية. إن السلوك الأهلي المقابل لسلوك التعلق هو سلوك العناية والاهتمام 
بالصغار ورعايتهم. 


التعلق عند الحيوانات الدنيا 

إخ الاستجاية الباقيزةابيق الآء واللرلود العديد اتسين كلق يرجه 
غريزية حيث تجدد :هذه البومعة الاييتجابة المناشيرة والسريعة بين الآ 
واكولوة لد الحيواتات الدنيا قالية (ميكانيزم) العلق السريع عدن العصناغير 
تعفر مقلة راضحا على قفوع العلاقة بين الآهل والحتقل وضهدها :وكوك 
علد القديياكييدا الشاق يكنا مياشرة يدن الولادة فالميكين يتمر ف عل 
أمه ويبقى إلى جانبها دون غيرهاء والآم بدورها ترعى وتغذي وتحمي 
وليدها دون غيره. وبنفس الوقت فالخصائص التي تجذب الآم نحو طفلها 
ليست بالضرورة نفس الخصائص التي تجذب الطفل نحو أمه. ولكن يبدو 
أن الطرفين يملكان نظاما سلوكيا فطريا فعالا ومتلازما. 


التعلق عند العصافير ومفهوم الانطباع 


أو السمات المؤشرة (عمنمنمص]) 
إن اتضيهة الى يالكذها حظاء سلوكن فعين عن الكبا لدف القديه من 


الأمومة 


الأنواع» تعتمد إلى حد كبير على الوسط الذي تكبر فيه. فدرجة التأثر 
بالمحيط تختلف نسبيا من مرحلة إلى أخرى خلال مراحل النمو اذ يمكن 
لنظام سلوكي ما أن يكون شديد التأثر بالمحيط في مرحلة ماء وبعدها 
تتوقف قابليته للتأثر. ويمكن لمجموعة من المؤثرات أن توقظ نظاما سلوكيا 
معينا إذا تعرضت لها العضوية في مرحلة محددة من مراحل النموء في 
حين تفقد هذه المؤثرات أهميتها في مرحلة أخرىء وربما بشكل نهائي. 

يقترب الصغار من الأم بتأثير المؤثرات الصادرة عنها . فالمؤثرات المألوفة 
تحمل الصغار على الاقتراب. بينما تؤدي المؤثرات الغربية على السلوك إلى 
الابتعاد والتجنب عندهم. ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى سلوك اتباع 
الأم عند فراخ البط والإوز؛ فخلال الساعات الأولى؛ بعد مغادرة البيضة, 
يتبع الفراخ أول شيء يتحرك يمكنهم إبصاره؛ بغض النظر عن طبيعة هذا 
الشيء؛ ثم يتبعون هذا الشيء بذاته ويتجنبون أي شيء آخر. فهذا التعلم 
السريع باتباع ماهو مألوف يسمى الانطباع- ل أو السمات المؤثرة 
(935اوعمع ما . يتميز الانطباع بحدوثه فقط في مرحلة قفصيرة من مراحل 
النمو. وفي حال حدوثه يصبح من غير الممكن إلغاؤه وهو يتجاوز فردا بعينه 
ليشمل جميع أفراد النوع؛ ويسهم الانطباع بإيقاظ وتنشيط مجموعة سلوكية 
لم يسبق ظهورها عند العضوية. 

وتبين التجربة أن تنشئة عصفور صغير في وسط محايد وبحالة عزله. 
تؤدي إلى تعذر حدوث الانطباع؛ إلا أن القابلية لحدوث الانطباع تستمرء 
حيث يمكن تمديد المرحلة الحساسة للانطباع؛ ولكن ليس إلى مالا نهاية. 
وتنتهي عادة المرحلة الحساسة بحدوث الانطباع. 

لقد تعدل مفهوم الانطباع بعض الشيء.؛ فهو يتشابه في سياقه مع بعض 
حالات التعلم ويستخدم مفهوم الانطباع حاليا ليعني السياق المؤثر في سلوك 
التعلق: والذي يجعل هذا السلوك عند صغار الطيور وصغار الثدييات يتوجه 
بشكل مفضل ومستقر نحو فرد أو عدة أفراد. 

يعرف باتسون (831508,1966) الانطباع بأنه السياق الذي يحدد عملية التفضيل 
الاجتماعية لتشمل فقط مجموعة معينة؛ دون غيرهاء من الأفراد أو الأشياء. 

ويمكن استخدام مفهوم الانطباع عند مناقشة التعلق عند الطفل البشري, 
إلا أنه يجب الأخن بعين الاعتبار المسافة التي تفصل مختلف الأنواع في 


24 


السلوك عبر التطور 


سلم التطور؛ فمن المهم معرفة فيما إذا كان السياق الذي تأخذه ظاهرة 
الانطباع هو نفسه لدى مختلف الأنواع: أو يختلف من نوع إلى آخر. لقد 
أشار (هايند) إلى أن خطى التطور اللذين أديا إلى الطيور من جهة؛ وإلى 
الثدييات من جهة أخرىء قد افترقا في مرحلة الزواحف الأولى في وقت لم 
يظهر فيه بعد سلوك التعلق. فكل فرع في مملكة الحيوانات طوّر سلوك 
التعلق بشكل مستقل عن الفرع الآخر. 

إن التشابه في أشكال سلوك التعلق لدى أنواع مختلفة ليس سوى نتيجة 
لتطور متقارب؛ وهذا يمكن أن يخفي الكثير من الاختلاف في السياق الذي 
أدى إلى هذا السلوك. إن معالجة سلوك الانطباع: وأثره في التعلق عند 
العصافير يأخن أهمية خاصة, لأنه أدى حديثا إلى خلخلة نظرية التعلق 
التقليدية المستندة إلى الفرويدية والتحليل النفسي. فمن وجهة نظر فرويد, 
يعتبر التعلق دافعا ثانويا ينمو ويتطور على هامش الدوافع الأساسية. بينما 
يرى بولبي(80109) إن دافع التعلق هو دافع أساسي كدوافع الجوع والعطش 
والجنس. فعلاقة الصغير بالكبير (الأم) هي ضرورية للنمو الطبيعي؛ كضرورة 
الغذاء. فمالاحظات لورنس (1.0:6072) أكدت بأن دافع التعلق مستقل عن 
الدوافع الأخرى. حيث يمكن ملاحظة سلوك التعلق عند صغار الإوز والبط 
دون أن تتلقى أي غذاء أو أي معزز آخر من قبل الأم. فبعد بضع ساعات من 
مغادرة البيوضء يمكن ملاحظة ميل قوي عند صغار البط والإوز لاتباع أي 
شيء يتحرك في مجالهم البصري سواء الأم. أو رجلء أو كرة متحركة.. 
وبعد اتباعهم شيئًا محددا يلاحظ تفضيلهم لهذا الشيء بالمقارنة مع الأشياء 
الأخرى. وبعد مدة من الزمن لا يتبعون إلا هذا الشيء بعينه. وبذلك يكون 
قد حدث الانطباع؛ ويصبح من الصعب بل أن المستحيل إلغاؤه أو تغيير 
موضوعه. 
بعد التحقق من مكتشفات لورنس كان من الطبيعي امتحان سلوك التعلق 
لمعرفة فيما إذا كان هذا السلوك يتطور على نحو متشابه عند الثدييات 
وعند الإنسانء تجاهل لورنس-في بادئّ الأمر-إمكانية حدوث الانطباع عند 
الثدييات: إلا أن ذلك تغير مع مرور الزمن حيث أصبح مفهوم الانطباع أكثر 
شمولا. إضافة إلى ذلك أوضحت الملاحظات التجريبية أن هناك تشابها 
كبيرا في تطور الانطباع بين الثدييات والطيور. 


الأمومة 


التعلق عند الفشران ودور العوامل الكيميانية 

تلعب الرائحة دورا هاما فى سلوك الاتصال عند الكثير من الثدييات 
الدنياء خاصة في الروابط الى تنوم بين الأ وصغارها . فالمادة ذات الرائحة 
الخاصة الصادرة عن حيوان ما والتي تؤثر في سلوك حيوان آخر تسمى 
فيرومون (206:00026). لقد تأكدت وظيفة الفيرومون لدى دراسة الأم 
والصغار عند الفئران. فعندما يفصل الصغار عن الأم. حيث توضع هذه 
الآخيرة في علبة مخبأة بالقرب من علبة مجاورة تضم فأرة محايدة. يمكن 
للصغار العثور على الأم في حال مرور تيار هوائي قادم نحوهم من جهة 
الأم. ويتعذر ذلك إذا كان التيار في الاتجاه المعاكس لأن الهواء يحمل المركب 
الكيميائي (الفيرومون) الذي ينقل رائحة الأم. 

ولقد طرح الباحثون العديد من الأسئلة لتفسير هذه الظاهرة: فذهل 
يكون الصغير مجزذوبا برائحة الآم؟ كانت الإجابة على هذا السؤال بالنفي 
حيث تمكن بعض الباحثين (21.1977 نه ,«مع.آ) من اكتشاف مفرزات 
السيكوتروف (عطامم:امءءع0) التي تتميزء برائحة خاصة عند الفآرة الأم 
وهذه الرائحة هي التي تجذب الصغار. يتصاعد إفراز هذا الفيرومون عند 
الأم تدريجيا بعد الولادة حتى يصل إلى مداه الأقصى في اليوم السادس 
عشر بعد الولادة. لقد أوضح ليون أن جاذبية الأم تتناسب طرديا مع تزايد 
هذه المفرزات ومن الممكن جذب صغار الفأر إلى علبة مخفية بعيدة تحوي 
هذه المفرزات؛ في حال وجود تيار هوائي ينقل رائحتها باتجاه الصغارء 
وذلك بالرغم من غياب الأم. 

إن حساسية الصغار لهذا الفيرومون ليست ثابتة. فهي تبدي القليل من 
التأثر برائحة الفيرومون في عمر أقل من عشرة أيام» وقد أوضح ليون أن 
هذه الحساسية تصل إلى قمتها في عمر ستة عشر يوماء فالتغير في 
جاذبية الأم وفي حساسية الصغير تجاه هذه الجاذبية يتزامن مع قدرة 
الصغير على الحركة والتنقل خارج الوكر. إن عمر الستة عشر يوما هو 
العمر الذي يقترب من الفطام؛ فقبل عمر عشرة الأيام يبقى الصغير داخل 
الوكر. وبعدها يبدأ بالخروج بحثا عن الغذاء ويعود إلى الوكر بالاستناد إلى 
رائحة الفيرومون الصادرة عن الأم. وتبدأ استجابة صغير الفأر للفيرومون 
بالتناقص عندما يتمكن من العثور على الغذاء بمفرده دون الاعتماد على 


20 


السلوك عبر التطور 


الأم (المرجع السابق). 

لقد أوضح هذا الباحث في سلسلة من التجارب (1.600,1983) أن صغير 
الفأر يتجه إلى الوكر بالاستناد إلى رائحة الفيرومون (سيكوتروف). بفض 
النظر عن كونها صادرة عن. الأم الطبيعية أو عن أم أخرى. فالسؤال الذي 
يطرح الآن هو: كيف يمكن للصغير التعرف على وكره في حال وجود عدة 
أوكار متقاربة؟ وتكون الإجابة على هذا السؤال على النحو التالي: 

-١‏ لا تبني الفئران أوكارها بشكل متقارب في الشروط الفلبيدية: 

2- في حال عودة الصغير إلى وكر آخر فالأمر لا يشكل خطورة بالنسبة 
له لأنه لا توجد عند هذا النوع علاقة انتخابية محدودة بين الأم والصغار, 
فالآم تتقبل صغار فأرة أخرى والصغار بدورهم يتمكنون من الرضاعة من 
عدة أمهات. فالتعلق بالمعنى الدقيق لا ينطبق على هذه العلاقة التي تقوم 
على جاذبية متبادلة بين الأمهات والصغار وتتزامن هذه العلاقة مع نمو 
الصغارء إذ ينخفض سلوك الأمومة؛ واهتمام الأم بالصغارء عندما يتمكن 
هؤلاء من الاعتماد على أنفسهم. 

ويؤدي فصل الأم عن الصغار إلى توقف اهتمامها بهم وبعد إعادة الصغار 

تستمر باللامبالاة وبعدم الاهتمام. فهي لا ترضعهم نفس المدة المعتادة. 
إلا أن تزويد الأم بالمزيد من الصغار حديثي الولادة من غير صغارها يؤدي 
إلى إطالة أمد سلوك الأمومة؛ فإحضار الصغار يثير سلوك الأمومة عندهاء 
حيث تؤثر خصائص الصغير تأثيرا هاما في استمرار عناية الآم طالما أن 
هؤلاء الصغار بحاجة إلى ذلك. لا يتأثر سلوك الأمومة عند الفثران فقط 
بالمؤثرات الحسية-كالبصر والسمع واللمس والشم-وإنما يخضع لعوامل 
هرمونية وعصبية, فالتغير في السلوك يترافق بتغيرات في النشاطات 
الغددية وتعتبر هذه النشاطات من أهم العوامل البيولوجية ال تتزامن مع 
الحمل والولادة. لقد بينت تجارب عديدة أن حقن الحيوان بهرمون 
الاستروجين («هءعه85) يدفعه إلى إظهار سلوك الأمومة؛ ويمكن منع هذا 
السلوك في حال حقنه بهرمون البروجييستيرون (000:مءوهع0:©) . لقد 
اعتمدت دراسة تأثير الجهاز العصبي في سلوك الأمومة على تعطيل بعض 
المناطق العصبية في الدماغ وملاحظة تأثير ذلك في سلوك الأمومة؛ إلا أن 
هذه الطريقة تصطدم بصعوبة كبيرة تكمن في معرفة تحديد الجزء الذي 


27 


الأمومة 


تم تعطيله في الدماغ؛ والذي أدى إلى التأثير في سلوك الأمومة, لأن 
تعطيل جزء ما من الدماغ يؤدي إلى التأثير في أجزاء أخرى. وذلك بقطع 
الواصلات التى قد تمر من الجزء المعطل أو بالقرب منه. إن استئصال جزء 
ادق الدجاء نوالا يؤدى شفط إلى اخرطر ا دسل ولق:بننا بعينه. بل إلى 
اضطراب السلوك بمجمله. 

نخلص من هذه الملاحظات إلى إدراك مدى صعوية دراسة التأثير 
البيولوجي-العصبي في سلوك الأمومة. وبالرغم من الدراسات الوصفية 
للتأثير البيولوجي في سلوك الأمومة لأنواع متعددة, إلا أن هناك فروقا 
هامة لوحظت بين هذه الأنواع؛ فما يصلح لنوع ما قد لا يصلح لنوع آخر 
حيث تظهر الأنواع المختلفة فروقا فيزيولوجية وسلوكية هامة. فتاريخ كل 
نوع من هذه الأنواع قد يكون على صلة بالميكانيزم التي تحكم الفروق 
الملاحظة بين هذه الأنواع. وإن معرفة هذه الفروق على درجة كبيرة من 
الأهمية في دراسة تطور سلوك الأمومة. 


التعلق عند الثدييات العليا 

إن دور الفيرومون غير معروف بشكل جيد عند الحيوانات العليا إذ 
يتجه البحث لإيضاح دور الإفرازات الهرمونية في إقامة التعلق بين الأم 
والصغير. فلحس الصغير من قبل الأم بعد الولادة يسهل سلوك العناية به 
ويسهل الإدرار عند الغئم والككللاب وأنواع أخرى؛ كذلك يجعل تعرف الأم 
على صغيرها ممكنا. وكذلك يساعد لحس الأم الصغير في إيجاد حلمة 
الثدي والبدء بالرضاعة بعد الولادة. فإذا منعت النعجة من لحس وليدها 
فلن يتمكن من البدء بالرضاعة بعد الولادة بنفس السرعة المعتادة. وتعتبر 
الأنواع من المحافظة على درجة الحرارة الجسدية دون احتضانها من قبل 
الأم بشكل دوري ومنتظم ويكون ذلك عامل جذب متبادل بين الأم والصغير. 

تشير تجارب كلويفر (56:,1971م1210) إلى أن فردية العلاقة بين مولود 
الماعز والأم تتحدد في الدقائق الخمس الأولى بعد الولادة. فالإيقاء على 
الجدي إلى جانب الأم لمدة خمس دقائق بعد الولادة» ثم فصله عنها لمدة 
ساعة, لا يؤثر في تقبل الأم لهذا الجدي بعينه بعد عودته فهي تقبله بينما 


السلوك عبر التطور 


ترفض أي جدي آخر. 

وفي حال فصل المولود مباشرة بعد الولادة. ثم إعادته إلى الأم بعد 
ساعة. فهي سترفضه كأي جدي غريب آخر. فمن الواضح أن الأم شديدة 
الحساسية لإقامة روابط التعلق مع الصغير خلال فترة قصيرة بعد الولادة: 
وبعدها ترفض أي صغير. يعزو كلوبفر ذلك إلى أن وجود الصغير بالقرب 
من الأم يؤدي إلى إفراز هرمون الاكسيتوسين (عمءه097) ويحدث هذا 
الإغراز في الدقائق الخمس الأولى التي تلي الولادة. 

وتحتل الإصدارات الصوتية مكانا بارزا في الاتصال والتجاذب بين الأم 
والصغير. فصغير القرد يصدر بكاء مميزا عند فصله عن الآم التي تعود 
إليه لدى سماعها هذه الأصوات. ولكن الأم لا تصدر هي نفسها صوتا 
خاصا في هذا السياق. إلا أنه من المحتمل أن يكون لحاسة اللمس والاحتكاك 
الجسدي الدور الأساسي في تطور العلاقة بين الأم وصغارها عند القردة. 
فالملامسة الجسدية, والتفلية. والتنظيفء والتقبيل يتكرر حدوثها بشكل 
ملوحظ عند القردة. وتتفاعل جميع الحواسء وتؤثر في تحديد سلوك 
التعلق. إن سلوك التعلق عند القردة-كغيرها من الأنواع العليا-يعتمد على 
العوامل الفطرية وعلى عوامل التجرية؛ إذ تتفاعل هذه العوامل مجتمعة 
لتسهم في صياغة هذا السلوك وتطوره. 

إن الممطبات العجرريزة |الصلعة ينعد الأو |( انخر اسدو لالب والقرني) 
تبين أن سلوك التعلق عند صغار هذه الأنواع يمكن أن ينمو ويتطور تجاه 
كائن ما بمعزل عن أي حاجة أخرىء أي دون أن يقوم هذا الكائن بتقديم أي 
مشجع إلى الصغير كالغذاء أو الحرارة أو الجنس. 

لقد أوضحت تجارب شيبلي (963!,لإهامذ50) إن عزل خنزير الهند بعد 
أربع ساعات من الولادة يؤدي إلى استجابته ومتابعته لشكل خشبي متحرك, 
فاستجابته لا تتضمن فقط الاقتراب. بل أيضا جملة من الأفعال ذات 
الصبغة الاجتماعية كالاستتشاق والملامسة واللحس. كما بينت تجارب أخرى 
بأن الخروف الذي ينشاً على صلة بصرية سمعية وشمية مع كلب لعدة 
أسابيع؛ يسلك هذا الخروف تجاه الكلب سلوكا مماثلا لسلوك الخراف 
تجاه الأم. فيطلق صياحات الثغاء باحثا عن الكلب في حال انفصالهماء 
ويتبعه في كل مكان في حال لقائهما. 


20 


الأمومة 


لقد عززت تجارب هارلو على القردة الاتجاه المعارض للنظرية التقليدية 
التي تعتبر التعلق ميلا ثانويا. 

أخن هارلو صغار القردة منذن الولادة. ووضعهم بالقرب من تماثيل للأم 
مصنوعة من الخيوط المعدنية أو مغطاة بقماش ناعم الملمس. ويمكن تغذية 
الصغار بواسطة زجاجة ذات ثدي مخبأ في التمثال. 

لقد بينت هذه التجارب تأثير الغذاء من جهة وتأثير الملامسة من جهة 
أخرى؛ في سلوك التعلق عند الصغار. فالغذاء-على عكس الملامسة-لا يؤثر 
في سلوك التعلق. وتؤثر الملامسة في التنشيط العاطفي تجاه الموضوع 
الذي يحل محل الأم؛ بينما لا يبدو ذلك نحو الموضوع المزود بالرضاعة. 
تأكدت هذه النتيجة في تجارب أخرى لنفى المؤلف. فصغير القرد الذي 
تربى مع أم بديلة مصنوعة من القماش الناعم يهرع باحثا عن هذه الأم, 
مباشرة عندما يتعرض للخطر. للتثبت بها بالرغم من كونها غير مزودة 
برضاعة اصطناعية. إن الصغير يسلك على نحو مشابه للحالة الطبيعية: 
فيجد الأمن بالقرب من هذه «الأم» ويهدأ روعه؛ ويبدأ بتفحص ما أثار 
فزعه. ويختلف سلوك الصغير الذي ربى بالقرب من أم بديلة مصنوعة من 
الخيوط المعدنية ومزودة برضاعة. فهو لا يبحث عن «الأم المرضعة» عند تعرضه 
للخطر. وتستمر مظاهر هلعه؛ ولا يتفحص الشيء الذي أثار هذا الهلع. 

وفي تجربة أخرى وضع صغار القرد. حيث يوجد العديد من الألعاب 
في غرفة مجهولة؛ لقد اختلف سلوك هؤلاء عند حضور هذه الأم القماشية 
البديلة عنه في حالة غيابها؛ خفي حضور الأم-القماشية الناعمة المللمس- 
يقوم الصغار باكتشاف الوسطء وتفحص الألعاب ثم العودة نحو هذه الأم 
من حين إلى آخر. وفي حالة غيابها يركضون في كل الاتجاهات داخل 
الغرفة ويبدون نماذج سلوكية جامدة كوضع الرأس بين اليدين» وإالصاق 
الوجه في الأرض والصراخ. إن إحضار الأم المعدنية لا يحقق الأمن لهؤلاء 
الصغار ولا يفير من مظاهر السلوك الغريبة عندهمء؛ حتى بالنسبة للصغار 
الذين لم يسبق لهم التعرف إلا على هذه الأم المعدنية المرضعة» فذلك لا 
يغير من مظاهر خوفهم وذعرهم شيئًا ولا يبدون نحوها أية مظاهر عاطفية. 
لقد ألح هذا الباحث على تأثير سلوك الملامسة الجسدية في تعلق الطفل 
بالأم بصورة مستقلة عن الرضاعة. 


السلوك عبر التطور 


الاستقرار في سلوك التعدق 

وماذا عن استمرار سلوك التعلق؟ إن ذلك يختلف من نوع إلى آخر, 
وبصفة عامة يمكن أن يستمر إلى ما قبل سن البلوغ؛ ويتوقف سلوك التعلق 
في نهاية السنة الأولى عند معظم أنواع الطيور؛ ولا توجد فروق بين الجنسين 
في ذلك؛ على خلاف الثدييات حيث يتميز الجنسان بفرق أساسي في 
داوق التعلق؛ فالتعلق بالأم عند الإناث يستمر حتى الهرم كما شو لجال 
عند الغنم مثلا فالإناث تبقى قريبة من الآم التي تبقى بدورها قريبة من 
الجدة بينما تبتعد الذكور في مشارف مرحلة البلوغ عن الأم؛ ويتبعون غالبا 
ذكورا أكبر سنا. 

إن سلوك التعلق يستمر بقوة عند القردة في الأشهر الأولى من الحياة 
وأثناء الطفولة» ويستمر عند بعض الأنواع في مراحل متأخرة بعد البلوغ. 
(6004211,1965 ,بعلة8) . 

إن حالة عدم النضج الجسدي عند الطفل البشري بعد الولادة وتباطؤ 
نموه يفسر تأخر ظهور سلوك التعلق عنده بالمقارنة مع الأنواع الأخرى. 

ويرى «بولبي» أن روابط الطفل بالأم هي الصيغة الإنسانية لسلوك 
التعلق الملاحظ عند الأنواع الأخرى. وهو يعالج طبيعة هذه الروابط في 
هذا السياق التطوري إلا أنه يؤكد أن المقارنة بين الأنواع يجب أن تؤخذ على 
درجة من الحذر. خاصة ما يتعلق بسلوك الطيور؛ فمن المعروف أن خطيّ 
التطور اللذين أديا إلى الطيور والى الثدييات.. سبق أن تميزا منذ مرحلة 
الزواحف الأولى. مما يعنى أن سلوك التعلق قد تطور بصورة مستقلة عند 
القدكات بالقار نمع الظيوو. 

بينما يؤكد «بولبى» أهمية دراسة سلوك الثدييات العليا فى إلقاء الضوء 
على السلوك الاثساتى: ا 

إن جميع صغار الثدييات تتشبث بالأم بعد الولادة (باستثناء الطفل 
البشري) وتستمر العلاقة الجسدية المباشرة (الملامسة) طيلة الطفولة الأولى. 
ولا يبتعد الصغير عن الأم إلا مسافة محدودة لا تتجاوز عدة أمتار. 

وبالمقابل تعمل الأم بدورها على إبقاء الصغير بالقرب منها. ومع تقدم 
العمر تنخفض نسبة الملامسة الجسدية بين الأم والصغيرء إلا أنه ينام إلى 
جانبها ليلا. ويبدأ الصغير بالابتعاد عن الأم أكثر فأكثر أثناء رحلاته. 


الأمومة 


ولكنه سرعان ما يهرع نحوها مع أية علامة خطر. 

إن صغير القردة من نوع (قناوءعط1 ءومذ5) يبقى خلال الأسابيع الأولى 
على صلة جسدية شبه دائمة مع الأم. وتحتل هذه الصلة نسبة عالية؛ ثم 
تنخفض إلى 10 أو 20 خلال السنة الثانية. إلا أن الصغير يبقى تحت 
مراقبة الأم. وعندما تنتقل الأم يتعلق الصغير في بطنهاء فيتشبث بيديه 
ورجليه وبفمه ماسكا حلمة الثدي. 

ويبدأ الصغير باتباع الأم عندما يستطيع السير وحيدا وذلك بتشجيع 
منها. وإذا ما أضاعت الأم صغيرها فهي تطلق نداء قصيرا باحثة عنه. وإذا 
حدث العكس وأضاع الصغير أمه فإنه يطلق نداء طويلا مقدما شفتيه إلى 
الأمام مما يدفع أنثى أخرى لحملة في حالة عدم العثور على الأم. وفي 
حالة اضطراب ما في وضع الزمرة سرعان ما يتجه الصغير والأم الواحد 
منهما نحو الآخر. ويتشبث الطفل ببطن الأم ماسكا الثدي بفمه؛: ويستمر 
هذا السلوك عدة سنوات. وكما هي الحال عند هذا النوع يبقى صغير 
القردة (من نوع: 0)) متعلقا ببطن الأم كما هي الحال عند النوع السابق 
خلال الأشهر الأولى. ثم يبدأ تدريجيا بالابتعاد لاستطلاع المحيط منذ 
الشهر الرابع من عمره. وبعد الشهر السادس يبدأ اللعب الاجتماعي مع 
الأقران. وهذا ما يستهلك معظم وقته وطاقته؛ إلا أنه حتى إتمامه السنة 
الأولى يبقى بالقرب من الأم ويتبعها على قدميه الاو يا 

وفي السنة الثانية يبقى الصغير مع أترابه وتتسم علاقته بالأم بالتأزم: 
حيث يتوقف الحليب ويعود الحيضء وتبداً الأم بالتزاوج من جديد. ففي 
هذه المرحلة تبدأ بدفع الصغير وبمنعه من الأخن بالثدي أو من الصعود 
على ظهرها وترفضه حتى أثناء الليل. إلا أنه بالرغم من هذا الرفض 
يلاحظ أن الأم والطفل يتجه أحدهما نحو الآخر في حالة الخطرء وتحاول 
الأم حماية الصغير إذا تعرض لإزعاج الأتراب أو الكبار, ثم تتوقف العلاقة 
بين الطرفين حيث تكون الأم قد وضعت صغيرا جديدا. وعندها يهرع 
الصغير نحو الذكور الكبار عند تعرضه للخطر حيث يتولون حمايته إذ 
تكون الآم مسؤولة عن الأصغر. 

يبقى الشمبانزي-كغيره من القدميات بالقرب من أمه طيلة الطفولة 
الأولى؛ ويعتقد كودال (8004211,1965) أن العلاقات بين الأم وصغيرها يمكن 


السلوك عبر التطور 


أن تستمر طويلا حتى أثناء البلوغ. 

وتشكل هذه العلاقات الحلقة الأساسية في زمرة مؤلفة من أنثى 
وصغيرها وطفل آخر أكبر سنا ومراهقا وشابا يقترب من البلوغ. 

أما عند الغوريلا فيتعذر على الصغير التشبث بالأم فتقوم هي بإسناده 
بذراعيها حتى عمر ثلاثة أشهر حيث يتمكن الصغير من ذلك. وحتى سن 
ستة أشهر يبقى الصغير بالقرب من الأم فهي تشجعه على ذلك ولا تسمح 
له بالابتعاد وتبقى تحركات الصغير ضمن إطار المجموعة حتى عمر السنة: 
ولا يبتعد كثيرا عن الأم وأثناء الراحة يبدأ بالجلوس بالقرب منها بدلا من 
الجلوس على ركبتيهاء وترفض الأم نقل الصغير بعد أن يبلغ عمر ثمانية 
عشر شهراء ولا تسمح له بالصعود على ظهرها إلا في حالات الخطر. 


العلاقات بين الصفار والكبار فى عالم القردة 

يقضي الصغير خلال مرحلة الطفولة المبكرة معظم الوقت مع الأم 
وتندر مرافقته للكبار من دونهاء وعندما يبتعد عن الآم يكون غالبا مشغولا 
باللعب مع صغار آخرين. إلا أنه يلاحظ أحيانا أن أنثى بالغفة تلعب دور 
«الأم» مع صغير أم أخرى وتنجح أحيانا بالاحتفاظ له وتبنيه. وفي غالبية 
الأنواع لا تحب الأمهات ذلك وتستعيد صغارها بسرعة. لقد لاحظ شالر 
(:3116طه5,) . روابط قوية بين صغيري غوريلا وأنثى بالغة غير الأم وبقاءهما 
معظم الوقت معهاء وإن رجعا من وقت إلى آخر لمشاهدة الآم فمعظم أوقاتهما 
يقضيانها بصحبة الأنثى الأخرى. 

ويهتم الذكور البالغون عند معظم أنواع القردة بالأمهات اللواتي يمتلكن صغاراء 
ويتسامح هؤلاء معهن بالجلوس بالقرب منهم. وغالبا ما يتبع الذكور الأمهات 
لإسنادهم وتأمين حمايتهم. إلا أن الذكر لا يحمل الصغير إلا في حالات نادرة. 

وفي العديد من الأنواع ومع تقدم الصغير بالعمر يبدأ بمرافقة الذكور 
البالغين» وإن اختلف هذا العمر من نوع إلى آخر. فيبدأ صغير القرد اعتبارا 
من السنة الثانية باللجوء إلى الذكر البالغ بدلا من الأم عند تعرضه إلى 
حالة خطرء وصغار الغوريلا يجدبهم الذكر المسيطر. ويجلسون ويلعبون 
بالقرب منه أثناء الراحة. وأحيانا يتسلقون عليه؛ ويطلبون منه أن يحملهم 
وهو يبدي التسامح تجاههم حين لا يكون اللعب شديد الاضطراب. 


الأمومة 


إن هذه العلاقات الودية بين الصغار والكبار يتعذر مالاحظتها عند 
الشمبانزي» فيجب انتظار المراهقة ليبداً الشمبانزي بمرافقة الذكور الكبار. 

وبالنظر لاختلاط التزاوج عند جميع هده الأنواع فقيصعب تحديد الأب 
من بين الذكور. 


دور الأم ودور الصغير في التعدق 

تلعب الأم عند الثدييات دورا بارزا في العلاقة التي تربطها بالطفل؛ 
فهي تحافظ على بقاء الصغير بالقرب منهاء إذ تسانده كي يتشبث بها إذا 
لم يتمكن من ذلك بمفرده؛ وتقوم بجلبه إلى جوارها إذا ابتعد عنها. 

إن صغير القردة (من نوع: 5ناة20) يتعلم التعلق بأم معينة خلال الأسابيع 
الآولى بعد الولادة (118:1007,1965 همه '113108) . فهو يفضل التوجه نحو الآأم 
دون غيرها من القرود. وذلك في الأيام الأولى التي تلي الولادة. وتؤّكد 
العديد من الملاحظات أن صغير القردة يمكن أن يتعلق بمن يقوم بالعناية به 
من المجربين أو الباحثين. وعند شعوره بالخطر ينطلق الصغير متوجها نحو 
الأم ويتشبث بها. 

إن ملاحظة هذا السلوك عند الصغار دون استثناء يمكن أن يوضح 
أسباب سلوك التعلق ووظائفه. 

وتبدأ المدة التي يقضيها الصغير مع الأم بالانخفاض شيئًا فشيئًا مع 
تقدمه في العمرء بينما ترتفع المدة التي يقضيها مع أترابه ثم مع البالغين 
الآخرين» وعند بعض الأنواع تقوم الأم بدفع الصغير وردعه عن البقاء 
بقريها مدة طويلة عندما يقترب من عمر السنة. إنه من المؤكد أن سلوك 
التعلق يبدأ بالانخفاض مع التقدم في العمرء. انخفاض في تكرار هذا 
السلوك وانخفاض في حدته. 


5“ 


سلوك التعلق عند الانسان 


التعدق المبكر 

يقر معظم المشتغلين بعلم النفس بأن علاقات 
الطفل الأولى تكون بمثابة حجر الزاوية في تكون 
شخصيته: إلا أن الاختلاف يتركز غالبا حول أصول 
هذه العلاقات.. فمن الواضح أن الطفل خلال السنة 
الأولى يقيم علاقة قوية مع الأم. وتلك حقيقة ثابتة 
تنطبق على معظم الأطفال. إلا أن الجدال يدور 
حول طبيعة هذه العلاقة وسياق توثيقها وسرعة 
إقامتها ومدتها ووظيفتها. 

إن النظريات التي سيطرت على عدم النفس 
تأثرت إلى حد بعيد بنظرية التحليل النفسي وبأفكار 
«فرويد »ويلخصها «بولبي» بآربعة اتجاهات: 

-١‏ فالاتجاه الأول يعون إن حاجات الطفل 
الفيزيولوجية وخاصة حاجة الغذاء والحرارة تتطلب 
من يرضيها. فالطفل يتعلق بوجه ما (الأم) لأنه 
يرضي حاجاته. إن الطفل يتعلم أن الآأم مصدر 
منح وعطاء. فالأم من وجهة النظر هذه هي موضوع 
للتغذية وإرضاء الحاجات؛ وينشاً التعلق على هامش 
هذه الدوافع الأولية. لذا سميت هذه النظرية من 
قبل «بولبي» بنظرية الدوافع الثانوية. إن تعبير الأم 
هنا يقصد به الشخص الذي يهتم بالطفل بصورة 


الأمومة 


دائمة؛ فالأم الطبيعية التي تضع طفلها مع مربية وتراه مرة في السنة تبقى 
بالنسبة للطفل غريبة كل الغرابة عن عالمه. 

2- أما الاتجاه الثاني فيعتقد أن الصغير يشعر بالندم بعد الولادة بسبب 
مغادرته بطن أمه وهو يرغب بالعودة إليه. تفسر هذه النظرية تعلق الطفل 
بالأم بأنه نتيجة رغبته بالعودة الى بطن الأم. 

3- والاتجاه الثالث يرى أن حاجة الطفل إلى الثدي هي حاجة غريزية: 
فهو بحاجة إلى مصه وامتلاكه. ويتعلم الطفل أن الثدي جزء من الأم وبسبب 
ذلك يتعلق بها. 

4 - أما الاتجاه الرابع فيرى أن الطفل يميل إلى التواصل والتشبث 

بشخص ماء فهذه الحاجة موضوع مستقل عن التغذية وعن الحاجات الأخرى. 

ويعتبر الاتجاه الأول أو النظرية الأولى أكثر الاتجاهات انتشاراء ففي 
رأي «فرويد» أن التعلق بالثدي المغذي هو مصدر الحب. 

إن «بولبي» يرى أن هذه النظريات غير قادرة على إيضاح سلوك التعلق 
فهو يقترح فرضية مختلفة تستند إلى نظرية السلوك الفطري. 

إن العلاقة بين الأم والطفل هي نتيجة لنشاط جملة من الأنظمة السلوكية 
تهدف إلى المحافظة على إبقاء الطفل بالقرب من الأم. 

ويبدو ذلك بوضوح خلال السنة الأولى من عمر الطفل عندما يبدا 
التنقل والحركة فى محيطه. إذ يمكن ملاحظة سلوك التعلق بكافة خصائصه 
غتد الغالبية الساحقة من الأطقال. ويمكى فيط الأنطمة السلركية الشاضة 
بالتعلق عند مغادرة الآم للطفل أو عند شعوره بالخطر. إن المؤثر الكفيل 
بوضع حد لذلك هو مشاهدة الأم أو سماعها أو ملامستها . ويمكن تنشيط 
مختلف الأنظمة السلوكية للتعلق بسهولة حتى نهاية السنة الثالثة: ويعد 
هذا العمر يصعب تنشيط هذه الأنظمة لأن الاقتراب من الأم لا يعود حاجة 
ملحة. وفي مرحلة المراهقة والبلوغ تحدث تغيرات أخرى خاصة بما يتعلق 
بتغير الشخص الذي يتوجه نحوه سلوك التعلق (1969.2.248,/إ80::15) . 

وتجدر الإشارة إلى الملاحظات التالية: 

- إن سلوك التعلق أحد مظاهر السلوك الاجتماعي؛ وبنفس الدرجة من 
الأهمية التي يحتلها سلوك التزاوج مثلا وسلوك الوالدية!'", ويتمتع سلوك 
التعلق بوظيفة بيولوجية خاصة لم تؤخذ سابقا بعين الاعتبار. 


56 


سلوك التعلق عند الانسان 


- إن الأنظمة السلوكية المختلفة تتطور عند الطفل كنتيجة لتفاعله مع 
المحيط وخاصة مع الوجه الأساسي في هذا المحيط وهو الأم. فالتفذية لا 
تلعب إلا دورا محدودا فى هذا التطور. 

تشبكل النسواتب الأساسية للوك العواق هلى الطفل يسارك اسن ديلول 
التشبث وسلوك الاتباع وسلوك البكاء وسلوك الابتسام وتنظم هذه الأنظمة 
بحيث تعمل على بقاء الطفل بالقرب من الأم. 


التعدق كدافع أولي 

بالرغم من أن التجربة تظهر وجوب استبعاد نظرية الميل الثانوي في 
تطور التعلق عند. معظم الثدييات:؛ فالمسألة لم تسو نهائيا بالنسبة للانسان. 
وبالرغم من ذلك فالعوامل المناسبة لسلوك التعلق عند الإنسان؛ ليست 
مغايرة جدا لما يمكن ملاحظته عند الثدييات الأخرى. 

ويرى بولبي أن نظرية الدافع الثانوي ليست مقنعة في تفسيرها لظاهرة 
التعلق عند الإنسان؛ وهي النظرية التقليدية التي ترى أن التعلق ينمو ويتطور 
على هامش الدوافع الآساسية كالجوع والجنس. ويعتبر هذا المؤلف التعلق 
دافعا أوليا يتميز باستقلالية كبيرة بالنسبة للدوافع الأخرى. 

يستند بولبي في وجهة نظره هذه إلى نتائج البحوث والدراسات التي 
تبين أن التعلق يمكن أن ينمو ويتطور تجاه أفراد غير معنيين بالعناية الجسدية 
للطفل. ففي دراسة شافر و إمرسون (964!١,دهستعصم8‏ لصه مع لئهدا»ه5) تبين أن 
الطفل مهيا للرد على المؤثرات الاجتماعية لدرجة أنه يمكن أن يتعلق بأطفال 
آخرين؛ ويعرب عن سخطه واحتجاجه عند غيابهم. 

يشعر المولود الجديد بالرضى والارتياح للكبار. وخاصة في حالة التبادل 
الاجتماعي معهم؛ عندما يؤخذ بين الذراعين, أو عندما يقوم الكبير بمحادثته 
ومداعبته وملامسته بحنو. ويتطور سلوك الثفثغة والابتسام بشكل ملحوظ 
عند المولود إذا لقي استجابة اجتماعية من قبل البالفين. وقد أوضحت 
الدراسات الحديثة (1969,لإ80215) أن الصغير يستجيب بسهولة للمؤثرات 
الاجتماعية؛ ويمكنه المشاركة في التبادل الاجتماعي مع الكبار؛ وذلك بمعزل 
عن الرضاعة أو العناية الجسدية. 

ويرى بولبي أن تطور سلوك التعلق عند المولود البشري يتوافق مع تطور 


537 


الأمومة 


نفس السلوك عند الثدييات الراقية؛ وإن كان أكثر بطنًا عند الإنسان. وضفي 
رأي هذا المؤلف يتصف سلوك التعلق عند الإنسان بما يلي: 

-١‏ في البداية يمكن إثارة الاستجابات الاجتماعية عل الولو بواسطة 
جملة عديدة من المؤثرات. ويعدها يقل تدريجيا عدد المؤثرات التى تحدث 
استجابات اجتماعية عند الوليد» حتى تقتصر على الؤكرات القادمة من 
شخص محدد أو من عدة أشخاص معينين. 

2- يستجيب الطفل إلى عدد من المؤثرات دون غيرها. 

3- يتصاعد سلوك التعلق بشخص معين طردا مع تكرارا التفاعل 
الاجتماعي بين الطرفين. 

4 - إن قدرة الصغير على تمييز وجوه مختلفة؛ يتبع عادة المرحلة التي 
يتمكن بها الطفل من تثبيت انتباهه. مما يدفع إلى التفكير بأن التعلم يمكن 
أن يلعب دورا ما في تنمية سلوك التعلق. 

5- يبدو أن سلوك التعلق في الوجه المفضلء ينمو ويتطور خلال السنة 
الآولى من حياة الطفل. إذ يحتمل وجود مرحلة حساسة؛ تسمح بتسهيل 
تطور سلوك التعلق. 

6- بعد عمر ستة أشهرءيمكن ملاحظة استجابات الخوف والذعر عند 
الطفل لدى رؤيته وجها غريباء خاصة عند بلوغه ثمانية أشهر. علما بأن 
ردود فعل الطفل هذه تكون أقل حدة قبل هذا العمر. ويستحيل ملاحظتها 
عند الأطفال في الأشهر الأولى؛ وبالنظر لتكرار ردود فعل الخوف وقوتها 
نحو الغريب». يصعب على الصغير التعلق بوجه جديد بعد عمر السنة. 

7- عندما يحدث التعلق بوجه معين. يميل الطفل إلى تفضيل هذا الود 
بالمقارنة مع الآخرين؛ ويستمر هذا التفضيل بالرغم من الانفصال. 

وخلاصة القول: إن سلوك التعلق. نحو وجه متميز عن الآخرين. ينمو 
ويتطور عند الإنسان بطريقة مشابهة لنمو وتطور التعلق عند الثدييات 
الأخرى. وتؤكد الدراسات السابقة على ثلاث مسائل أساسية: 

أولا: تستند العلاقة بين الأم والطفل إلى قاعدة بيولوجية غريزية. فكل 
أم قادرة على القيام بدورها كأم في الوقت المناسب. فالتعلق حاجة أساسية 
تمكن الطفل من النمو نموا سويا من النواحي البيولوجية والعاطفية 
والاجتماعية؛ وتمكن الأم من ممارسة سلوك الأمومة. 


سلوك التعلق عند الانسان 


ثانيا: إن تطور العلاقة بين الأم والطفل يتجاوز تلبية الحاجات البيولوجية: 
ويعتمد إلى حد كبير-على طبيعة التفاعل بين الجانبين. فإرضاء حاجات 
الطفل الأساسية عملية ضرورية؛ ولكنها غير كافية لنمو التعلق بين الأم 
والطفلء وغالبا ما يكون إرضاء هذه الحاجات فرصة للتفاعل المتبادل بكل 
أشكاله. الكلامية وغير الكلامية. فعندما ترضع الأم طفلهاء تشعره بحرارة 
جسدها وبحنو لمساتها وبرقة عباراتها ومناغاتهاء ثم قد يتحول ذلك إلى 
تفاعل معقد. فقتبيحث الأم لالتقاط بصر الطفل» وتقوم بدغدغته وبتوجيه 
ابتسامتها نحوه. ويظهر الطفل بدوره علامات الرضى والارتياح لسلوك 
الأم. مما يشجعها على الاستمرار في التفاعل معه. وسنرى في فصل لاحق 
مدى تأثير الطفل في سلوك الأم. خاصة عندما يبدأ بالابتسام حيث يعتبر 
ذلك معززا ومنشطا لسلوك الأم. مما يدفعها لاصدار المزيد من المؤثرات 
الاجتماغية نحو الطفل. 

ثالثا : تتحد العوامل الغريزية وتتفاعل مع عوامل المحيط؛ أي مع الشروط 
المادية والثقافية المحيطة بالأم والطفل» فسلوك الأمومة والتعلق هما نتاج 
التفاعل المستمر لهذه العوامل مجتمعة. 


مقارنة التعدئ عند الإنسان والثدييات الأخرى 

إن الفرق الجوهري الذي يميز سلوك التعلق عند القردة من نظيره عند 
الإنسان هو أن هذا الأخير لا يستطيع التشبث بالأم والتوجه نحوها قبل أن 
يتمكن من الحبو أو المشي. 

إلا أن بعض الأنواع عند القردة (الغوريلا) تتميز بذلك أيضاء فالآم تقوم 
بحمل الصغير حيث لا يستطيع هذا الأخير التشبث بها. وكذلك الأمر عند 
الإنسان في بعض المجتمعات (الصيد والقطاف): فالطفل يحمل على ظهر 
الأم وليس في سرير أو عربة. ففي رأي بولبي (272 م,1969,إ80:10) إن 
دراسة سلوك التعلق تبين نوعا من الاستمرارية في سلم التطور من الثدييات 
الدنيا إلى الإنسان؛ فعند بعض الأنواع الدنيا (من هذه الأنواع: 
'(1,210216ناتع.1) يتوجب على الصغير التشيث بالآم منن البداية لأنه» يتلقى 
أية مساندة من جانب الأم وعند القردة الأكثر تقدما و (ه05ه6ة8) (دناوعط2) فإن 
على الطفل أن يتشبث بهاء إلا أن الأم تساعده في الأيام الأولى من الحياة. 


56 


الأمومة 


وعند الأنواع الأكثر تقدما كالغوريلا والإنسان يتابع الطفل التشبث؛ 
ولكنه لا يمتلك القوة اللازمة لذلك مدة طويلة؛ ففي الأشهر الأولى: تقوم 
الأم بالمحافظة على وجود الطفل بالقرب منها (المحاذاة). ولا يشذ عن ذلك 
إلا المجتمعات الصناعية المتطورة حيث يوجد الطفل غالبا خارج دائرة 
الاتصال مع الأم خلال ساعات طويلة أثناء النهار وكذلك أثناء الليل. 

إن صغير القردة (5ن2069) يتمكن من التشبث بجسد الأم قبل أن يتمكن 
من تمييزها من غيرها من القردة: بينما يكون الطفل البشري قادرا على 
تمييز الآم قبل أن يتمكن من التشبث بها أو حتى من التحرك نحوها. ومن 
هنا تأتي صعوبة تحديد معايير سلوك التعلق التي تسمح بتحديد بداية 
هذا السلوك عند الإنسان (المصدر السابق 5.372). 


سلوك التعدق في السنوات الأولى 

يرى أصحاب نظرية التعلق (1969,إ80:15 :170115,1967ومنه) إن الصغير 
عند معظم الأنواع؛ يمتلك الأسس الغريزية التي تسهل نمو التعلق» وتطور 
العلاقات المتبادلة بينه وبين الحاضن (أي الأم في الأغلب). فسلوك الصغير 
حديث الولادة يثير اهتمام الآم واستجاباتها نحوه؛ فالنظام التفاعلي بين 
الأم والصغير يتأثر إلى حد بعيد بالاستجابات الأولية لهذا الأخير. 

إن هذه الأسس الغريزية تجعل كلا منهما قادرا على إدراك إشارت الآخر. 

وتبين الملاحظة اليومية أن الطفل في عمر أربعة أشهر يستجيب بشكل 
مختلف إلى الأم بالمقارنة مع غيرهاء فهو يبتسم ويثغثغ بسهولة استجابة 
للأم ويتبعها بنظره مدة أطول من أي شخص آخر في محيطه. إلا. أن 
التمييز الحسي للأم لا يمكننا من القول بأن الطفل يحافظ على البقاء 
بالقرب منها . فبكاء الطفل لدى مغادرة الأم ومحاولته اتباعها يعتبر مؤشرا 
لسلوك التعلق. لقد أكدت الملاحظة وجود هذا السلوك عند الأطفال منذ 
عمر أربعة أشهر وفي عمر ستة أشهر يصبح ذلك أكثر وضوحا 
(310111967نى)» وتبين دراسة أنسويرث بأنه يمكن مالاحظة سلوك التعلق 
عند غالبية الأطفال في عمر ستة أشهر حيث يعبر الطفل عند ذلك بالبكاء 
عند مغادرة الأم؛ وبالابتسام وتغاريد الفرح عند عودتها . ويستمر هذا السلوك 
حتى نهاية العام الثاني. وفي عمر تسعة أشهر يتمكن الطفل من متابعة الأم 


420 


سلوك التعلق عند الانسان 


عند مغادرتها المكان ويبدأ البكاء بالانخفاض التدريجيء كما يقوم الطفل 
بالتشبث بالأم. خاصة عندما يشعر بعدم الأمن عند حضور شخص غريب»: 
ويمكن لسلوك التعلق أن يتجه إلى شخص آخر بالإضافة إلى الأم. ففي 
عمن القانية هقد شهرا ميل الطفل إلى إبداء هذا السلوك تجاة الأب أو 
الأخوة والأخوات: إلا أنه يكون أقوى عدما يتوجه إلى الأم بالمقارنة مع الآخرين. 

إن تطور قدرات الطفل خلال السنتين الثانية والثالثة يعود إلى تغير ضفي 
إثارة سلوك التعلق: ففي السنة الأولى يحتج الطفل بعد مكادرة الألم و ايعتفاتي] 
عن مجال الرؤية. أما فيما بعد فبإمكانه أن يتوقع ذلك من خلال ملاحظة 
سلوكها الذي يسبق مغادرتها ويبداً بالصراخ والاحتجاج. وبسبب ذلك غالبا 
ما تحاول الأم إخفاء السلوك المتعلق بالتحضير للمغادرة حتى الدقائق 
الأخيرة تجنبا لإثارة سلوك الاحتجاج والبكاء عند الطفل خاصة أثناء السنة 
الثانية من العمر. إن هذا السلوك يمكن ملاحظته عند الطفل بشكل واضح 
ومنتظم حتى نهاية السنة الثالثة حيث لا يوافق الطفل على الانفصال عن 
أمه قبل هذا العمر. 

يبدو الاضطراب عند مغادرة الأم بوضوح على سلوك الأطفال في دور 
الحضانة؛ فبعد إعلان البكاء الذي قد لا يدوم وقتا طويلا يبقى نشاط 
هؤلاء محدودا ويطلبون تدخل المربية غالبا. أما إذا بقيت الأم: فإن الأطفال 
يتصرفون بطريقة مختلفة. إلا أن ملاحظاتنا في دور الحضانة تبين الاختفاء 
التدريجي لمظاهر الاضطراب في سلوك الطفل عند مغادرة الأم. وهذا 
سب اليس يعد على دوينة كيك الظف هه زهرة الأخر ابوبوطيوية 
علاقته بالمربيات. ودرجة تعوده بالذهاب اليومي إلى الحضانة. فبعد عدة 
أشهرتن الذهاب التمطع بيرع الملل فى شهر لمتكي تسرها باقخاد الأقراك 
لمشاركتهم اللعب حالما يدخل دار الحضانة غير آبه بمغادرة الأم (1987 ,تقخصهك1) . 

إن تغييرا أساسيا يطرأ على سلوك الطفلء فهو يشعر بالأمن في مكان 
غريب عليه مع أشخاص آخرين غير الأم تربطه بهم علاقة ما. 

إلا أن هذا الشعور يرتبط إلى حد بعيد بطبيعة علاقة الطفل بهؤلاء 
الأشخاض: فالعلاقة الحميمة: تعزز من مشاعر الأمن: والطمانينة لديه: 

كذتك الحالة الصحية الجيدة للطفل وتجنبه مصادر الخوف المفاجيئٌ 
في الوسط الجديد . ويجب أن يعرف الطفل أين هي أمه. ويتأكد عن أنه 


اله 


الأمومة 


9 | ,:ز80:16 صذ نزطم31) ذلك فى دراسة تناولت الأطفال من عمر السنتين 
الذهاب إذا لم ترافقهم أمهاتهم بينما وافق على ذلك الأكبر سنا. 

يظهر الأطفال بعد الثالثة من العمر سلوك التعلق بشكل مختلف؛ فيصبح 
هذا السلوك أقل إلحاحا وأقل تكرارا حتى يأخذ مظاهر أخرى في المرحلة 
الكبار لدى غالبية الناس: وفي الكثير من المجتمعات يعتبر تعلق الأنثى بأمها 
أقوى من تعلق الذكر. 
أشكال سلوك التعلق 

يعتبر «بولبي» أن التعلق يمكن مالاحظته من خلال ردود فعل الطفل التي 
تقود إلى سلوك التعلق. فالبكاء والابتسام يسهمان في حمل الأم على الاقتراب 
من الطفل واليقاء بجانيه. وسلوك المتابعة والتشبث.. يسمح للطفل باليقاء 
بالقرب من الأم ويرى هذا المؤلف أن سلوك المص يمكن أن يعبر عن التعلق؛ 
وكذلك سلوك النداء الذي يلاحظ بصورة مبكرة على شكل صراخ هادئ؛ ثم 
يتطور مع العمر إلى أن يتمكن الطفل من مناداة أمه باسمها. 

إن هذا السلوك يعبر عن مشاعر الطفل تجاه الأم؛. وعن محبته لهاء 
واستقيالها بفرح وحبور ويعلن عن غضبه وسخطه عند ابتعادها عنه. 

لقد اعتبر انسوورث (0:8,1967ومنه) أن الطفل يستخدم الأم كقاعدة 
أمنية. فعندما يبدا بالحبو يبتعد قليلا عن الأم لاكتشاف المحيط ويعود إليها 
من وقت إلى آخر. إلا أن ذلك يتوقف حالما يشعر الطفل بالخطرء أو عندما 
يدرك أن الأم ستتحرك من متنها الأصلي. فمنذ عمر تسعة أشهر يمكن 
ملاحظة الفوارق في سلوك الاستطلاع عند الطفل في حالة حضور الأم 
بالمقارنة مع حالة غيابها. 


وظائف سلوك التعدق 
تقد تنين كما أوضتحنا سانقا أن سلوك التعلق حاجة أساسية يظهرهنا 


412 


سلوك التعلق عند الانسان 


الصغار عند مختلف الأنواع بصورة مستقلة عن الحاجات الأخرى. 

إن الصغير البشري يبدي استعداده للتفاعل الاجتماعي؛ ويحب مرافقة 
أشباهه. ويمكن للتعلق أن ينمو ويتطور عنده تجاه شخص أو عدة أشخاص 
بغض النظر عن ارتباطهم في إرضاء الحاجات الجسدية. 

إن الوظيفة التي يشغلها سلوك ما يجب أن تتحدد في مساهمة هذا 
السلوك في بقاء النوع. فسلوك التزاوج مثلا يؤدي إلى التكاثرء وبالتالي 
يسهم في المحافظة على النوع. 

فما هي وظيفة العلاقة بين الطفل والأم؟ إن الدراسات التقليدية التي تعتبر 
هذه العلاقة دافعا ثانويا ينمو ويتطور على هامش الدوافع الأساسية. خاصة 
دافع الجوع: هذه الدراسات تعترف ضمنا بأن هذه العلاقة مفيدة كونها تسمح 
للطفل بالنقاءبالقترت م :مهتذى الغذاى إلا أن أضحات تظرية الثماق التحديكة 
(80:1611969) يرون أن وظيفة سلوك التعلق تكمن في تألق الحماية للصغير 
من أعداء النوع. وهناك نظرية أخرى تم اقتراحها تعتبر أن سلوك التعلق يهِينْ 
الفرصة للطفل كي يتعلم من الأم نشاطات متنوعة ضرورية للبقاء. 

إن سلوكا ما يمكن أن يندمج في التجهيزات البيولوجية لنوع من الأنواع 
خلال التطور. وهذا الاندماج ينتج عن الامتيازات التي يحققها هذا السلوك 
بالنسبة لأفراد النوع. لأن الأفراد المزودين بالقابلية لتطوير السلوك المشار 
إليه لهم عدد مرتفع من الخلفاء بالمقارنة مع من لا يمتلكون هذه القابلية. 
ومن خلال الوراثة يمتلكون بدورهم هذه القابلية» وستأتي مرحلة يكون فيها 
جميع أغراد النوع مزودين بهذه القابلية. ولكي يمكن تحديد الوظيفة 
البيولوجية لسلوك التعلق يجب الاجابة على السؤال التالي: 

ما هي الامتيازات التي تواكب سلوك التعلق5 إن الأجاية على هذا السؤال 
تفترض وجود أفراد يمتلكون القابلية لإعلان هذا السلوك وأفراد لا 
يمتلكونهاء ولما كان تحقيق هذا الافتراض بإيجاد زمرتين متباينتين متعذرا 
فإن «بولبي» يقترح جملة من الحجج للدفاع عن نظريته التي تعتبر وظيفة 
سلوك التعلق وظيفة أمنية آي وظيفة حماية من القناصين المتربصين بالنوع. 
إن العاملين في مجال الملاحظة الميدانية لسلوك الأنواع المختلفة يقتنعون 
بأهمية سلوك التعلق لحماية الصغار من هجمات الأنواع المعادية, إلا أن 
علماء النفس غين معتاذين على المحاكمة يهنه الطريقة, 


4253 


الأمومة 


فالقابلية لتبني السلوك الذي يحمي من الهجمات المعادية لا تقل أهمية 
مخ السيلوك اللؤدق اللحصول هلى القتاء أو سلوك الخؤاوع بانسيية 
للمحافظة على النوع. 

فحجة المؤلف الأولى أن الحيوان المعزول أو الذي يعيش على هامش 
المجموعة يعتبر فريسة سهلة بالمقارنة مع نظيره الذي يندمج بالزمرة مع 
أفراد آخرين؛ أما الحجة الثانية التي يوردها لدعم نظريته فهي أن سلوك 
التعلق يمكن إثارته بسهولة عند الأفراد الضعفاء كالصغار والإناث والمرضى 
(ص 307). أما حجته الثالثة فتتلخص بأن سلوك التعلق الأقوى يمكن ملاحظته 
في حالات الخطر عندما يتعرض الفرد لتهديد ما أو يشعر بهذا التهديد. 

يخلص بولبي إلى القول بأن وظيفة التعلق هي وظيفة حماية قبل كل 
شيء وهذا يفسر أيضا كيف يكون تعلق الصغير قويا بالآم عندما تعاقبه. 
فالعقاب يستدعي طلب الحماية أي التوجه نحو الأم وتكرار العقاب يستدعي 
تكرار طلب الحماية؛ وبالتالي يبدو أن تعامل الأم بقسوة مع صغيرها يزيد 
من إفراطه في التعلق بها. ولعله من المفيد الإشارة إلى أن تجارب متعددة 
احريت على القططل والخراقف اوطحت أن الصرهير بالرفم من العقاتب 
يكرر-بإلحاح-إظهار سلوك التعلق. كذنك لاحظ هارلو أن صغير القردة 
يلتصق بالآم بشدة بالرغم من تعرضه لعقابهاء وتتناسب شدة تعلقه بها 
طردا مع شدة العقاب. فسلوك التعلق الشديد يبدو أيضا عند الصغار 
الذين تعاملهم أمهاتهم بقسوة مفرطة. 

فهذا التناقض يبدو كنتيجة حتمية لتعرض الصغار للخطر وللقسوة في 
المعاملة. فسلوك التعلق يمكن إثارته في جميع الحالات التي يتعرض فيها 
الضفين للخوف والخطر: 


العوامل المؤشرة في سلوك التعدق 

يتأثر سلوك التعلق إلى حد بعيد بمتغيرين اثنين: السرعة التي ترد بها 
الأم على إشارات الصغيرء وشدة عملية التفاعل التي تقوم بين الطفل 
والأم. وتتميز استجابات الأم التي توفر لصغيرها علاقة آمنة عن نظريتها 
التى لا توفر مثل هذه العلاقة؛ فتكون أكثر حساسية وإصغاء للاشارات 
السادرة عن صغيرهاء فالأم التي تتجاهل تعابير وإشارات طفلها أو التي 


441 


سلوك التعلق عند الانسان 


تستجيب متأخرة لهذه الإشارات لا توفر لطفلها مثل هذه العلاقة الآمنة 
حيث لا يعرف الطفل ما يمكن أن ينتظر منها مما يخلق في نفسه مشاعر 
القلق والاضطراب. ١‏ 

لقد أجمع الباحثون على اعتبار العلاقة بين الأم والطفل بمثابة ركيزة 
أساسية في النمو الاجتماعي والانفعالي المبكر عند الطفل. إن التفاعل 
بين الطفل والآم يشمل الغالبية العظمى من تجربة الطفل اليومية ويحدث 
هذا التفاعل في لحظات هامة جدا بالنسبة للطفل كفترات الغذاء أو 
اللعب أو الانفراج. 

ويبدو أن العلاقة مع الأم تؤثر تأثيرا كبيرا ومباشرا في الطفل أكثر من 
أية علاقة أخرى. إلا أن ذلك لا يعني أن علاقة الأم بالطفل هي وحدها 
المهمة. فهناك أشخاص آخرون يزودون الطفل بتجارب هامة. خاصة الأب 
والأتراب. وتجدر الإشارة إلى أن الأحداث التي تجري خارج دائرة الأم 
والطفل مثل حضور الأب أو حضور معيل آخر يقدم الدعم والمساعدة للأم 
تؤثر في خصائص التفاعل المتبادل بين الأم والطفل؛ فمن غير الحكمة 
النظر إلى علاقة الأم بالطفل دون الأخذ بعين الاعتبار الإطار الاجتماعي 
الاتفمالى اإذى يتخرى هذه الملاقة, والبيكة حيت يعدت الفاعل ين الملركين: 

سنحاول هنا توضيح تأثر علاقة الطفل والأم بالحوادث الخارجة عن 
الطرفين وتأثيرها بها. كيف يمكن للتوتر والإحباط والتغير في حياة الآسرة 
وظروفها المختلفة أن يؤثر في علاقة الأم والصغيرة وكيف يمكن أن يؤدي 
ذلك إلى التغيير في طبيعة التعلق الآمن بينهما؟ إن ذلك سيقودنا إلى 
دراسة هذه العلاقة دراسة ديناميكية تأخن بعين الاعتبار طبيعة المتغيرات 
المحيطة بهذه العلاقة. خاصة ما يتعلق منها بشروط الأسرة. 

إن الحوادث المحيطة بالطرفين تؤثر تأثيرا بالغا في طبيعة علاقتهما 
الثنائية. وخصوصا في أمن التعلق واستقراره عبر الوقت. كيف يمكن لطبيعة 
علاقة الأم والطفل أن تؤثر في طريقة سلوك هذا الأخير عند لقائه الأول 
بشخص غريب؟ يرى أصحاب نظرية التعلق بأن معظم الأطفال يتمتعون 
بعلاقة مميزة مع أهلهم. إلا أن الخصائص الأمنية لهذه العلاقات تختلف 
بشكل كبير وتعزى هذه الفروق إلى خصائص التفاعل الاجتماعي بين الصغير 
والراشد القائم على شؤونه؛ كاستجابة الواحد للآخر في الوقت المناسب 


425 


الأمومة 


والتناغم الانفعالي بينهما. وبالرغم من تأثير الأم والطفل كليهما في تناغم 
التعلق إلا أن معظم الباحثين يعتبرون تأثير الآم أكثر أهمية من تأثير الطفل 
في سياق التعلق. فحساسية الأم لإشارات الصغير وحاجاته على درجة 
كبيرة من الأهمية في تكون سلوك التعلق عند الصغير؛ فالأم الجاهزة 
انفعاليا والمتمتعة بحساسية عالية في استجاباتها للطفل تمكنه من أن 
ينمى تعلقا آمناء (معصطعمغم ل 

إن الأم اليقظة لإشارات الطفل: والحاضرة عند حاجته لها تعزز لديه 
الثقة بالكبارء فالطفل يعمم هذه الثقة على الآخرين؛ فهو لا يشعر بالخوف 
والفزع عند مشاهدة شخص غريب للمرة الأولى: بينما تسهم الأم المغفلة 
انفعاليا والقليلة الحساسية بالنسبة لإشارات الطفلء في تنمية التعلق القلق 
عنده مما يخلق لديه الفموض وعدم الثقة في الكبار عامة. ويظهر الخوف 
والهلع عند رؤيته شخصا-غريبا للمرة الأولى. 

إن فن التعلق الآمن يرتبط بخصائص توقعات الصغير من الأهل. حيث 
تستند هذه التوقعات إلى تجربته من خلال التفاعل اليومي معهم. 

لقد أظهر منهج انسورتث (1971 181ء 15ره:ومنة) ومعاونيها تشايها فقويا 
بين السلوك الاجتماعي الانفعالي الملاحظ في وضعية غريبة والملاحظ في 
البيت أو في الوسط الأسري. 

إن الفروق الفردية في أمن التعلق ترتبط إلى حد كبير بسلوك الأم؛ فأم 
الطفل ذي التعلق الآمن تبدو أكثر حساسية في استجاباتها لإشارات الطفل 
وأكثردعما له ومساندة عند تعرضه لمشكلة ماء أو أكثر تعبيرا عن عواطفها 
وانفعالاتها . وبتعبير آخر تكون أكثر اندماجا في حياة الطفل بالمقارنة مع أم 
الطفل ذي التعلق غير الآمن. 

كذلك تظهر الفروق عندما يتعلق الأمر بالقدرة الاجتماعية مع راشد 
غريب أو مع الآأتراب: فالطفل ذو التعلق الآمن يكون أقل اضطرابا من غيره 
عند مواجهة غريب للوهلة الأولى؛ ويبدي تنوعا في سلوكه الاجتماعي 
يسمح له بالاتصال مع هذا الغريب. وكذلك بالنسبة للأتراب؛ فالطفل 
الذي يشعر بالآمن في علاقته بأمه يكون أقدر من غيره على التفاعل 
الاجتماعي مع الأتراب. وفي اتخاذ المبادرة لإثارة اللعب والنشاطات المختلفة 
ضمن جماعة الأقران. 


410 


سلوك التعلق عند الانسان 


ما هو مدى استمرارية هذه الفروق الفردية؟ في دراسة لسلوك الطفل 
في وسط جديد (200 ناذه عع صفاة) قام واترز (75,1978ع:ة7؟) بملاحظة (50) 
طفلا مع أمهاتهم من الطبقة المتوسطة في وضعية «انسوورت»: «القريبة» 
وذلك هي شمر |ثتى عش شهرا وقانية عه شهراء إغد بمصل (49) قله 
من هؤلاء على التصنيق نقمبة فى المتاسيفين؛ لقن خلضن هنذا الباحث إلى 
انسح الفاكلفياح العباق ريق الأ عد لاقل بيقن اونا إلى يكن كبن بعد 
نهاية السنة الأولى. 

هده النعحة فلن دريجة قير بق الأعمية إدكقير الي استسرارية 
العزامل القى تود إلى القووق القردية خلؤل البسنة الكانية موهياة الطقل أو 
إلى وجود «مرحلة حساسة» في السنة الأولى تتحدد خلالها طبيعة التعلق؛ 
وتتدعم خصائص العلاقة بين الأم والطفل: وقبح من غير المحتمل تعديلها فيما 
بعد. إلا أنه قد تبين أن هذا الاستقرار فى طبيعة سلوك التعلق كان نتيجة 
تقار العينة. ممه كاد على درينة مال من الاستقرار المهني والسكني, 

ضفي دراسة طومسون ولامب (984! وطصمآ لصه دهدمدهط1 ) تم اختيار 
العيفة مطريكظة هشوائية مكبيه كملا الطيقة اسيك مطياط ذقيقا روت 
ملاحظة الأطفال في مرحلتين متباعدتين: الأولى في عمر اثنى عشر شهرا 
ونصف والثانية في عمر تسعة عشر شهرا ونصف. وذلك باتباع طريقة 
«أنسوورث» في الملاحظة؛ ولقد أشارت نتائج هذه الدراسة إلى أن (53/) 
فقط من الأطفال يحافظون على الاستقرار في علاقتهم بالأم؛ وأن هناك 
درجة عالية من التغير في سلوك التعلق أثناء السنة الثانية من العمر. 

يفلد هذا البحت: إلى القول يان هذا التقير كن يدوك التلق كان 
ننيجة لتغير الشروظ المحيطة بالطرفين (الأم والطفل): وآن التعلق أكثر 
ديناميكية مما اعتقده الكثير من الباحثين: فسلوك الطفل في «الوضعية 
القرنية "يبدو :علق غلاقة محدوذة نخضاكصن ستاوكة المنايق آثناء تفاغله 
مع الأم. ويشهد هذا السلوك تغيرات كبيرة خلال السنة الثانية من العمر. 


الشروط الأسرية وتغير سلوك التعدق 


إن دراسة سلوك التعلق بين الأم والطفل في أسر متواضعة اقتصاديا 
واجتماعيا (,21.1972 أء صطعدده) تظهر أن (62/) فقط من العينة المدروسة 


417 


الأمومة 


تحافظ على الثبات في سلوك التعلق بعد دراسة هذا السلوك في عمر ال 
2 شهرا وال ١8‏ شهراء وأن التغير الملحوظ في عناصر السلوك المعبر عن 
الشعور بالأمن في التعلق يرتبط بحوادث الضغط وا معاناة التي تتعرض لها 
الأسرة خلال الفترة الفاصلة ببن القياسين: فامهات الأطفال الذين تفيروا 
من «تعلق يتصف بالآمن» إلى «تعلق يفقد هذه الصفة» أقروا بالعديد من 
حوادث الضغط والمعاناة التي تعرضت لها الأسرة بالمقارنة مع أمهات الأطفال 
الذين استمروا في إطار «التعلق المتصف بالأمن»؛ ضفي الأوضاع الاجتماعية 
الاقتصادية المتدنية يمكن للمشكلات والضغوط المتعددة التي تعاني منها 
الأسرة أن تعرقل تطور التعلق المتصف بالأمن والطمأنينة بين الصغير 
والحاضن. ويتفاقم أثر هذه الضغوط والمشكلات عندما يتعلق الأمر بالطبقات 
المحرومة بالمقارنة مع الطبقات المتوسطة حيث تتمتع هذه الأخيرة بقدرة أكبر 
على مجابهة هذه الضغوط مما يخفف نسبيا من تآثيرها في التعلق. 

زه من الواجني تيحص العوادث الأبرية ال ترضظا موقيو طبيفة 
التعلق. إن تكرر الأحداث المزعجة والمكدرة للعيش ارتبط ارتباطا وثيقا 
بتغير التعلق؛ فالتجارب الحرجة التي تعاني منها الآأسرة كالانفصال عن 
الأم او عودة الأم إلى الفيل بعد إجازة الأمودة أو وضع الصغير في كنف 
مربية أخرى بشكل منتظم أو الانتقال وتغيير المسكن. جميع هذه الأحداث 
قد تخلق صعوبات للصغير وتتطلب منه جهودا للتكيف مع وسط جديد ومع 
شخص غريب. 

لقد أظهرت دراسة طومسون ولامب (2215آ 00 هوم سمط ,1984) أن 
التغيرات في الوسط الأسري أثناء العام الأول من عمر الطفل ترتبط بتغير 
سلوك التعلق في عمر لاحق. وقد تحقق ذلك عند قياس هذا السلوك في 
عمر )١2 ١/2(‏ شهرا وعمر (2/! ١9‏ شهرا). 

ما هي الحوادث الأسرية التي تؤدي أكثر من غيرها إلى تغيير سلوك 
التعلق5 لقد بينت الدراسة السابقة أن هذه العلاقة تتأثر بشكل خاص 
بحدثين أساسيين: 

أولا: عودة الأم إلى العمل بعد إجازة الأمومة. 

ثانيا: التجربة المنتظمة في وضع الصغير في كنف مربية أثناء عامه الأول. 

إن الحوادث الأسرية التي ترتبط ارتباطا قويا بتغير التعلق هي التي 


48 


سلوك التعلق عند الانسان 


تؤثر في كمية وفي كيفية التفاعل بين الطفل والأم. 

إن هذه الحوادث تؤدي إلى اضطراب الأسرة؛ وتصيب الطفل في أحد 
الجوانب الهامة من تجاريه اليومية؛ وهي مسألة التعود على المحيط المادي 
عند تغيره. وكذلك يكون وقع هذه الحوادث أقسى بالنسبة للأسر التي 
تنتمي إلى الطبقات الدنياء وتستنزف الاضطرابات معظم الطاقات الانفعالية 
والمادية للأسرة الفقيرة. بالإضافة إلى ذلك تملك هذه الأسر مصادر محدودة 
في الخارج لتتمكن من تلقي الدعم والمساعدة؛ على العكس من ذلك يكون 
حال الأسر الميسورة حيث تكون أقدر على التفاعل الإيجابي مع الاضطرابات 
والازعاجات التى تصيبهاء فبإمكان هذه الأسر الحصول على مساعدات 
فمالة مق كار الأدرةة فالاستقرار والثبات في التعلق بين الأم والطفل 
يتأثر بشكل عميق بالحوادث المحيطة بظروف الأسرة. 

إن كيفية السلوك الوالدي ذو تأثير كبير على التعلق الآمن بين الطفل والأم. 


التعلق الآمن والسلوك الاجتماعي نحو الغريب 

إذا كان من الواضح أن التعلق الآمن يتغير عبر الوقت فما هي العلاقة بين 
سلوك التعلق والأبعاد الأخرى للاستجابات الاجتماعية؟ وهل الفروق الفردية 
في سلوك التعلق تنعكس على السلوك الاجتماعي للطفل مع أشخاص آخرين؟ 

يرى أصحاب نظرية التعلق أن الطفل «يعمم» عناصر التفاعل مع الآم 
عند لقاته للأشخاص الآخرين؛ فالطفل الذي يتمتع بعلاقة طمأنينة وثقة 
مع الأم يقوم بتعميم هذه الثقة أثناء تعامله مع الأخرين. في حين تتميز 
استجابة الطفل الذي لا يملك مثل هذه العلاقة مع الآم بالسلبية تجاه 
الآخرين بسبب تاريخ التفاعل مع الأم غير المستقر وغير المرضي. لقد 
دعمت نتائج متعددة وجهة النظر هذه فلقد أوضح باستور (#مافةط,|198) 
إن الطفل الذي يتمتع بتعلق آمن مع الأم في عمر ١2‏ شهراء و8١‏ شهرا يكون 
أكثر اجتماعية مع الأقران أثناء اللعب بين عمر ال 20 شهراء و 23 شهرا 
بالمقارنة مع الأطفال المفتقدين للأمن في علاقتهم مع الأم. 

وفضي دراسة ثانية (1979 421 1773]615) تبين أن الطفل ذا التعلق الآمن في 
عمر ال ١5‏ شهرا يكون أقدر على التفاعل الاجتماعى فى عمر ثلاث سنوات 
ونصف وذهبت نتائج أخرى (979١,طسم.آ‏ كمه )0 إلى تصنيف الأطفال 


49 


الأمومة 


في درجات متفاوتة بالاستناد إلى علاقة الأمن مع الأم. تبين ملاحظة هؤلاء 
الأطفال مع أقران اللعب أن درجة الأمن والطمأنينة في العلاقة مع الأم 
تنعكس على درجة التفاعل مع الأقران» فدخول الطفل في علاقات وتفاعلات 
متعددة مع الآأتراب يرتبط بدرجة شعوره بالأمن في علاقته مع الأم. 

ولقد أوضحت مان (984| وطصقرآ لصه دهدومتصمط1 مذ ,صنة31)؛ عندما قارنت 
بين زمرتين من الأطفالء إن أطفال الزمرة التي تتمتع بالأمن في علاقتها 
مع الأم. هم أقدر على التفاعل مع الراشد الغريب وعلى إبداء تعاونهم معه 
وإظهار سلوكهم الودي نحوه بالمقارنة مع ما يفعله أطفال الزمرة الثانية التي 
لا تتمتع بالأمن في العلاقة مع الأم. 

يعتبر تفسير هذه النتائج على درجة كبيرة من الصعوبة حيث تحاول 
الربط بين طبيعة التعلق بين الطفل والأم في مرحلة محددة وبين علاقات 
من حياة الطفل. إن هذا التغير يفترض الثبات والاستقرار فى علاقة الطفل 
والأم. لقد أشار طومسون ولامب (984ا,طصها لسة دهومدههط1) إلى أن هناك 
ترابطا قويا بين التعلق المتسم بالأمن والقدرة الاجتماعية مع الشخص 
الغريب؛ وكذلك يتصف التفاعل الاجتماعى بالثبات والاستقرار عندما يتميز 
التعلق بالثبات والاستقرار عبر الزمن. 

إن فرضية أنسوورث (طاده:«ومنه) القائلة بأن الصغير الذي يتمتع بعلاقة 
آمنة مع الأم يكون أقدر وأكثر فاعلية مع الأقران هذه الفرضية تحتاج إلى 
التحقيق لأن الآليات التي تفسر العلاقة بين الوضعين غير معروفة وغير محدودة. 

إنه لمن دواعي الاستغراب ملاحظة تأثر معظم الدراسات التي تعالج 
العلاقة بين الأم والطفل بنظرية التعلق عامة وبمنهج أنسوورث خاصة 
«انظر الصفحة 27 ومن المعروف أن هذا المنهج يعتمد غلى ملاحظة الأم 
الملااحظات المتعلقة بسلوك الأم والطفل. 

لقد تعرضت هذه الطريقة للانتقاد الشديد. خاصة من قبل الايتولوجيين 
الذين يدعون لملاحظة السلوك في تعبيره العفوي في الوسط الطبيعي أثناء 
الحياة العادية. لأن تغيير هذا الوسط قد يفير من سلوك الطفل والأم, 
ويمنع ظهور السلوك الحقيقيء مما يؤدي إلى الحصول على نتائج لا تعبر 


سلوك التعلق عند الانسان 


عن حقيقة العلاقة بين الأم والطفل. لقد أخن على طريقة أنسوورث أنها 
قصيرة جدا وغير صالحة من الناحية الايكولوجية «البيئة أو الوسط» حيث 
تتطلب تعديل المحيط المعتاد الذي يتفاعل ضد الطفل والأم؛ وتنطوي على 
عناصر تثير القلق بالنسبة للأم وطفلها. 

لقد اعتمدت الدراسات الحديثة على ملاحظة التفاعل بين الأم والطفل 
في الوسط ال معتاد بالنسبة للطرفين وأثناء نشاطهما في الحياة اليومية, 
أثناء اللعب أو الطعام أو في مناسبات أخرى. 


سلوك الأموحة عند الإئيسات 


الأسس البيولوجية لسلوك الأمومة 

يعتبر البحث في الأسس البيولوجية لسلوك 
الأمومة حديث العهد عند الثدييات. وتركز معظم 
المعطيات المتوفرة على الفئران والقطط والخراف» 
ننتما :تقل هذه العطياث عند الرقيسشات!؟ غيق 
البشرية. إن العوامل الهرمونية والعصبية تؤثر في 
سلوك الأمومة؛ ويمكن لدراسة الأنواع القريبة من 
النوع البشري أن تكون نموذجا للبحث في سلوك 
الأمومة عند الإنسان. 

إن النجاح في التكاثر يتطلب المحافظة على 
حياة الصغارء ونظرا لأهمية وظيفة سلوك الأمومة 
لبقاء النوع: فهو يتخدذ خصائص غريزية حيث تتوسع 
أسسه في بيولوجية النوع. ويتخذ سلوك الأمومة 
أشكالا مختلفة تحددها خصوصية النوع. فتغذية 
الصغار أكثر عناصر الأمومة شيوعا. خاصة عند 
الثدييات. وكذلك تأمين الحماية ضد الأنواع 
المفترسة التي تهدد الصغار. ومن العناصر الأساسية 
للأمومة أيضاء تهيئة الصغير للحياة ضمن الزمرة 
الاجتماعية؛ وتنظيم تفاعله مع بقية أعضاء 
الجماعة. وتتفاعل هذه العناصر المختلفة مع 
مشاعر الأم لتشكل الروابط التي تربط بين الأم 


الأمومة 


والطفل أو ما يسمى بالتعلق بين الاثنين. إن الكثير من البحوث يهدف إلى 
معرفة العوامل التي تؤثر في الانتقال من مرحلة ما قبل الأمومة إلى مرحلة 
الأمومة. ولقد أشارت هذه البحوث إلى أنه «ميكانيزمات» متعددة يمكن أن 
تتدخل في انبثاق سلوك الأمومة؛ وفي المحافظة على هذا السلوك 
واستمراره. وتحتل الآم من وجهة النظر البيولوجية-كمصدر للعناية-مركزيا 
رئيسيا في التطور الاجتماعي للطفل؛ ويشارك الإنسان الكثير من الثدييات 
في عدم قدرته على البقاء بشكل مستقل في بداية حياته. 

ويتصف سلوك الأمومة عند الرئيسات بالديمومة والاستمرارء كما هو 
الحال عند الإنسان. وتعيش هذه الحيوانات حياة اجتماعية تختلف في 
درجة تعقيدها من نوع إلى آخر. 

لقد بينت التجارب التي أجريت على الرئيسات؛ أن سلوك الأمومة 
يخضع كغيره-لضبط وتنظيم مركزي دماغي. إن جرح لحاء الفص الجبهي 
الأمامي يؤدي إلى تعطيل سلوك الأمومة عند القردة. كما يؤدي استئصال 
الجزء اللوزي الأميكدال (021عنزسة) عند الأم إلى تصاعد سلوكها العدواني 
والجنسي (1972,161108). لكن جرح الفص الصدغي المتوسط لا يؤدي إلى 
اضطراب مباشر في سلوك الأمومة: فالاضطراب يبدأ بعد عدة أسابيع؛ إذ 
تتجاهل الأم طفلها تماما. مما يؤدي إلى موته بعد ثلاثة أسابيع؛ وتظهر 
الآم تراجعا وانسحابا ليس فقط تجاه الطفلء؛ وإنما نحو أي عضو آخر من 
الجماعة: فالإصابة لحقت في السلوك الاجتماعي برمته؛ ولم تقتصر على 
تجاهل الطفل فقط. 

تسمح دراسة السلوك الاجتماعي عند هذه الرئيسات: بإيجاد نقاط 
التلاقي. وجوانب الاختلاف بينها وبين النوع البشرى خاصة فيما يتعلق 
بالسلوكء والفيزيولوجيا الادراكي المعرفي. إن التجريب على الأنواع القريبة 
من النوع البشري يهدف إلى تفهم الأنظمة المشابهة عند الإنسان: لتلك الأنظمة 
عند الحيوانات؛: وذلك لتعذر التجريب على البشر لأسباب أخلاقية وإنسانية, 
وإن كانت هذه الأسباب نفسها تستدعي منع التجريب على الحيوانات. إننا 
مدينون بالكثير لهذه الكائنات الضحية؛ ففي المجال الطبي؛ سبق أن جربت 
غانبية الأدوية على السير اناف قل الاتسان. وإى كانت شتركات الآدوية اللتعددة 
الجنسيات, لا تتورع عن تجريب منتجاتها الجديدة على سكان العالم الثالث 


541 


سلوك الأمومه عند الرئيسات 


تقديمها في صيغتها النهائية لمواطني البلدان الصناعية. 

إن التقدم في تفهم الفيزيولوجية القلبية والوظائف الحسية الحركية, 
والنظام العصبي-البصريء وفيزيولوجيا الإنجاب... الخ كان نتيجة التجريب 
على الرئيسات غير البشرية. وكذلك الآمر بالنسبة للتطور الاجتماعي: وسلوك 
التعلق» والتطور الإدراكي-المعرفي يمكن أن يأخذ سياقا مشابها عند الإنسان 
ونظيره عند الوكسا كا شين الانسائية (979! وقتتهع81 رلصة 19ه210ة1) . 

إن السلوك الضروري لبقاء النوع يتمثل في «ميكانيزم» بيولوجية-عصبية؛ 
تكون على درجة من الأهمية بالنسبة لوظيفة الدماغ. 

فتعطيل هذا الميكانيزم يؤدي إلى تعطيل وظيفة السلوك في المحافظة 
على بقاء النوع. إن استخدام هذه الطريقة التجريبية يسمح بالكشف عن 
التعديل الذي يطرأ على السلوك الأولي الضروري للبقاء لدى تعطيل هذا 
الجزء أو ذاك من الدماغ. 

تتشابه الأعراض الناتجة عن تعطيل أجزاء من الدماغ مع تلك التي 
يمكن ملاحظاتها بعد عزل الحيوان: أو فصله عن الأم. إن الفصل المبكر 
بين صغير الحيوان وأمه يؤدي إلى احتجاج الصغيرء وذلك بتصاعد سلوكه 
الحركي وازدياد نداءاته الصوتية. وفي مرحلة لاحقة يتميز سلوكه بالخمول 
وكلة النشائل الشرك واتخفاكى كبية العام واللترابه وشاهور الاتقامة 
الجسدية؛ وقد يموت الصغير لعدم تدخل الآم في رعايته (200 أدرهناكد,1977 
6310). إن العزل لمراحل متنوعة في السنة الأولى يؤدي إلى انحراف 
السلوك الاجتماعي والجنسيء وإلى عدم القدرة على الإنجاب فيما بعد. 
وفيما لو لقحت الأنثى بشكل اصطناعيء فهل تقتل صغارها بعد الولادة 
(60102006,1977) . 

وفي دراسة أخرى تتعلق بأثر العزلة على الشمبانزيء أوضح بلوج 
(زذهه!1979,5) أن غياب الانتظام والاستمرار في علاقة الأم بالطفل؛ يؤدي 
إلى مظاهر سلوكية غير طبيعية أثناء العزلة الاجتماعية. 

تشير هذه الأمثلة إلى أن القاعدة البيولوجية-العصبية للعضوية تتأثر 
تأثرا بالغا بعد الانفصال عن الآم أو من يحل محلها «موضوع التعلق»؛ بغعض 
النظر عن التأثير المباشر لعناية الأم بالصغير من الناحية الجسدية؛ 
فالانقطاع المفاجيٌ في التعلق الاجتماعي؛ يؤدي إلى اضطراب خطير في 


الأمومة 


الوظائف البيولوجية-العصبية الحيوية؛ والضرورية لاستمرار النوع. وذلك 
لآن أنظمة التعلق الاجتماعية ترتبط بشكل وثيق بالوظائف البيولوجية- 
العصبية للدماغ عند الرئيسات:؛ فتطور التعلق الاجتماعي ليس مسألة 
ثانوية بالنسبة لبقاء النوع-كما كان يراه البعض-بل مسألة أساسية: إذ أن 
عرقلة هذا التطور تؤدي إلى اضطراب الميكانيزم المتعلقة بالوظائف الحيوية. 

وتجدر الإشارة إلى أن العزلة بالنسبة للحيوان تعني فقر المحيط 
بالمؤثرات الاجتماعية الصادرة عن الأم أو عن باقي أفراد الجماعة. وتؤثر 
العزلة في النمو البيولوجيء. حيث يؤدي عزل صغار القردة إلى انخفاض 
فى عدد العصيّات. الدماغية؛ وفى وزن القشرة الدماغية. كما تؤثر العزلة 
فى الكيدياء النسيية وش ضطيه مروكة القشرة الدمافية: 

يمكن أن نخلص مما سبق إلى أن الشروط المبكرة للتربية تلعب دورا 
أساسيا فى تطور أنظمة التعلق الاجتماعى. فالتغيرات التى تطرأ على 
الجملة العممية المركزية: والأعراض الى لدعي امهيا الناجمة عن انقطاع 
التعلق» في مرحلة مبكرة؛ قد تكون مسؤّولة عن السلوك غير الطبيعي؛ 
وعن الأضرار التي تلحق بالتطور في مراحل لاحقة. 

إن معظم الآدوية المستخدمة في علاج الحالات النفسية المرضية تؤثر 
في السلوك الاجتماعي وتهدف في تعديل هذا السلوك؛ وتقريبه من السلوك 
الطبيعي وذلك عن طريق إعادة تنظيم الميكانيزم العصبية. 


سلوك الأمومة عند الغورياة (11155:ه00) 

لقد لفت نظر بعض الباحثين عدم قدرة الغوريلا الموجودة في حديقة 
الحيوانات؛ على إظهار سلوك الأمومة بشكل مناسب. إذ تميز سلوكها بتجاهل 
الصغيرء أو قتله في بعض الأحيان. ويعزى ذلك غالباء إلى تجربة الغوريلا 
المبكرة» نتيجة تربيتها في حديقة الحيوانات حيث فصلت عن أمها في عمر 
السنة أو السنتين» وتم وضعها في قفص بحضور واحد أو اثنين من أترابها 
دون مخالطة البالغين من نفس النوع. لقد فسر كير شهوفر 
(16مطقطهمء1970,161) عدم قدرة الغوريلا على إظهار سلوك الآمومة المناسب 
بعدم اختلاطها بالكبار. ونقص النماذج السلوكية في محيطها. مما يؤّدي 
إلى قصور في تعلمها السلوك المناسب في سنوات تكون السلوك. لقد 


56 


سلوك الأمومه عند الرئيسات 


خلص هذا الباحث إلى القول بأن النقص في معايشة الكبارء وعدم التجربة 
مع الصغار حديثي الولادة, يؤدي إلى اضطراب سلوك الأمومة عند الغوريلا 
وإلى الإخفاق في تعلم سلوك العناية المناسبة بالصغار. إن هذه الخلاصة 
تستند إلى نتائج الأبحاث المتعلقة بالقردة - (وتزع! ه31 دسجمعط]) 
والشمبانزي (5ءه26صدمدمنطاه) إذ بينت هذه النتائج أن فصل هذه الحيوانات 
عن الأم بعد الولادة وعزلها عن أفراد النوع في المراحل المبكرة من تصورهاء 
يؤدي إلى إخفاق هذه الحيوانات في التفاعل مع أقرانها فيما لو وضعت 
بينهم من جديد . وبالنسبة للإناث التي ربيت بهذه الشروط لا تستطيع 
إبداء سلوك الأمومة تجاه صغارها بعد الولادة. 

يلاحظ نادلر (013016:,1984) أنه بالرغم من تشابه الغوريلا مع هذه الأنواع 
فهي تختلف اختلافا هاما عنها . ففي حين أن القردة والشمبانزي فصلت عن 
الأم منذ الولادة بقيت الغوريلا طيلة سنة أو سنتين مع أمها. إذن لا يمكن أن 
يعزى عدم ظهور سلوك الأمومة إلى الانفصال عن الأم بعد الولادة. 

لقد قام نادئر بسلسلة من التجارب حيث أوضح أن بقاء الفوريلا مع 
الأم فترة طويلة بعد الولادة لا يعني أن سلوك الأمومة عندها سيكون 
مناسبا كما هو الأمر بالنسبة للأنواع السابقة. لقد عزل هذا الباحث 
الغوريلا بعد ولادتها ووضعها وطفلها في قفص خاص؛ ففي الأسبوع الأول 
تمكن من ملاحظة العناصر الأساسية لسلوك الأمومة حيث قامت الغوريلا 
بإرضاع الصغير واحتضانه وتبادل الأصوات معه. إلا أن سلوك الأم اضطرب 
اضطرابا حادا في الأسبوع الثاني مما حمل المسؤولين عن حديقة الحيوان 
إلى فصل الصغير لآنه عرضة لمعاملة شديدة القسوة من قبل الآم. 

وفي تجارب أخرى أدى إدخال ذكر بالغ إلى نفس القفصء؛ حيث توجد 
الأم والصغيرء إلى توقف الاضطراب في سلوك الأم. لقد تكررت هذه 
التجربة في مراكز عديدة: وتم التوصل إلى نفس النتائج. وهذا ما حمل 
على القول بأن العزلة الاجتماعية قبل الولادة؛ وبعدها يمكن أن تكون عاملا 
حاسما في اضطراب سلوك الأمومة عند الغوريلا. قفي سبع حالات من 
ثمانية لوحظ أن الغوريلا تقوم بدورها كأم بشكل مناسب عند وجودها مع 
ذكر أو مع زمرة من نوعها أثناء الولادة وبعدها. بينما أبدت ثمان من تسع 
أمهات؛ اضطرابا في سلوك الأمومة؛ عندما عزلت مع صغيرها بعد الولادة. 


57 


الأمومة 


إن هذه النتائج تدعم الفرضية القائلة بأن الوسط الاجتماعي المناسب 
يسهل ظهور سلوك الأمومة المناسب؛ ويظهر قدرات الغوريلا-حبيسة حديقة 
الحيوان-على منافسة أمومتها بشكل مقبول. 


سلوك الأمومة عند الشمباضزى (دءءمةمسئ ) 
والوراضتو قان (دممدعمه0) 

لقد قام روجرز ودافينبورت. (010ممء037 1مة 5اعع1970,10) بمقارنة زمرتين 
من إناث الشمبانزي تختلفان في مدة تعايشهما مع الأم. فبقيت الزمرة 
الأولى مع الأم مدة تزيد على ثمانية عشر شهرا بعد الولادة. بينما كانت 
هذه الفترة أقل من ذلك عند الزمرة الثانية. وعند مقارنة سلوك الأمومة 
عند هاتين الزمرتين تبين أن الأنثى التي بقيت مدة أطول مع أمها أثناء 
طفولتهاء تقوم بإظهار سلوك الأمومة تجاه صغيرها بشكل أفضل مما 
تفعله إناث الزمرة الثانية. إلا أن إناث الزمرتين يظهرن تحسنا ملحوظاء 
في سلوك الأمومة؛ اعتبارا من الولادة الثانية. وضفي تجارب أخرى قام هذان 
الباحثان بعزل مجموعة من إناث الشمبانزي عن أمهاتهاء ووضعها في 
أقفاص غردية؛ منن الولادة وحتى نهاية السنة الثانية. وفي عمر البلوغ لم 
تتمكن هذه الإناث بعد الإنجاب. من إبداء سلوك الأمومة المناسب تجاه 
صغارهاء ولم يطرأ تحسن ملحوظ على هذا السلوك بعد عدة ولادات متعاقبة. 
تبين هذه التجارب أن الحرمان الاجتماعي المبكر. يعرقل تطور الأمومة 
المناسبة؛ فالأنثى التي ربيت في حالة عزلة غير قادرة على تربية صغارها . 

إن الأبحاث والملاحظات التي تتتاول الشمبانزيء توضح بعدين هامين 
للتجرية المتعلقة بسلوك الأمومة: 

أولا: التجربة المبكرة مع الأم في السنة الأولى: فالشمبانزي مهيأة لدرجة 
قد تزيد أو تنقص للاستفادة من تجربة الأمومة التي تعيشها مع أمها. عند 
بلوغ سن النضج والإنجابء ويمكنها تنمية القدرات التي تمكنها من الأمومة 
المناسبة؛ بالرغم من عزلتها الكاملة بعد فصلها عن الأم. 

ثانيا: التجربة المتأخرة التي تتلو الولادة الأولى. يكون سلوك الأمومة في 
وقت لاحق وفي الولادات المتعاقبة أمرا غير محتمل بمعزل عن التجربة 
المبكرة مع الأم. فالتجربة المبكرة مع الأم تؤثر أيضا في سلوك الأمومة 


سلوك الأمومه عند الرئيسات 


وزيادة فعاليته عند الولادات المتعاقبة. أما بالنسبة للأورانغوتان فالمعطيات 
المتوفرة عن سلوك الأمومة قليلة بالمقارنة مع الأنواع الأخرى. ويبدو سلوك 
الأمومة عند هذا النوع أقرب إلى نظيره عند الشمبانزي منه إلى الغوريلا 
فيمكن للأم أن تربي صغيرها عند وجودها وحيدة معه في القفص أي في 
حالة عزلة اجتماعية. ويرى نادلر أن الفرق بين سلوك الأمومة للغوريلا من 
جهة. وللشمبانزي والاورانغوتان من جهة ثانية يستند إلى قاعدة بيولوجية. 
ويبدو ذلك عند ملاحظة هذه الآنواع في الحالة الطبيعية بعيدا عن حديقة 
الحيوان. فكل نوع من هذه الأنواع الثلاثة يعكس تكيف السلوك الخاص 
بالنوع وتلاؤمه مع شروط المحيط التي تطور ضمنها. يعيش الأورانفوتان 
في حالة شبه عزلة؛ ويقوم تنظيمه الاجتماعي على التورع والانتشار في 
المكان. ويعيش الذكر وحيدا معظم حياته؛ ويقتصر التبادل الاجتماعي عند 
الأنثى على صغارهاء وبالإضافة إلى البنية الاجتماعية الموزعة؛ والتفاعل 
الاجتماعي المحدودء لهذا النوع؛ تربى الأنثى صغارهاء في الشروط الطبيعية 
في وضع من التبادل المحدودء مع أفراد النوع؛ فالآم تقوم بدورها في غياب 
العلاقات الاجتماعية المعقدة؛ فالبنية الاجتماعية للشمبانزي تختلف عنها 
عند الأورانغوتان» حيث تعيش الشمبانزي في تجمعات واسعة؛ تضم الإناث 
والذكور من مختلف الأعمار: إلا أن هذه التجمعات تنقسم إلى زمر متغيرة 
التركيب. فالزمرة الأكثر استقراراء هي تلك المؤلفة من الأنثى وصغارها. 
فهي تشبه الأورانغوتان من حيث تجمعها على شكل زمر مشتتة داخل 
التجمع الكبير. ومن حيث تفاعلها وباقي أفراد الزمرة؛ إذ تتفاعل الأم بشكل 
محدود مع باقي أعضاء التجمع؛ وخاصة في المراحل الأولى من حياة الصغار. 
لقد أشارت الأبحاث المتعددة في هذا المجال إلى أن تربية صغير 
الشمبانزي-وكذلك تربية صغير الأورانغوتان-لا تتطلب تفاعلا اجتماعيا 
واسعا خارج العلاقة الثنائية بين الأم والطفل؛ ولا تستدعي اتحادا دائما 
بين الأم وأعضاء آخرين في القطيع عند الأطفال؛ بينما يختلف الأمر عند 
الغوريلاء فالملاحظة المنهجية لهذا النوع في الحالة الطبيعية تبين أنه يعيش 
ضمن جماعات مستقرة: تقوم على تنظيم اجتماعي «عائلي» فتتألف الجماعة 
عادة من ذكر بالغ قائد. وعدة إناث مع صغارهن. ويمكن للأنثى-كما للذكر- 
مغادرة الزمرة التي ولدت فيهاء ولكن فقط قبل الإنجاب. وعادة تبقى 


59 


الأمومة 


الأنثى وتلد بشكل متعاقبء. في نفس الزمرة. فتختلف أنثى الغوريلاء في 
الحالة الطبيعية. عن مثيلاتها لدى الشمبانزي والأورانفوتان. فهي تربي 
صغارها برفقة أعضاء آخرين من نفس النوع:؛ يربطها بهم اتحاد وثيق خلال 
مدة طويلة نسبيا. بينما تربي أنثى الشمبانزي والاورانفوتان صغارها في 
حالة من الاستقلال النسبي. وفي غياب أية علاقة اجتماعية طويلة الأمد 
مع أبناء جنسها . وفي حديقة الحيوان تتمكن الآنثى عند هذين النوعين من 
تربية صغارها بشكل مقبول؛ عندما توضع مع صغيرها في غرفة معزولة. 
تختلف شروط حياة أنثى الفوريلا في الظروف الطبيعية. حيث تربي 
طفلها برفقة أطراف أخرىء تربطها بهم علاقة طويلة نسبيا. فهي تجتمع 
مع عدة إناث حول ذكر واحدء. وتقضي معظم الوقت بالقرب من الذكر 
القائد. خاصة في المراحل الأولى من حياة الصغار. إن اختلاف هذه الشروط؛ 
يمكن أن يفسر إخفاق سلوك الأمومة عند الغوريلا أثناء عزلها في غرفة 
فردية مع الصغير. فسوء معاملتها للصغير. وقسوتها تجاهه في ظروف 
حديقة الحيوان» تكون نتيجة لعدم تمكنها من متابعة الطريقة الخاصة 
بالنوع في تربية الصغار. 
وتفضل أنثى الغوريلا البقاء بالقرب من الذكر القائد؛ عندما يكون الصغير 
في عمر مبكرء مما يعزز سلوك الآمومة المناسبء قفالوجود بالقرب من 
القائد يكون مفيدا للأم ويوفر لها الحماية من هجمات المعتدين. بينما لا 
تتطلب ذلك تربية الصفار عند الشمبانزي والأورانفوتان في الظروف 
الطبيعية. فالسلوك الخاص بالنوع لم يضطرب في ظروف العزلة الاجتماعية, 
في حديقة الحيوان. وذلك بعكس الغوريلا التي لا تتمكن من إقامة علاقة 
وثيقة بصغيرها في غياب المؤثرات الصادرة عن أغراد الزمرة التي تعيش 
مثها في العتروف اللبيفية, كتجامل الصهير ومعاناقه يقسوة بائقة مين 
قبل الأم. تتوقف غالباء عند إحضار أحد أغراد النوع إلى الغرفة التي تجمع 
الأم وصغيرهاء إذ يمكن حينئن ملاحظة سلوك الأمومة المناسب تجاه الصغير. 
إن دراسة الأمومة عند الأنواع القريبة من الإنسان؛ من الناحية 
البيولوجية؛ يسهم في صياغة بعض الأسئلة حول هذا الموضوع. ويرى نادلر 
أنه عند دراسة الآمومة عند الجنس البشري يمكن الأخذ بالفرضيتين 
التاليتين: 


00 


سلوك الأمومه عند الرئيسات 


أولا: إن سلوك الأمومة عند البشر يمكن أن يكون أيضا متلائما مع 
الصيغة الخاصة لتنظيمنا الاجتماعي. من هنا تبدو الأهمية القصوى في 
تفحص ودراسة الأنظمة الاجتماعية فى مختلف أشكالها ودرجاتها. 

ثانيا: إن الاسطراب ف ساوك الأمومة وفي علاقة الأم بصغيرها يكون 
غالبا نتيجة التغير المفاجنّ في الشروط والعادات الطبيعية. إن عرقلة 
سلوك الأمومة. واضطرابه. يحدث عندما يربي البشر أبناءهم في شروط 
مغايرة ومخالفة لصيغة التنظيم الاجتماعي الخاصة بالنوع. إلا أن ذلك 
ليس أمرا واضحا. فالمجتمعات البشرية تتبع طرقا وأساليب مختلفة جدا 
ومتنوعة في تربية الصغار. 

وأخيرا يمكن أن نطرح السؤال التالي: هل يمكن ملاحظة خصائص 
معينة للأهل المتعاملين مع أطفالهم بقسوة أو المتجاهلين لهؤلاء الأطفال؟ 
وهل العزلة الاجتماعية للأهل ترتبط بسوء معاملة الطفل كما أشار إلى 
ذلك (اإلمرلة أه.:عما8 5)1967 إن الإجابة على هذه الأسئلة ليست بالأمر 
السهلء فالبحث المنهجي في بنى اجتماعية-ثقافية متعددة يمكن أن يسهم 
في إيضاح العلاقة المحتملة بين سلوك الأمومة بأشكاله وطرائقه المختلفة, 
ونمو علاقة الأم بطفلها. 


سلوك الأمومة عند الانسان 

إن التغير في الإفرازات الهرمونية المرافقة للحمل والولادة يضع المرأة 
في حالة جاهزية لتقديم العناية اللازمة للمولود الجديد؛ فالتجارب على 
الحيوانات يمكن أن تزودنا بأمثلة عديدة في هذا المجالء. فلقد تمكن بعض 
الباحثين من إظهار سلوك الأمومة عند إناث لم يسبق لهن الحمل أو الولادة 
وذلك بحقنهن ببعض أنواع الهرمونات. 

وقد تطول المرحلة اللازمة لإظهار سلوك الأمومة بعد الولادة أو تقصر 
حسب النوع؛ وتختلف هذه المرحلة من حيوان إلى آخر. ومعظم الإناث 
تحتاج إلى مشاهدة الصغير بعض الوقت قبل تنشيط سلوك الأمومة. وتبدو 
التغيرات الهرمونية المرتبطة في سياق الولادة على صلة بالتنشيط السريع 
لسلوك الأمومة عند بعض الأنواع. إلا أن دور الهرمونات يقتصر على المرحلة 
التي تلي الولادة مباشرة؛ ويتضاءل هذا الدور في سلوك الولادة فيما بعد 


ان 


الأمومة 


حيث تأخذ المؤثرات الصادرة عن الصغير أهمية خاصة في استمرار سلوك 
الأمومة في المراحل اللاحقة.. فإذا كان هذا السلوك يخضع إلى ضبط 
هرموني في مرحلة مؤقتة بعد الولادة. فاستمراره في مراحل لاحقة يعتمد 
إلى حد كبير على المؤثرات الصادرة عن الصغير. 

أما بالنسبة للثدييات العليا فإن تأثير الهرمونات يكون أفل من تأثير التجرية: 
فالنعاج مثلا تبدي سلوكا أكثر فعالية ومناسبة تجاه صغارها بعد الولادة 
الثانية» أو بعد فترة من تجربة العناية بالصغير (980ا ,تعلماعآ8 لصة نامعلصتمم) . 

أما فيما يتعلق بالبشر فترجح الكفة لصالح التجربة بالمقارنة مع التأثير 
الهرموني. إن تأثير الوسط الاجتماعي يدقع الأم إلى أن تتصرف حسب 
طريقة محددة. فالعوامل الثقافية؛ والقيم الاجتماعية تؤثر تأثيرا هاما ضفي 
سلوك الأمومة. فقابلية الأهل للتبني وتزويد الأطفال المتبنين بالعناية والمحبة, 
يظهر الدور البارز للعوامل الثقافية-الاجتماعية, كما يظهر محدودية تأثير 
العوامل الهرمونية. 

يتوافق سلوك الأمومة مع احتياجات الطفل منن الولادة؛ وتساعد العوامل 
البيولوجية الغريزية في انطلاقة هذا السلوك؛ وفي بداية السياقء الذي 
يمهد السبيل للتوافق بين سلوك الأم ومتطلبات الطفل(1984,2.37,هاتهطه5) 
لقد توافق سلوك الأمومة» عبر التطور. مع سلوك التعلق عند الطفل؛ 
وتتلخص وظيفة هذين النظامين السلوكيين في حماية الصغير الذي كان 
عرضة للافتراسء» ل,(807:101 1969). فحين يستخدم الطفل مؤثرات كاليكاء 
أو التمسكء تقوم الأم بالاستجابة لحمايته؛ فتأخن بيده عندما يبتعد أكثر 
مما يجبء وتزوده بالغذاء. وتعمل على إرضائه عندما يعاني من كربة. 

يستدعي كلا النظامين-(سلوك الأمومة؛ وسلوك التعلق)-المحافظة على 
الاتصال بين الأم والطفل؛ ويقود الاتصال بدوره إلى تبادل عاطفي بين 
الطرفين. فسياق التعلق يتم عبر التجربة بين الاثنين (المصدر السابق). 

تستند نظرية بولبي إلى بعد بيولوجيء. وتستدعي تركيز الاهتمام على 
الطبيعة التبادلية في سلوك الأم والطفلء قبالرغم من أن التبادل المشترك 
يستند إلى قاعدة داخلية عند الآم؛ فهو لا يأخذ طريقه إلى النور إلا مع 
وجود الطفل. فالخصائص السيكوبيولوجية الاستثنائية للطفل عند الولادة 
تدفع إلى الاعتقاد بأن الاتصالء والتفاعل الاجتماعيين بين الأم والطفل 


02 


سلوك الأمومه عند الرئيسات 


موجهان ليلعبا دورا خاصا في التطور النفسي البشري. فالطفل حديث 
الولادة يعتمد على البالغين في بقائه. حيث تتضمن التجربة الاجتماعية 
التي يتعرض لهاء طرفا عالي القدرات (الأم)؛ مؤهلا تقافياء بينما يكون 
الطرف الآخر (الطفل) صفحة بيضاء من هذه الناحية. فالتحويل الثقافي 
من جيل إلى جيل عند البشرء يحل محل الانتقال بالوراثة عبر الجينات 
والمورثات-(1979,500 7160) . ويعتقد هذا المؤلف-على خلاف الفكرة السائدة- 
بأن السلوك الطبيعي للأم البيولوجية: (الوالدة) لا يكمن في دافع غريزي 
خاص بالأمومة؛ إنها يكمن في المسؤولية الثقافية الاجتماعية للكائن تجاه 
أنجاله. مسؤولية تحتمها القيم الأنخلافية والثقافية السائدة: المتعلقة بطريقة 
التعامل مع الصغير بلطف ومحبة وحنان: فهو أحد أفراد العائلة. ويحتاج 
للمساعدة كونه سريع العطب. 

فمن وجهة نظر هذا المؤلف. مشكلة التواصل مع الصغير هي تعلم جملة 
العناصر التي تؤهل أي شخص للتفاعل مع هذا الصغير. شخص يمتلك 
الدافع ليفعل ما هو ضروري من أجل الصغيرء ويخصص الوقت المناسب 
للحوار معه. فالمسآلة ليست مسألة ضرورة بيولوجية: إذ يمكن للذكر أن 
يربي الطفل في شروط مناسبة. 

ومن الواضح أن هذا المؤلف قد بالغ في دور العوامل الاجتماعية الثقافية 
فى سلوك الأمومة, وأغفل دور العوامل الغريزية فى هذا السلوك. ولعله من 
الفيذ دراسة سلوك المرأة الحلذل لاتقاء الخوم فا يلوك الأموية وإيضاح 
دور الآليات (الميكانيزمات) المعقدة التي تؤثر في تطور هذا السلوك. 


الحمل وسلوك الأمومة 

إن الحمل ينطوي على الكثير من الجهد الجسدي. فالتغيرات العضوية 
وتكيف عملية الاستقلاب تستهلك الكثير من الطاقة الجسدية للمرأة الحامل. 
ويترافق ذلك مع تكيف نفسيء فالمرأة تحلم بدورها الجديد. وتحضر نفسها 
لهذا الدورء إذ تمتزج لديها مشاعر القلق والسعادة وكثيرا ما يلاحظ تغيرات 
قوية في مزاج الحامل؛ فحينا تجدها سعيدة حالمة متفائلة؛ وحينا تعاني من 
الانقباض والقلق (8:32610,1981). وتظهر الحامل رغبة قوية بالتعرف على 
كل ما يتعلق بالحمل والولادة وتلجاً غالبا إلى الصديقات والمقربات من 


05 


الأمومة 


صاحبات التجربة لتطرح الأسئلة التي تهمها. 

وفي معظم المجتمعات الصناعية مؤسسات متخصصة تعمل على تصنيف 
المعلومات, وتدريب النساء الحوامل وتحضيرهن للولادة. حيث أنه من الأهمية 
بمكان بالنسبة للشابة الحامل أن تلتقي بمن هن في نفس الوضع أي بالحوامل 
وبذوات الخبرة ممن يستطعن زرع الطمأنينة والثقة في النفس. وخاصة 
اللواتي تجاوزن مرحلة الولادة. ففي ذلك دليل محسوس يمكن أن يعزز 
الشعور بالأمن ويخفف من حدة القلق والمخاوف. ويكون الحمل عند المرأة 
أشد وقعا حيث يتوجب عليها القيام بمتطلبات عملها وتوفير الوقت كي 
تتمكن من التلاؤم مع هذا الوضع الجديد. فلا بد من أن تأخذ الوقت 
والحرية كي تعيش هذه المرحلة المضطربة وتطلع على الطريق الأمثل للتكيف 
مع دورها القادم كأم. إن الغالبية العظمى من النساء يظهرن بعد الولادة 
الحاجة إلى التعاضد والمساندة والمحبة. ويمكن أن يلعب الزوج والأقرياء 
دورا هاما في هذه المرحلة مما يساعد الأم في توفير الأمن والحنان للمولود 
الجديد. ويساهم في بداية سعيدة في العلاقة بين الأم وطفلها. 


العلامات الأولى للحمل 

إن توقف الدورة الشهرية المترافق ببروز وتوتر في الثديين يمكن أن 
يكون احتمالا كبيرا بحدوث الحملء؛ ويمكن ملاحظة بعض الأعراض الأخرى 
كالغثيان والتقيؤ في الأسابيع الأولى حيث تؤكد هذه الأعراض حدوث 
الحمل: وكذلك يمكن للفحص الطبي أن يؤكد الحمل في الشهر الثاني. 
وفي الشهر الرابع يمكن للحامل الشعور بحركة الجنين على شكل ارتجاف, 
ثم تصبح هذه الحركة بعدها أكثر وضوحا. في هذه المرحلة تشعر الحامل 
ببعض الصعويات الجسدية نتيجة عملية التكيف مع الحالة الجديدة, إلا 
أن مشاعر التعب والإرهاق لا بد أن تكون عابرة وغير مهمة؛ فيجب الأخذ 
بعين الاعتبار أن الحمل مسألة طبيعية يجب ألا تكون مصدرا للقلق بل على 
العكس مصدرا للتفتح والكمال. 


المراقبة الطبية 
بالنظرة لأهمية مرحلة الحمل بالنسبة لصحة الحامل ولصحة الجنين 


4ن 


سلوك الأمومه عند الرئيسات 


وتطوره بشكل مناسب فلا بد من المراقبة الطبية المنتظمة في مرحلة الحمل. 
فى وزو قوسا لكاتب اللشريع با ردم وشصوضن طتية على الأكل قاد 
الحمل؛ ولا يمكن للحامل الاستفادة من المساعدات الاجتماعية والتعويضات 
النقدية إلا إذا التزمت بالمراقبة الطبية. 

وتحتاج المرأة الحامل إلى العناية الجسدية والراحة والنوم وتجنب 
اللقهاد ,ميم بالشى وكجني القدخين وضدة الجلونن في الأماكن السيتة 
التهوية. وكذلك تحتاج الحامل إلى التغذية المناسبة والمتوازنة ويجب أن 
تتجنب المواد المخدرة وعدم أخن الأدوية إلا باستشارة الطبيب. 


التغذية أخناء الحمل وبعد الولادة 

يسود الاعتقاد في مجتمعاتنا بأن الحامل إذا اشتهت نوعا من الطعام ولم 
تأكله قد يترك أثرا ملموسا في جسد الطفل. وبالرغم من عدم استتاد هذا 
الاعتقاد إلى الحقائق العلمية فهو يعكس أهمية التغزية بالنسبة للمرأة الحامل 
لأن الجنين يعتمد عليها ويشاركها غذاءها (سنية النقاش عثمان 1974). 

ويجب الاهتمام بنوعية التغذية وكميتها . وذلك بأن يتضمن النظام الغذائي 
للحامل العناصر الضرورية كالحليب ومشتقاته واللحوم والسمك والبيض 
والبقول والخضر والفواكه. مع عدم الإكثار من النشويات والملح ومراقبة 
الوزن بحيث لا يزيد بشكل ملفت للنظر. إن الغذاء السليم والمتوازن يمكن 
الحامل من المحافظة على صحتها ومن توفير عوامل النمو الصحيحة للجنين 
أخنا + الحمل: 

إن تقاليدنا العربية تولي مسألة التغذية بعد الولادة أهمية خاصة ومن 
عاداتنا الحميدة أن نخص النفساء (الأم بعيد الولادة) بنظام غذائي خاص غني 
بالبروتينات يتضمن الطعام والشراب الذي يساعد الأم على استعادة حيويتها 
ونشاطها (كالمغلي بالإضافة إلى الجوز والأطباق المتنوعة التي تقدم للمرأة). 


كيف يمكن التحضير للولادة 

لقد ثبت حديثا أنه من الممكن اتباع بعض الطرق التي تجعل الولادة 
تحدث دون خوف ودون ألم. وتستند أهم هذه الطرق إلى الارتكاس الاشراطي 
البافلوفي. فتذوق طبق شهي للمرة الأولى يؤدي إلى إفراز اللعاب في الفم, 


05 


الأمومة 


وهذا ما يسمى ردة فعل طبيعية. ولكن يكفي فيما بعد الحديث عن هذا 
الطبق أو مشاهدته ليحدث إفراز اللعاب في الفم: وهذا ما يسمى بالمنعكس 
الشرطي المتعلم. فمنذ مئات السنين ترتبط كلمة ولادة بكلمة ألم؛ فالمرأة 
التي تشعر بالتقلصات الأولى تقول بأنها تشعر ببداية الألم مما يؤدي إلى 
فعل منعكس شرطي متعلم. فالخوف من الألم والمعاناة يخلق لدى الحامل 
ردة فعل من الاحتراس والريبة وهذا ما يبعث على التوتر بدلا من الاسترخاء؛ 
مما يؤدي إلى عرقلة التطور الطبيعي لعملية الولادة: وبالتالي إلى مضاعفة 
الآلام وتضخمها وجعل الولادة صعبة ومعقدة. إذن يجب العمل على إلغاء 
الخوف وحذفه. ولا بد من تحضير جسدي ونفسي لتحقيق ذلك. 

إن متابعة بعض الدروس المبسطة حول ما يجري أثناء الحمل وأثناء 
الولادة يمكن الحامل من التعرف على مراحل تطور الجنين؛ والمكان الذي 
يحتله والطريق الذي سيتبعه كي يرى النور. وبذلك يمكن استبدال مشاعر 
الخوف بالثقة وبالمشاركة النشطة في عملية الولادة بدلا من الخوف منها . 
وهناك بعض التمارين الرياضية التي تسهل حدوث الولادة فيما لو نفذتها 
المرأة أثناء الحمل. إن ذلك يجعل المحامل تواجه لحظات الولادة بهدوء 
وانبساط؛ وتستقبل وليدها بشروط مناسبة دون آلام ودون إعياء. 

ولا شك بأن عمر الأم ومدى نضجها يلعب دورا هاما في مدى تقبلها 
لدورها كأم؛ وربما يؤثر في الولادة وفي سلوك الأمومة بشكل عام. فلقد 
أشارت بعض الدراسات الحديثة إلى وجود علاقة بين عمر الأم وقدرة 
الطفل على التكيف الاجتماعي. ففي دراسة أجريت على الأمهات المراهقات 
(قبل بلوغ العشرين) تبين أن اضطراب السلوك عند الطفل في عمر خمس 
سنوات يرتبط إلى حد بعيد بعمر الآم ومدى نضجها (21 أء,بطتده:012058) . 

إن الإنجاب المبكر يضع المرأة أمام مسؤولية كبيرة قد لا تكون مهيأة لها . 
قلا بد من اكتمال نضجها وقابليتها الجسدية والنفسية على تحمل مسؤولية 
القادم الجديد. 

إن الزواج المبكر ظاهرة واسعة الانتشار في البلاد العربية. ونظرا لغياب 
البحث العلمي المتعلق بعمر الأم وعلاقة ذلك بتطور الطفلء في المجتمع 
العربي. يصعب معالجة هذه المسألة. إلا أن نتائج البحث في مجتمعات 
أخرىء تبين الآثار السلبية للانجاب المبكر وانعكاس ذلك على سلوك الأمومة 


ك4 


سلوك الأمومه عند الرئيسات 
وعلاقة الأم بطفلها. 


اللقاء الأول بين الأم والوليد 

لعل الحدث الأهم في حياة المرأة هو أن تضع في هذا العالم طفلها 
الأول. فالولادة الأولى تعني تحولا كبيرا في حياتها . ويتمثل ذلك بشعورها 
العميق بالنضج وقدرتها غير المحدودة على العطاء؛ فهي تغذي للمرة الأولى 
كائنا آخر من جسدهاء وتشعر بأنها مسؤولة عنه وعن تطوره وأمنه. غالولادة 
الأولى تعني ولادة العائلة كما يقول برازلتون (981ا,دمناءهم8) . فهي تنطوي 
على انقالاب عاطفي كبير وعلى شعور متعاظم بالمسؤولية» ويمكن أن يترافق 
ذلك بالخوف والشك بعدم القدرة على الارتفاع لمستوى المسؤولية تجاه هذا 
المخلوق الجديد. 

كانت الأسرة التقليدية تتلقى دعما هاما من قبل المحيط الاجتماعي 
(الأهل والأقرباء والجيران..) لمواجهة حدث الولادة. أما اليوم-ومع خلخلة 
النمط التقليدي في العلاقات الاجتماعية-لا يقدم المجتمع المساعدة المناسبة 
للأسرة الحديثة العهد للتخفيف من حدة المخاوف والقلق الناتج عن عدم 
التجربة ونقص الخبرة في طرق التعامل مع هذا القادم الجديد. 

يتزايد اليوم عدد الولادات التي تحدث في دور التوليد بإشراف طبي 
ولقد درجت العادة على فصل الصغير عن الأم مباشرة بعد الولادة لأسبياب 
العناية الصحية. إلا أن النتائج الحديثة للأبحاث العلمية تخلص إلى القول 
بوجوب وضع الوليد على تماس حسي مع الأم بعد الولادة مباشرة؛ وذلك 
لآهمية هذه اللحظات في العلاقات اللاحقة بين الطفل والأم. فالتماس 
الجسدي بين الاثنين يمكن أن يؤثر في الاتصال المتبادل بين الطفل والآم؛ 
وهذا ما توضحه الدراسة التالية حيث تمت مقارنة ثلاث مجموعات من 
الصغار تعرضت المجموعة الأولى إلى تماس جسدي مطول وذلك بوضع 
المولود على بطن الآم بعد الولادة مباشرة لمدة ثلاثين دقيقة» بينما تعرضت 
المجموعة الثانية إلى تماس قصيرة لمدة خمس دقائق. ولم تتعرض المجموعة 
الثالثة للتماس مع الأم وذلك لأسباب طبية. تبين هذه الدراسة بأن التماس 
المطول يمكن أن يسهل على الأم التعرف على رائحة الطفل؛ ويكون الطفل 
في الأيام التالية أكثر حساسية لرائحة الأم بالمقارنة مع روائح محايدة أو 


07 


الأمومة 


مع رائحة أم أخرى. لقد أوضحت الدراسات المتعلقة بتأثير الرائحة في 
علاقة الأم بطفلها بأن الرائحة تلعب دورا هاما في تطور هذه العلاقة 
خاصة في المرحلة الأولى بعد الولادة: 11976لء1155 :975 عصدامو ع313). 

إن التعرف على الطفل بواسطة الشم يكون أكثر احتمالا عندما تتهيأ للأم 
والطفل فرصة اللقاء اللمسي المطول بعد الولادة مباشرة. لقد أكدت الأبحاث 
السابقة على أهمية توفير الفرصة للأم لرؤية الطفل وملامسته بعد الولادة 
مباشرة. فهي في أشد الحاجة لتحسه وتتلمسه وتشمه. لذا يجب المزيد من 
الحذر قبل التفكير بفصل الطفل عن الأم بعد الولادة مباشرة. 

تؤثر مشاعر الأم نحو الطفل بعد الولادة في العلاقة المستقبلية بينهما. 
فالمتغيرات المختلفة في هذه المرحلة قد تعرقل أو تسهل سياق هذه العلاقة. 
فلا بد من الأخن بعين الاعتبار شعور الأم تجاه المولود الجديد خاصة فيما 
يتعلق بجنسه (طفلة كانت أم طفلا) لدى دراسة الروابط التي ستقوم بين 
الاثنين؛ إذ تتأثر هذه الروابط بمشاعر الأم نحو الطفلء وبآلام وإعياء 
الولادة الصعبة (ز1ااعمة© لصه عاعته0, |1981) وتجدر الإشارة إلى موقف الوسط 
الاجتماعي تجاه البنت أو الصبي وتأثير ذلك على الأم: أن للآب دورا هاما 
في هذا السياق. ففي بعض الأحيان تعم البهجة والفرح عند الإعلان عن 
ولادة صبيء بينما يحصل العكس بالنسبة لولادة بنت؛ فهذا التقليد الذي 
بدأ بالتراجع يؤثر تأثيرا سلبيا في معنويات المرأة وفي استعادتها لنشاطها 
وحيويتها بعد الولادة. وكذلك في قدرتها على التعامل مع الطفل وفي تنمية 
علاقة سليمة معه. 


التجربة المبكرة بسين الطفل والأم 

لقد أشار بعض الباحثين إلى أن الفروق الفردية عند الصغار ترتبط 
بالفروق الملاحظة في تفاعلهم مع الأم في الأيام العشرة الأولى التي تعقب 
الولادة (505,1977ةطغن8 هسه صصناط) . ومن الممكن أن تكون هذه الفروق قد 
تطورت نتيجة للظروف التي أحاطت بمرحلة الحمل حيث أوضحت بحوث 
أخرى أن الأمهات اللواتي سبق أن عانين من القلق أثناء الحمل يلجأ أطفالهن 
للبكاء أكثر من غيرهم في المرحلة التي تلي الولادة. وهكذا يمكن لمرحلة 
الحمل أن تؤثر في صياغة مزاجية الطفلء وهذا بدوره يؤثر في طبيعة 


08 


سلوك الأمومه عند الرئيسات 


التفاعل مع الأم وفي تطور العلاقة بينهما. 

إن التجربة المبكرة التي يتعرض لها الطفل والأم يمكن أن تؤثر في 
مستقبل العلاقات المتبادلة بينهما. فمن الناحية البيولوجية ثبت أن التغير 
المبكر في محيط الطفل يمكن أن يغير مجرى تطوره. خاصة خلال الثمانية 
عشر شهرا الأولى؛ في هذه المرحلة. ينمو دماغ الطفل بسرعة قصوى لا 
يبلغها في مراحل لاحقة. فالنضج الداخلي ومؤثرات المحيط المختلفة تعمل 
بتفاعل داثم» وهي ذات أهمية قصوى بالنسبة لتطور الطفل (,1972 .هلآ 
أه ]) ومن وجهة النظر النفسية يشدد علماء النفس على أهمية التاريخ 
المبكر في تطور الفرد خاصة من الناحية العاطفية. 

لقد بينت الدراسات التي أجريت على الأنواع الأخرى أنه يوجد مرحلة 
حساسة بعد الولادة تؤثرفي نمو العلاقة بين الأم والصغير وأن منع الاتصال 
الحسي أو ندرته يمكن أن يؤدي إلى تعديل في سلوك الأم 196١(‏ 108ئة11)؛ 
أما بالنسبة للنوع البشري هناك من يقترح بأن الأربع والعشرين ساعة التي 
تلى الولادة يمكن أن تلعب دورا هاما فى تحديد سلوك الأمومة. ويمكن 
اعتبارها مرحلة حساسة في نمو العلاقة بين الأم والطفل. فالاستجابة 
الطبيعية للأم تجاه المولود الجديد تتأثر تأثرا هاما في هذه المرحلة. 
وكذلك بالنسبة للاختلافات الكمية والكيفية في سلوك الأمومة في مرحلة 
لاحقة فهي تعتمد إلى حد كبير على طبيعة الاتصال في الساعات الأربع 
والعشرين الآولى بعد الولادة معاع.آ :21.,1970 أء دتتهلك21.,1973:1 أه ااعسمعك]) 
1ه 1972) وفي رأي هؤلاء يمكن أن يؤدي الانفصال بين الأم وطفلها إلى 
اضطراب العلاقة بينهما فيما بعد. إلا أن بعض الباحثين وجه انتقادا إلى 
هذا الرأي يتعلق بمدى صلاحية الطريقة التي أدت إلى تلك النتائج 
(1984,31:615)؛ فمفهوم المرحلة الحساسة أو المرحلة الأمثل مفهوم جامد لا 
يأخن بعين الاعتبار مرونة نظام التطور عند العضوية الصغيرة. فمن المؤكد 
أن الولادة والأيام التي تتبعها تعتبر مرحلة مهمة, إلا أن هذه المرحلة لن تكون 
المرحلة الأولى ولا الأخيرة من حيث الأهمية, لأن سياق العلاقة بين الأم 
وطفلها يبدأ قبل الولادة بوقت طويلء ويستمر بعدها بوقت طويل أيضا. 

وتبين دراسة أخرى (,1985 .21 4ه 5:ههع181) مدى تأثير علاقة الأم بطفلها في 
تطور التعبير الانفعالي عند الطفل في السنة الأولى. إلا أنه من غير الواضح 


09 


الأمومة 


إسناد الفروق الفردية بعد السنة الأولى إلى طبيعة العلاقة بين الأم والطفل. 
ويرى شافر ”عتتمهطء1984,5) أن القول بأن تجرية التبادل المبكرة يمكن 
أن تفسر العلاقات الاجتماعية اللاحقة قول مفرط في التبسيطء يتجاهل 
تأثير العوامل الأخرى التي يمكن أن تعدل من مسار نمو الطفل في فترة 
تالية. فالترابط بين علاقات التبادل المبكرة للأم والطفل وبين النمو 
الاجتماعى عند هذا الأخير فى مرحلة لاحقة يمكن إثباته فقط فى حالة 
المكبرابرة تروقه التحيظ علق الطفل:» ا 


التجربة السابقة للأم 

إن خصائص شخصية الأم تؤثر في تنظيم سلوك الأمومة في المراحل 
اللاحقة. وفي طريقة تعاملها مع الطفل؛ وتفاعلها معه. ويعتبر ذلك على 
علاقة يمسار حظور الطفل؛ فعؤامل التجرية السايقة ناكم تؤكر فى توهية 
العناية التي تقدمها لطفلهاء وهذا ما دفع بعض الباحثين إلى الاعتقاد بأن 
الطفلة المحرومة ستكون بدورها أما محرومة؛ أي أن معاناتها المبكرة والقصور 
في تطور شخصيتها كطفلة سيؤدي إلى القصور في دورها كأم. وهذا يعني 
الدخول في حلقة مفرغة يصعب الخروج منها (عو8120 لمة معنا,1976). 

إن هذا القول يبقى مجرد شعور لا يستند إلى براهين قوية. 


مفهوم المرحلة الحساسة 

إن الإلحاع على أهمية التجربّة المركرة في ميذان العربية وزعلم النفس» وآكز 
ذلك في التطور اللاحق للطفل؛ حمل الكثير من الباحثين على دراسة الاتصال 
المبكر بين الأم والطفل وتأثير ذلك في تطور العلاقة بينهما من الدراسات 
المعروفة في هذا الميدان دراسة كلوز وكينيل (976! العصدء؟1 لص 5ة1ء) والتي 
تناولت زمزتين من الأمهات تختلفان في مدة الاتصال بين الأم والمولود الجديد, 
فالزمرة الأولى كان لها الفرصة الاعتيادية في الاتصال الجسدي اللمسي بالطفل 
والمتعارف عليها في دور الولادة: بينما أعطيت أمهات الزمرة الثانية فرصة ١6‏ 
ساعة إضافية خلال الأيام الثلاثة الأولى من عمر الطفل. ثم تمت ملاحظة 
جميع الأمهات بعد شهر أثناء تغذية الطفل وبمناسبة زيارة طبية. لقد أظهرت 
هذه الدراسة فروقا بين الزمرتين: فأبدت أمهات الزمرة الثانية سلوكا لطيفا 


70 


سلوك الأمومه عند الرئيسات 


تجاه الطفل وتبادلا بصريا أكثر من أمهات الزمرة الأولى. 

لقد أشارت الملاحظات اللاحقة للتبادل بين الأم والطفل في عمر السنة 
إلى أن سلوك الآم تجاه طفلها يكون أكثر حنوا له وأكثر اهتماما به في 
الزمرة التي أتيحت لها فرصة الصلات الإضافية مع الطفل بعد الولادة 
بالمقارنة مع الزمرة العادية. إن تكرار هذه الملاحظات في عمر السنتين أكد 
استمرار الفروق بين الزمرتين؛ وفي عمر خمس سنوات أشارت هذه الدراسة 
إلى أن المستوى الذكائي والقدرات اللغوية يكون أعلى عند الأطفال المستفيدين 
من فرصة أطول للاتصال مع الأم بعد الولادة. 

إن هذه النتائج حملت كلوز وكينيل على الاقتراح بأن الاتصال الإضافي 
بين الآم وطفلها بعد الولادة يمكن أن يؤثر تأثيرا إيجابيا في سلوك الآمومة: 
ويمكن استمرار هذا التأثير عدة سنوات فيما بعد. ففي رأيهما تعتبر 
الساعات الأولى التي تلي الولادة مرحلة حساسة؛ يجب أن تتوفر خلالها 
غرصة الاتصال بين الآم والطفلء مما يمكن الطفل من تطور أمثل فيما 
بعد؛ فالنقص في الاتصال خلال هذه المرحلة يمكن أن يؤثر سلبيا في سياق 
التعلق. وفي روابط الطفل والأم. فالمرحلة التي تلي الولادة تحتل أهمية 
خاصة في صياغة سلوك الأمومة. والتجربة خلال هذه المرحلة قد تؤثر 
على المدى البعيد في العلاقة مع الطفل. لقد كان لهذه الدراسة تأثير 
إيجابي هام حيث لفتت الأنظار إلى الأساليب الجامدة المتبعة في دور 
الولادة. التي لا تترك الحرية للأم في أخذ الطفل متى تشاء عندما يتم 
فصله عن الأم دون الإدراك بأن ذلك يؤثر تأثيرا سلبيا في تطور سلوك 
الأمومة. إلا أن تأثير هذه التجربة على المدى البعيد بقى موضع تساؤّل»؛ 
فالكثير من المكتشفات اللاحقة لم تؤكد وجهة نظر كلوز وكينيل فيما يتعلق 
بتأثير الصلات الأولى في تطور الطفل على المدى البعيد. 

لقد وجد وايتن (1977 مع ان91) أيضا فروقا بين زمرتين من الأمهات: 
الأولى تستفيد من صلات إضافية بعد الولادة. والثانية تتمتع بصلات 
«عادية» ولكن هذه الفروق تضاءلت فى عمر الشهرين. وكذلك الأمر بالنسبة 
لدراسة (كارلسون) (621.1979:1978» 000 فالفروق المللاحظة يعد الولادة 
تلاشت بعد ستة أسابيع. 


وفى دراسة أخرى تبين أن الصلات الجسدية الإضافية بعد الولادة 


7 


الأمومة 


تؤثر في تكرار الحديث وسلوك الملامسة الموجه إلى الطفل خلال الأيام 
الخمس الأولىء وبعدها تقل أهمية هذا التأثير (51100ء1983,8161-55). إنه 
لمن التسرع الشديد القول بالتأثير الدائم للصلات الجسدية (الملامسة) 
«الإضافية» يعد الولادة-فى علاقات الأم والطفل. فاعتبار هده المرحلة 
مرحلة حرجة في علاقات الطرفين ينطوي على بعض المبالغة. فبالرغم من 
التأثير المباشر للاتصال الجسدي في تنمية نظام الروابط بين الطفل والأم 
إلا أن هذا النظام على درجة كبيرة من المرونة. فإحضار الصغير بعد 
الانفصال؛ يضمن تطور تعلق قوي عند الأم نحو طفلها. 

إن الفكرة القائلة بأن سلوك العضوية في المستقبل سيتحدد من خلال 
فالزعم بأن مستقبل علاقة الأم بطفلها يمكن أن يستشف من خلال معرفة 
الحوادث التي جرت خلال الساعات الأولى التي تلت الولادة. هذا الزعم 
يتعارض مع نموذج علاقة الأم بالطفل الذي تبلور في السنوات الأخيرة. 

فيجب النظر إلى علاقة الأم بالطفل كنظام مفتوح يتفاعل داخله الطفل 
والأم. ويتأثر تدريجيا الواحد بسلوك الآخرء مع الأخذ بعين الاعتبار التأثير 
الخارجي في هذا النظام. 


أهمية العلاقات الأولى في حياة الطفل 

ما هو مدى تأثير طريقة التعامل مع الطفل في المراحل الأولى من 
العمرة إن المفهوم المتضمن تأثير الأهل العميق على الطفل في السنوات 
الأولى. وامتداد هذا التأثير مدى الحياة؛ لا يزال مفهوما واسع الانتشار. 
لقد عبر واطسون (9730500,1952) عن هذا المفهوم في شيء من التطرف إذ 
زعم بأنه يستطيع أن يجعل من اثنى عشر طفلا أطباء أو محامين؛ فنانين 
أو تجاراء شحاذين أو لصوصا وذلك بتحديد وتغيير شروط الملحيط. بغكضص 
النظر عن مدى عبقرية وقدرة هؤلاء الأطفال. 

إنه من الصعب-في وقتنا الحالي-الاقتناع بدقة تحديد خصائص الأطفال 
على الشكل الذي يراه واطسون. إلا أن معظم النظريات المعاصرة تتفق على 
أن أصول الجنوح والانحراف ترجع إلى السنوات الأولى من حياة الطفل. ولا 
بد من الاعتراف بأن الاعتقاد السائد عند الأهل وعند الكثير من المختصين 


12 


سلوك الأمومه عند الرئيسات 


ينطوي على التأثير التكويني الدائم للاتصالات الأولى للطفل مع المحيط. 
بالرغم من ذلك يرى (شافر ا198) بأن هذا المفهوم يستند إلى الاعتقاد لا إلى 
الوقائع؛ لأن التطور البشري أكثر تعقيدا مما يحسبه المدافعون عن هذا 
المفهوم ولا يمكن تحديده على هذه الدرجة من الجمود . إن المعارف المعاصرة 
تشير إلى أن التجارب المعزولة لا تترك آثارا دائمة مهما كانت قوتها . فلحسن 
الحظ يمكن للتربية أن تؤثر وتعدل في شخصية الطفل وسلوكه؛ بالرغم من 
تعرضه لتجارب سلبية مؤلمة إذ يمكن التدخل للتخفيف من آثر هذه التجارب؛ 
فالاعتقاد بأن الشخصية قد تثبتت؛ بشكل نهائي لا عودة فيه؛ في السنوات 
الأولى: يلغي دور التربية وتأثيرها في تطور الطفل. وهذا يعني أيضا أن 
الطفل الذي تجاوز سنواته الأولى دون مشكلات لن يتعرض للخطر فيما بعد 
مهما كانت التجارب التي سيتعرض لها قاسية ومهما كانت شروط المحيط؛ 
لأن دعائم شخصيته قد ثبتت» «وتحصن» لمواجهة مشكلات المستقبل. 

إن المبالغة في تأثير التجارب الأولى ينطوي على خطر مؤكد,؛ ويؤدي 
إلى التقليل من أهمية التجارب اللاحقة في التأثير في نمو الطفل وتطوره. 

إن الجهود المبذولة لمساعدة أطفال الأوساط المحرومة أثبتت هذا 
الخطر. فتزويد هؤلاء الأطفال بجرعة من التعلم المناسب قبل المرحلة 
المدرسية (لفترة محدودة فقط) بقصد تعويض ما قاتهم من نمو إدراكي كان 
مخيبا للآمال. فسرعان ما تبين اضمحلال هذه الجرعة وعدم تأثيرها مما 
يثبت بآن تركيز الاهتمام على مرحلة محددة دون غيرها وعلى تجارب 
معزولة لا يؤدي إلى نتيجة تذكر. 

فالتدخل يجب أن يتم بشكل متواصل ويندمج بكامل حياة الفرد كي 
يعطي النتائج المرجوة. 


استمرارية التطور 

إن الاعتساد باممية التجارن الأرتى ش كرون شخصيية الفا رش 
[لفمعووم اللواندل الحريوة اشام القمو ويدعرض مرانفل كيك مين السطون 
عند الطفلء يكون خلالها شديد الحساسية والتأثر. لقد تأثر ذلك إلى حد 
كبير بمفهوم «الانطباع»(عمتمقصمصة) عند العصافير الذي سبقت منافشته. 
ولكن بعض البحوث أوضحت أن «المرحلة الحرجة» ليست ثايتة الحدود, إذ 


13 


الأمومة 


يمكن توسيعها وتعديلها حسب التجارب التي تتعرض لها الحيوانات. 
بالإضافة إلى ذلك يتعرض مفهوم «المرحلة الحرجة» إلى انتقاد واسع عندما 
يتعلق الأمر بالتطور البشري. فمن المؤكد أن الفرد أكثر حساسية؛ في بعض 
المراحل من تطورهء لنوع معين من المؤثرات. إلا أنه من الصعب عزل هذه 
المؤثرات أتناء تطور الطفل. فالمؤثرات المحددة لا تصل وحدهاء بل تندرج 
في إطار متصل ضمن شبكة متداخلة من التأثير المتبادل. 

إن الطفل الذي يفقد والده مثلا يتعرض إلى جملة متداخلة من المؤثرات 
يصعب فصل الواحد عن الآخر. فهذا الحدث يؤثر أيضا في حياة الأم مما 
ينعكس بدوره على علاقتها بالطفل؛ ومن الممكن أن يترافق ذلك بصعوبات 
اقتصادية تدقع الآم للعمل خارج المنزل: وربما للبحث عن سكن أقل كلفة 
وتبنى طريقة مختلفة عن السابق فى الحياة اليومية. فمن الخطأ الاعتقاد 
بأن المشكلة التى يعانى منها الطفل تتعلق بنقطة محددة هى فقدانه لأبيه, 
فهذا اتحوك ذانه يدتبن حلقة فى اسل لويلة. إذن يهب الأنقن بعين 
الاعتبار الحوادث المتعددة التي تبعت ذلك والتي يمكن أن يستمر تأثيرها 
طيلة سنوات. وفي دراسة أجريت في إحدى دور الحضانة في لبنان حيث 
يتضمن نظام التعامل مع الصغار القليل من الاهتمام من قبل الكبار إذ 
يترك الأطفال في السرير طيلة النهار. ويندر وجود الألعاب المناسبة في دار 
الحضانة. لقد تعرض هؤلاء الأطفال نتيجة لذلك لقصور شديد فى معدل 
الذكاء الذي كان في نهاية الستة الأرلى أقل سج التخدف بالمشازنه مع الأطفال 
العاديين. وبالرغم من ذلك لقد تمكن بعضهم من التعويض في فترة لاحقة 
عندما تم تبنيهم؛ إذ أصبح معدل ذكائهم 85 وارتفع إلى 96 عند الأطفال 
الذين تم تبنيهم قبل الثانية من العمر. أما بالنسبة للأطفال الذين بقوا في 
دار الحضانة حتى عمر السادسة:؛ تم نقلهم فيما بعد إلى مؤسستين مختلفتين 
واحدة للذكور وثانية للاناث حيث كانت هذه الأخيرة استمرارا لدار الحضانة: 
يسودها نظام قاصر وضحل. لقد اتضح أن مستوى الذكاء عند الفتيات بين 
عمر 12 و ١3‏ سنة هو 54. أي أن الفتيات احتفظن بالقصور طيلة مرحلة 
الطفولة (515,1973هه2). أما المؤسسة الخاصة بالذكور فيسودها نظام مغاير 
إذ تقدم بعض التسهيلات في مجال اللعبء وتوفر المواد التربوية والرحلات 
الخارجية ويكون الأطفال أكثر عرضة للمؤثرات. فلقد ارتفع مستوى الذكاء 


1 4 


سلوك الأمومه عند الرئيسات 


عند «هؤلاء الأطفال إلى 80. وبذلك أمكنهم التعويض بالمقارنة مع ما كان 
عليه الحال في نهاية السنة الآولى. 

تبين هذه الدراسة أنه بالرغم من الحرمان الاجتماعي والفكري خلال 
الطفولة الأولى تمكن الأطفال -المتبنون وكذلك الذكور الموضوعون في 
مؤسسة غنية بالمؤثرات - من التعويض في مراحل لاحقة عندما تغيرت 
شروط المحيط في مجملها. فنتيجة الحرمان المبكر لم تكن غير قابلة 
للرجعة في المراحل اللاحقة. 

لقد أكد باحثون آخرون نتائج الدراسة السابقة. خاصة دراسة كاجان ,وكلاين 
(عنهطط5 هذ ,دزءلء! همه صدوة1) التي أشارت إلى أن التأخر والقصور في السنة 
الأولى أو الثانية يمكن تعويضه؛ وأن التجارب الأولى بالرغم من شدة وطأتها 
في المرحلة نفسها لا تؤدي إلى نماذج سلوكية ثابتة وغير قابلة للتغيير. 

إن البحث العلمي الحديث يتجه لمعالجة التأثير المباشر لمختلف الحوادث 
التي يعيشها الطفل؛ وأثر العلاقات المختلفة في وسطه الاجتماعي: وخاصة 
طبيعة علاقته بالأم. في تطور شخصيته؛ ونموهاء دون اللجوء للربط بين 
حوادث الطفولة وطبيعة الشخصية عند الكبير. إنه لمن المجدي أثناء دراسة 
العلاقة بين الطفل والأم: تركيز الاهتمام على تأثير كل منهما على الآخر, 
قبل محاولة تحديد الروابط بين تجربة الطفل الرضيع وبين سلوك الرجل 
البالغ. 


15 


الأمومة وسلوك التغدية 


تغذية الطفل 

شهدت الأبحاث المتعلقة فى مسألة تغذية الطفل 
تزايدا كبيرا . وساهمت هذه الأبيحاك فى اتساع 
معارفنا عن طبيعة العناصر المختلفة وتركيبها 
البيوكيماوي وقيمتها الغذائية بالنسبة للصغيرء 
وساهم ذلك مساهمة كبيرة في تحسين شروط 
التغذية, وفي توفير النمو المناسب للطفلء إلا أن 
وفك اجات تخرص إلى ايت باليضم من 
التقدم الهائل في صناعة الحليب والأغذية الخاصة 
بالأطفال يبقى لبن الأم أفضل ما يمكن توفيره 
للطفل وأكثر غنى في تركيبه وفي ملاءمته للطفل 
خاصة في الأشهر الآولى. فحليب الأم لا يفوق في 
قيمته الغذائية الحليب الاصطناعي فحسب:؛ بل 
يمكن الطفل من اكتساب المناعة ضد العديد من 
أمراض الطفولة. 

إن إرضاع الصغير يعني قبل كل شيء مسألة 
علاقة بين الآم والطفل؛ ويعني تجسيد المحبة التي 
تكنها الأم لطفلها ووضع هذه المحبة موضع التطبيق. 
وكل ما يشاع من أن إرضاع الطفل قد يضعف الآم 
جسديا ويشوّه صدرهاء لا يستند إلى أساس من 
الصحة. بل على العكسء فالإرضاع يزيدها نضارة: 


717 


الأمومة 


وإشراقا. فإعطاء الثدي للوليد يعزز شعور الأم بالنجاح والتحقق ويكمل 
دورها كأم ويبعث في نفسها السعادة والحيور. ويشعرها يراحة الضميرء 
وهذا ينعكس على وضعها الجسدي وتوازنها النفسي. 

فالآم المرضع يجب أن تدرك أن إعطاء الثدي في الأشهر الأولى يعتبر 
على قدر كبير من الفائدة بالنسبة للطفل وبالنسبة لها أيضاء إذ يلعب دورا 
هاما في تدعيم العلاقات العاطفية بين الاثنين» ويساهم في انطلاقة جيدة 
بالنسبة لهما. فالوضع المتمثل بأخذ الطفل بحنوء وإعطائه الثدي يعتبر 
مصدر رضى وسرور جسدي وروحي بالنسبة للأم والطفل معا. 

إن حليب كل نوع من الآنواع يتلاءم ونمو صغار هذا النوع. فحليب الآم 
هو أكثر مناسبة للطفلء إذ تتناسب مركباته وحاجات الطفل خاصة فى 
الأشهر الأولى. فمحتويات حليب الأم من مواد دهنية وسكرية وأملاح معدنية 
وفيتامينات.. تتلاءم تماما وعضوية الطفل؛ وتضعه في مأمن من اضطرابات 
عسر الهضم. لأنه يتضمن عناصر سهلة للهضم ومساعدة في الدفاع عن 
العضوية ضد الأمراض ال مختلفة التي تهدد الطفلء لذا يعتبر حليب الأم 
أكثر طزاجة وأطيب مذاقا وأقل كلفة من كل أنواع الحليب. 

بالإضافة إلى ما سبق يعتبر اللبن رابطة فيزيولجية محسوسة بين الطفل 
والأم وامتدادا لحبل الولادة. فعلاقة الطفل بالثدي تحل محل علاقته بحبل 
الولادة. وخلال المراحل المختلفة من الحياة البشرية كان الإرضاع بواسطة 
الثدي يمثل الطريقة الحيوية في تغذية الصغار. إذ كان في ذلك الإمكانية 
الوحيدة التي تسمح للطفل بالبقاء. لذا فان قابلية الأم لتغذية طفلها متأصلة 
جداء وقديما كان من أصعب الأشياء على الأم آل يكون لديها الحليب 
الكافى لتغذية صغيرها. 

بالإضافة إلى الدور الحيوي للرضاعة في التغذية؛ فهي تأخن الكثير 
من المعاني الرمزية؛ وتتشكل حولها جملة من الطقوس والمعتقدات ومنها ما 
يشير إلى أن الخصائص الوراثية غير مكتملة عند الطفل بعد الولادة». ومع 
الحليب يمكن أن ينتقل إلى الطفل شيء ما من خصائص الأم.: لأن نقل 
الخصائص لا يكم مقط عن طريق «الدم» ف عن طريق «الحليب». 

ومن هنا تأخن المرضعة أهمية خاصة فى الثقافة العربية؛ فالأمومة لا 
تقتصر على الحمل والولادة بل تستمر أثناء الرضاعة. إذ تعتبر الأم المرضعة 


718 


الأمومه وسلوك التغذيه 


بنفس الدرجة كالأم الوالدة. حتى أصبحت الرضاعة في ترتيب الاخوة 
الحقيقية إذ تحرم أكثر المذاهب الإسلامية زواج الأخوين في الرضاع. ومن 
خلال الأمثال الشعبية يمكن إدراك أهمية حليب الأم وعلاقة ذلك بالقوة 
الجسدية لرجل المستقبل «فالبطل المنقنذ» من يرفض الظلم ويقيم العدالة 
يصفه الناس بأنه قد سبق له أن «شبع من حليب أمه». 


الإرضاع الاصطناعيى 
إن إرضاع الطفل منذ ملايين السنين بواسطة الثدي حتمته ضرورة 
الحفاظ على بقاء النوع البشري. أما الآن فتلك الضرورة لم تعد ضرورة إذ 
تمكنت الصناعة من إيجاد البديل. ليس الهدف من هذا البحث إشعار 
الأمهات بالذنب وبالتقصير نتيجة عدم إرضاع أطفالهن. فمن حق الأم 
حرية الاختيار. ويجب أن يُحترم قرارها في إتباع الطريقة التي تراها 
مناسبة لتغذية طفلها. إلا أن الأم الشابة تجهل-في معظم الأحيان الجوانب 
الإيجابية أو السلبية لكلا الطريقتين الطبيعية والصناعية في تغذية الطفل؛ 
وغالبا ما يتخن القرار بالاستناد لأسباب ثانوية أل التسيصة لاضن غير 
مؤهلين لإسداء النصح في هذا الميدان. غلا بد من اطلاع الأمهات على 
نتائج البحث المتعلقة بتغذية الطفل كي يتخذ القرار بالاستناد إلى معرفة 
دقيقة بمختلف جوانب الموضوع. إلا أن ذلك ليس بالأمر السهلء؛ فتعميم 
النتائج المستقاة من المجتمعات الصناعية ينطوي على بعض المخاطرء لأن 
ظروف الحياة الاجتماعية والاقتصادية تختلف عنها في العالم الثالث. 
فمثلا لقد انتشرت التغذية الصناعية فى المجتمعات المتطورة دون أن تترافق 
بالأخطان زلا الامو مغاير لدف البلياق الناسية: إدعسن الزجاجة 
المرضعة سلاحا مميتا لنسبة عالية 8 الأطفال وذلك للأسباب التالية: 
-١‏ إن انخفاض الدخل في بلدان العالم الثالث يجعل من سعر الحليب بالنسبة 
لموازنة الأسرة؛ عبئًا كبيراء فالتغذية اليومية لطفل في عمر ستة أشهر في 
الولايات المتحدة الأمريكية يمثل 63 من أجر العامل في مصر و 58 ضفي 
أفغانستان. إن هذا العبء المادي يدفع الأمهات إلى تخفيض المقادير المصطلح 
عليها بقصد التوفير مما يؤدي إلى نق ص كبير في المواد الغذائية اللازمة للطفل. 
2 إن اسشفورء الجاع الرسية باع إلى الشقيي التدكية عضن 


70 


الأمومة 


الشروط الصحية كالنظافة وتطهير الزجاجة بانتظام بواسطة الغلي. وليس 
ذلك دوما بالأمر اليسير فى البلدان النامية؛ مما يجعل الزجاجة مصدرا 
للميكرويات والأمراط». " 

3- إن توفر الإمكانات الطبية في البلدان المتطورة يسمح بمعالجة الكثير 
من أمراض الطفولة الناجمة عن نقص المناعة التي يوفرها حليب الأم. 
بينما لا تسمح هذه الإمكانات بذلك في الدول النامية. 

4- إن فضائح شركة نستلة في السنوات الأخيرة قدمت مثلا صارخا 
على أن الكثير من الشركات العالمية لا تتردد في أن تطرح في أسواق العالم 
الثالث أنواعا رديئة من الحليب وأحيانا فاسدة وفاقدة الصلاحية. فالعديد 
من الشركات اللاهثة وراء الربح لا تكترث بصحة الأطفال خاصة في 
البلدان النامية. لقد بين أحد الأآبحاث بأن بعض هذه الشركات تمكنت 
حتى من اختراق القائمين على الخدمات الطبية. ففي بعض دور الولادة 
تعطى الأم بعض العقاقير لوقف الإدرار دون أن يؤخذ رأيها ودون أن تعلم 
بذلك (55 .م,1980,معنذان1). إن الأسباب الآنفة الذكر حملت منظمة الصحة 
العالمية على تبنى التغذية الطبيعية للأطفال. وخاصة فى البلدان النامية, 
وأوصت بعدم اللجوء إلى التغذية الصناعية إل ضي العالا» امس * الخاصة 
وبعد مراقبة طبية. 

يجب إعلام الأم مبكرا أثناء الحمل وإطلاعها على طريقة تغذية الطفل 
لأن ذلك يحتاج إلى وقت من التحضير النفسيء: فلقد لوحظ مؤخرا في 
البلدان الصناعية تصاعد نسبة الأمهات اللواتي يرضعن بواسطة الثدي 
في الأوساط المتعلمة مما يوضح أهمية توعية الأم في هذا الميدان. 

يجب ألا نفهم مما تقدم رفض التغذية الاصطناعية رفضا أعمى. 
فالزجاجة المرضعة لا بد منها عندما يتعذر على الآم إرضاع طفلها لآسباب 
صحية؛ أو عندما لا يكفي حليبهاء فلا بد من تدعيم الرضاعة الطبيعية 
بواسطة الزجاجة. وبعد عمر (4 - 6) أشهر يجب البدء بإدخال عناصر 
جديدة في تغذية الطفل حيث يصبح حليب الأم غير كاف ليحقق النمو 
المناسب. وهناك من يرى أن الرضاعة الطبيعية يجب آلآ تتجاوز مدة ستة 
أشهر (المرجع السابق)؛ يتوجب بعدها إدخال عناصر غذائية متنوعة تضمن 
للطفل نموا مناسبا في مختلف مراحل تطوره. 


الأمومه وسلوك التغذيه 


الإرضاع الطبيعي 

إن صحة المولود الجديد» وكثلك الطفل الصفين تتطاب هنية صعية 
وحماية ضد الالتهابات والهجمات الميكروبية. لقد قامت الأم المرضعة بتوفير 
ذلك عبر قرون طويلة. إل أن إرضاع الصغير البشري-وعلى عكس الكثير 
من القدييات يعقير جوءا من السلوك المتعقم هتد المراة لذا فهو يشاكر 
بالوسط الاجتماعي وبطريقة تحضير أم المستقبل: وإعلامها بكل ما يتعلق 
بتغذية الطفل. ويتأثر سلوك الأم بتشجيع المجتمع ومساعدته لها ونظرة 
الوسط الاجتماعي لدور الرضاعة والطرق البديلة التي يقدمها هذا الوسط 
لتدعيم الإرضاع الطبيعي أو لتحل محله. إن وجود البديل للارضاع الطبيعي 
لم يكن ممكنا قبل بداية هذا القرن. فلقد كان الإرضاع بواسطة الثدي 
عنصرا أساسيا في عملية الإنجاب والمحافظة على النوع البشريء فالمحاولات 
الأولى في إيجاد البديل لثدي الأم أدت إلى نتائج سلبية وغير مشجعة. أما 
بعد الحرب العالمية الثانية فقد بدأت نسبة الإرضاع الطبيعي تنخفض 
بالتدريج نتيجة للتقدم التقني في صناعة الحليب ونتيجة لعمل المرأة. خارج 
المنزل على نطاق واسع. لقد ورد في دراسة منظمة الصحة العالمية أن 
الإرضاع الاصطناعي يتزايد باستمرار في بلدان العالم الثالث خاصة في 
الأوستاط الاجتمافية المبسورة واللثقفة :على عكس :ما :هو التحال فى الدول 
المعافية قينا كسمن :20 إلى 1138 مق الأبيات يستحدمن الإرضاء بواسظة 
الزجاجة منذ الولادة في مدن غواتيمالا والفيليبين. بينما تبقى هذه النسبة 
منخفضة فى الأوساط الريفية. وتجدر الإشارة إلى أنه فى السويد وهنغاريا- 
حيث نكل السلطات إعرااستحديية الأزرشاء لطبي خيقى تبدية هذا 
الإرضاع عند مختلف الفئات الاجتماعية أعلى منها بالمقارنة مع الفكات 
الاجتماعية التي تقطن المدن في الفيليبين وغواتيمالا. وتشير هذه النتائج إلى 
أن الإرضاع الطبيعي لا يتعارض مع التنظيم المدني الحديث المتوافق مع توعية 
جدية في هذا المجال. 


الجوانب الا يجابية والسلبية للرضاعة الطبيعية 


يعتبر حليب الأم من حيث تركيبه أفضل من الحليب الاصطناعي حيث 
يهيىّ الشروط المثلى لنمو النسيج الدماغي وللوقاية من العديد من أمراض 


الأمومة 


الطفولة ومن السمنة. كما أن مخاطر الالتهابات والتلوث بالميكروبات تقل في 
حالة الإرضاع الطبيعي بالمقارنة مع الرضاعة الاصطناعية. لقد تأكدت هذه 
المزايا في أبحاث حديثة نسبيا ولكن الفروق لم تكن دائما ذات دلالة قوية. 

آما من الناحية النفسية فإن الفرق بين الطريقتين لم يتوضح بشكل 
قاطع حتى الآن. إلآ أنه أصبح من المسلم به بأن التلامس الجسدي بين الأم 
وطفلها-والتي تفرضها الرضاعة الطبيعية-يمكن أن يؤثر تآثيرا هاما ضفي 
تطور العلاقة بينهما فيما بعد. 

أما سلبيات الإرضاع الطبيعي فأهمها أنه يستوجب حضور الأم في كل رضعة. 


العوامل المؤشرة في الارضاع الطبيعي 

من أهم العوامل المؤثرة في الإرضاع الطبيعي والمساعدة في اتباعه هو 
الوقت الفاصل بين الولادة والرضعة الأولى. فالأمهات اللواتي بدأن بالإرضاع 
خلال إلى ١2‏ ساعة التي تلي الولادة يتزايد عندهن تكرار الإرضاع ومدته 
بالمقارنة مع الأمهات اللواتي بدأن ذلك بعد مضي ١2‏ ساعة على الولادة. 

بالإضافة إلى ذلك فمان إبقاء المولود في غرفة الأم يترابط مع تزايد 
في تكرار الإرضاع ومدته. فحضور الصغير يعتبر بمثابة المؤؤّثر الذي ينشط 
الإدرار ويسهل عمل الغدد. 

ويترافق إعطاء الثدي حسب طلب المولود عند إعلانه الجوع مع إدرار 
أغزر ومع مص أقوى من قبل الرضيع. فالأمهات اللواتي يعطين الثدي عند 
الطلب يتابعن الإرضاع مدة زمنية أطول من اللواتي يعطينه في ساعات محددة. 

وتجدر الإشارة إلى أن خصائص أسرة الأم قد تؤثر في الإرضاع ويشاع 
أن الأمهات اللواتي ينتسبن إلى أسرة كبيرة العدد يمكن أن يعطين الثدي 
بنسبة أكبر من اللواتي ينتسبن إلى أسر صغيرة. إلا أن نتائج البحث لم 
تؤكد هذا القول الذي يستند إلى الفكرة القائلة بأن المرأة التي تعيش في 
وسط عائلي محدود العدد تفتقد الدعم والتشجيع الذي يساعدها على 
تحضير نفسها لمهمة الإرضاع. ويمكن تحديد بعض العوامل الأخرى التي 
تؤثر في طريقة الإرضاع: 
-١‏ المستوى التريوي: 

إن النتائج المتعلقة بالمستوى الثقافي-التربوي للأم تختلف حسب بلد 


الأمومه وسلوك التغذيه 


الدراسة. ففي البلدان الصناعية (السويدء بريطانياء الولايات المتحدة 
الأميريكية) يرتبط المستوى التربوي بشكل إيجابي مع الإرضاع الطبيعي؛ 
حيث ترتفع نسبة الإرضاع مع ارتفاع المستوى الثقافي-التربوي للأمهات. 
بينما يكون الأمر معكوسا في البلدان النامية إذ تقل نسبة المرضعات في 
الأوساط المتعلمة. توضح هذه الظاهرة أن الأنظمة التربوية في البلدان 
الصناعية تأخن بعين الاعتبار الأهداف الصحية؛ وتسهم في إعداد الفرد 
إعدادا مناسبا بينما لا يؤخذ ذلك مأخن الجد في البلدان النامية. 
2- عمر الأم وترتيب الطفل بالنسبة للأخوة والأخوات: 

إنه من المعتقد بآن فعالية الإدرار تكتمل-كفيرها من الجوانب المتعلقة 
بالإنجاب-قبل عمر العشرين سنة؛ وتطرح المشكلة بصورة حادة إذا علمنا 
بأن نسبة (72“) من الولادات الأولى في بعض بلدان العالم الثالث تحدث 
قبل أن تبلغ الأم الثامنة عشرة من العمر حيث ترتبط هذه المشكلة-إلى حد 
بعيد-بوضع المرأة الثقافي والاجتماعي (التنير 1983). إن الآأبحاث التي 
تناولت هذه المشكلة تقتصر على المجتمعات الصناعية دون غيرها. ونحن لا 
نعرف الآثار المترتبة على الإنجاب المبكر. فما يسمى في الغرب بمشكلة 
أمومة المراهقات تختلف عن مشكلة الإنجاب البكرس مجحبماظا. إل أن 
القاعدة المشتركة لهذه الظاهرة هي عدم نضج الأم وعدم قدرتها على ممارسة 
أمومتها وتحمل مسؤولية مولود جديد وتربيته وإعداده بطريقة مناسبة. 

تقوم القابلة (الداية) المحلية بدور هام في ميدان الرضاعة الطبيعية, 
فهي تشرف على الولادة وتعمل على عزل الآم والطفل معا لمدة تتراوح بين 
2١‏ إلى 40 يوما تلجأ خلالها الآم مع طفلها إلى الراحة والسكينة مما يوفر 
لهما فرصة التفاعل معاء وتقوم القابلة خلال هذه الفترة بزيارة الأم يومياء 
وتشرف على العناية بالطفل وتقوم بمساعدة الآم. وتكون الداية مصدرا 
للثقة والطمأنينة بالنسبة للأم الشابة قليلة الخبرة فهي تساعدها على 
المضي قدما بدورها الأمومي. وخاصة في تأسيس الرضاعة وإنجاحها 
(المصدر السايق). 

إلآ أن الأم-في حالة الإنجاب المبكر-غالبا ما تكون منفعلة لا فاعله. 
تعتمد إلى حد كبير على ذوات الخبرة والتجربة ممن يحطن بها. وهذا ما 
يترك بعض الآثار السلبية؛ وينعكس على أمومتهاء فهي تميل إلى تقليد 


الأمومة 


بعض أنماط السلوك الثابتة غير الملائمة عند تعاملها مع الصغيرء إن هذه 
المشكلة تستلزم جهودا كبيرة على الصعيدين التربوي والتشريعي, وذلك 
بتوعية الناشئة للجوانب السلبية للزواج والإنجاب المبكرين؛ وسن التشريعات 
والقوانين التي تحدد سن الزواج بعد بلوغ الثامنة عشرة على الأقل. 

إن الإرضاع الطبيعي للطفل الأول على درجة بالغة من الأهمية لأن 
احتمال الإرضاع يكون قويا جدا لدى الأم التي أرضعت طفلا سابقا 
(10,1980لدطعة6): ويقل هذا الاحتمال عند الأم التي لم ترضع طفلها السابق. 
فالتجربة ضرورية قبل الوصول إلى قمة الأداء. غالأم التي لا ترضع طفلها 
الأول يندر أن ترضع الأطفال الآخرين. 
3- المستوى الاقتصادي الاجتماعي: 

من المؤسف بأننا لا نملك إحصاءات عن العالم العربي تتعلق بطرق 
تغذية الطفل. ونخشى أن يكون الأمر مشابها لما هو عليه الحال في بعض 
بلدان العالم الثالث حيث ترتفع نسبة الإرضاع الاصطناعي في الأوساط 
الاجتماعية الميسورة في الفيلبين وغواتيمالا وأثيوبيا مثلا. وترتفع هذه 
النسبة كذلك عند الأمهات اللواتي يلدن في المستشفى أو في دار التوليد 
بالمقارنة مع الأمهات اللواتي يلدن في المنزل. 

ويعتقد بأن انتشار الطرق الاصطناعية يعبر عن الانتماء الاجتماعي 
وعلى القدرة المالية التي تسمح «بالتمدّن» واستهلاك المواد الصناعية المستوردة 
وبالتالي «الارتقاء» في السلم الاجتماعي الاقتصادي. 
4 - الإعلام والضغط الدعائي: 

إننا نعيش في عصر الإعلام الذي يغزو أدمغة البشر صغارا وكبارا 
صباحا ومساء. وكل منا يعرف كيف تقدم الدعاية أغذية الأطفال بطرق 
جذابة. وكيف تربط بين صورة الطفل الجميل ذي الحيوية والنشاط وبين 
هذا النوع أو ذاك من الحليب المصنع. فالدعاية تشحن الرغبة للاستهلاك: 
وتحمل المرء على تغيير سلوكه لأسباب غير موضوعية. وتقوم الشركات 
المنتجة بتقديم نماذج «مجانية» من منتجاتها لدور الولادة. فتبدأ الأم باستعمال 
شرائه فيما بعد ويصعب على الأم الشابة أن تقاوم وسائل الضغط الإعلامي 
المتنوعة فى غياب التوعية القائمة على المعرفة الحقيقية بطرق تغذية الطفل. 


84 


الأمومه وسلوك التغذيه 


5 - إخفاق الأم في إرضاع طفلها بشكل كاف: 

لقد بينت إحدى الدراسات أن 43 من الأمهات اللواتي يخترن إرضاع 
الطفل بواسطة الثدي يتوقفن عن ذلك قبل عمر )١15(‏ يوما وذلك بسبب 
الفشل في تغذية الصغير كما أثبتت ذلك فرانسواز جوليان (ء5زمءصة:1980,5 
116نال) . وترى هذه الباحثة أن أسباب الفشل تعود إلى أن دور الولادة بالرغم 
من فعاليتها من الناحية التقنية وتجهيزها بأحدث الوسائل والإمكانات: 
تفتقر إلى معرفة دقيقة بالعوامل المؤثرة في سلوك الأمومة؛ ففصل الطفل 
عن الأم بعد الولادة وعزل الصغير ومنع الأم من لمسه يؤثر في الإدرار وضي 
انتظام عملية الرضاعة الطبيعية وخاصة في الأيام الأولى بعد الولادة. 

إن عزل الصغير بقصد حمايته من الميكروبات يجب أن لا يؤدي إلى منع 
التبادل بين الطفل والأم وبالتالي إلى عرقلة الرضاعة الطبيعية. 

لقد تمكنت هذه الباحثة من جمع الكثير من الشهادات من أمهات يرغبن 
في إرضاع أطفالهن. إلآ أن جهل القائمين على دور الولادة بأهمية هذه 
المسألة أدى إلى تعطيل هذا الدور. فالكثير من المواقف الجامدة: والكثير 
من النصائح المغلوطة تأخذها الأم وكأنها حقيقة وذلك لصدورها عمن 
يرتدي الثوب الأبيض ثوب «الطب والعلم». 

إن تدارك المشكلة يجب أن يستند إلى سياسة تسهل على الأم المرضع 
القيام بمهمتهاء وذلك عن طريق تربية الكوادر القادرة على مساعدة الأم, 
وإعادة النظر في تأهيل الكوادر الصحية بحيث تستوعب أبعاد المشكلة 
وأهميتها. ولا بد من سن التشريعات والقوانين التي تمكن الأم من التفرغ 
لآأمومتها لمدة لا تقل عن ستة أشهر. إن فى تجرية السويد مثلا يجب أخذه 
بعين الاعتبار إذ تصل نسبة الأمهات اللوضعات إلى (794). ويعود الفضل 
في هذه النسبة المرتفعة إلى البرنامج المكثف الذي وضعته ونفذته السلطات 
السويدية فى توعية كافة القطاعات العاملة فى الصحة والتربية والشؤون 
الاحتساعية حول اعمية الرضاغة الطنيعية ' 

وفي دراسة أخرى ل سنو (1979 ,6621 500) تبين أثر تشجيع القائمين 
على دور التوليد للأم في مدة الرضاعة الطبيعية. فالأمهات الإنجليزيات 
يرضعن مدة أطول من الأمهات الألمانيات ويعزى ذلك إلى أن دور التوليد 
الإنجليزية تشجع الرضاعة الطبيعية وهذا ما يفسر رغبة الأمهات في 


الأمومة 


الإرضاع لمدة ستة أشهر. بيئما للا تتجاوز هذه المدة عدة أسابيع بالنسبية 
للأمهات الألمانيات حيث لا تشجع دور التوليد مسألة الرضاعة الطبيعية. 


فيزيولوجية الرضاعة 
-١‏ إفراز الحليب: 

إن الثدي هو غدة تفرز الحليب وعضلة قابلة للدفع نحو الخارج في آن 
واحد . وتعتمد بداية إفراز الحليب على سياق هرموني لا يخطئء إذ يحدث 
هذا الإفراز تحت تأثير البرولاكتين! (عمناءدامءط). وجميع النساء يفرزن 
الحليب بعد الولادة. ولكي يحصل صعود الحليب بشكل مناسب لا بد من 
وضع الطفل على الثدي. وحدوث ذلك يرتبط-إلى حد بعيد-بحضور الطفل 
وبحاجته للرضاعة,؛ وفعالية رضعاته وقوتها. إن علامات الرضى التي 
تلاحظها الأم عند الطفل أتناء الرضاعة تشجع إفراز المزيد من الحليب. 
ويترتب على الأم أن تتخذ المبادرة وتبدأ الخطوة الأولى لتهييّ نفسها 
وصغيرها للرضاعة. وذلك على عكس الأمر عند الكثير من الكاتنات الأخرى 
حيث يقوم الصغير بالبحث عن الحلمة مستعينا بالرائحة للوصول الموفق 
إلى الهدفء فالرضاعة الناجحة تستلزم أن يتمكن الصغير من أن يجد 
الثدي ويمصه بعد الولادة مباشرة ويكون ذلك ممكنا عندما تتقبله الأم 
وتوفر له الفرصة لذلك. وكلما وضع الطفل مبكرا على الثدي كلما ساعد 
ذلك في صعود الحليب وانتظام عملية الرضاعة. بالإضافة إلى ذلك فإن 
للرضعات الأولى أهمية خاصة لكون الحليب بعد الولادة يحتوى على نسبة 
عالية من الكولوستروم (دتنتا00105)؛ ويكون حليب الأم المصدر الوحيد لذلك» 
وهو ذو أهمية خاصة لإحتوائه على كميات كبيرة من المركبات (6.8.") التي 
تساعد على تقوية الأمعاء وتحصينها . وفى غياب هذه المركبات تكون أمعاء 
الطفل كفرضية الخكراق الفبرؤسساف والميكروياكزسمنا يؤدي إلى إضايات 
عديدة وإلى ظهور أعراض الربو والأكزيما في بعض الأحيان. فالطفل لا 
يتمكن من تكوين هذه المركبات بمعزل عن حليب الأم قبل عمر خمسة أشهر 
(,1980 .ارصع ن1نة) . 

أما بالنسبة للأم فالمص المبكر للحلمات: بعد الولادة: يؤدي إلى تقلصات 


كن 


الأمومه وسلوك التغذيه 


إن استمرار إفراز الحليب في الأسابيع الأولى يعتمد على البرولاكتين 
حيث يؤدي مص حلمة الثدي إلى تنشيط الأجزاء الدماغية التي تعمل على 
إفراز البرولاكتين الذي يساهم بدوره مساهمة أساسية في استمرار الإدرار 
وغزارته. وتحدد كمية الحليب المفرزة حسب «طلب» الطفل. فدرجة جوع 
الطفل تحدد فعالية رضعاته وقوتها وهذا يؤدي بالتالي إلى دفع الأم إلى 
الإدرار. فالطفل يساهم بإنتاج غذائه بنفسه بواسطة رضاعة الثدي. فهو 
إذن يلعب دورا فاعلا في عملية إنتاج الحليب ولا بد من إرضاعه بتكرار 
وانتظام لكي يستمر الإدرار. إن ذلك يبين مدى خطورة الفصل بين الأم 
وطفلها في اضطراب آلية الإدرار. 
2 دفع الحليب: 

يدفع الثدي الحليب بشكل نشيط أثناء الرضاعة. وتتم إثارة هذه العملية 
تحت تأثير المص من قبل الطفل. إن دفع الحليب يرتبط بالعوامل النفسية 
والحسية والعاطفية التي تحيط بالآم والطفل (المصدر السابق)»: ويتعلق 
ذلك بمنعكس عصبي هرمونيء إذ تنشط المؤثرات الإيجابية إفراز هرمون 
الأوسيتوسين-6دنهه]) (063» وبالتالي دفع وضخ الحليب؛ ومن هذه المؤثرات 
رؤية الطفل وصرخاته وسلوكه المعبر عن الجوع. ولكن المؤثرات السلبية 
يمكن أن تلعب دورا معاكساء فالألم والقلق أو الخوف من عدم توفر الحليب 
يمكن أن يؤدي إلى منع منعكس الضخ.أو الدفع-عن العمل وذلك بالرغم من 
الرضاعة الفعالة للطفل. من هذا تبدو أهمية مساعدة الأم وطمأنتها حول 
قدرتها على إرضاع طفلها . فهذه النقطة غالبا ما يتم تجاهلها في المستشفيات 
الحديثة؛ وكما تقول فرانسواز جوليان (المرجع السابق) إن موقف الفريق 
الذي يشرف على العناية في دور الولادة الحديثة يتناقض مع القواعد 
الأساسية لفيزيولوجية الرضاعة. 
3- الأداء في الرضاعة: 

يرتبط مستوى الأداء في الرضاعة بشروط التغذية وبعوامل فيزيولوجية 
عديدة. ففي الأسابيع الأخيرة من الحمل تختزن المرأة كمية من الطاقة 
تعمل كاحتياطي في حالة الحرمان المفاجيّ من الغذاء. وتكون الأم المرضعة 
أقدر من الأم التي لا تغذي طفلها بالثدي على التخلص من هذا المخزون 
والعودة إلى الحالة الجسدية التي سبقت الحمل. إن الدهن المختزن يتحول 


6867 


الأمومة 


إلى طاقة في الحليب. وكذلك تحول طاقة غذاء الأم إلى حليب بكفاءة 
عالية. وهذا يفسر قدرة الأم على إرضاع طفلها وإشباعه رغم سوء التغذية 
التي قد تعاني منها. 

بالإضافة إلى ذلك تنخفض قدرة المرأة على الأداء مع التقدم في السن؛ 
ونتيجة لطول المدة الزمنية الفاصلة بين النضج عند البلوغ وقيام الغدة 
بوظيفتها بعد الولادة. كما تؤثر التجربة في الرضاعة حيث يكون الإرضاع 
في المرة الثانية والثالثة أكثر نجاحا من المرة الأولى. 
وتجدر الإشارة إلى أن الأم التي تتفاعل مع صغيرها بمرح وحبور تكون أكثر 
نجاحا في إرضاع طفلها . فالثقة بالنفس والشعور بالسرور والرضى والبيئة 
المفعمة بالتعاطف والصداقة تعزز وتشجع تطور عملية الرضاعة. 


الإخفاق في سلوك الإرضاع 

يجب أن يتم إعداد الأم للارضاع في المرحلة التي تسبق الولادة. وذلك 
بمساعدتها وإقناعها بتكوين اتجاه إيجابي نحو الرضاعة الطبيعية. ففرص 
النجاح في الإرضاع الطبيعي تتزايد عندما تكون لدى الأم رغبة حقيقية 
بذلك. حيث تبين إحدى الدراسات أن 74“ من الأمهات ذات الاتجاه الإيجابي 
نحو الرضاعة الطبيعية: يتوفر لديهن الحليب الكافي بعد خمسة أيام من 
الولادة. وذلك مقابل 35 من الأمهات اللواتى لا يمتلكن مثل هذا الاتجاه 
(التنير. ١983‏ ص .)١١8‏ وتكون هذه النسبة 26/ بين الأمهات ذوات الاتجاه 
السلبي. ويمكن أن يرجع الإخفاق في سلوك الإرضاع إلى الأسباب التالية: 

-١‏ تأخر الرضعة الأولى: من أهم الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى 
الفشل في تحققيق الإرضاع تأخر الرضعة الأولى خاصة في دور الولادة 
الحديثة حيث ينتزع الطفل من أمه بعد الولادة إذ تعتبر الأم الشابة-من قبل 
القائمين على هذه الدور-جاهلة بما يتعلق بالعناية بآمر الطفل. وغالبا ما 
تفرض عليها قواعد صارمة تتعلق بحريتها بحمل الطفل أو إرضاعه وما 
عليها إل الإذعان. إن هذا الأمر على غاية من الأهمية من الناحية النفسية, 
إذ يفقد الأم الشابة ثقتها بنفسها وقدرتها على تأمين العناية والآمن لطفلهاء 
وهذا ما يؤثر سلبا في الإرضاع. لذا يجب إعادة النظر في تأهيل القائمين 
على شؤون الولادة. فإنه من اللازم مساعدة الأم ودعمها في هذه المرحلة 


الأمومه وسلوك التغذيه 


الصعبة على الصعيدين الجسدي والنفسي. ويجب أن تسهم هذه 
المساعدة في تعزيز الثقة بالنفس والقدرة على ممارسة دورها كأم وعدم 
إشعارها بانتزاع هذا الدور. 

إن تأخير إعادة الطفل إلى أمه كي ترضعه غالبا ما يؤدي إلى اضطراب 
السياق الذي يسهل انطلاقة سلوك الإرضاع. فلقد أوضحت دراسة الدكتور 
كاربالو (0:58110,/980) بأن نسبة الإرضاع الطبيعي عند الأآمهات اللواتي 
يلدن في دور الولادة تكون منخفضة بال مقارنة مع الأمهات اللواتي يلدن في 
المنزل. فالانتظار كي تتمكن الأم من تجاوز الإرهاق الناجم عن الولادة قبل 
إعطاتها الطفل قد يلعب دورا سلبيا في سلوك الإرضاع الذي يجب تحقيقه 
في أبكر وقت ممكن بعد الولادة. 

ومن المعروف عدم وجود الحليب في الأيام الأولى التي تلي الولادة. ومن 
الخطأ القول للأم «ليس لديك حليب» فقد يؤدي ذلك إلى تلاشي سلوك 
الإرضاع الذي يعتبر في بداياته. وتتطلب الرضعة الأولى تنسيقا كاملا بين 
سلوك الأم وسلوك الطفل فالطفل لديه غريزة البحث وإيجاد حلمة الثدي 
ثم مصها في الساعة الأولى التي تلي الولادة (00651,1979). فلا بد إذن من 
تهيئة الشروط التي تسمح للأم والطفل بتحقيق ذلك. 

2- الإرضاع في ساعات محددة: لقد أشار الكثير من المختصين إلى 
سلبيات الإرضاع في ساعات ثابتة ومحددة. ففي البداية وقبل أن تتم 
عملية صعود الحليب بشكل كامل «يجب أن يكون الهدف هو تأمين إفراز 
الحليب وتنشيطه. ولتحقيق ذلك يجب عدم اتباع فاعدة جامدة. فالإغراز 
أو الإدرار يرتفع بارتفاع عدد المرات التي يوضع فيها الطفل على الثدي 
وبقدر ما يفرغ الثدي في كل رضعة . فيجب إذن إعطاء الثدي للطفل في كل 
مرة يعلن عن ذلك. ومن الأفضل أن تكون الرضعات قصيرة ويجب أن 
تتوقف عند توقف الطفل من أخذ الثدي (المصدر السابق). 

فبقدر ارتفاع الامتصاص عند الطفل يرتفع الإدرار عند الأم. فغدد 
الإدرار تستجيب لطلب الطفل وحاجته. وهذا المفهوم غير معروف حتى في 
الكثير من الأوساط الصحية العاملة في دور الولادة. فمن الواجب شرح 
هذا السياق لكل امرأة تنتظر طفلا خاصة قبل الولادة الآولى. 

3- وزن الرضعات وإضافة الحليب الاصطناعي: لقد درجت العادة في 


690 


الأمومة 


دور الولادة على وزن الطفل قبل الرضاعة وبعدها لمعرفة نصيبه من الحليب 
والتحقق مما إذا كان قد رضع ما فيه الكفاية. إن الطفل حسب رأي المختصين 
يجب أن يرضع 6 مرات في اليوم خلال الأيام الثلاثة الأولى. ويجب أن 
يكون مقدار الرضعة في اليوم الأول ١0(‏ غ) ويرتفع إلى (20 غ) في اليوم 
الثاني ثم إلى (30 غ ) في اليوم الثالث. وغالبا ما يعطى حليب الزجاجة إذا 
لم يأخن الطفل ما «يجب» أخذه., ويتم تحذير الأم إذا أخن الطفل أكثر مما 
«يجب». إن التطبيق الحرفي الجامد لهذا المفهوم قد ينعكس سلبا على 
سلوك الإرضاع الطبيعي فالطفل قد يرغب أحيانا في أخذ بضع غرامات 
أكثر أو أقل مما يحدده له «المختص». ويتم تأنيب الأم إذا أخن الطفل بعض 
الغرامات زيادة عما يستحقء أو يتم إعطاؤه حليب الزجاجة إذا نقص عليه 
بعض الغرامات. وإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى اضطراب الإرضاع إذ تتفاوت 
الرغبة في الرضاعة بين طفل وآخرء فلا نستطيع أن نتصور أن الطفل 
الذي يزن (4 كغ) سيكتفي بنفس الكمية التي يآخذها من يزن (2 كغ). 
فيجب التريث والمرونة كي يتم السماح لسلوك الإرضاع الطبيعي بالتحقق, 
إذ ساهم هذا السلوك بالمحافظة على النوع البشري وبتغذية الصغار منذ 
فجر الإنسانية. فالتقدم العلمي والتقني يجب أن يدعم هذا السلوك ويساعده 
على التحقق بما فيه خير الأم والطفل.. فالمراقبة الطبية لاستدراك الحالات 
الخاصة والنادرة التي تحتاج إلى تدخل هام يجب ألا يعرقل الانطلاقة 
الصحيحة لسلوك الإرضاع. 

4- استخدام الأجهزة في سحب حليب الأم: لقد تم تطبيق هذه «التقنية» 
حديثا في بعض دور الولادة» وتقوم على سحب الحليب قبل صعوده بواسطة 
آلة كهربائية وذلك بقصد «تسهيل» صعود الحليب. وأحيانا بقصد التخفيف 
من آلام الأم في حالة صعود الحليب. 

إن هذه العملية تلغي دور الطفلء؛ وتعطل المنعكسات الطبيعية التي تؤدي 
إلى الإرضاع وغالبا ما تؤدي إلى عكس النتيجة المنتظرة. 


الملاحظات التى يجب مراعاتها في الرضاعة 


-١‏ يجب حماية العلاقة المبكرة بين الطفل والأم وعدم فصلهما بعد 
الولادة إل لأسباب صحية جدية. فوجود الطفل بالقرب من أمه يساهم في 


00 


الأمومه وسلوك التغذيه 


إقامة التفاهم المتبادل بينهماء فهو سيرضع ويعرف كيف يعلن عن جوعه. 
فهو يرفع رأسه ويستنشف بواسطة أنفه ويحرك شفتيه وإذا لم يلب طلبه 
يبدأ بالصراخ. وسرعان ما تدرك الأم معنى هذه الإشارات ويبدأ الاتصال 
بالتعابير والرموز بين الآم والطفل. 

2- إن فعالية منعكس المص عند الطفل تكون في أوجها خلال الساعات 
الأولى من حياته. وتبدأ هذه الفعالية بالوحيطة انعا من الساعة السادسة 
بعد الولادة ولا تعود إلى فعاليتها السابقة قبل 48 ساعة (980ايدمعنتط1) . 

3- إن الطفل الذي يبدأ بالرضاعة الطبيعية سيجد التوازن الغذائي 
خلال عدة أيام أو عدة أسابيع؛ على أن يعطى الثدي عند الطلب. ويجب 
عدم إرغامه على الرضاعة مهما كانت طريقة تغذيته. وعدم إيقاظه لهذا 
الغرض بل يجب إعطاؤه الغذاء عندما يعلن عن ذلك. فعدد الرضعات 
وانتظامها يحددها الطفل بحسب حاجته لا بالاستناد إلى توقيت محدد. 
وهذا يتطلب المرونة في وقت الرضاعة مع محاولة جعل المدة الفاصلة بين 
الرضعة والأخرى تتراوح بين الساعتين والساعتين ونصف على الأقل فذلك 
يساعد على انتظام هضم الطفل ونومه. إلا أنه ليس من المفيد إيقاظ 
الطفل حتى بعد 5 أو 6 ساعات من النوم بقصد إرضاعه. فحاجة الطفل 
العضوية وتوقيت إعلانه عن هذه الحاجة يمكن أن يكون مقبولا مع محاولة 
التعديل الخفيف والتدريجي الممتد طيلة أسبوعين بحيث تتركز معظم 
الرضعات في النهار. 

4 - إن عدد الرضعات يتغير من طفل إلى آخر ويتراوح من 4 إلى 8 
رضعات في ال 24 ساعة والكثير من الصغار يأخذون 6 رضعات تقريبا. إلا 
أن هذا يمكن أن يتغير من يوم إلى آخر. وتتغير مدة الرضعة الواحدة عند 
الأطفال ويجب أن تتصف بالمرونة مع محاولة تمديدها من (10 دقائق) إلى 
(30 دقيقة) لعدم إرهاق الأم. ويجب أن يترك تحديد كمية الحليب المأخوذة 
في كل رضعة للطفل وأن تحدد الأم إعطاء الثدي الواحد أو الاثنين معا في 
كل رضعة وذلك حسب عمر الطفل وغزارة الإدرار. 

إن المرونة المطلوبة في عدد الرضعات اليومية ومدتها وكمية الحليب 
الالكرخلمه لقو لا مت عياف الراقية واليقظة. فالطريقة الأفضل لمراقبة 
غذاء الطفل هي ملاحظة سلوكه؛ فإذا نام بعد الرضاعة بانشراح وهدوء 


9 


الأمومة 


الصعوبات التي يمكن أن تواجهها الأم في بداية الإرضاع 

بالرغم من أن الإرضاع عمل طبيعي وسهل إلا أنه ينطوي على بعض الصعوبات 
خاصة في البداية. إن هذه الصعوبات قد تكون السبب في توقف الأم عن إعطاء 
الثدي واستبداله بالزجاجة. ويمكن إيجاز هذه الصعوبات بما يلي: 

ارلا الاحفيق فى إعظاء القدي الطفل عكدها مير سلافاة التمرغ 
وتقوم الأم بإعطائه الثدي فيرفض ذلك. فقد لا يتمكن من التقاط الحلمة 
أو يرفض المص. وأحيانا يمكن للطفل أن يرضع بعض اللحظات ثم يلقي 
برأسه إلى الخلف بعيدا عن الثدي ويترافق ذلك بالبكاء والصراخ بعصبية. 
وفي هذه الحالة يجب عدم الإلحاح في محاولة إقناع الطفل بأخذ الثدي 
لآن ذلك قد يؤدي إلى تعقيد الآمر لدى الطفل ولدى الأم وبالتالي إلى 
الإخفاق في الإرضاع. وحيال هذا الوضع يجب اتخاذ الاحتياطات التالية: 

- عدم وضع أي شيء على الثدي فالطفل مرهف الحساسية لرائحة 
الثدي ويمكنه بواسطتها التعرف على الحلمة؛ ووجود رائحة أخرى قد 
يؤدي إلى اضطراب هذه العملية. 

- يجب أن يكون الطفل حرا طليقا في حركاته غير مثبت في وضع 
جامد . بل يجب دعمه بمرونة وحنو. كما يجب أن يكون تنفس الطفل أكثر 
انتظاما في حالة الرضاعة الطبيعية بالمقارنة مع الرضاعة بواسطة الزجاجة 
(التنير 1983). 

- عندما لا يرغب الطفل في المص. يجب عدم إرغامه على ذلك وتركه 
بالقرب من صدر الأم دون محاولة متابعة الإرضاع مما يؤدي إلى استكانته 
وهدوثه. 

- عدم إعطائه الزجاجة في حال صعوبة الإرضاع: لأن في إمكانه 
الحصول على حليب الزجاجة بسهولة مفرطة, وتعود الطفل على ذلك قد 
يدفعه للاستمرار في رفض حلمة الثدي. 

- يجب أن تدرك الأم أن الإخفاق في الإرضاع؛ مرة أو عدة مرات: ليس 
مسألة كبيرة الأهمية: فمن الممكن للطفل بعد فترة من الراحة والهدوء أن 
ينجح في أخذن الثدي وما يحتاجه من الغذاء. قلا بد من الانتظار بعض 


02 


الأمومه وسلوك التغذيه 


الوقت والتحلي بالهدوء والطمأنينة وعدم إظهار القلق. 

ثانيا: البطء في صعود الحليب: بالرغم من المص بفعالية تستمر معاناة 
الطفل من الجوع لأن الحليب يصعد ببطء شديد . إن السبب الأساسي في 
ذلك غالبا ما يكون طريقة الإرضاع غير المناسبة. التأخر في إعطاء الثدي 
بعد الولادة» وقلة عدد الرضعات قد يؤدي إلى هذه الأعراضء ويمكن تلافي 
ذلك بمضاعفة عدد الرضعات؛ وتنصح الأم بالراحة وبالشرب المتزايد, 
وبتجنب القلق لأنه يؤثر أيضا في عرقلة فيزيولوجية الرضاعة. 

وفي حال استمرار هذه الظاهرة بعد اليوم الرابع» يمكن إكمال الإرضاع 
الطبيعي باستخدام الزجاجة بعد كل رضعة بحيث يمكن للطفل أن يأخذ ما 
يحتاجه. ويمكن استخدام ذلك في مرحلة انتقالية ريثما تتزايد كمية الإدرار. 
وعندما يشبع الطفل عن طريق الإرضاع الطبيعي سيرفض بطبيعة الحال 
الرضاعة من الزجاجة. 

ثالثا: الإرهاق الذي تعاني منه الأم: تتعرض الأم لحالة من التعب خاصة 
إذا تعرضت لبعض التعقيدات أثناء الولادة. إلا أن ذلك لا يمنع الإرضاع 
فيجب مساعدة الأم لتجاوز هذه المرحلة الصعبة وتشجيعها لاستعادة قواها 
الجسدية والمعنوية. 

رابعا: الصعوبة في استيقاظ الطفل: قد تكون الصعوبة في استيقاظ 
الطفل سببا في اضطراب الإرضاع: ويمكن تجنب هذه المشكلة لأنها غير 
قائمة في حال حصول الطفل على الكمية اللازمة لنموه نموا عاديا بالرغم 
من أخذه ثلاث أو أربع رضعات فقط. ففي هذه الحالة يجب عدم القلق 
واحترام حرية الطفل في النوم والرضاعة طالما أنه يأخذ في عدد قليل من 
الوجبات كمية الحليب اللازمة لنموه نموا سليما. أما في بعض الحالات 
النادرة وخاصة عند الأطفال المولودين قبل الأوان» وعندما ينام الطفل بشكل 
مفرط. ولا يستيقظ بمفردهء ويعاني من توقف منحنى النمو. يجب تدخل 
الطبيب لمعالجة كل حالة فردية بحيث يتمكن الصغير من النمو الطبيعي. 

بالإضافة إلى ذلك فردود فعل الطفل المتعلقة بالرضاعة تتطلب سلامة 
الجهاز العصبي الحركي فاستخدام الأم للعقاقير المخدرة أو المنومة قد 
يضعف استجابات الصغير لمؤثرات البيئة» ويعرقل التعلم في المواقف الغذائية 
الأولى» فضعف الامتصاص الناجم عن مثل هذه العقاقير يؤدي إلى ضعف 


ان 


استجابة ثدي الأم للإرضاع. 

والخيزا لا يد.مخ اليقظة ومكاهقة الأغضاء بخلال الأسيوضين الأولين 
بعد الولادة. فإذا سارت الأمور بشكل مناسب في هذه الفترة تبقى إمكانية 
التعقيدات محدودة جدا بعدهاء ويمكن للارضاع الطبيعي أن يسير دون 
إشكالات. مما يمهد الطريق لانطلاقة سليمة في العلاقة بين الأم والطفل. 


5 تكيف الصغير وسلوك الأمومة 


القدرات التكيفية عند الطفل 
الحديث الولادة 

فى المرحلة ما بين الولادة وعمر السنتين؛ يحدث 
القدين النضجي الأكثر أهمية في حياة الإنسان؛ 
فخلال الثمانية عشر شهرا الأولى ينمو الدماغ 
بسرعة لن يعرفها في المستقبل (1983غء ننوء[#عصرهم 
,أأناء6121) . وتزداد أهمية مرحلة النضج السريع عند 
توفر المؤثرات الكافية والمتنوعة لآن تطور الطفل 
وتفتح شخصيته يرتبط بعوامل المحيط المادي 
والاجتماعي. 

لقد كان يعتقد بأن الطفل الحديث الولادة غير 
قادر على استيعاب المعلومات القادمة من المحيط 
الخارجي, وكان يعتبر محدود النشاط النفسي 
متسما بالغفموض وعدم الانتظام؛ وكان يظن أن كل 
ما في وسع الطفل أن يفعله هو أن يأكل وينام: 
فانتظام تجاربه يضمنه له الآهل بصورة خاصة: 
وهذا ما يحمل التنظيم والتنسيق إلى ذهنه 
(1981,:عمقطء9) . كانت هذه الأفكار نتيجة لجهلنا 
بقدرات الطفل المختلفة ولعدم تمكننا من تقدير 
إمكاناته تقديرا قريبا من الواقع. 

إن الأمر يختلف كليا الآن حيث تضاعفت 


05 


الأمومة 


معارفنا عن سلوك الطفل الحديث الولادة خاصة خلال العقدين الماضيين: 
مما ساهم في دحض الكثير من الأفكار الخاطئة. فالطرق والمناهج تسمح 
بقياس جوانب عديدة من سلوك الطفلء والتعرف على جوانب كانت مجهولة 
قبل سنوات. إن تراكم المعارف في هذا الميدان يوضح أن مختلف جوانب 
حياة الصغير تخضع لتنظيم معين وأنه أكثر قدرة مما كان يعتقد. 

لقد بدأ الباحثون حديثا باكتشاف القدرات المختلفة للطفل الحديث 
الولادة. خاصة القدرات المتعلقة بالتواصل «والتفاهم» مع العالم الخارجي. 
فبعد الولادة مباشرة يستطيع الصغير أن يستخلص الأوكسجين. ويمسك 
حلمة الثدي بفمه. ويمتص الحليب بشكل صحيح: ويعبر عن استيائه بإعلان 
الصراخ أو عن ارتياحه بانفراج أسارير الوجه. ويكون الطفل جاهزا لتمارس 
أجهزته العضوية وظائفها المختلفة» ويحتاج إلى بعض الوقت كي تترسخ 
آلياته المتعلقة بالتنفس والهضم والطرح وكذلك آلياته الهرمونية التي يجب 
أن تتلاءم مع الوسط الجديد. ويختلف وزن الوليد حسب تغذية الأم أثناء 
الحملء؛ ويتأثر بعوامل وراثية وحضارية ويكون وسطيا (3 كغ). ويتناقص 
قليلا بعد الولادة مباشرة ليعود إلى النمو والارتفاع بصورة سريعة. 

ويخفق قلب الصغير على نحو أسرع بمرتين من قلب البالغ (120/ د) 
ويتنفس ضعف تنفس الكبار. ويكون تكرار التبول وحركة الأمعاء لديه 
أضعافها عند الراشدين. وكذلك بالنسبة للحركة حيث تصل إلى أربعة 
أضعاف حركة الراشد نسبة إلى وزن الجسم (إسماعيل 1986). 

إن استقرار الآليات الفيزيولوجية المختلفة وانتظامها في الأسابيع الأولى 
يؤثر تأثيرا كبيرا في معاملة الطفل من قبل القائمين على رعايته خاصة 
الأم. ويكون لانتظام النوم أهمية خاصة حيث يتطور النوم والاستيقاظ 
بشكل سريع خلال الأسابيع الأولى ويؤثر ذلك تأثيرا عميقا في التفاعل بين 
الطفل والأم. 


النوم واليقظة وعلاقة الأم بطفلها 

لقد اقترح بعض الباحثين تصنيف حالات الطفل حسب قدرته على 
الاستجابة للمؤثرات الخارجية؛ ويميل بعضهم إلى تصنيف هذه الحالات 
بالاستناد إلى المتغفيرات السلوكية التي يمكن مالاحظتها. فهذه الحالات 


9 


تكيف الصغير وسلوك الأمومه 


تعتبر امتدادا للنشاط الدماغيء وتتمثل بأشكال مختلفة تتراوح بين النوم 
العميق والنشاط المفرط. وتنتظم هذه الحالات بواسطة آلية (ميكانيزم) 
داخلية غير معروفة بشكل واضح حتى أيامنا هذه ومما لا شك فيه أن هذه 
الميكانيزم تتأثر بالشروط الخارجية. وتتميز حالات الطفل المختلفة بانتظام 
مدتها وحدوثها بشكل دوري يمكن توقعه. ويظهر هذا التصور الميزتين 
الأساسيتين لسلوك المولود وهما التلقائية والدورية. 

وتؤثر حالة الطفل (نوم عميقء أو انعدام النشاطء أو النشاط) تأثيرا 
هاما في تحديد طريقة استجاباته لمؤثرات العالم الخارجي. ومن الواضح 
أن القدرة على تفسير حالة الطفل تمكن الأم من إنجاح طريقة العناية التي 
تقدمها له. فهي تقدم المؤثر المناسب في الوقت المناسب وبالاستناد إلى 
قراءة وفهم حالة الطفل ودرجة يقظته. إن في ذلك ما يزيد من فعالية 
عملها ويمهد الطريق لتفهم حالات الطفل المختلفة. 

ويتم انتقال الطفل من حالة إلى أخرى بشكل دوري إذ أنه من المحتمل 
وجود نظام في القاعدة التي تظهر هذا الانتقال. وينتهي هذا الانتظام إلى 
مركز عصبي حيث تؤدي إصابة هذا المركز إلى إلغاء الدورية أو إلى اضطرابها . 

وهناك العديد من المؤشرات التي تدعو إلى القول بأن الطفل يمتلك 
الميكانيزم الداخلية المنظمة لحالاته المختلفة, خاصة حالات النوم واليقظة. 

لقد كان الاهتمام سابقا يتركز على مدة النوم؛ إلا أن الباحثين حديثا 
يهتمون خاصة بما يحدث في الحالات المختلفة أثناء النوم: فلقد تبين الآن 
عدم دقة الفكرة القائلة بأن الوليد يقضي معظم الوقت )١8 -١14(‏ ساعه 
يوميا في حالة نومء حيث أوضح باملي (211964 اء,ءاءصةم) أن معدل النوم 
في الأسبوع الأول هو 16 ساعة و 20 دقيقة يوميا ينخفض إلى 14 ساعة و 
0 دقيقة يوميا في الأسبوع السادس عشر. وتجدر الإشارة إلى أهمية 
الفروق الفردية هنا. إلا أنه يمكن القول بأن غالبية الصغار يبقون في حالة 
يقظة ثلث النهار حتى خلال المرحلة التي تلي الولادة. 

إن التغير الأساسي الذي يطرأ على النوم لا يتمثل في مدته فقط بل في 
المراحل المتعاقبة نوم -يقظة؛ وفي تورع هذه المراحل خلال 24 ساعة. فالطفل 
الحديث الولادة يميل إلى النوم المتكرر لفترات موزعة بالصدقة أثناء النهار 
تتخللها فترات قصيرة من اليقظة. ومع التقدم في العمر تأخن فترات النوم 


97 


الأمومة 


وفترات اليقظة صيغة أكثر انتظاماء حيث تبدأ بالتمدد والتورع بصورة أقل 
عشوائية لتحدث في الليل بصورة أساسية. وتشير نتائج الدراسة السابقة 
إلى أنه منذ البداية يغلب نوم الطفل ليلا على نومه في النهار بشكل طفيف 
في الأسبوع الآول حيث ينام الصغير 7 ساعات و 45 دقيقة في النهار و 8 
ساعات و 20 دقيقة في الليل. ثم تميل مدة النوم لمصلحة الليل في الأسابيع 
التالية» فينام 4 ساعات. و 35 دقيقة في النهار و 10 ساعات في الليل 
تقريباء إن انتظام اليقظة في النهار والنوم في الليل يبدأ بالتموضع بشكل 
واضح وهذا من أهم مظاهر التطور التي تطرأ على الوليد في المراحل 
الأولى من حياته حين يجعل مهمة الأهل. خاصة الأم أقل صعوبة في 
التعامل مع الطفل. كما يوضح هذا الانتظام تأثير الوسط الخارجي-بضغوطه 
المختلفة-على التنظيم الداخلي للطفل حديث الولادة (981ا,عثقطء9) . 

كيف يمكن لانتظام النوم واليقظة عند الصغير التأثير في علاقته مع 
الوسط خاصة مع الأم؟ إن استقرار الاستيقاظ تدريجيا في النهار وانتظام 
النوم ليلا عند الطفل يهيىء للأم فرصة الخلود إلى الراحة والنوم ليلاء 
ويساعدها على استعادة انتظام اليقظة والنوم. بينما قد يؤدي اضطراب 
نظام النوم عند الطفل إلى تمديد الفترة التي تجد الأم نفسها مضطرة 
للاستيقاظ ليلا بشكل متكررء مما يؤثر في طبيعة علاقتها بالطفل؛ 
غاضطراب النوم عند الآم يتصاحب غالبا بالثمب والنزق والعصبية مما 
ينعكس على طريقة تعاملها مع الصغير. 


درجات الخوم: 

لا يمثل النوم حالة متميزة ومتجانسة عند الطفل ولا عند البالغ: وكذلك 
بالنسبة للعديد من الأنواع؛ ويمكن تمييز درجتين من النوم الأولى نشطة 
والثانية هادئة. ويستند هذا التمييز إلى الحركات الجسدية خصوصا 
الحركات السريعة للعين. لقد تأكد هذا التمييز بواسطة المقاييس 
الفزبو احا لمعاف الدداغية لسرعة كدان البو ريع ركه اميا 
التنفسي. إلا أن أهم ما يميز مرحلتي النوم طبيعة حركات العينء فالمرحلة 
الآولى (المرحلة النشطة) تترافق بحركات العين السريعة (عتر8 لامة]1 
1 8 6:1ءمه8107) بينما تنعدم هذه الحركات في المرحلة الثانية مرحلة 


568 


تكيف الصغير وسلوك الأمومه 


النوم الهادئّ (14 858 20) لقد بينت إحدى الدراسات 1955 نء نما تممتعوم) 
,ةماع 1؟) أن النوم عند الطفل بعد الولادة يتشكل من فترات مدة الواحدة 
منها خمسون دقيقة (تكون هذه المدة 90 دقيقة عند البالغين) ينام الطفل 
نوما هادنًا من 20 إلى 25 دقيقة بينما يبدي فيما تبقى من هذه الفترة 
حركات جسدية عديدة, كحركات الأطراف والعينين. 

يخضع انتظام النوم عند الصغير لنظام خاص محددء وتنظمه عوامل 
داخلية دقيقة. وتتعرض عناضر فترة التو إلى ديل كبير خاذل الأشهير 
الأولى. فالنوم النشط يشكل نسبة (7100) عند الجنين: بينما ينعدم النوم 
الهادئ. إلا أن نسبة هذا الأخير تبدأ بالارتفاع التدريجي بعد الولادة حتى 
تصل إلى (250): وفي نهاية الشهر الثالث تمئل هذه النسبة ضعف نسبة 
النوم النشط. إن مدة النوم النشط ونسبته تميلان إلى الانخفاض مع تقدم 
العمر. فما هي وظيفة النوم النشط حيث تغلب مدته في البداية بالمقارنة 
مع مدة النوم الهادئ؟ يعتبر التزايد المطرد في نشاط الخلايا العصبية 
وتدفق الدم في الدماغ ضرورة حيوية لنمو الأنسجة الدماغية. فالجنين 
المتمتع بالحماية داخل الرحم. والمولود الصغير ذو القدرة المحدودة, لا 
يتعرضان إلا للقليل من مؤثرات المحيط. فيمكن للنوم النشط أن يكون 
نظاما غطريا للتزويد الذاتي بالمؤثرات: يزود الطفل بالنشاط ويساعد في 
تحضير الدماغ لواجية الماكرات الحكيقية زاووا مله توهذا ما بسر 
تقلص دور النوم النشطء حيث تحل المؤثرات الحقيقية محل المؤثرات التي 
تلاحظ أثناء هذا النوع من النوم. 

إن محاولة التعرف على الحالات المختلفة للطفل تمكننا من تفهم أفضل 
لسلوكه. فالأنشطة العصبية تختلف من حالة النوم العميق إلى النشاط غير 
المركز فإلى حالة الإثارة والنزق. إن هذه الحالات تنظمها آليات داخلية لم 
تعرف بشكل واف إلى اليوم: فحالة الوليد تؤثر تأثيرا هاما في تحديد 
الطريقة التي سيستجيب بموجبها لمؤثرات العالم الخارجي. 

ويتوقف نجاح مهمة الأم أثناء عنايتها بالصغير وتفاعلها معه. على 
إداركها لحالاته وللقوانين التي تنظم التغير في هذه الحالات. ولساعات 
حدوة تقير كهاعة ف يفاله السرعير كوكك اسن غلم الشع فابية 
الطرفين ويمكن الآم من القيام بدورها بصورة أكثر فاعلية. 





99 


الأمومة 


سلوك المص عند الطفل 

لعل أهم المظاهر السلوكية للصغير تأثرا بالتغير المنتظم هي ظاهرة 
المص. فالمص بالنسبة للطفل هو الوسيلة الأولى للاتصال بالعالم الخارجي. 
وييدا هذا السلوك بالعمل عند الولادة: إلا أنه بحاجة إلى يعض التدويب»: 
فهو استجابة فطرية ذات فائدة بيولوجية حيوية. 

إن ققيك هذا الشملوك يطريقة مشاسبة يخطلي سلسلة من الأقمال 
المتناسقة: فتح الفم والتقاط الحلمة بواسطة الشفاه ثم المص فالبلع؛ ويجب 
أن تكون هذه الأفعال متزامنة مع عملية التنفس بحيث تعمل بشكل بالغ 
الحساسية لتتمكن من تشكيل نظام يتكيف مع المتفيرات المحيطة؛ فخصائص 
الثدي تختلف عن الزجاجة؛ وغزارة الحليب ليست ثابتة وكذلك درجة 
حرارته. إذن يتوجب على الصغير امتلاك القدرة على التلاؤم مع هذه 
الشروط المتفيرة. إن مثل هذا التنسيق موجود منذ الولادة فلو كان على الأم 
أن تعلم الطفل كل ذلك لكانت مهمتها شديدة الصعوبة. 


الدورية والانتظام فى سلوك الحص 

بل وسارك الس للرهلة |الألى باوكا سيا إلاناى طليل ها الاوك 
حرق آله كلح دروحة هال اخ لمعي 1 متدية وشكليه تامدك الساتتلة هن 
الأحمال الكزامدق اتهدية بإرقاع مين بيديث تكون على كل سلسلة أو 
دفعة سريعة من المص (5- 20) مرة تتلوها برهة من التوقف تتراوح من أربع 
إلى خمس عشرة ثانية. فهذا الإيقاع تنظمه آلية دماغية غطرية: فلا تؤدي 
أعراض النشوه اقم لاضظرابه إلا أنه يتاكر فى بكالة الأضاية الدماغية 
(981اج م6 0 

تظون الدورية والأسظاء شن سلوك اللفنء» [ذ يبقى سكران:هكذا السلولك 
ذايكا دنا مود ضة إلى شري ول يقير الابشكل طفيف من طقل إلى ابه 

رشطم لصن غيو التذاقى لدريعة يمكن مده فوع لنسظلة حدوت كل 
دكنة ومدةياء عسي الضناضة غددها تبن 1 اضعة المص لأ يؤدى إلى حوقق 
هنذا السلوك يل يكابع الطفل لضن فى الفراغ يما يعادل العدى اللعقاد .إن 
فك الدريحة من الالتطاد والشات تتتركى وحوم مركاتي زم شين ضيظط 


هذا السلوك. 


تكيف الصغير وسلوك الأمومه 


تكيف سلوك المحص 

يتأثر سلوك المصء بالرغم من انتظامه وضبطه داخلياء بالعوامل 
والمؤثرات الخارجية فسرعة المص تتوافق مع طبيعة ضخ الحليب وكميته 
في الثدي؛ ومع حجم الحلمة والحاجة لضغطها للحصول على الحليب 
الذي تؤثر نوعيته وخصائصه الغذائية في سلوك المص. فالطفل الحديث 
الولادة يستجيب بطريقتين مختلفتين إذا أعطي نوعين من الحليب مختلفي 
التركيب. إلا أن الدورية لا تتضح بشكل جلي أثناء المص الغذائي الذي يتم 
بشكل متصل خلال بضعة دقائق. وذلك قبل الانتظام على شكل موجات من 
المص يليها برهة توقف. فمن المحتمل أن تتحكم كمية الحليب في هذه 
الظاهرة: فعند نقل الطفل إلى الثدي الآخر يبدأ بالمص المتصل خلال بضع 
دقائق: وبعدها يأخذ المص شكل سلسلة متتالية ثم يتوقف لبرهة قصيرة 
قبل بداية سلسلة جديدة من المص؛ فمن الواضح أن التوقف يفرضه انخفاض 
الحليب. وتكون مدة دفعة الرضعات الغذائية أطول منها في حالة الرضعات 
غير الغذائية. بينما تكون برهة التوقف أقصر فى الرضعات الغذائية بالمقارنة 
مع الرضعات غير الغذائية. ا 

إن الميكانيزم المركزية التي تتحكم في هذا السلوك تتأثر بمؤثرات داخلية 
وخارجية وتتميز بمرونة كبيرة مما يمكن الطفل من تكييف سلوك المص في 
ظروف متغيرة: فهذا السلوك ليس سلوكا جامدا يمكن إثارته بمؤثر بسيط؛ 
بل يتم ضبطه بدقة وكفاءة عاليتين؛ ليس فقط بتنظيمه الداخلي؛ بل أيضا 
بطريقة تزامنه مع الوظائف الفيزيولوجية الأخرى كالبلع والتنفس. 

إن عالم الطفل لا يسوده الغموض والفوضى كما كان يعتقدء بل يتصف 
بالدقة والانتظام. فالتنفيذ المناسب لسلوك المص يتطلب التنسيق والتوافق 
بين سلوك الأم وسلوك الطفل. إذ يلعب ذلك دورا هاما في زيادة فعالية 
وظيفة هذا السلوك. وقد يكون في تنظيم عملية المص والرضاعة بداية 
التوافق والانسجام بين الأم والطفل؛ فهذا الانتظام برمته وبتنوعه يجب أن 
يلتقي منذ الولادة بنظام استجابة الأم ويتزامن معه في مختلف المراحل 
الأولى من نمو الطفل وتطوره. إن نجاح الأمومة يتوقف إلى حد بعيد على 
طبيعة التزامن والانسجام والتوافق بين الطفل والأم في مختلف جوانب 
أنظمتها السلوكية. 


الأمومة 


تنظيم الحواس وإدر اك العالم الخار جى عند 
الطفل الحديث الوؤدة 
يقتصر نشاط الطفل حديث الولادة على النوم والرضاعة؛ فهو يتنبه 

لما يدور حوله ويتأثر بأحداث العالم الخارجي. وذلك على عكس ما كان 
يعتقد حتى وقت قريب. فهو لا يشعر فقط باحساساته الداخلية كالألم 
والبرد والجوع بل يشعر أيضا بالمؤثرات القادمة من المحيط الخارجي. 

لقد مكنتنا المناهج الجديدة للبحث من التعرف على القدرات الحسية 
المختلفة والتي تعمل-في معظمها-منذ الولادة. ولو بدرجة محدودة. إلا أن 
الصغير يتمكن بسرعة من تلقىي معلومات عديدة تتعلق بالعالم الخارجي. 

يكون الطفل خلال اليقظة قابلا للتأثر بمتغيرات المحيطء وتكون الأم 
بشكل عام أهم هذه المتغيرات حيث تبقى معظم الوقت قريبة منه. تسهر 
على أمنه ونظافته؛ وتهتم بكل ما يتعلق به. ويستند التبادل بين الطرفين إلى 
عناصر حسية تمكنهما من التفاهم والحوار. يستطيع كل منهما-تدريجيا-أن 
يحلل ويفهم الرموز الصادرة عن الآخر. 


التنظيم البصرى 

بالرغم من عدم اكتمال القدرات البصرية عند الولادة: إلا أنها حاضرة 
وتتكامل بسرعة كبيرة خلال الأسابيع الأولى: فمنذ البداية تتوسع حدقة 
العين وتضيق للتحكم في كمية الضوء المستقبلة. كذلك يغمض الصغير عينه 
بسرعة عند اقتراب شيء ما منها بشكل مفاجئء وذلك اعتبارا من عمر 
الشووون 1481 1طفهيوة) مورتمكن السو ضرم شرح بقارعة موظ رع هرك 
وإن كانت فعالية هذه المتابعة محدودة في البداية: إلا أنها تصبح أكثر 
انتظاماء فالطفل في الشهر الرابع أو الخامس من عمره. يمكنه متابعة 
عيني شخص آخر بدون صعوبة. 

ويتمكن الطفل بعد الولادة من تثبيت بصره على مسافة 20 سم وكل ما هو 
أقرب أو أبعد من هذه المسافة يبدو غير واضح. إلا أن حقل الرؤية ينمو بسرعة 
بحيث يصل إلى حدوده المعروفة في عالم الكبار اعتبارا من الشهر الرابع. 

لقد أشارت بعض الملاحظات إلى أن الطفل يتمكن من تقليد التغيرات 
المعبرة لوجه الأم في الأسبوع الأول من العمر. فهو يعبر عن الانبساط 


تكيف الصغير وسلوك الأمومه 


والسرور أو عن الغضب أو التهجم وذلك حسب تعابير وجه الأم (1987 51610 
1) فالتقليد المبكر يفترض قدرة الطفل على رؤية وجه الآم ليتمكن من 
تقليدها. ويحاول الطفل الحديث الولادة النظر إلى مختلف الأشياء فى 
محيظة. وكقدما يكوخ فى عالة تنقطه لا ينقك خرن فاماق الأشياء الت يكن 
أن يقع عليها بصره. 

تخضع حركات العين-كغيرها من النشاطات السلوكية للصغير-لانتظام 
محدد., وتتكرر على وتيرة معينة حيث تنظمها آلية دماغية؛ وتتطور القدرات 
البصرية لتصبح أكثر تعقيدا في مراحل لاحقة من حياة الصغير. فيلاحظ 
منذ الولادة التزامن بين حركة العينين من جهة: والتناسق بين حركة العينين 
وحركة الرأسء وحركة الأعضاء التي تمكن الطفل من متابعة خط سير 
موضوع ما متحرك من جهة ثانية؛ ويستند هذا التناسق إلى أسس قطرية: 
إذ يمكن ملاحظته منن الولادة. كما يلاحظ عند الأطفال المكفوفين. إلا أن 
التجرية تزيد من فعالية هذا التناسق. 

أما التغير الأساسي الذي يطرأ على السلوك البصري فهو نسبة الوقت 
الذي يقضيه الصغير في حالة يقظة. ويتمكن تدريجيا وبصورة نشطة من 
امكادينا لم الألياك سير يذ انكس | ره كموح ةا عن حرام الكالجهين كسفن 
وتظهر إحدى الميزات الهامة للاحساس عند الطفل ألا وهي قدرته على 
الاختيار حيث يبدأ بتفضيل ما يهمه لينظر إليه. 

إن معارفنا في هذا المجال تعتمد منهج التفضيل البصري الذي 
وضع أسسه فانتز (216,1981طء؟ هآ ,تاهه1) ويتضمن ذلك تقديم مؤثرين 
بصريين للطفل في نفس الوقت, ثم قياس تكرار ومدة النظر إلى كل منهماء 
فإذا نظر الطفل بانتظام إلى مؤثر دون آخر فيكون قادرا على التمييز بين 
المؤثرين وتفضيل أحدهما على الآخر. إن قياس مدة تركيز النظر على كلا 
المؤثرين تبين فدرة الصغير على التمييز بينهما وعلى درجة تفضيله لهذا 
المؤثر أو ذاك. 

لقد سمي هذا المنهج بتقنية التفضيل البصري. وتكمن نقطة ضعفه في 
كون التفضيل البصري لا يسمح بالقول بأن الطفل يميز مباشرة بين مؤثرين. 
إلا أن هذه الطريقة مكنت من اكتشاف أن الطفل الحديث الولادة يمكن أن 
يعير انتباهه إلى بعض الخصائص دون غيرها . فالوجه البشري وخصوصا 


الأمومة 


العيون؛ تثير اهتمام الصغير فهو من الموضوعات الشديدة الجاذبية. فالصغير 
في عمر أربعة أشهر يبتسم لقناع مزود بنقطتين كبيرتين تشبهان العينين. 
فهو مهيىء للتجاوب مع بعض المؤثرات الخاصة التي تصدر عن الكائن 
البشري. فمن الفائدة بمكان بالنسبة للصغير أن يكون قابلا منذ البداية 
للتفاعل مع الكائنات البشرية الأخرى. 

إن الطفل في عمر ثلاثة أشهر يبتسم عندما تعرض عليه صورة أمامية 
لوجه بشري أكثر مما لو كانت الصورة جانبية أو إذا استبدلت بشيء آخر. 
فالصغير منذ البداية يظهر إعجابه بالوجه البشري خصوصا وجه الأم لأنه 
أكثر عرضة لهذا المؤثر. 

ويكون لحاسة البصر دور أساسي في تنسيق التفاعل بين الصغير والأم. 
فالبصر يمكن الأم ليس فقط من مراقبة الصغيرء بل من تنظيم التفاعل 
وتنسيق التبادل الكلامي واللاكلاميء بين الاثنين. حيث إن التزامن في 
عملية التفاعل هذه يعتمد على البصر بوجه خاصء ويؤثر ذلك في توثيق 
علاقة الطفل بالأم وفي تطور التفاعل الاجتماعي بينهما. 

إن تطور النظام البصري في الأسبوع السادس بعد الولادة يمكنه من 
تثبت بصره في عيني أمه مما يؤثر تأثيرا بالغا في التفاعل الاجتماعي بين 
الاثنين» إذ تدرك الأم للمرة الأولى بأن الصغير ينظر إليها فعلا وأن الاتصال 
الحقيقي قد بدأ بينهما (516:0,/977) حيث يأخذ سلوك الأم أكثر فأكثر 
طابعا اجتماعيا. 

وفي نهاية الشهر الثالث يتمكن الصغيرء ليس فقط من التواصل البصري 
مع الأم؛ بل من متابعتها عندما تغادر أو تقترب أو عندما تتحرك داخل الغرفة. 
وهذا يؤدي إلى توسع إمكانية الاتصال بين الطفل والأم توسعا ملحوظا. 


الذاكرة البصرية عند الصغير 

لقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الطفل في الأسبوع الأول يتمكن من 
تذكر المعلومات البصرية وأنه يميل إلى تفضيل المؤّثرات الجديدة بالمقارنة 
مع المؤثرات التي يعتاد عليها (982! ,21 ]© :512:6): ويستبعد أن تكون عملية 
التعود ناجمة عن تغيرات في مستوى الشبكية بل يمكن تدخل القشرة 
الدماغية العليا في مراقبة المعلونات البصرية (المرجع السابق). 


104 


تكيف الصغير وسلوك الأمومه 


وفي دراسة أخرى تناولت قدرة الطفل على تمييز تعبيرين من تعابير 
الوجه: الابتسام والعبوس وتم تقديم هذين المؤثرين لأطفال في عمر ثلاثة 
أشهر. لقد بينت هذه الدراسة أن في إمكان الطفل في هذا العمر من 
التمييز بين التعبيرين المذكورين؛ ليس فقط عندما يتعلق الأمر بصورة الأم؛ 
وإنما أيضا عندما يشاهد هذين التعبيرين لامرأة لا يعرفها (21981عسه8 
,1م812 لطة) . 

لقد أوضحت هذه الدراسة أيضا أن الطفل ينظر إلى المؤؤّخرات الجديدة: 
مدة أطول مما هو عليه الحال بالنسبة للمؤثرات المعتادة. إن نتائج هذه 
الدراسة تستدعي الملاحظتين التاليتين: 

أولا: إن تمييز الطفل بين الابتسام والعبوس عند الأم يكون أكثر سهولة 
بالمقارنة مع امرأة غريبة. إذ أن 23 طفلا من 24 تمكنوا من التمييز بين 
التعبيرين عند الأم بينما لم يتمكن من ذلك عند امرأة أخرى سوى واحد 
وعشرين طفلا من بين ثمانية وعشرين شاركوا في التجربة. 

ثانيا: إن نسبة الآأطفال المنسحبين من التجربة بسبب بكائهم الشديد 
تصل إلى اثنين من أربعة وعشرين عند رؤية الأم في حالة عبوسء بينما 
يصل هذا العدد إلى ستة أطفال من ثمانية وعشرين عند رؤية نفس التعبير 
عند امرأة غريبة. 

لقد تركز البحث في السنوات الأخيرة على تحديد المرحلة الزمنية التي 
يتمكن خلالها الرضيع من التعرف على أمه وتمييزها عن غيرها . وكان الغرض 
من التجارب العديدة فى هذا المجال تحديد دور القنوات الحسية المختلفة فى 
الشاغل العاد ل بين الآم والطقل, لآن الضرف هلى الآء وكنييوها سسالة حيوية 
عند الطفل البشري إذ يؤثر في تطور الروابط الانفعالية بينه وبين الأم. 

لقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الطفل يتعرف على أمه قبل عمر 
ستة أشهر والكثير من الأمهات يعتقدن بأن الطفل يعرفهن ويميزهن قبل 
عمر ثلاثة أشهرء إلا أن السؤال الذي يطرح بإلحاح هو متى يتمكن الطفل 
من التعرف على وجه الأم بالاستناد إلى البصرة 

لقد حاول المؤلفان السابقان (ا98ا,عنده]3 لسة #تعسة8) الإجابة على 
هذا السؤال بعد سلسلة من التجارب. لقد تبين أن الطفل يمكنه التعرف 
على صورة الأم وتمييزها من غيرها في عمر ثلاثة أشهر. 


الأمومة 


البصر والتفاعل بين الطضل والأم 

يتطلب التفاعل بين الطفل والآم تدخل أكثر من قناة حسية وكثيرا ما 
يلعب البصر دورا تنسيقيا في وصلات التفاعل المختلفة. وبواسطة البصر 
يتم تنظيم تدخل كل طرف في عملية التفاعل المتبادل» فيأخذ كل دوره 
بالاستناد إلى التواصل البصريء خاصة عندما يتعلق الأمر التبادل الصوتي. 

لقد أشارت ملاحظات سترن (5]60,.1977) إلى أن الأم تنظر بشكل 
تلقائي إلى الطفل أثناء التفاعل واللعب بينهماء وتقضي ما يقارب من 
(70/) من الوقت في النظر إلى طفلهاء وتكون مدة النظرة الواحدة اثنتين 
وعشرين ثانية في حالة اللعب. واثنتى عشرة ثانية أثناء تغذيتها الطفلء 
فهي تقوم بدور من يصغي إلى الطفل في حالة اللعب وتنظر إليه في معظم 
الوقت. بينما تقوم بدور«المحدث» أثناء تغذيتها الطفل فهي تقلل من سلوك 
المناغاة. وتتزامن نظراتها وهمساتها نحو الطفل بشكل لا يؤدي إلى عرقلة 
التغذية. وعلى هذا النحو يتمكن الطفل من اكتساب نظام الاتصال الملائم 
عند النضجء حيث يتمكن من تنظيم صلته بالآخرين. 

وفى همرسكة قمر يصيع الطفل قادرا على البضن على التي ينا 
وتفحصه نتيجة لنمو قدرته على التنسيق بين حركة اليد والعين. وذلك على 
درجة من الأهمية. حيث تتحول العلاقة بين الأم والطفل من علاقة ثنائية 
إلى علاقة ثلاثية. حيث يتدرج الشيء في العلاقة بين الطرفين. 

لقد تطرقت بعض الدراسات إلى طريقة استقرار التنسيق في التوجه 
البصري ودوره في عملية التفاعل الاجتماعي بين الأم والطفل. فالأم لا 
تكتفي بتوجيه النظر إلى نفس اللعبة التي ينظر إليها الطفل بل تقوم بالتعليق 
والشرح والتفسير أيضا. فهي التي تبدأ بتحديد نقطة التركيز البصري 
للصغيرء وتنظر هي بنفس هذا الاتجاهء وتحاول أن تبقى في وضع يمكنها 
من رؤية وجه الصغير. 

وتجدر الإشارة إلى أنه يتعذر عادة على شخصين تثبيت النظر المتبادل؛ كل 
في عيني الآخر أكثر من عشر ثوان دون أن يترافق ذلك بالكلام (المصدر 
السابق). فتبادل النظر المطول يحدث في حالات عاطفية خاصة كما هو الحال 
بين المتحابين أو العشاق أو كما يحصل بين الأعداء: فالنظر المطول يكون غالبا 
مشحونا بصبغة عاطفية قوية؛ إلا أن الأمر يختلف بين الأم والطفل فبإمكانهما 


1١006 


تكيف الصغير وسلوك الأمومه 


تبادل النظر المركز الواحد في عيني الآخر طيلة ثلاثين ثانية أو أكثر. 

لقد أجمع معظم الباحثين على أهمية التزامن البصري في تطور التفاعل 
بين الطفل والأم. فتنسيق هذا السلوك بين الطرفين يلعب دورا أساسيا في 
التفاعل بينهما. ويحتل الطفل مع أمه مكانا محدداء تحاول الأم من خلاله 
إقامة التوازن بحيث تحمي الصغير من المؤثرات البصرية الزائدة والكثيفة: 
وتوفر له الفرصة للتعرض لهذه المؤثرات بما يتناسب وقدراته. 


الحنظيم السععى 

يتأثر الجنين بأصوات أعضاء الأم. خصوصا دقات القلب. وقد استخدم 
ذلك في تهدثئة الطفل الذي يعاني من اضطراب النوم فيما بعد. وتشير 
الملاحظات اليومية إلى أن الآم عندما تحتضن طفلها تأخذه غالبا بطريقة 
يكون رأسه ملقى على صدرها الأيسر وكأنها-بإسماعه نبضات قلبها-تشعره 
بالأمن والطمأنينة. وتحمله إلى حالة من الاستكانة والهدوء. لقد بينت 
نتائج الأبحاث الحديثة بأن الطفل شديد الحساسية للأصوات البشرية 
وخاصة صوت الأم: وأن قدرته الحسية الصوتية تقترب من قدرة البالغين 
(58:م,1981 ,:عتهط»5) . وتبين دراسة أخرى (980!,هنطهم8 اه ء5و0) أن الأم 
تستخدم غالبا كلمات مبعثرة لا رابط بينهاء وتعابير قصيرة؛ ومناغاة تترافق 
مع العناية الجسدية للطفل. خصوصا أثناء استحمامه وإلباسه. 

لقد انصب اهتمام الباحثين على دراسة المرحلة ما قبل الكلامية في 
التبادل بين الأم والطفل. وذلك بقصد تفهم السياق الذي يؤدي إلى تطور 
الكلام عند الطفل. وفي دراسة (6815,1977.]آ لصه 17:66016) يرد الطفل على 
مؤثرات الأم غالبا بالمناغاة والتي تثير بدورها استجابات مماثئلة عند الآم؛ 
ويمكن أن يكون في ذلك تمهيد للمحادثة المتبادلة فيما بعد. وتلعب الأم 
دورا بارزا في إصدار المؤثرات الصوتية الكلامية. ويكون غالبا اتجاه هذه 
المؤثرات أحادي الجانب (أم طفل) في السنة الأولى. فهي تحاول جادة 
إدخال الطفل في علاقة حوار متبادل. 


المناغاة عند الطضل : (055د2نادءه17) 
يمكن شلاحظة الآصوات المقددة هتن الظقل في الأسابيع الأولق حي 


107 


الأمومة 


بموأا طفي وها ةدريسيا ويطندي الظقل يعض التقاطم التقبوفية الجركية 
الك وتعديي تشدكل الناحر العلانية ى كهاية' السك الأراتي وتجدر. 
الأضارة إلى نا لباحتزق الميحكرا قيما إذا كان لكلا حرا صيد ا تمر ار 
لمرحلة المناغاة «والثفثغة». آم أن هناك استقلالية لكل منهما. 

إن الطفل الرضيع يظهر سلوك المناغاة عندما يكون وحيدا أكثر مما 
يكون عليه الحال أثناء وجود أشخاص آخرين. لقد قام أندرسون ومعاونوه,. 
1 غه دهع لصث) (1978 بدراسة سلوك المناغاة عند الطفل في عمر ثلاثة 
أشهر بالاستناد إلى المسافة التي تفصله عن الأم. فتم تسجيل النسبة 
المثوية الزمنية التي يقضيها الطفل في المناغاة في أربع حالات: 

-١‏ الآم تحمل الطفل: كانت نسبة المناغاة 2) و (9/ من الوقت. 

2- الآم قرب الطفل ولكنها لا تلمسه: كانت نسبة المناغاة 2) و (719. 

ف الآم نعيدة عن الطقل ولكنوا هومن محال رونك كاسط يده النشية 
4 1ا/ز). 

4 -الأم خارج غرفة الطفل: كانت نسبة المناغاة (6, 716/). 

إن نتائج هذه الدراسة تشير إلى أن وجود الأم على مسافة قريبة من 
الله ل يكن ام سول إظها تارك الناقاة كينها رتحعدن :هنة السلرك 
فى حال الملامسة الجسدية. حيث يكف الطفل عن المناغاة عندما يكون بين 
يدق الأم. إن ارتفاع نسبة المناغاة في غياب الأم تستدعي الانتباه. 

وى دراة ] خرض فين أن الكير يظين انتجايات | حسامينة بع كل 
مناغاة يقوم بها الطفلء. مما يعزز هذا السلوك عنده ويشجهه على تكراره,. 
(211959 غك 0امعمنعط») . إلا أنه تمت الإشارة في دراسة أخرى (1975ه8100 
,0أزوهم55 لصة) إلى أن السلوك الاجتماعي للكبير يلعب دور المثير لسلوك 
المناغاة عند الطفل أكثر منه دور المعزز. ويلاحظ هذا التأثير عندما يرى 
الطفل عينى الكبير فقطء. وفى غياب ذلك يتعذر حدوث المناغاة. 

رعس بدن الدراسات السابقة أننا لا نزال نجهل الشروط المحددة التي 
تظهر سلوك المناغاة عند الطفل. لقد أظهرت دراسة أخرى العلاقة بين 
تطور المناغاة والتطور الإدراكي عند الطفل. فعند بلوغ الصغير مرحلة 
متقدمة من التطور الإدراكي يمكنه أن يستخدم المناغاة للحصول على شيء 
ما(15,1979ملهناه0 امه عمنل113) . فوصول الطفل هذا المستوى من النضج 


تكيف الصغير وسلوك الأمومه 


المعرضي ينعكس على علاقته بالأم؛ ويترتب على ذلك نتائج هامة تؤثر في 


المناغاة والسلوك الصوتي عند الأم 

تستخدم الأم صوتها بطريقة خاصة أثناء تفاعلها مع الطفل؛ فهي تضخم 
بعض المقاطع الصوتية وتكررهاء وتتبنى طريقة لغوية خاصة في مخاطبتها 
لطفلها؛ فالطريقة التي يتبعها الكبار خصوصا الأم؛ في مخاطبة الطفل 
وتوجيه الكلام إليه؛ بالرغم من التأكد أنه لن يفهم: وأنه يستحيل الحصول 
على جواب. طريقة تلفت النظرء فمنذ البداية يعتبر الكلام جزءا هاما من 
محيط الطفلء لا يتميز بالاستمرار والثبات؛ ويتناسب مع مختلف مراحل 
تطور الطفلء فالكلام المحيط بالطفل؛ يطلق بصورة عشوائية فهو غالبا 
على علاقة بما يفعله الطفل ويتناسب مع درجة يقظته. وتقوم الآأم بإصدار 
المناغاة بما يتناسب وقدرة الطفل على الاستقبالء إذ تتخلل دفعات المناغات 
برهات من الراحة؛ وكأن الأم تأخذ في الحسبان طاقة الطفل. 

وتجدر الإشارة إلى الفروق الفردية؛ إذ بينت بعض البحوث أن العوامل 
الثقافية والاجتماعية يمكن أن تؤثر في الصلات الكلامية بين الأم والطفل, 
فالآم التي تنتمي إلى الطبقة الوسطى تقضي وقتا أطول في التحدث إلى طفلها 
وجها لوجه بالمقارنة مع الأم المنتمية إلى الطبقة العاملة (971ا,منللت1 لسة هدية»1) 

فمن المحتمل أن تتأثر القيمة التي تعطيها الأم لهذا النوع من الاتصال 
بدرجة ثقافتها وبانتمائها الاجتماعي وبطبيعة عملها اليومي. 

إن قدرات الطفل على الاتصال لا تقتصر على حاستي السمع والبصرء 
ففي تفاعله مع المحيط يوظف الصغير وسائل معقدة كالحركات الجسدية 
والابتسام والتقليد والرائحة ...الخ في تفاعله مع المحيط خصوصا مع الأم. 


سلوك الأمومة والعناية الجسدية بالطفل 

يعتبر فرويد أن الطفل يمر بسلسلة من المراحل يكون خلالها قابل 
الحساسية لنوع محدد من المؤثرات. وحسب هذه النظرية: تتأثر شخصية 
البالغ بطريقة إرضاء الحاجات الفيزيولوجية أثناء الطفولة. وهذا ما يبرز 
أهمية طريقة التغذية في نمو الطفل وتطوره في المراحل اللاحقة؛ إن 


1١09 


الأمومة 


استراتيجية الأم فيما يتعلق بالتغذية والعناية الجسدية»-كإعطاء الطفل 
الثدي أو تغذيته بواسطة الزجاجة؛ وعمر الفطام؛ وطريقة تعليم الطفل 
كيف يكون نظيفا وقادرا على مراقبة طرح الفضلات الجسدية-يلعب دورا 
هاما في تكوين الشخصية. 

لا تملك هذه النظرية البراهين المحددة: إذ استند فرويد إلى ذكريات 
مرضاه من الكبار (:1981,500386). لذا يجب الأخذ بهذه الملاحظات مع 
الكثير من الحذرء واعتبارها فرضيات يجب التحقق من صحتها بواسطة 
البحث المنهجي. لقد حاول العديد من علماء النفس التحقق من هذه 
الفرضيات. مثلا: هل الطفل الذي يتغذى بواسطة الثدي يمتاز عن الطفل 
الذي يتغذى بواسطة الزجاجة؟ وهل إرضاع الطفل عندما يطلب أفضل من 
إرضاعه في ساعات محددة؟ وهل يؤثر الفطام المبكر في حياة الطفل على 
المدى البعيد؟ 

لقد عمل الباحثون منذ وقت طويل للاجابة على هذه الآسئلة. ويمكن أن 
نخلص إلى ما يلي: لا شيء يسمح-على ضوء معارفنا الحالية-بإثبات أن طريقة 
محددة في إرضاء حاجات الطفل أو العناية به ستؤدي حتما إلى تأثيرات 
نفسية ثابتة في مراحل لاحقة (المرجع السابق) فهناك-ولا شك-أسباب وعوامل 
أخرى أكثر عمقا وتعقيدا من تلك التي تتعلق بالرضاعة أو الفطام: وتؤثر في 
نمو الطفل وتطوره وتجعل منه رجلا على هذا النحو أو ذاك. 

لماذا هذا الإخفاق؟ إن عدم قدرة البحث على إيجاد الأجوية المؤكدة على 
التساؤلات السابقة يمكن تفسيرها في صعوبة إيجاد المنهج الذي يسمح 
بذلك. فالبحث الذي يمتد ليشمل مراحل طويلة لا بد أن يصطدم بجملة 
من المشكلات المعقدة. فلكى يمكن التحقق من تأثير التجربة المبكرة-كطريقة 
الرضاعة-في سلوك اتدل البالغ» لا بد من الأخن بعين الاعتبار الحوادث 
التي حصلت أثناء المرحلة الواقعة بين الحدثين. وإنه لمن الصعوبة بمكان 
مراقبة كل العوامل المؤثرة خلال فترة طويلة تشمل سنوات عديدة من حياة 
الفرد. وبالرغم من عدم وضوح تأثير طرق العناية الجسدية بالطفل في 
مراحل متأخرة من العمرء فإنه من المؤكد تأثيرها المباشر والآني في سلوك 
الطفل الصغير. بالإضافة إلى ذلك غالتطوو الشريع لتكيف الآم والطفل 
الحديث الولادة يجعل من الخطأ تعميم المعلومات التي تم جمعها في مرحلة 


تكيف الصغير وسلوك الأمومه 


الطفولة المبكرة. ولا بد من الأخذن بعين الاعتبار أن الأم تلجأ إلى استخدام 
طريقة خاصة جدا في تعاملها مع الصغيرء وقد تبدع مصطلحاتها الخاصة 
في مخاطبته. مما يجعل فهم ما يدور بين الاثنين على درجة كبيرة من 
الصعوبة بالنسبة للملاحظ. 

غفي رأينا أن المسألة الجوهرية لا تكون في شكل الطريقة التي تتبعها 
الأم في تعاملها مع الطفل؛ وإنما في طبيعة العلاقة المتبادلة بينهما. لقد 
أشارت دراسة السلوك الغذائي للطفل في مراحل لاحقة (24-18 شهرا) إلى 
أن الطفل الذي يبدي صعوبات في سلوك التفذية-كقلة الشهية ورفض 
الكثير من العناصر الغذائية-يثير غضب الأم التي تحاول أن «تساعده» 
وتعطيه الغذاء بنفسها. ويأتي تدخل الأم في وقت ينزع فيه الطفل إلى 
الاستقلالية وتأكيد الذات: فيعارض تدخلها ويرفض «مساعدتها»؛ وغالبا 
ما يكون هذا السياق مصدرا للتبادل العدائي بين الطرفين (987ا,تقاده>) . 

يمكن للأم أن تطمئن إلى أن قرارها بإعطاء الثدي أو الزجاجة للرضيع 
لن يكون على درجة من الخطورة بحيث يؤثر في تحديد شخصية رجل 
المستقبل. فليس هناك ما يثبت بأن لهذا الأمر فى حد ذاته تأثيرا عميقا 
في تكون الشخصبية..عمهما كانت الكيزات التسبدية للوضاعة: فلن يتراطق 
الك يظاهرة نقنسية مدينة.وغلى هذا القياس يمعن أن يكرن الأفر بالشينية 
للجوانب الأخرى للعناية الجسدية في الطفولة المبكرة. فإذا كانت الشخصية 
قد تثبتت بشكل لا عودة فيه من خلال تطبيق هذه الطريقة أو تلك في 
التعامل مع الطفلء فالفرد يبقى إلى الأبد تحت رحمة تجاربه السابقة. إلا 
أنه من المؤكد بآن الأمور لا تجري على هذا المنوال. حيث يبدو أن الطبيعة 
قد نظمت الأشياء بشكل أكثر مرونة وأكثر تسامحا مما اعتقده فرويد. 


موقف الأم من العناية الجسدية بالطفل 

إن العناية الجسدية بالطفل تأخذ معناها في إطار عام وفي موقف الأم 
تجاه الطفل. فالأكثر أهمية من الفطام المبكر بحد ذاته هو الدافع الذي 
حمل الأم على اتخاذ هذا القرار. هل هي التقاليد الثقافية الاجتماعية5ة أم 
الرغبة في تسريع الاستقلالية عند الطفل؟ هل تتعامل الأم مع الطفل 
بتسامح ومحبة أم بقسوة وعنف؟ ما طبيعة العلاقات السائدة في الوسط 


الأمومة 


العائتلي؟ هل هي علاقات ودية حارة؟ أم علاقات يسودها التوتر وعدم 
الانسجام؟ إن العوامل المؤثرة في شخصية الطفل هي تلك التي تحدد 
طبيعة الوسط. حيث يقضي الطفل سنواته الأولى. فطريقة العناية الجسدية 
نفسها يمكن أن تتبع من قبل أم يقظة وعاطفية أو من قبل أم غير مبالية 
وعدائية؛ ونفس الطريقة يمكن استخدامها في وسط عائلي مناسب ومتسامح 
أو في وسط جامد ومتسلطء ويمكن استخدامها أيضا في جو من الكراهية 
والتوتر أو في جو من ال محبة والألفة. ربما يكمن هنا التأثير الحاسم في 
تكون شخصية الطفل. لقد حاول العديد من الباحثين الربط بين موقف 
الأهل تجاه الطفل وبين خصائص شخصيته فيما بعد. لقد جمع سيرز 
وزملاؤه-(١98‏ ا ,تع تهطءءه مآ .له أء هتدء5) استبيانات ل 379 أم تتعرض للطرق 
التربوية التي اتبعنها في مختلف مراحل نمو الطفل منذ الولادة وحتى عمر 
خمس سنوات. خاصة فيما يتعلق بطرق التغذية والفطام وتطبيق النظافة وموقف 
الأم تجاه مختلف جوانب سلوك الطفل خاصة السلوك العدواني. وتتناول أيضا 
طريقة الأم في تلقين الطفل قواعد الانتظام أو ما يسمى بقواعد «تأديب» 
الطفل. وكذلك مشاعر الأم أثناء الحمل ومدى تلاؤمها مع الحياة الزوجية. 

ثم تتالت الأبحاث المتعلقة بالمسائل المطروحة سابقا مما سمح بتحديد 
بعض الخصائص التي تميز سلوك الأهل - خاصة الأم- نحو الطفل. من 
أهم هذه الخصائص. 

-١‏ العاطفة أو البرود ويستند هذا التصنيف إلى درجة العاطفة والحبور 
التي تظهرها الأم نحو الطفل ومدى تقبلها لاعتماده عليها في الكثير من 
الأشياء. 

2- المبالغة في التسامح أو القسوة ويتمثل ذلك في درجة تسامح الأم 
تجاه سلوك الطفل ومدى تأكيدها على «الطرق الجيدة» في قواعد الأكل 
والشرب والجلوس... ومدى إلحاحها على الطفل في الطاعة واستخدامها 
للعقوبة الجسدية. وفي أبحاث أخرى أدت إجابات الأهل إلى إظهار بعدين 
أساسيين في تربية الطفل: 

يتراوح البعد الأول بين المحبة والعدوانية بينما يتراوح البعد الثاني بين 
المراقبة والاستقلالية. إذ أمكن تصنيف طرق التعامل مع الطفل حسب 
الخصائص المذكورة. 


تكيف الصغير وسلوك الأمومه 


تبرز الصعوبة في هذا المنهج عند محاولة الربط بين خصائص الأهل 
من جهة وبين سلوك الطفل من جهة أخرى. لقد حاول سيرز ومعاونوه 
وصف هذه العلاقة إذ تبين مثلا أن الاضطراب الأكثر أهمية ينتج عن 
استخدام القسوة في تعليم الصغير «النظافة», أي مراقبة طرح البراز والبول 
ويتداخل هذا مع عوامل البرودة العاطفية عند الأم تجاه الطفل. فالطفل 
الذي يشعر بأنه غير مقبول لدى أهله يبدي سلوك الاعتماد على الغير 
بدرجة أكثر من غيره. 

لقد أشار هذا البحث أيضا إلى أن العدوانية القوية عند الطفل ترتبط 
بموقف يتميز بالتسامح المبالغ فيه والمترافق من وقت إلى آخر بالعقوبات 
الشديدة. 

أصبحت هذه الملاحظات مقبولة بشكل عام. إلا أن تأكيد ذلك يتطلب 
الحصول على نفس النتائج لدى إعادة البحث. وهذا لم يتحقق عندما 
حاولت (ماريان رادك يارو) ومعاونوها التأكد من ذلك (عتتهطءد,|1981). 

إن الترابط بين الطرق المستخدمة من قبل الأهل وتطور شخصية الطفل 
ليس على درجة من الوضوح كما كان يعتقد . فمن الصعب توقع شخصية الطفل 
بالاستناد إلى الطرق المتبعة من قبل الأهل خاصة الأم (المصدر السابق). 

ويمكن تلخيص الصعوبات التي تنطوي عليها الأبحاث السابقة على 
النحو التالي: 

-١‏ الهامش بين ما يقال وما يفعل. فإنه من الصعب أن يحصل الباحث 
على معلومات موضوعية عن سلوك الأم ومشاعرها حيث تميل الإجابة 
على الاستبيانات والاستثمارات إلى التقيد بالقيم الاجتماعية المتعارف عليهاء 
وتبدو متأثرة بذلك إلى حد بعيد . فالمقارنة بين نتائج الاستبيان والملاحظة 
المباشرة للسلوك توضح الفرق بين الطريقتين. 

2- إن بعض الترابط بين طريقة الأم تجاه الطفل وخصائص شخصية 
هذا الأخير لا يعني وجود علاقة سببية بين الأمرين. وبالرغم من ذلك يميل 
الكثير من الباحثين إلى اعتبار سلوك الأم سببا في سلوك الطفل؛ وينسى 
أن التأثير في هذه العلاقة يكون ذا * اتجاهين لا اتجاه واحد, أي أن سلوك 
الطفل أيضا يؤثر في سلوك الأم. 

3- إن قياس الطرق المستخدمة في التعامل مع الطفلء يتم غالبا بصورة 


الأمومة 


إجمالية وتقريبية. 

قوصف الأم بأنها مفرطة في التسامح لا يأخذ بعين الاعتبار أن هذا 
التسامح يمكن أن يتغير في سلوك آخر. فيمكن للأم أن تكون متسامحة 
نحو تصرفات الطفل المتعلقة باللعبء بينما تكون شديدة القسوة عندما 
يتعلق الأمر بتناول الطعام. ويمكن أيضا أن يتغير موقف الأم حسب مراحل 
النمو المختلفة؛ فالأم المتسامحة مع الصغير في عمر سنتين يمكن أن تكون 
قاسية معه في عمر ثلاث سنوات. 

تبين هذه الملاحظات أن تأثير الطرائق المتبعة من قبل الأهل-خاصة 
الأم-في تطور الطفلء ليس ذات تأثير آلي. فالعلاقة بين الطرفين علاقة 
دينامية معقدة تتأثر وتتفاعل بمختلف عوامل المحيط. 


الاشراط في سلوك الأمومة 

لقد أشارت بعض الدراسات إلى أهمية الاشراط في تطور علاقة الأم 
بطفلها . فالمؤثرات الصادرة عن الطفل كالأصوات أو الحركات اللاإرادية 
تأخذ تدريجيا معاني محددة بالنسبة للأم: وتثير في نفسها عواطف المحبة, 
وكثيرا ما يرتبط سلوك الأمومة تجاه الطفل بهذه المؤثرات والحركات الصادرة 
عنه. فالمؤثر المحايد في بداية الأمر-كصوت الطفلء وملابسه-يصبح مؤثرا 
اشراطيا فيما بعد. حيث يثير مشاعر المحبة وسلوك الأمومة. وعلى هذا 
النحوء فالاشارات الصادرة عن الطفلء أو المرتبطة به. تثير عواطف الأمومة؛ 
وبذلك يصبح الطفل قادرا وبالتدريج على إثارة محبة الأم نحوه بالذات دون 
غيره؛ فهو قادر على إصدار المؤثرات الإشراطية وغير الإشراطية؛ بينما 
قد لا يتمكن من ذلك طفل آخر. 

ولعله من المفيد التطرق إلى الحادثة التالية حيث حصل الخطأ في 
تحديد هوية طفلين حديثي الولادة في أحد المستشفيات: حيث أعطي كل 
منهما إلى أم غير أمه. وبعد أسبوعين تم اكتشاف الخطأ. فما كان من 
إحدى الأمهات إلا أن عبرت عن عدم رغبتها في إعادة طفلها وذلك لتعلقها 
بالطفل الذي قامت برعايته لمدة أسبوعين (983ابءطيعآ] لصه مناءس51) . 

إن الإشراط التقليدي البافلوفي واحد من سياقات التعلم التي يمكن أن 
تتدخل في تعزيز الروابط بين الأم والطفل. فالإشراط الفاعل أو الوسيلي 


1 14 


تكيف الصغير وسلوك الأمومه 


قد يلعب دورا هاما في تقوية العلاقة بين الطفل والأم واستقرارهما . ويحدث 
هذا الإشراط عندما يتبع فعل ما دون غيره بمعزز إيجابي (مكافأة)؛ فالفعل 
المكافاً يتعزز ويصبح أكثر تكرارا وأكثر استقرارا. 

وفي علاقة الآم بالطفل تقوم الآم بفعل كل ما تعتقد أن فيه خير الطفل 
ومنفعته. ويعتبر ذلك معززا لسلوك الآم. فتغذية الطفل وحمايته ونظافته.. 
كل هذه النشاطات تبعث الرضى والحبور في نفس الأم. وفي هذا تعزيز 
لسلوكهاء مما يوثق العلاقة بينها وبين الطفل. وعلى العكس فالإخفاق في 
إرضاء الطفل كثيرا ما يقود إلى رفضه وعدم تقبله. 

وتجدر الإشارة إلى التأثير الثقافي في تشجيع سلوك الأمومة حيث 
تلجأ الأم الشابة إلى تقليد أمها في التعامل مع الصغيرء أو إلى ملاحظة 
من لها تجربة سابقة في سلوك الأمومة. وهذا ما يؤدي إلى استقرار جملة 
من السلوك والعادات للتعامل مع الطفل في بيئة اجتماعية-اقتصادية معينة. 

ويقترح هارلو أن محبة الأم تنمو وتتطور في الأشهر الأولى من حياة 
الطفل. بينما يرى بعض الأيتولوجيين أن التعلق بين الطفل والأم يستقر 
بصورة مبكرة. 

إن التفاعل بين الطفل والآم على درجة كبيرة من التعقيد بحيث يجعل 
هذه العلاقة وحيدة من نوعهاء ومتميزة عن غيرها في طريقة تطورها 
ونموها. 


لباب الثاني 
التفاعل دين الطفل والحاضن 


التفاعل بين الطفل والام 


بسنية العلاقة المتبادلة بين الطضل والأم 

تهدف هذه الدراسة إلى وصف بنية التفاعل 
الاجتماعي بين الطفل والأم؛ وتحديد العناصر التي 
تشكل هذه البنية. فكل فعل أو حركة لأحد الطرفين 
يقع ضمن جملة مترابطة. تشكل وحدة سلوكية 
متكاملة ومتوافقة مع أفعال الطرف الآخر. 

ويعتبر التزامن بين العناصر السلوكية للطرفين 
المشاركين في عملية التفاعل الاجتماعي على درجة 
كبيرة من الأهمية. فاستمرار التفاعل المتبادل يتوقف 
إلى حد كبير على التزامن بين سلوك المعنيين في 
هذا التفاعل. ويتفاوت تأثير العناصر السلوكية 
لكل من الطرفين في سلوك الطرف الآخر. حيث 
يكون بعضها محدود التأثير؛ بينما يكون بعضها 
الآخر على درجة كبيرة من الفعل والتأثير في سلوك 
الآخر. ويمكن عزل هذه العناصر السلوكية 
وتحديدها بشكل منهجي من خلال الملاحظة 
العابية بولك تسيل الأنشطة الشاركية الننعافة: 
بتزامنها وتوافقها. ومعرفة كيفية حدوث هذا 
التزامن وهذا التوافق. فالتقدم التقني في مجال 
تسجيل السلوك يسمح بتحليل دقيق لمختلف 
العناصر التي تشكل وحدات سلوكية متماسكة, 


17 


الأمومة 


ويمكن أيضا من معرفة توقيت حدوث كل عنصر من هذه العناصر ودوره 
في الوحدة السلوكية. تستخدم معظم الأدبيات المتعلقة بالتفاعل بين الطفل 
والأم للقياس الكمي لعناصر السلوك المتبادلة كالتكرار والمدة الزمنية. وضي 
نهاية الملاحظة يعتبر القياس الكمي للمدى الذي وصل إليه كل فرد مشارك 
في التفاعل ويعتبر-حسب هذه الطريقة-كل نشاط تم قياسه بمثابة مؤشر 
لبعض القدرات التي يتمتع بها الفرد. إن مسألة التفاعل بين الأم والطفل 
على درجة كبيرة من التعقيد مما يحتم إجراء تحليل وصفي تعدادي متنوع 
الوجوه لمختلف جوانب السلوك التى تظهر أثناء هذا التفاعل (5,!979تلامه), 
هلد عينة و انق عيلاف اللقراء عرد كانال للبقامدالتنلركية الخ يكاوريها 
أفراد نوع محدد من الأنواع. وهذا ما يسمى في الأيتولوجيا التقليدية 
بالايتوغرام (تصدمعهط)8) . ويقترح المؤلف السابق بناء مقياس(2مهع200) 
يتضمن العناصر السلوكية للأم والطفل ويآخذ في الحسبان التنظيم المتبادل 
للسلوك أثناء تفاعلهما. 


العناصر الأساسية للتفاعل بين الطضل والأم 

يكون الطفل-كما لاحظنا سابقا-مزودا بما يمكنه من تكييف سلوكه مع 
سلوك الأم: والتي تقوم بإصدار التعابير الملائتمة لاهتمامات الطفل. إن بنية 
الاتصال بينهما على درجة كبيرة من الغنى والتنوع: فالأم تظهر العناصر 
السلوكية المختلفة بطريقة تثير اهتمام الصغير الذي يقوم بدوره بالاستجابة 
بطريقة ما عند تعرضه لمؤثرات الأم. 


التفاعل الصوتي 

يعتبر الترابط بين الكلام والقناة السمعية الصوتية على درجة من الأهمية 
في التفاعل الاجتماعي بين البشر. فأثناء التفاعل بين الطفل والأم-كما هو 
الحال بالنسبة للمحادثة بين الراشدين-يأخذ كل طرف دوره في مرحلة 
محددة ويترك المجال للطرف الآخر في مرحلة أخرى. لقد بيّنت دراسة 
ستيرن وزملاته أن التبادل الصوتي بين الطفل والأم يحدث بتناسق محدد 
بحيث يأخذ كل منهما دوره تاركا الفرصة لالآخرء وأن الأم تأخذ غالبا 
المبادرة في هذا التبادل. خاصة عندما يقوم الطفل بإصدار نشاط صوتي. 


التفاعل بين الطفل والأم 


ويتوضح ذلك مع تقدم الطفل في العمر. حيث يقوم الطفل باتخاذ المبادرة 
بمتابعة النشاط الصوتي عندما تطول برهة توقف الأم عن هذا النشاط. 

ولقد أشار كوندون (007002,1979) في دراسته للتزامن السلوكي عند الطفل 
لدى تعرضه لمؤثر صوتي إلى أن جسد الطفل الذي يعاني من صعوبات في 
التعلم يضطرب بطريقة مختلفة عن الطفل العادي. وتبدو حركة الطفل المعوّق 
متزامنة مع الصوت كما هو الحال عند الطفل العاديء إلا أنها تحدث متأخرة 
بالنسبة للمؤثر؛ كما لوكان الأمريتعلق بفيلم تتحرك صوره متأخرة عن الصوت. 

لقد كرر هذا الباحث التجربة على أطفال يعانون من مشكلات دماغية 
مختلفة وتوصل إلى فرضيتين أساسيتين: 

-١‏ يحصل الاضطراب الجسدي-الانفعالي: بعد تعرض الأطفال المعوقين 
لمؤثر صوتي إلا أن المدة الفاصلة بين المؤثر والاستجابة تكون أطول عند 
مولام الأطفال باللقازتة مع |الأطافال الغادديق: 

2- تأخذ الاضطرابات المرضية صيغة استجابة متعددة لكل مؤثر صوتي 
وتبدو على شكل اهتزازات متتابعة تحدث بعد فاصل زمني محدد من 
التعرض للمؤثر. تشير هذه النتائج إلى أن العناصر الانفعالية الجسدية 
التي تتبع مؤثر صوتي تختلف عند الطفل المعوق عقليا بالمقارنة مع الطفل 
العادي. فالطفل الذي يعاني من صعوبات في التعلم يعاني أيضا من صعوبات 
في تزامن الحركة مع الصوت.لقد أوضح هذا المؤلف أن الطفل يتفاعل مع 
الصوت الكلامي بعد عشرين دقيقة من الولادة. وأن ذلك يلعب دورا هاما في 
سياق تطور الطفل وتشربه سمات الوسط الثقاضي الذي يكبر فيه. ويشبه 
هذا المؤلف ذلك بإيقاع راقص جميل حيث يلعب هذا التزامن دورا أساسيا في 
إقامة العلاقات مع العالم الخارجي خاصة بين الطفل والأم. وفي دراسة لنا 
(نهغدهكا,1987) لأطفال تتراوح أعمارهم بين الشهر الثامن عشر والشهر الرابع 
والعشرين: تبين أن الطفل والأم يقضيان نصف مدة الملاحظة-أثناء تناول 
الطفل لوجبة العشاء-في تبادل صوتي كلامي .وغالبا ما تأخذ الأم المبادرة في 
هذا السلوك (762). 


التفاعل البصر ى: 
إن قيام الطفل بتوجيه بصره نحو الأم يدفعها إلى تركيز بصرها نحوه, 


انا 


الأمومة 


والعكس صحيح أيضاء فتوجيه بصر الأم نحو الطفل يدفع هذا الأخير 
لإظهار نفس السلوكء ومبادلة الآم النشاط «البصيوي . لقد اعتبر الباحثون 
أن التفاعل البصري بين الطفل والأم لا يقتصر على تبادل النظرات؛ بل 
يتعدى ذلك إلى قيام كلا الطرفين بنشاط بصري مشترك, يتوجه نحو شيء 
ما في المحيطء ويقارن هذا النشاط بالنشاط البصري المتبادل: فالتزامن 
بين بصر الأم وإشارة أصبعها إلى شيء محدد (عمناهذهط) في غاية الأهمية 
في تطور التفاعل بين الأم والطفل. 

وغالبا ما يتزامن النشاط البصري مع النشاط الصوتي. فالطفل في 
عمر السنتين يمكنه التنسيق بين نظراته إلى الأم ونشاطه الصوتي من 
الثفثفة والمناغاة,(506341:,1977): بينما يتعذر ذلك عند الطفل فى عمر 
السنة (5,1979ئلاهمه). ا 

وبالرغم من التأثير المتبادل بين الأم والطفل في هذا السلوكء؛ فإنه 
يختلف من مرحلة إلى أخرى من مراحل نمو الطفل. قفي السنة الأولى من 
العمر. تنظر الأم إلى الصغير أكثر مما 

ينظر هو إليها: (974ا,ستع]5 861,1977هط»5) ويستمر ذلك أثناء السنة 
الثانية (14:,1987ه0>) إذ تنظر الأم إلى الطفل أكثر مما ينظر هو إليها. 
ويمكن تفسير ذلك بأن الأم تحاول إبقاء الطفل تحت مراقبتها. لقد بينت 
الدراسة التي قام بها المؤلف (16018:,1987) والتي تنطوي على ملاحظة الآم 
والطفل أثناء تناوله وجبة العشاء بأن الآم تتوجه ببصرها إلى الصغير 
إحدى وستين مرة خلال ثلاثين دقيقة: بينما يفعل الصغير ذلك خمس 
عشرة مرة.» وتستمر الأم, بالنظر إلى الطفل خلال 31“ من مدة الملاحظة: 
بينما ينظر الطفل إلى الأم 4 اا .ويصل التبادل البصري بين 
الاثنين إلى 5, 5ا“ من مدة الملاحظة التي تستمر ثلاثين دقيقة. 

إن نتائج هذه الدراسة تنطوي على ملاحظتين اثنتين 

-١‏ إن الأم أثناء تفاعلها مع الطفل تقوم بدور هام في النشاط البصري. 

2- يحتل التواصل البصري المتبادل بين الطفل والأم أهمية خاصة إذ 
يمثل أكثر من 15“ من الوقت الكامل للملاحظة. 

ويمكن تلخيص العناصر الأساسية التي تلعب دورا هاما في التفاعل 
الاجتماعي بما يلي: 


التفاعل بين الطفل والأم 


-١‏ توقيت الفعل أو الحركة أو الإشارة الصادرة عن المشاركين في التفاعل. 

2- اشتراك الاثنين في نشاط موحد (عندما تفعل الأم الشيء نفسه 
كالطفل أو العكس). 

3- تبادل الأدوار وذلك عندما يتعاقب فعل أحد الأطراف وفعل الطرف 
الآخر أو حركته أو إشاراته حيث يصبح أحدهما نشطا بينما يتوقف نشاط 
الآخر ويتكرر تبادل الأدوار أثناء التفاعل. فتبادل الأدوار هذا بين الأم 
والطفل. خاصة أثناء الرضاعة؛ يشبه إلى حد بعيد الحوار. حيث تحاول 
الآم من خلاله أن تكيف سلوكها حسب الإيقاع الطبيعي لسلوك الطفل؛ 
وترى كاي (163926,1977) بأن الأم تنفذ من خلال هذا الإيقاع لتحمل الطفل 
على تبادل الأدوار. وبالرغم من تقدم البحث. وتراكم النتائج المتعلقة بالتفاعل 
بين الصغير والأم: إلأ أن فهمنا لبنية هذا التفاعل لا يزال أولياء ولا بد من 
قطع خطوات كبيرة لمعرفة الطفولة معرفة حقة. 


التفاصل اللمسي 

في معظم الثقافات التي لم تتأثر تأثرا كبيرا بالحضارة الحديثة؛ يتم 
الاتصال اللمسي بين الطفل والأم على نطاق واسع دون قيودا اجتماعية. 
فالطرق التي تتبعها هذه المجتمعات توفر للطفل فرص الاتصال الجسدي 
وترضى حاجاته دون عقبات. من حيث تعريضه للمؤثرات وإرضاعه بطريقة 
طبيعية. وتنويمه عند الحاجة. ويجعل ذلك من الطفل أكثر يقظة وتنبها 
للعالم الخارجي. فالطفل يستريح وينام على جسد الآم حسب رغبته وحاجته. 
وعندما يكبر يقوم أطفال أكبر منه بحمله واصطحابه. وتنمو هذه العلاقة 
بالاستناد إلى التجاذب المتبادل بين الصغار والأطفال الأكبر عمراء وعندما 
يشعر الطفل بحدث غير متوقع في محيطه. سرعان ما يبحث عن التلاصق 
الجسدي وكأنه يطلب الحماية من الأم أو من شخص آخر. 

ويمكن للطفل أن يرضع في أي وقت حيث يكون ثدي الأم مكشوفا. 
ويتمتع الطفل بحرية واسعة في سحب الثدي والإمساك به ومداعبته. 

وتتغير هذه العلاقة من ثقافة إلى أخرى. غفي المجتمعات الصناعية 
تقل الفرص التي تمكن الطفل من الاتصال اللمسي بالأم. خصوصا عندما 
يتجاوز السنة الأولى من العمر وعندما يتمكن من الجلوس والمشي. حيث 


الأمومة 


يتم وضعه في كرسي خاص ليتناول وجبته؛ وينام منذ الولادة في سريره 
الخاص دون أن يتمكن من ملامسة الآم. ففي دراسة للمؤلف (1>0018:,1987) 
تبين أن الطفل اعتبارا من عمر الثمانية عشر شهرا يتناول طعامه دون أن 
يتمكن من الاتصال اللمسي بالأم؛ بالرغم من قصر المسافة الفاصلة بينهماء 
فالأم في المجتمعات الصناعية الغربية لا تسهل هذا النوع من الاتصال بل 
تعمل على قمعه. على عكس ما يلاحظ في المجتمعات العربية التقليدية 
وفي مجتمعات كثيرة حيث تكون الأم جاهزة في كل وقت للتبادل اللمسي 
مع الطفل. 


التفاعل السشمى 

يبدو أن تأثير الرائحة في التفاعل بين الأم والطفل قد أثار اهتمام 
الباحثين حديثا. لقد قام ماكفارلين (1326,1975:ة*3131) بجملة من التجارب 
لدراسة هذه الظاهرة. تتضمن إحدى تجارب هذا المؤلف وضع قطعتين 
قماشيتين فى محاذاة رأس الطفل الحديث الولادة. تحمل إحداها رائحة 
الأم ر(رائحة إفرازات الثدي أو الغدد المجاورة له) بينما تحمل الثانية رائحة 
محايدة أو رائحة أم أخرىء لقد أظهر الصغير استجابات مختلفة باختالاف 
مصدر رائحة الآم. 

إنه يتجه بحركاته إلى مصدر رائحة الآم بالمقارنة مع رائحة محايدة, 
ويتابع تفضيل رائحة الآم بالمقارنة مع رائحة أم أخرى. لقد اعتبر هذا 
الباتمةسركة الراش ياكجاة تقس الراكجة يقير لتتضيل الظقل وتمييزة 
لرائحة ثدي الأم. 

لقد أشارت نتائج هذه الدراسة إلى أن تمييز الطفل للرائحة يالاحظ 
اعتبارا من اليوم السادس بعد الولادة. ويصبح تفضيل الطفل لرائحة الآأم 
اكثر وطتوجاافى البوى الكامن عقر 

لقد تأكدت هذه النتائج وتحددت بعد سلسلة الآأبحاث التي قام بها بنوا 
شال (50221,1984,1988 :5زممء8), حيث أجرى هذا الباحث تجاريه في أحدى 
دوو لولادة بم وابير فسوي (شرفينا) وقام يتليق التملع العمياشية يميضاذا: 
الوجه آثناء تعريض الطفل لمؤثرات مختلفة . لقد اعتير هذا الياحث النشاط 
الحركي للرأس والأطراف العليا كمؤشر على تمييز الطفل لرائحة الأم. 


التفاعل بين الطفل والأم 


ويرى هذا المؤلف أن رائحة الأم تلعب دورا مهدئا للطفل عندما يكون 
في حالة توتر أو بكاء. إن تمييز الطفل لرائحة الأم في مرحلة مبكرة يترك 
الطريق مفتوحا أمام الافتراض القائل بأن الاتصال الشمي يلعب دورا هاما 
في التعلق بين الأم والطفل. فظهور علامات الرضى والانبساط عند تعرض 
الطفل لرائحة الأم. يؤثر في استجابات الحنو والعطف التي تظهرها الأم 
بدورها تجاهه. وفي سلسلة أخرى من التجارب أوضح هذا المؤلف أن الآم 
أيضا يمكنها التعرف على رائحة الطفل في مرحلة مبكرة بعد الولادة (من 
اليوم الأول حتى عمر عشرة أيام). لقد تم وضع قطعة قماشية على جسد 
الطفل لمدة تتراوح بين اثنتي عشرة ساعة وأربع وعشرين ساعة؛ بهدف 
تحميلها رائحة الطفل. وبعدها تعرض هذه القطعة القماشية؛ مع قطعتين 
أخريين تخلوان من أية رائحة. على الآم بعد عصب عينيها . لقد أوضحت 
هذه التجارب أن الأم تتعرف على رائحة الطفل وأن المؤثرات الحسية التي 
تتبع الولادة-كالملامسة الجسدية-يمكن أن تؤثر في قدرة الأم على التعرف 
على رائحة طفلها. لقد وزعت الأمهات فى ثلاث زمر بالاستناد إلى مدة 
الملامسة الجسدية: ا 

-١‏ زمرة عادية تتراوح مدة وضع الطفل على جسد الأم من عشر دقائق 
إلى خمسة عشر دقيقة يعد الولادة. 

2- زمرة ثانية تكون مدة وضع الطفل على جسد الأم بين ثلاثين إلى 
أربعين دقيقة, وقد تم تشجيع الوليد على الرضاعة الطبيعية وأخذ الثدي. 

3- زمرة ثالثة محرومة من الملامسة الجسدية بسبب التحذير أو التدخل 
الجراحي. 

لقد أشارت هذه الدراسة إلى أن نسبة التعرف على رائحة الطفل تكون 
أعلى بكثير عند الأمهات اللواتي أتيحت لهن الفرصة للتبادل اللمسي لمدة 
طويلة مع الوليدء بالمقارنة مع الأمهات اللواتي لم يتمكن من ذلك أو بالمقارنة 
مع أمهات الزمرة العادية. (985ا,تقادمكآ لصة لمقطء5) . 


الحركات الجسدية 


يكون الصغير منن الولادة مزودا بآليات تجعله على درجة من الحساسية 
بحيث يمكنه الاتصال مع الآخرين: والتعبير بطرق مختلفة؛ وتشكل الحركات 


الأمومة 


الجسدية عنصرا هاما من عناصر سلوك الاتصالء إذ تمكن الصغير من 
التواصل والتفاعل مع محيطه. وتأخذ هذه الحركات أشكالا متعددة: ويمكن 
أن تتسق في صيغة معقدة؛. ضمن سياق اتصالي محدد . 

وللوضع الجسدي أهمية خاصة في التواصل بين الأفراد. وكذلك للمسافة 
الفاصلة بين شخص وآخر حيث تؤثر في عملية التفاعل الاجتماعي. ولعل درجة 
اليقظة أو الانتباه أكثر العوامل أهمية في هذا التفاعلء إذ تتأثر بذلك القدرة 
على تلقي الإشارات والرموز وتحليلها وإصدار الإشارات والاستجابات المناسبة. 
فتوافق النظرء والتعبير الوجهي. ووضع الجذع., والحركات البدنية المختلفة, 
يعبر عن درجة الانتباه وقابلية العضوية على تلقي الإشارات الصادرة عن الآخر. 

سنحاول في هذه الدراسة إلقاء الضوء على دور الحركات الجسدية- 
خصوصا التعبير الوجهي والتقليد-في تطور التفاعل بين الأم والطفل؛ وضي 
السياق الذي يجعل لهذه الحركات معاني اتصالية بالنسبة لهما. 


التعبير الوجى: (دو5زددءم<8 لدزعة) 

يرى داروين أن بقاء الأنواع الاجتماعية العليا يعتمد إلى حد بعيد على 
قابليتها على الاتصال من جهة؛ وعلى قدرة أعضاتها المختلفة التي تمكنها 
من المجابهة أو الهرب من جهة أخرى. فالسؤال الذي شغل الباحثين هو 
كيف يتمكن الإنسان من اكتساب التعابير الخاصة التي تحتل مكانا هاما في 
سلوك الاتصال بين أغراد النوع؟ وهل هذه التعابير فطرية متأثرة بسياق 
التطور مثلها مثل الأعضاء الجسدية المتعددة؟ أم هي متصلة؟ 

إن التعابير الوجهية-كقاعدة لانفعالات اللذة؛ والكدر؛ والغضبء والخوف, 
والفرح, والحزن. والاشمئّزاز أو الرفض-حاضرة عند الولادة. وتظهر بشكل 
جلي خلال الأشهر الأولى وتتأثر قليلا بالحياة الاجتماعية. 

لفن أفلينت الأنحاث المرويكة هردا كيرا من الشادير الرجهية فشن الطفل 
الحديث الولادة حيث تكون قريبة من مثيلتها عند الكبار. إلا أن ظهور هذه 
التعابير ليس مرفقا عند المولود بنفسه المعاني التي تحملها عند الكبار. 

وتتميز التعابير الوجهية عند الصغير بدرجة عالية من النضج العصبي- 
العضلي. وتندمج حركة العضل الوجهي بشكل جزئي في بعض الاستجابات 
لتأخن دلالة اجتماعية فيما بعد. 


1 4 


التفاعل بين الطفل والأم 


ويمكن ملاحظة الفروق الفردية بين الصغار منذ الولادة عند التأمل في 
التعابير الوجهية المبكرة. فدرجة الاندماج العضلي. العصبي لتقاسيم الوجه 
تؤثرء منذ البداية؛ في طبيعة الإشارات والرموز المختلفة, والتي ستلعب 
دورا حيويا في سلوك الاتصال عند الطفل وفي قدرته على التفاعل مع 
محيطه الاجتماعي. ويؤثر ذلك أيضا في الاستجابة للمؤثرات الاجتماعية 
التي سيتلقاها الطفلء إذ أن اللمح المبكر لشخصيته تم بالاستناد إلى طبيعة 
تغابيره الوجهية. 


الاستسام 

يمكن ملاحظة سلوك الابتسام عند الصغير في الأسبوعين الأولين 
أثناء النوم الحالم (في مرحلة النوم النشط حيث تتسارع حركات العين (8 
4 وأثناء الوسن7"؛ ومن النادر ملاحظة الابتسام أثناء اليقظة. ويتميز 
سلوك الابتسام في هذه المرحلة بالتنوع؛ فمنه ما يكون سريعا وآخر يدوم 
بعض الوقت؛ ويلاحظ تمدد جانبي الفم أثناء الابتسام وأحيانا يتمدد جانب 
واحد فقطء ولا يبدو سلوك الابتسام على علاقة مع أحداث العالم الخارجي 
في هذه المرحلة؛ فهو يعكس الإثارات العصبية-الفيزيولوجية إذ يرتبط بنشاط 
الدماغ الذاتي: ويسمى بالابتسام الانعكاسي. 

آما بالنسبة للابتسام المرتبط بالحوادث الخارجية فيلاحظ بعد عمر 
ستة أسابيع (516:2,1977): إذ يمكن إثارة هذا السلوك بمؤثرات خارجية: 
فالوجه الإنسانى والبصر والصوت والدغدغة تعتبر من أكثر المثيرات لسلوك 
الابتسام 57 هذا التطور المهم في أن الابتسام يأخذ طابعا اجتماعيا 
مع الاحتفاظ بخصائصه المورفولوجية الأصلية. فخلال الشهر الثاني من 
العمر يصبح الابتسام إشارة اجتماعية فعلية (1:©3:068.1979). وبعد عمر 
ثلاثة أشهر يشهد هذا السلوك تطورا جديداء إذ يصبح وسيلة هامة لإثارة 
استجابة ما كابتسامة الأم أو نشاط صوتيء؛ فالطفل يصدر سلوك الابتسام 
للتأثير في محيطة الاجتماعي. وبعد عمر أربعة أشهر يصبح الابتسام أكثر 
تنسيقا ورقة وقدرة. ويصبح التعبير الوجهي المرافق للابتسام أكثر تعقيدا . 

تتزامن مراحل تطور سلوك الابتسام مع تقدم مواز في قدرات الطفل 
الحسية والإدراكية. حيث يسمح نمو هذه القدرات بظهور الابتسام في 


الأمومة 


شروظ مختلفة: كاستجاية لؤكرات مسوعة: 

يظهر سلوك الابتسام عند الأطفال المكفوضفين من الولادة. مما يعطي 
وزنا كبيرا لحجة القائلين بفطرية هذا السلوك. فالطفل الذي لم يسبق له 
مشاهدة الابتسام يمكنه إظهار هذا السلوك دون تعلم مسبق ويتشابه هذا 
السلوك عند الأطفال المبصرين والمكفوفين حتى الشهر السادس من العمر. 
إلا أنه يبدأ بالضعف -كغيره من التعابير الوجهية -عند الأطفال المكفوفين 
بعد الشهر السادس. فالابتسام عند المكفوفين أقل جاذبية وإشراقا من 
الابتسام عند المبصرين. فهذا السلوك -بالرغم من فطريته-يحتاج إلى مؤثرات 
المحيط؛ وإلى تعزيزات مقابلة كي يأخذ أبعاده كاملة ويتحقق بشكل أمثل. 

ينذا الأضياء على ششكل متمكين قخطرى سعيط ميهد ابغنانا 
اجتماعية؛ إذ يصبح وسيلة سلوكية هامة في الاتصال بين الطفل والعالم 
الخارجيء ثم يندمج سلوك الابتسام في أشكال متعددة من التعابير الوجهية 
يشكل مسرق ومنسهم ثم ياخ بالتعقيد خلال مراحل تمو الطفل التخقافة. 

وخلافا للابتسام؛ فالضحك لا يظهر في المراحل الأولى بعد الولادة بل 
ف فركلة لاحقة: هف عمر مكة أشهن يمكق إخازة الضحك كاستجاية 
الؤكراك بكايهنة حسة عاللامسة إن الركدقة. ومند فنا شيعن للتكشرات 
السمعية أو البصرية إثارة هذا السلوك. 


الكسحصور 

فتقرم نار لق | لدو ره حرايد ا متهن السانير التحيية قينا هاده 
بالعبوسء ثم التجهم الأكثر عمقا المتمثل في عقد الحاجبين وإغلاق العينين 
حركيا فز عملون جايح القم إلى بق زو دودر افق سام العا ببى و لياه كي 
حالة البكاء.حيث تكون الحالة القضوى العى تظهر الكدر وعدم الرضى 
عند الصغير. 
الابتسام. فهى جملة من الانعكاسات الموجودة منذ الولادة, وتتصف بالشمولية 
تعابير الكدر والعبوس والبكاء وسائل سلوكية وتستخدم هذه التعايير منفصلة 


1 6 


التفاعل بين الطفل والأم 


أو مركبة في جملة معقدة كوسيلة اتصال اجتماعي؛ تسمح للطفل بضبظ 
تفاعله مع الآم. 

لقد أشارت الآبحاث الحديثة إلى أن الطفل يتمكن من إظهار التعابير 
الوجهية الستة الأساسية,؛ التي تعتبر الركيزة البيولوجية للانفعالات التالية: 
السرور؛ والغضبء والخوف. والمفاجأة أو الدهشة؛ والحزنء والاشمتزاز. 

وتجدر الإشارة إلى أن التعابير الوجهية المختلفة والبصر تندمج في 
وحدات سلوكية اتصالية: يتعلم الطفل تنسيق هذه الوحدات في الأشهر 
الأولى من العمر. وبالرغم من وجود هذه الوحدات عند الولادة إلا أنها 
تتأثر في سياق التعلم والتجربة. فالتعبير الانفعالي ينبثق ويتموضع خلال 
تطور الفرد. ويأخذ دورا تكيفيا أثناء نمو الطفل خصوصا فيما يتعلق 
بسلوك الاتصال بين الطفل والأم. 

وتتمتع هذه الوحدات السلوكية بوظيفة هامة في الاتصال بين الطفل 
والمحيطء إذ تتصرّف الأم بالاستناد إلى التعابير الصادرة عن الصغير. 

يتبين مما سبق الدور النشط للطفلء إذ يمكنه التأثير في من حوله 
خصوصا الأم منذ الأسابيع الأولى. فالكثير من استجابات الأم تتأثر بالتعابير 
والإشارات الصادرة عن الصغير. إن ملاحظة سلوك الأم عندما يبكي طفلها 
مثلا تبين مدى تأثير ذلك في تصرفات الأم حيث تبني استراتيجيتها السلوكية 
بالاستناد إلى هذا المؤثر الصادر عن الصغيرء فهي تحاول معرفة لماذا 
يبكي؟ هل هو جائع؟ هل يشعر بعدم الرضى بسبب ملابسه الرطبة؟ فهي 
تأخذه وتداعبه وتلامسه بحنو حتى يهداً انفعاله. أما إذا ابتسم الطفل 
فتستجيب الأم غالبا بالابتسام والمناغاة واللعب الذي قد يستمر وقتا طويلا. 

وتوضح هذه الأمثلة أن الطفل ليس كائنا منفعلا يكتفي بملاحظة ما 
يجرى حوله فحسب. بل يلعب دورا نشطا في تطور علاقته مع الأم. 
التقليد 

لقد أشار زازو (1986,23220,1945 213061 م1) إلى أنه قد لااحظ صدفة 
طفله البالغ من العمر خمس وعشرين يوما يمد لسانه كاستجابة على مد 
اللسان من قبل زازو نفسه؛ تكرر ذلك عدة مرات متتابعة استجابة لما 


أصدره زازو نفسهك. 


127 


الأمومة 


لقد كرر هذا الباحث التجربة عندما بلغ الطفل سبعة وثلاثين يوما 
وحصل على نفس النتائج السابقة؛ وبعدها أصبح مجرد حضور زازو نفسه 
أمام الطفل يثبر عند هذا الأخير مد اللسان. وتم التحقق من هذه التجربة 
فيما بعد حيث تبين أن الطفل يمكنه أن يقلد بعض الحركات في مرحلة 
مبكرة من العمر. وتتبع استجابة الصغير دائما سباقا محدداء إذ يقوم 
بتثبيت نظر على حركة اللسان المنتظمة للمجرب. ثم يحرك فمه ويخرج 
لسانه مرة أو عدة مرات متتابعة. 

وتجدر الإشارة إلى أن الطفل يتوقف عن النظر إلى المجرب عندما يبدأ 
بتحريك قمه ولسانه؛ كما لو أن إطلاق الحركة وتنفيذها يستوجب توقف 
التثيت الحسى:. 

كنارطن الحاكج السايعة امع ونجية نظ (نياجية) القاكلة بأنه من عون 
الممكن ملاحظة سلوك التقليد في الشهر الأول من العمر. إذ يميز مرحلة 
تمتد من عمر شهر إلى عمر خمسة أشهر حيث يظهر سلوك التقليد, 
بشكل محدود ومتفرقء على هامش بعض المنعكسات كالمص والصراخ وبترديد 
النموذج بشكل أولى. واعتبارا من الشهر السادس يمكن ملاحظة التقليد 
بالمعنى الدقيق؛ وفي مرحلة لاحقة تمتد حتى عمر السنة يمكن ملاحظة 
التقليد لنماذج جديدة. ويظهر الطفل سلوك التقليد بحضور النموذج (التقليد 
المباشر) في عمر أحد عشر أو أثنى عشر شهراء أما في الشهر الخامس 
عشر فإن سلوك التقليد يتطور تطورا هاما حيث يتميز بصفتين أساسيتين: 

-١‏ يتمكن الطفل من تقليد نموذج جديد بشكل صحيح وعلى الفور. 

2- يتمكن الطفل أيضا من التقليد بعد غياب النموذج (التقليد المؤجل). 


التقليد المبكر 

قام بياجيه بملاحظة طفله الصغير في دار الولادة في مواقيت مختلفة: 
في عمر ١2‏ ساعة و 3 أيام و 4 أيام و 6 أيام. لقد بينت هذه الملاحظات أن 
بكاء الطفل المجاورء وتآوه ونواح بياجبه المفتعل؛ يثير بكاء الصغيرء لقد 
خلص هذا الباحث إلى القول بأن البكاء يتميز بخصوصية تثير بكاء الطفل 
الحديث الولادة حيث أنه يبدي استجابة لهذا المثير دون غيره من المثيرات 
الصوتية (30.م,012061,1986). ولم يتطرق بياجية إلى افتراض التقليد عند 


التفاعل بين الطفل والأم 


ملاحظة ذلك. 

لقد تعاقبت الأبحاث المتعلقة بظاهرة التقليد في السنوات الأخيرة 
وأشارت بعض الملاحظات إلى أن الطفل بين عمر 2! و 21 يوما يمكنه تقليد 
التعابير الوجهية وبعض حركات اليدء إذ يمكنه إنتاج حركات على أجزاء 
غير مرئية من جسده (977١,ع71001‏ »© /31611201) . لقد ناقش هذان الباحثان 
نتائجهما بالاستناد إلى الفرضية التي تعتبر قابلية التقليد قابلية فطرية, 
إلأ أن ذلك قوبل بانتقادات عنيفة (01061,1986) وقام باحثون آخرون بإعادة 
التجارب الآنفة الذكر. وخلصوا إلى القول بعدم وجود عناصر حاسمة تؤكد 
سلوك التقليد بعد الولادة. 

ونخلص مما سبق إلى الملاحظات التالية: 

-١‏ ربما كان التعارض في نتائج الأبحاث المتعلقة بسلوك التقليد نتيجة 
لصعوبة تعريف هذا السلوك. فالتشابه بين تعبيرين أو حركتين لا يعني 
بالضرورة تعليدا: ْ 

2- يستند انطلاق سلوك التقليد أثناء مراحل تطور الطفل إلى قواعد 
عصبية بيولوجية مختلفة ويمكن إثارة سلوك التقليد بواسطة مؤثرات بصرية. 
فالمعلومات البصرية وحدها قد تكفي لإثارة هذا السلوك. 

3- تشير بحوث متعددة إلى وجود قدرات لإظهار سلوك التقليد في 
الأشهر الأولى؛ وتختفي هذه القدرات في عمر (3- 4) أشهر لتظهر بعدها 
من جديد . ويختلف سلوك التقليد اللاحق عن سابقة باستناده إلى معايير 
تتعلق بما يعنيه المؤثر بالنسبة للطفلء. فلم يعد هذا السلوك عبارة عن 
منعكسات بسيطة: بل يتم انتخابه حسب المعاني التي يحملها المؤثر. فالمؤثرات 
الأهم بالنسبة للطفل هي تلك الصادرة عن المقربين خصوصا الأم. حيث 
تأخذ المؤثرات الصادرة عن «النموذج» (سلوك الأم) صيغة عاطفية. 

بالرغم من أن بعض النتائج الحديثة تعزز الفرضية القائلة بوجود سلوك 
التقليد في الأشهر الأولى أثناء التبادل الاجتماعي بين الطفل والأم؛ إل أن 
ذلك لا يزال يفتقر إلى دراسات منهجية ومنتظمة. 

4 -يكون سلوك التقليد بين الأم وطفلها في الأشهر الأولى غالبا من فعل 
الأم إذ يحدث التقليد على دفعات متكررة بهدف التعليم؛ فالأم تريد أن تعلم 
الطفل شيئًا ما بواسطة التقليد المتكررء لآن تكرار فعل ما أو حركة ما يؤدي 


120 


الأمومة 


إلى تثبيت انتباه الطفل وبيصره (116104,1977) كما يمكن لهذا التكرار أن 
يؤدي إلى استجابة الطفل (516:0,1977) وإلى إطالة مدة التفاعل بينه وبين 
الآم. كما يبدو تكرار التقليد وسيلة هامة لتحقيق الشروط الضرورية لتعليم 
الطفل ممارسة هذا السلوك. وبذلك يكون التقليد وسيلة تعليمية تربوية 
بالإضافة إلى كونه وسيلة اتصال. وغالبا ما يثير سلوك التقليد عند الأم 
الابتسام ومناغاة الفرح عند الصغير في عمر ثلاثة أشهر. وعندما تلحظ 
الأم سلوك التقليد عند طفلها في الشهر السادس من عمره تقريبا تستجيب 
غالبا بالابتسام والقبلات. ويكون هذا السلوك بمثابة قاعدة لإقامة الاتصال 
بين الطفل والأم. فعندما تختار الأم بعض حركات الطفل أو أصواته أو تعابيره 
لتقليدها وترددها وتضخمها في بعض الأحيان فهي تدخل الرتابة والانتظام 
والتوقع في علاقتها بطفلهاء وتأخذ المبادرة لإقامة التبادل بينها وبينه. 

5- يميل الصغير إلى تقليد الحركات والأفعال التي يمتلكها هو بالذات؛ 
حيث تؤخذن هذه الأفعال والحركات من قبل الأم لتعيد إنتاجها كي تظهرها 
للطفل بطريقة خاصة. فتقليد الأم للصغير يكون أكثر من مجرد مرآة 
تعكس سلوك الطفلء بل تحاول الأم عبر ذلك أن تأخن الطفل من عالمه 
الخاص لتتوجه به في اتجاه مختلف . فهي تقلد الصغير أحيانا لتبدل سلوكه. 
إما عن طريق المبالغة في إعادة إظهار السلوك المقلد أو عن طريق حذف 
الكثير من عناصر هذا السلوك كي يتلاشى. فمثلا عندما يبدأ الطفل 
بالبكاء تجيب الأم ببكاء سريع يدوم بعض اللحظات قبل أن تنتقل الأم إلى 
بسط أساريرها وحمل الطفل على التوقف عن البكاء. وكذلك عندما تريد 
الأم إطعام طفلها الذي لا يبدي رغبة في ذلك. فهي تدخل في تفاعل معه. 
وتظهر سلوك الابتسام والتقليد, لتحمله على فتح فمه. 

وتجدر الإشارة إلى أن التقليد عند الصغير البالغ أربعة أسابيع يظهر 
دون أن يركز انتباهه على النموذج بينما يختلف الأمر في عمر شهرين أو 
ثلاثة أشهر حيث يظهر سلوك التقليد بعد مرحلة من تركيز الانتباه على 
الحركة أو الفعل المقلد. فمشاركة الطفل وتركيز انتباهه يصبح نشاطا 
نفسيا حقيقيا (977ا,طعطاتتةاع1) . 

يرتفع سلوك التقليد تدريجيا عند الطفل خصوصا في النصف الثاني من 
عامه الأولى. حيث لا يحتل هذا السلوك أهمية خاصة في التفاعل بين الأم 


التفاعل بين الطفل والأم 


والطفل. مما يضفي على هذا السلوك صفة التبادلية. 

إلأ أن الدور الأهم في سلوك التقليد يبقى دور الأم. ففي دراسة حديثة 
للمؤلف (قنطار عدندهكآ,1989:1987). تتعلق بالسلوك المتبادل بين الأم والطفل 
في النصف الثاني من عامه الثاني؛ أشارت هذه الدراسة إلى أن الأم تلعب 
دورا رئيسيا في سلوك التقليد. فمتوسط تكرار هذا السلوك في مدة 30 دقيقة 
يكون 4,9 عند الأم و2 عند الطفل. لقد أوضحت نتائج هذه الدراسة أيضا 
التأثير المتبادل بين سلوك الآم وسلوك الطفل. فتوزيع الأمهات في زمرتين: 

زمرة مرتفعة التقليد, وثانية قليلته؛ يبين أن تكرار التقليد عند أطفالهن 
يتناسب مع تكرار التقليد عند الأمهات. 

غالآمهات اللواتي يقلدن أطفالهن بكثرة: يقوم الأطفال بدورهم بتقليدهن 
كثيرا . بينما يكون سلوك التقليد قليلا عند أطفال الأمهات قليلات التقليد . 
ويكون الفرق بين الزمرتين فرقا ذا دلالة من الناحية الإحصائية. 

ويتأثر سلوك التقليد عند الأم بنفس السلوك عند الطفل حيث أوضحت 
الدراسة السابقة أن أمهات الأطفال ذوي السلوك المرتفع يقلدن أطفالهن 
أكثر مما تفعله أمهات الأطفال ذوي السلوك المنخفضء ويكون الفرق ذا 
دلالة أيضا. 

تبين هذه الدراسة أن الأم في حالة التفاعل التلقائي مع الطفل حتى عمر 
السنتين وفي ظروف الحياة اليومية؛ تلعب دورا هاما في إظهار سلوك التقليد 
بالرغم من التأثير المتبادل بين سلوك التقليد عند الأم ونظيره عند الطفل. 

وتجدر الإشارة إلى أن سلوك التقليد عند الطفل يرتفع ارتفاعا هاما 
نحو الأتراب في النصف الأول من عامه الثالث (المصدر السابق): فهل 
يترافق هذا الارتفاع بارتفاع مماثل نحو الأم؟ أم أن تطور هذا السلوك 
يرتبط بالتفاعل مع الآتراب؟ في وقتنا الحاضر تصعب الإجابة على هذين 
السؤالين لتعذر الدراسات المنهجية لسلوك التقاليد أثناء التفاعل بين الأم 
والطفل. فمن غير المعروف في أية مرحلة من مراحل العمر يكون تكرار 
هذا السلوك عند الطفل مساويا لنظيره عند الأم. 


دور الصفير في سلوك الأم 
في علاقة الأم بالطفل. يصعب أحيانا تحديد السبب وتحديد النتيجة: 


الأمومة 


حيث يتعذر معرفة فيما إذا كانت معاملة الطفل على هذا النحو دون ذاك 
قد أثارها الطفل نفسه في مراحل مختلفة من عمره. أم أن الأم قد تبثت 
هذه الطريقة في تعاملها مع الطفل وفرضتها . إلأ أن القول بالتعديل التدريجي 
المتبادل في سلوك الطرفين أثناء نمو الطفل يبقى أقرب إلى الحقيقة. 
فالتغيرات في تطور الطفل تعدّل في سلوك الأم الذي يؤثر بدوره في 
الطفل فهو مزود منذ الولادة بصيغ متعددة من التنظيم النفسيء. بحيث 
يتمكن من دفع الآخر للتصرف نحوه بطريقة معينة. فخصائص الصغير 
تؤثر إلى حد بعيد في طبيعة العلاقة بينه وبين الأم. إلا أن ذلك يجب ألا 
يدفعنا إلى إغفال تأثير الأم وفعاليتها فهي تضفي على علاقتها مع الصغير 
معاييرها وآمالها وحاجاتها الشخصية. 

لقد سيطرت, ولمدة طويلة. بعض الأفكار الخاطتة المتعلقة بقدرات الطفل 
في الأسابيع الأولى؛ فكان من المعتقد بأنه محدود القدرة النفسية والجسدية 
وغير قادر على تلقي المعلومات من الوسط الخارجيء وهو كائن غامض 
غير منتظم. فالتجربة التي ينظمها الأهل قادرة وحدها أن تحمل هذا 
الكائن على الانتظام فكل ما يستطيعه هو أن يأكل وينام. إلا أن تقدم 
المعارف المتعلقة بالطفل الحديث الولادة وتوسعها قد غير من هذه الأفكار 
وعدل تعديلا أساسيا النظرة إلى الوليد وطرق التعامل معه. فلقد أثبتت 
بحوث عديدة بأن الطفل منذ الولادة يلعب دورا نشطا في صياغة العلاقة 
مع الآم. وبدأ الباحثون الآن الأخن بعين الاعتبار التأثير المتبادل بين الأم 
والطفل في تحديد العلاقة بينهما. 

ويمكن لخصائص الطفل أن تعدل مسار العلاقة بينه وبين أمه مثل 
العمر والجنس وقدرة الطفل على الاستجابة للمؤثرات الحسية. البصرية 
والسمعية الصادرة عن الأم. وتؤثر هذه الخصائص في موقف الأم تجاه 
الطفل؛ فالطفل الصعب يشعر أمه بالقهر والإحباطء ويعزز لديها مشاعر 
العجز والإخفاق وعدم القدرة على ممارسة دورها (21.1979 1 طدسه]) . 

ويتعلم الطفل من خلال تجربته طرق التأثير في سلوك الأم. حيث يؤدي 
التبديل الذي يطرأ على سلوك الطفل في مراحل تطوره المختلفة إلى التأثير 
فى سارك الأ تجاه ومح المعتقك أن اسعدابة الأم نوخرات الطمل وإرضاء 
حاجاته في الوقت المناسب وبالقوة المناسبة يعزز لدى الصغير قدرته على 


التفاعل بين الطفل والأم 


التأثير في المحيط بواسطة سلوكه. 

يعتبر البحث المعاصر الصغير طرفا هاما في العلاقة مع الأم فهو مزود 
بالقدرات؛ اللازمة للاتصال مع الآخرين خاصة الحاضنء فعدم تكامل هذه 
القدرات وعدم نضجها لا يعني غيابها . فالوسائل الاجتماعية للطفل وحواسه 
المختلفة. وقدراته الحركية تقوده إلى الدخول فى الدخول فى علاقات 
اجتماعية متبادلة. ويظهر التفاعل الاجتماعي في الأشهر الستة الأولى أن 
اهتمام الطفل يتركز على المؤثرات الصادرة عن الأم. 

إلا أنه بالرغم من إشارة الكثير من الدراسات إلى تأثير الطفل في 
سلوك الأهل خصوصا في سلوك الام إلا أننا لا نعرف بدقة الملاقة بين 
خصائص الطفل ومدى تأثيرها في سلوك الأهل. 

يؤثر مزاج الطفل في قدرته على التكيف والتلاؤم مع الظروف المحيطة 
به فالطريقة التي يظهر الطفل سلوكه بها (المزاج) إما أن تكون جامدة 
هشة:؛ وإما أن تتصف بالمرونة حيث يتمكن الطفل من تعديل سلوكه في ظل 
بعض الظروف. ويلعب ذلك دورا هاما في درجة السهولة أو الصعوبة التي 
يمكن أن تتطلبها تربية الطفل. 

وعندما يعتقد الأهل أن تربية طفلهم تتميز بالسهولة: غالبا ما يتميزون 
هم أنفسهم بدرجة كبيرة من الصبرء والقدرة العالية على بذل الجهود في 
ففخة الطلقل, كذلك كخر التحالة السرحية للظعل ,كن شلوك الأفل وشى 
كفاءتهم. فالطفل الصحيح جسديا يخفف الكثير ين اناه الأهل ولكدن 
من السهل على الأبوين التحلي بالصبرء ويعزز شعور الآمل والتفاؤل عندهماء 
وكل هذا بدوره يسهم في دفع طاقاتهم وجهودهم المبذولة في التنشئة. 

ومن الخصائص الهامة التي تؤثر في صياغة سلوك الأهل عمر الطفل 
وجنسه؛ فغالبا ما تختلف معاملة الصغير عن الكبيرء إذ يبذل الأهل طاقات 
أكبر في تعاملهم مع الأصغرء ويكون لمرحلة النمو التي يمر بها الطفل ولترتيبه 
بين الأخوة والأخوات تأثير كبير في سلوك الأهل. ويلاحظ لدى شعوب مختلفة 
دور الأب المحدود في تربية البنات: وندرة تدخله في شؤون الرضيع؛ بينما 
يتزايد شعوره بأنه معنى بشؤون الطفل عندما بكبر قليلا خاصة إذا كان 
ذكرا. ومن الجدير بالذكر أن الأهل ذوي الكفاءة العالية ينجبون أطفالا من 
السهل تربيتهم: والعكس بالعكس ومما لا شك فيه أن التأثر والتأثير بين 


الأمومة 


الأهل وأطفالهم يكون في اتجاهين اثنين؛ فإذا كان من الصحيح أن الطفل 
ينتج تطوره ونموه بنفسه؛ فالأهل ينتجون بآنفسهم سلوكهم كأهل. 

وبالرغم من أهمية دور الصغير في صياغة العلاقة مع الأم إل أن دور الأم 
يكون أكثر إيجابية في تحديد هذه العلاقة (,1979 6ئزه»1) وذلك للأسباب التالية: 

-١‏ تتمتع الأم بمرونة كبيرة» وتأخذ في الحسبان برنامجها اليوميء وتتمكن 
من توقع طريقة التعبير السلوكي عند الطفل وطريقة نشاطاته المختلفة. 

2- تقوم الآم غالبا بدفع الطفل في طريق تطوري بحيث توفر له فرص 
النمو التدريجي. 

3- تتمتع الأم بقدرة عالية على تغيير تعابيرها وتكييفها حسب وضع 
الصغيرء وعلى توفير الفرص للتقليد المتبادل. 

4- تتميز الآم أيضا بقدرتها على إيجاد المعنى البديل من خلال استجاباتها 
المتنوعة بالمقارنة مع استجابات الطفل المحدودة, وتتميز أيضا بقدرتها على 
الإبداع والتنويع في سلوكها أثناء تفاعلها مع الطفل. 

ويمكن للصغير أن يكيف سلوكه بالاستتاد إلى تعابير الأم؛ وهو يستجيب 
إلى أنواع عديدة من الإشارات البشرية إذ تبرهن هذه الاستجابات على 
إدراك الضغير لالأشحاص؛ ذقدرة الطفل على التقلين فى مراحل مبكرة: 
وإضادة مبراعة تارزك ساد نكيف هنا رمو تراه عدي 5ك سين 
عفوي يمكن الطفل من تطوير قدراته الاتصالية مع الأم في المراحل الأولى 
(,1979 معطائة1:6) . ويبدي الصغير في عمر شهرين إلى ثلاثة أشهر صيغة 
معقدة من التفاهم المتبادل مع الأم؛ وينظم ذلك بشكل طبيعي وعفوي. فهو 
يظهر تعابير متنوعة بعضها على درجة عالية من الانفعالية. ويحاول أن 
يلعب دورا فاعلا في توجيه التبادل مع الآخرين (المرجع السابق). 

إن التحليل التقليدي لعلاقة الأم بالطفل يركز على التأثير من جانب 
واحدء أي من جانب الأم؛ في تطور هذه العلاقة. إلا أن البحوث الحديثة 
تميل إلى الأخذن بعين الاعتبار التأثير المتبادل بين الأم والطفل في دراسة 
هذه العلاقة. حيث يسهم كلاهما في التبادل القائم في سياق معقد من 
التفاعل ١979(‏ ,تقاده] ,987| صتتناطمعده12 لصة كتع.آ) . 

وخلال السنة الثانية من العمر يتميز سلوك الأم والطفل بالترابط ذي 
الدلالة. عندما يتعلق الأمر بسلوك النداء والتقليد والألفة (المداعبة؛ التقبيل؛ 


14 


التفاعل بين الطفل والأم 


العطاءء الابتسام...) فسلوك الواحد يؤثر في سلوك الآخر ويرتبط به إلى 
حد كبير (10812:,1987) . وهذا ما يدعم قول ميد وهايمان (,1965 لصة 1/1620 
:(0030إ112 «تبتسم الآم عندما يبتسم طفلهاء وتستجيب له عند بداية لعبه, 
فالطفل يعلم العالم بأن هناك مكانا يمكن داخله للناس أن يتبادلوا التفاهم 
والآأمزجة والطباع». 

وتتوسع القدرات الحسية والإدراكية للطفل خلال عامه الثاني وتنمو 
قدرته على فهم حوادث العالم المحيط به مما يستتبع تعديلا في سلوك 
التعلق. وفي العلاقة بين الطفل والأم؛ فهو في هذه المرحلة يلعب دورا نشطا 
في التبادل مع الآم. وعند تحليل العناصر السلوكية المتبادلة بين الآم والطفل 
في عامه الثاني تبين تساوي تكرار سلوك الإصدارات والنداءات والاستجابة 
لذلك عند الطرفين. وبشكل التفاعل السلبي الذي ينطوي على المنع والقمع 
والآمر والتهديد والعدوان (#10) من مجمل مدة التفاعل بين الأم والطفل 
(1987 ,نقادهة) ويكون الطفل غالبا صاحب المبادرة في هذا السلوك, بينما 
تلعب الأم دورا أكثر أهمية في سلوك الألفة (الابتسام؛ الضحك. المداعبة, 
التقبيل؛ الهدية 9. وأوضحت الدراسة السابقة أن الأم تلعب دورا نشطا في 
سلوك التقليد إذ تبدي (71 “) من هذا السلوكء. بينما يبدي الطفل (729) 
فقط. وكذلك يكون دور الأم أكثر أهمية من دور الطفل في اتخاذ المبادرة 
للتبادل الصوتي الكلامي. 

ويتبين التأثير المتبادل في التفاعل بين الطرفين عند دراسة سلوك 
الابتسام وسلوك التقليد . فالأطفال المتميزون بتكرار عال لهذين النوعين 
من السلوكء لهم أمهات يتميزن أيضا بتكرار عال لهذين السلوكين. وإذا تم 
التحليل باتجاه آخر يتبين أن الأمهات اللواتي يتميزن بتكرار عال لسلوك 
الابتسام ولسلوك التقليد يميل أطفالهن أيضا إلى إظهار تكرار عال لهذين 
السلوكين (المصدر السابق). 

تظهر هذه النتائج أهمية الدور الذي يلعبه الطفل في سلوك الأم والتأثير 
المتبادل بين الطرفين. بحيث يكون من الصعب القول بأن دور هذا الطرف 
هو أكثر أهمية من دور الطرف الآخرء وهذا يبرز أهمية التبادلية في عملية 
التفاعل القائمة بين الطفل والأم: وأهمية المقارنة بين مختلف الجوانب 
السلوكية لدى الطرفين. مما يسمح بالتعرف على الدور الذي يلعبه كل 


الأمومة 


منهما في مختلف مراحل تطور الطفل. ففي مرحلة ما قد يميل الطفل إلى 
تبني سلوك الابتسام أو قد يميل إلى اعتماد التقليد. وفي مرحلة أخرى قد 
يفضل وسائل أخرى في تفاعله مع الأم؛ فالدراسة التطورية لمختلف جوانب 
السلوك تمكننا من الإجابة على الأسئلة المتعلقة بدور الطفل واستراتيجيته 
المتبعة في عملية الاتصال في مختلف مراحل تطوره. 

تعتقد غالبية الأمهات أن الطقل الحديث الولادة يصبح شخصا واقعيا 
عندما يبدأ الابتسام؛ ويتفق معظم الباحثين على أن أهمية دور الابتسام 
تكمن في إقامة الروابط بين الطفل والأم. فتكون نسبة الأطفال المتميزين 
بعلاقة آمنة مع الأم عالية بين الأطفال الذين يتكرر عندهم سلوك الابتسام. 
إن (786) من الأطفال الذين يظهرون تكرارا مرتفعا للابتسام يتمتعون بعلاقة 
آمنة مستقرة مع الأم. بينما تكون هذه النسبة (740) عند الأطفال الذين 
يظهرون تكرارا منخفضا للابتسام. 

ويمكن أن يكون للابتسام وظيفة أخرى في العلاقة بين الأم والطفل؛ 
وظيفة تهدئة وتلطيف وخفض للتوتر والتهديد . ففي ملاحظة للمؤلف (المصدر 
السابق) تبين أن زمرة الأمهات التي تلجأ غالبا إلى سلوك التهديد لها أطفال 
يتكرر عندهم سلوك الابتسام. فيمكن أن يكون ذلك بقصد التهدئة وتخفيف 
التوتر. فالطفل يظهر غالبا سلوك الابتسام ليواجه تهديدات الأم؛ ويتبنى 
استراتيجية تمكنه الحد من عدوانيتها. فإظهار سلوك الابتسام أمام تهديد 
الأم يؤدي غالبا إلى تقنين هذا السلوك ووقفه وعدم تحوله إلى عدوان. 

إن التنسيق المتبادل بين الطفل والأم وتزامن تدخلهما في قضية التفاعل 
على درجة كبيرة من الأهمية. فتنسيق المؤثرات التي يصدرها كل طرف 
وتزامتها بالنسية لؤثرات الظرف الآخر يجعل:السلوها التبادل بيك الأ 
والطفل أكثر فعالية. فبالرغم من آهمية الدور الذي يلعبه كل طرف في 
صياغة التفاعل بينهماء إلا أن التزامن والتنسيق بين سلوك الطرفين يعطي 
هذا الدور أهميته وفعاليته. 


36 


الأمومة في الأسرة العربية 
وكفاءة الأهل 


الأسرة العربسية 

بالرغم من تميز العلاقات الأسرية في المنطقة 
العربية بالثبات والاستقرار منذ عدة قرون, إلا أن 
هذه العلاقات تشهد تغيرا سريعا فى وقتنا 
الحاضر. إن مظاهر التنمية الاقتصاذية: وكسازع 
الهجرة من الريف إلى المدينة, وتعاظم دور وسائل 
الاتصال الحديثة, أدى إلى تغير أساسى فى البنية 
الاجتماعية والاقتصادية التي ارتكزت غليها الأسرة 
العربية منذ قرون طويلة. ولا بد أن تنعكس هذه 
التغيرات على تنشئة الطفل وعلاقته بالأسرة: وعلى 
طريقة التعامل معه. 

لقد أكدت الأدبيات التى تطرقت للأسرة العربية 
خاصية (إبراهيم 1885) كلى اللسمات القالية: 

-١‏ الأسرة العربية أسرة ممتدة حيث يتقاسم 
المسكن الواحد أجيال قرابية متعاقبة؛ تربطها شبكة 
معقدة من العلاقات. 

2- تتميز الأسرة العربية بهرمية السلطة الأبوية, 
حيث تبداً بأكبر الذكور سنا وتتدرج إلى أسفل حيث 
أصغر الإناث عمرا. 


17 


الأمومة 


3- تتسم الأسرة العربية بالتضامن والتماسكء. فهي وحدة عضوية 
اقتصادية ودفاعية. وهي أيضا وحدة تكافل نفسي واجتماعي تضمن 
لأقرادها الأمان. 0 

4- الأسرة العربية أسرة تقليدية محافظة؛ حيث تؤكد على استمرارية 
القيم والأعراف والطقوس الدينية؛ وعلى اعتبارات السمعة والشرف وتأكيد 
الولاء الأسري. 

وعند الإشارة إلى هذه السمات لا بد من الأخذ بعين الاعتبار التفاوت 
من قطر عربي إلى قطر آخرء والفروق الأيكولوجية (البيئية) من البادية 
إلى المدينة والفروق الطبقية بين الطبقات الشعبية والطبقة صاحبة الامتياز. 

5- التسامح المفرط في الطفولة المبكرة مما يشعر الطفل بالأمن 
والطمأنينة. وتتغير معاملة الأسرة تدريجيا وتصبح أقل تسامحا بعد سن 
السادسة. فمن الملامح الأساسية للأسرة العربية التغير الحاد بين الطفولة 
الأولى التي تحظى بالحرية والتسامح وبين الطفولة المتأخرة والمراهقة التي 
تعاني من التسلط والتحكم والتوجيه. 

لقد أصابت التغيرات الحديثة المتتالية في ملامح الأسرة العربية الطبقات 
الوسطى بشكل خاص حيث تتجه بها نحو نموذج الأسرة النووية2"7. ففي 
دراسة لإدريس عزام (1985) تبين أن الأسرة الأردنية الحضرية-مثلا-لم تعد 
تميل إلى الروابط القوية مع الأقارب, وأن الآسرة النووية تأخذ أهميتها 
على حساب الأسرة بالمفهوم الواسع الشامل للأهل والأقارب (أسرة التوجيه 
أو الأسرة الممتدة). 

لقد أشارت هذه الدراسة إلى أن البعد السيكولوجى لأسرة التوجيه قد 
بدا بالنافشي اكلم كمد اأسرة الترحه جباعة ترجنية بالسية لأأهرة الزواجية 
بألكووية» اللزلقة سخ الأوسيق الآرلاة .وها ها يقد الماؤفاك القرايطية بن 
الأقارب أبعادها المادية والمعنوية. وتميل الأسرة النووية الحضرية الحديثة 
إلى الاستقلالية والاكتفاء بالعلاقة الشكلية مع هؤلاء الأقارب. 

إن هذا التعديل في العلاقات والروابط الاجتماعية سينعكس بلا شك 
على العلاقة داخل الأسرة النووية» وبالتالي على علاقة الطفل بالأم والأب 
والآخوة والآخوات. 

من هنا تأخذ مسألة تطوير البحث العلمي في هذا المجال أهمية خاصة. 


الأمومه فى الأسرة العربيه وكفاءة الأهل 


قلا بد للبحث من السير بخطا حثيثة كي يتمكن من رصد هذه التغيرات. 
فالأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي يمكنها أن توفر للطفل الأمن 
والطمأنينة. فالتنشئة الأسرية المتسامحة: القائمة على المحبة والديموقراطية 
تؤدي إلى تعزيز شعور الطفل بالأمن والثقة بالعالم. تحتل طريقة معاملة 
الوالدين لأطفالهما مكانة هامة في تكوين شخصية الأبناء. فتنشئة الطفل 
في جو من الحنان والمحبة والتسامح يفعل فعله الكبير في تنمية ثقته 
بنفسه وقدرته على مواجهة شروط الحياة السمحة والقاسية على السواء. 
بينما يؤدي التعامل مع الطفل بنفور وكراهية إلى الشقاء والتعاسة ويدفع 
الطفل إلى النظر نحو العالم نظرة متشائمة. 


المرأة -الأم فى الأسرة العر بية 

إن المجال الوحيد للمرأة في عالم الرجال هو مجال الأمومة. فالمرأة في 
المجتمعات العربية تتحدد بأمومتهاء التي تعتبر القاعدة الأساسية لاستقرار 
المرأة في عائلتها الجديدة (عائلة الزوج). وتشعر المرأة التي تضع ذكرا 
بالاعتداد والرضى لمساهمتها في «شرف العائلة ورفعتها», وتحظى بنظام 
غذائى خاص بعد الولادة على الأقل لا تحظى به تلك التى تلد بنتا (985! 
بمتلتة 1 تال-عأومع3آ) . 

ويتميز سلوك الأمومة بالتقارب الجسدي بين الأم والطفل والذي يعتبر 
امتدادا لحالة الحمل. فيتم اللقاء والتوحد الجسدي بين الطرفين خصوصا 
أثناء الرضاعة التي قد تستمر طيلة سنتين. وتخاطب الأم الطفل وتغني له 
وتلامسه بحنو. فالاتصال شبه الدائم بين الأم والطفل يسهم في إقامة 
علاقة قوية بينهماء ويسرع الإيقاظ الحسي للطفل. 

وتفرط الأم في احتضان الطفل: ويلاحظ ندرة استخدام العربة الخاصة 
بالطفل حيث تقوم الأم بحمله في أغلب الأحيان. مما ينعكس على طبيعة 
الاتصال بين الأم والطفل. 

تبدأ الأم دخول الحياة الاجتماعية العامة بفضل أمومتهاء وفي حال 
إرمالها2) يمكن أن تلعب دورا اجتماعيا هاما. خصوصا إذا كانت أما لذكر 
أو لعدة ذكورء فالأمومة تكسب المرأة احتراما وتقديرا في عالم الرجال؛ 
ضفي مجتمعاتنا يرتبط استقرار المرأة العائلي والاجتماعي وحتى النفسي 


36 


الأمومة 


بقدرتها على الإنجاب. 

ويقتصر دور الأمومة على الأم فقط في البنية الاجتماعية العربية» فلا 
تزال مشاركة الرجل محدودة جدا في هذا المجال بالمقارنة مع المجتمعات 
الصناعية حيث بدأ الرجل مشاركة سلوك الأمومة؛ والمساهمة أكثر فأكثر 
في تنشئة الأطفال وفي القيام بدور نشط للعناية بهم. 


وظيفة الأسرة 

إن الوظيفة الأساسية للأسرة هي توفير الأمن والطمأنينة للطفل؛ 
ورعايته في جو من الحنان والمحبة 1 يعتبر ذلك من الشروط الأساسية 
التي يحتاج إليها الطفل كي يتمتع بشخصية متوازنة قادرة على الإنتاج 
والعطاء. فمن حق الطفل أن يكبر في جو مفعم بالمحبة وفي أسرة يحكم 
علاقاتها التفاهم والثقة. 

وتقوم الأسرة بوظيفة حيوية إذ راطم العناصر الأساسية لثقافة 
الجماعة ولغتها وقيمها وتقاليدها ومعتقداتهاء مما يهييَ الطفل للحياة 
الاجتماعية؛ ويمكنه من السلوك بطريقة متوافقة مع الجماعة؛ ومن التكيف 
مع الوسط الذي يعيش فيه. فالتنشئة الاجتماعية عملية تربوية تقوم على 
التفاعل بين الطفل والأسرة. 

وتختلف طريقة التنشئة حيث تنهج بعض الأسر نهجا قائما على الحوار 
المتيادل مع الطفل: وأخذ مشاعره وآراقه بعين الاغتبار: والإضغاء إليه 
بحيث يتمكن من التعبير عن ذاته بحرية. فالطريقة القاكمة على الديمقراطية 
والتسامح تمهد السبيل لإقامة علاقة أسرية صحية متماسكة؛ يكون الطفل 
طرفا فاعلا فيهاء مما يمكنه من النمو والتفتح: وتنمية الاستقلالية والاعتماد 
على الذاتء وتعزيز الثقة بالنفس. فذلك لا يعني الخضوع لرغبات الطفل 
والانقياد لأهوائه؛ بل يعني مشاركته القرار الذي يتعلق به. 

وتنهج بعض الأسر نهجا مغايرا للطريقة السابقة؛ نهج يقوم على 
الاستبداد والتسلط ويستند إلى القمع والقسوة. ويؤدي هذا النهج إلى 
توجيه الطفلء وقبوله ما يفرض عليه وقتل روح المبادرة والاستقلالية في 
ذاثةء آف إلى :خوزة الطفل :وتمرذه ومعاوضهه المستمرة لكل ها تريد. الأسْشرة 
منه أن يفعله. يترك هذا النهج في التنشئة آثارا سلبية في شخصية الطفل 


1] 10 


الأمومه فى الأسرة العربيه وكفاءة الأهل 


وقد تستمر هذه آثارا على المدى البعيد. فلقد أشارت دراسة الريحاني 
(1985) إلى أهمية أساليب التربية في تعزيز شعور المراهقين بالآأمن أو 
اضطراب هذا الشعور. كما تؤثر أساليب التنشئة فى قدرة المراهقين على 
التكيف وعلى صحتهم النفسية. ١‏ 

في دراسة للأسرة والإبداع. أشار سعد الدين إبراهيم (1985): إلى أن 
هناك تنوعا هائلا في الأوساط الأسرية والاجتماعية التي أنجبت كبار 
العلماء والمبدعين فبعد نشاً في أسر ميسورة: بينما نشأ آخرون في أسر 
فقيرة». وبعضه كان في مواقع السلطة والوجاهة بينما تعرض آخرون لتعسف 
السلطة وبطشها. فهذا التنوع في الظروف التي عاشها المبدعون يحمل 
على الظن بصعوبة تحديد الشروط اللازمة للابداع. 

وتشير نتائج البحوث المختلفة إلى أهمية الشعور بالاطمئنان في المراحل 
المبكرة من حياة الطفلء ليتمكن من الصمود في مواجهة المثبطات والسلبيات 
ف امراحل لاتحقة مس العم فالسامل مع الظمل بإيجانينة ويتحية, والحتراع 
فرديته. يساهم في تفتح شخصيته وتنمية قدراته الإبداعية. 

وتؤكد هذه الدراسة أهمية الأسرة في حياة الطفلء وفي إيقاظ الإبداع 
لديه؛ إذ ترتفع القدرات الإبداعية لدى الأطفال عندما تتيح لهم الأسرة 
فرصة التعبير عن أفكار جديدة؛ وتشجعهم على القيام بأعمال غير مألوفة 
لمن هم في عمرهم., وتوفر لهم فرص القراءة والمناقشة وطرح الأسئلة. إننا 
نشارك السيد سعد الدين إبراهيم الرأي عندما يخلص إلى القول «إن 
التنشئة الاجتماعية في الأسرة العربية بالرغم من أنها توفر بعض المقومات 
الضرورية للابداع, إلا أنها تجمد أو تدمر معظم المقومات الأخرى». والمشكلة 
الصعبة هنا اجتماع «سمتي التسلطية والتقليدية المحافظة وتفاعلها معا. 

وبذلك تعتبر الأسرة العربية نموذجا مصغرا للمجتمع ذاته»؛ ويعتبر 
المجتمع نموذجا مكبرا للأسرة. فمؤسسات المجتمع الأخرى-وخاصة المدرسة 
والدولة-تغذي وتدعم ما بدأته الأسرة مع أبنائها في مرحلة الطفولة المتأخرة. 
والأسرة بدورها تتلقى قيمها ومعاييرها من مؤسسات المجتمع؛: وخاصة 
من المؤسسة الدينية المحافظة؛ والمؤسسة الاقتصادية شبه الإقطاعية أو 
الريعية. ومؤسسة الدولة التسلطية. فهذه المؤسسات تتوقع من الكبار 
الامتثال والطاعة وإلا فالحرمان والقمع والعذاب في الدنيا أو الآخرة أو 


لملا 


الأمومة 


فيهما معا (المرجع السابق ا8). 

ربما كانت وظيفة الآسرة الآهم والأخطر هي وضع المجتمعات العربية 
خارج هذه الحلقة المفرغة من التخلف والتمزق والتبعية. ربما كان على 
التريية أن تنجز هذه المهمة الصعبة التى فشلت المؤّسسات الأخرى فى 
إنجازها . فإذا توقفت الأسرة عن توجيه الأفراد وتطبيعهم وتهيئتهم «للتكيف» 
أو «التلاؤم» مع شروط الواقع المتخلف خارج المنزل فإنها سوف تسهم في 
القضاء على رموز التخلف. وربما لم تتهياً إلى الآن الشروط المناسبة التي 
تمكن الأسرة من إنجاز هذه المهمة الخطرة. 

تحقق الأسرة في تنشئتها أغراض الكبار من أربابها ومن أرباب المؤسسات 
الاجتماعية الأخرى قن المجافطة على الساطة والاحترام والهيبة. فالأسرة 
التي تخرج عن ذلك تعرض أفرادها للإحباط وربما للهلاك. فهي إذن تزوّد 
أغرادها بآليات الحماية الذاتية للمحافظة على الاستمرار والبقاء» فالأسرة 
حلقة في سلسلة اجتماعية معقدة:. إلا أنها أكثر تأثيرا على الفرد في 
المراحل التكوينية الأولى؛ وأكثر حرصا على أمنه. فإذا كان الإبداع ينطوي 
على خطر الموت-لأنه يفترض الاختلاف مع ما هو شائع-فمن الطبيعي أن 
تعمل الأسرة على تجنيب أفرادها هذا الخطر. 

ويمكن النظر إلى المستقبل بشيء من التفاؤل لأن التغيير يتناول قطاعات 
كبيرة من الأسرة العريية. إلا أنه يجب الأخذ بعين الاغتبار بأن التغيير 
الصحيح يحتاج إلى الحرية. 


التنشنة فى الأسرة العربية 

إن الولادة مناسبة سعيدة تحتفل بها الأسرة. خصوصا إذا كان الطفل 
ذكراء حيث تكتسب الأم مكانة هامة بالنسبة للزوجء وبقية الأقارب يعد 
الولادة الأولى. ويكاد يكون أسلوب ثنشئة الأطفال تكرارا لأسلوب الجيل 
السابق (إبراهيم 1985). فالأم تستقي معلوماتها في العناية بالطفل من 
قريباتهاء ونادرا ما تستشير مربيا أو طبيبا أو كتابا. 

ويعيش الصغير ملتصقا بأمه وغالبا ما يتغذى من ثدييهاء ويحظى 
بدفء جسدي وعاطفي. ولا يخضع نومه وتغذيته لجدول مسبقء فذلك 
يرتبط بحاجات الطفل ورغباته؛ ويتسم بالمرونة والتلقائية. ويستمر هذا 


12 


الأمومه فى الأسرة العربيه وكفاءة الأهل 


الأسلوب التسامحي إلى سن الرابعة أو الخامسة. فالطفل يأكل وينام ويلعب 
حينما يرغب. وهو يستقطب اهتمام الكبار وحنانهم وتدليلهم. إلا أن الأمر 
يختلف بعد ذلك حيث يبدأ الأهل مطالبة الطفل بالطاعة ويزجر سلوكه 
عندما يتعارض مع قواعد «التهذيب» ويلعب الأب دورا حاسما في ممارسة 
السلطة التي تراقب وتقمع بصرامة وقسوة بعض الأحيان. ويشارك الذكور 
الكبار من الأقارب الأب في تسلطهم على الصغار بقصد «تهذيبهم». وفي 
هذه المرحلة يبدأ الفصل بين الأولاد والبنات. ويطالب الطفل بأداء بعض 
الأعمال التي تتدرج في الصعوبة مع تدرجهم في العمر. 

فبقدر ما تتسم الطفولة المبكرة بدرجة عالية من التسامحية والمرح 
والحيوية واليقظة: تتسم الطفولة المتآخرة بدرجة عالية من التوجيه والتحكم 
والقمع مما يطبع الطفل-الشاب بالخجل والتشاؤم والتردد. 

لقد تباينت الآراء عند تقييم التنشئة في الأسرة العربية. فمنهم من يرى 
بأن الطفولة-خصوصا في الريف-هي طفولة دافئة يحيطها الحب والحنان 
وتتميز بالحرية والانطلاق. وأن العائلة العربية تتصف بالمودة والتكافل 
والأخوة. بينما يرى آخرون أن نظام العائلة العربية بالرغم من مزاياه الإيجابية 
في التكافلء والقائم على احترام الكبار إلا أنه يقوم على الخلاف والتنافر 
أكثر مما يقوم على الوئام والتعاون. كما أن العلاقات الأسرية تتميز بالغيرة 
والحسد أكثر من تميزها بالمحبة والتسامح. وينمي الأهل كذلك روح الغيرة 
في نفوس الأطفال عند التمييز بينهم ولو بدرجة محدودة. فالطفل شديد 

الحساسية لكل كلمة تنطوي على تفضيل أحد أخوته أو أخواته. 

وبالرغم من أن الأسرة الممتدة تهيئْ للطفل نماذج متعددة للتفاعل؛ وفرص 
أكبر للعطف والتعاون منها في حالة الأسرة النووية, إلا أن الأسرة الممتدة 
التي تعيش فيها أجيال مختلفة من حيث العمر. ومن حيث درجة القرابة 
تشهد الكثير من الصراعات؛ ويسودها عدم الشعور بالأمن والاطمئنان. 

بالإضافة إلى ذلكء تتسم التنشئة في الثقافة العربية بالتسلط والقمع 
الذي يمارس من قبل الأب الرازح هو نفسه تحت نير التسلط والديكتاتورية 
التي تمتد إلى أبعد من الأسرة لتشمل الحياة الاجتماعية بمختلف جوانيها. 
ويكون نمط هذه التسلطية واحدا في جميع الأقطار العربية بالرغم من 
اختلاف ثقافاتها الفرعية (إسماعيل .)١1986‏ فالتنشئة الاجتماعية للطفل 





015 


الأمومة 


تقوم على تطبيعه للانصياع لإرادة الكبار. وذلك عن طريق التسلط؛ أو عن 
طريق الرعاية المبالغ فيها. فقيمة الفرد تتحدد بعوامل السن أو الجنس.ء لا 
بما يفعله أو بما يمارسه من مسؤوئيات ومن نشاطات؛ مما يخلق شخصيات 
جامدة متسلطة تفرض جوا من الاستبداد والانصياع والسلبية. 

إن اعتماد أسلوب العقاب الجسدي خاصة في أوساط الطبقات الدنياء 
كوسيلة من وسائل التنشئة والتهديد بالحرمان من العطف والمحبة. يهدف 
إلى ترويض الطفل وتعويده «الطاعة والأدب». 

ينطوي الاتجاه الاستبدادي في التنشئة على مخاطر جسيمة إذ يثبت 
الخوف في نفس الطفل ويعرضه للعقاب الجسدي والنفسيء ويعيق النمو 
النفسي-الاجتماعي للطفل بصورة سوية. في ذلك خطرء ليس فقط على 
الفرد ونمو شخصيته بل أيضا على المجتمع بأسره. ونجد من الواجب أن 
نضم صوتنا إلى أصوات الكتاب والمفكرين الذين نبهوا إلى خطورة هذا 
الاتجاه على مستقبل الأمة العربية ومصير أجيالها. 

يتلقى الطفل المديح عندما يكون «مطيعا ومؤدبا» ويعزز سلوكه هذا بطرق 
مختلفة في البيت أو المدرسة أو خارجهما. وتكون الفتاة أكثر تعرضا للقمع 
حيث تشعر الفتيات بالحرج من الغرياء؛ ويبدين اهتماما محدودا في النشاط 
الاجتماعي. ويشعرن بحالات من الخجل والعصبية في المواقف الاجتماعية. 

إن التطلور الوق االشخضية و القت الناست لقدرات الطفل وإمكاناته 
يستوجب استبعاد الخوف والتسلطء ووجوب اعتماد الأهل لاستراتيجية 
تقوم على توفير الأمن والطمأنينة وعلى تعزيز الحوار مع الطفل وتفهم 
تصرفاته «غير المؤدبة». 

ولا بد من إعادة النظر في قصص الأطفال بحيث تخلو من العدوان؛ 
وكذلك الأمر بالنسبة لبرامج التلفزيون. فالمشاهد المليئة بالخوف والرعب 
وفصول العنف والعدوان مضرة جدا للأطفال. فاختيار القصص والبرامج 
التلفزيونية يتطلب عناية دقيقة؛ ويجب أن يتولى ذلك لجنة متخصصة. ومن 
الجدير بالذكر أن الكثير من الكتابات التي تناولت الأسرة العربية تنطوي 
على الانطي هات التشخسية والقبيييات التاقضةربنها يميق مى قم الست 
العلمي بحيث يتناول بالدراسة المنهجية مختلف الأوساط الاجتماعية بدوية 
كانت أم حضرية؛ ومحاولة توضيح الفروق في التنشئة بين مختلف الفثات 


114 


الأمومه فى الأسرة العربيه وكفاءة الأهل 


والطبقات الاجتماعية. 


العوامل المؤشرة في كفاءة الأهل 

تتمثل كفاءة الأهل في طريقة تربيتهم للطفل بحيث يتمكن من تنمية 
شخصيته واكتساب القدرات اللازمة للتفاعل المناسب مع محيطه 
الايكولوجي-الاجتماعي خلال المراحل المختلفة من الحياة: مراحل الطفولة 
والمراهقة والبلوغ. وتعتبر قدرة الطفل على التكيف مع وسطه عنصرا أساسيا 
يمكن أن يحدد نجاح الأهل أو إخفاقهم في تنشئة الطفل. 

إننا نملك القليل من البحوث والدراسات المتعلقة بسلوك الأهل. وبالرغم 
من محاولات النظرية الفرويدية التي أدت إلى توفر بعض المعطيات المتعلقة 
بدور الأهل وأثرهم في نمو شخصية الطفلء تبقى البحوث العلمية محدودة 
في هذا المجال؛ وهذا ما يفسر اهتمام الباحثين الأمريكيين في دراسة 
سلوك الآهل وفي كفاءة الأهل (ععمعاءمدمهه لمامععدمط) . توضح الملاحظات 
المتعلقة بالطفولة الأولى أن القدرات المعرفية -والدوافع تنمو بتأثير الانتباه 
والحنو والاستجابة غير المحدودة للحاضن أو الأم وقدرتها على أن تكون 
مصدرا للمؤثرات المختلفة التي تلزم الصغير أثناء نموه. وتسهم في تفتح 
مختلف جوانب شخصيته وإيقاظها. ضفي حالات الولادة قبل الأوان؛ تبين 
أن الأم المرضع الملبية لحاجات الصغيرء والراضية عن طفلها كما هو (غير 
مكتمل النضج) تتميز بقدرة عالية من التعاون والتفاعل مع صغيرها. وتساهم 
في تنمية مشاعر الأمن والطمأنينة في التعلق بينهما (1981 .21 اء نإكاواء8) . 

ويؤدي المستوى المرتفع من التنشئة والاهتمام من قبل الأهل إلى تعزيز 
قدرات الصغير أثناء الطفولة. خلال المرحلة قبل المدرسية؛ وذلك بتفاعله 
مع الأقران ومع الكبار بطريقة ودية تتسم بالتعاون؛ وكذلك الأمر بالنسبة 
للقدرة على استخدام الوسائل المتوفرة. ونضج القدرة على التفاعل مع 
المحيط الاجتماعي والمادي. فذلك يرتبط إلى حد كبير بمستوى التنشئة 
وبدرجة اهتمام الأهل بالطفل ورعايتهم له. 

يحاول الآهل المتسمون بالتحكم والتسلط صياغة ومراقبة سلوك الطفل 
وقياسه في حالة محددة-كحالة التأزم: أو الطاعة لسلطة الأهل ويميلون 
إلى اتخاذ إجراءات تأديبية عند دخولهم في خصومة مع الطفل؛ بينما يخق 


1 75 


الأمومة 


الأهل المفرطون في التسامح بأن يصبحوا عاملا نشطا في صياغة سلوك 
الطفل أو في تعديل هذا السلوك في المستقبل. فهم يقبلون سلوك الطفل 
دون تحفظ مما يحمل أطفالهم أن يوجهوا أنفسهم بأنفسهم. وغالبا ما 
يستخدم الأهل كفاءتهم وسلطتهم. وذلك لقناعتهم بحاجة الطفل إلى الاهتمام 
والمراقبة. فهذه الطريقة في التنشئة يمكن أن تشجع التبادل بين الأهل 
والطفل. كما تعبر هذه الطريقة عن إقرار الأهل بمسؤوليتهم العميقة تجاه 
الصغيرء وذلك بممارسة تأثيرهم عليه. 

وتؤثر طبيعة سلوك الأهل في تطور الطفل؛ فمراجعة الأدبيات المتعلقة 
في هذا الميدان تبين الترابط بين عناصر سلوك الأهل ونمط تصرف الطفل 
مما يحمل على الاعتقاد بأن سلوك الآهل يفسر الكثير من الفروق الفردية 
بين الأطفال. 


درجة حساسية الأهل 

إن تحديد الكفاءة العالية فى تطبيق سلوك الأبوة أو الآأمومة أو ما 
يسمى بسلوك الأهل يعتمد فل دوه الحساسية (5625101090) التي يتمتع 
بها الأهل للوصول بقدرات الصغير إلى تطور أمثل؛ وتهيئة المؤثرات والفرص 
لنموه الانفعالي والسلوكي والاجتماعي والعقلي؛ وشعوره بالآمن والطمأنينة. 
وتعني هذه الحمسانحة القدرة لوق الفوقير جر كاف وإشاراته وحاجاته, 
وتقديم الإجابة المناسبة في الوقت المناسب. كما تعني أيضا متابعة تزويده 
بالعطف والحنان في السنوات الأولى خاصة؛ ومتابعة ذلك بها يتناسب 
وعمر الطفلء ويتوجب على الأآهل توجيه سلوك أطفالهم ونشاطاتهم 
الأساسية دون عرقلة تطور استقلاليتهم ومهاراتهم الذاتية. ويمثل تطور 
التغير في سلوك الأهل استجابة لتطور العضوية البشرية. فعندما يتمكن 
الصغير من تنظيم سلوكه بنفسه يجب على الأهل تقديم الدعم اللازم 
لبزوغ هذه القدرة. إن سلوك الأهل المناسب يجب أن يحمل الطفل من نظام 
المراقبة المفتوحة إلى نظام ممارسة الضوابط والقواعد التي تنبع من ذاته. 
وعندما يكبر الطفل يكون مدعما من الناحية النفسية ومزودا بها يلزم 
لمواجهة المراحل الانتقالية من الطفولة إلى المراهقة فالبلوغ. 

لقد اقترح بعض الباحثين الأمريكيين نموذجا لكفاءة الأهل؛ يستند إلى 


1! 6 


الأمومه فى الأسرة العربيه وكفاءة الأهل 


عنصرين رئيسيين: الحساسية نحو الطفل؛ والإحاطة بشؤونه. ويتحدد هذان 
العنصران بالصبر والثبات في محاولة تفهم عالم الطفل والاعتراف بحاجاته 
للنمو والتطور وبالقدرة على التحمل؛ كون القيام بدور الأهل يتطلب طاقات 
كبيرة ومما يساعد الأهل في بذل الجهود الكبيرة الأمل الواعد الذي يعلقه 
الأفل على الطفل حيث يحملهم ذلك على التضحيات الجمة أثناء قيامهم بدورهم. 


دور الطفل في سلوك الأهل 

تستند الدراسات الحديثة المتعلقة بسلوك الأهل إلى تصور هام يبرز 
دور الطفل في سلوك الأهل حتى ذهب بعضهم إلى القول بأن الطفل يحدث 
تطوره بنفسه. إلا أننا نملك القليل من النتائج المتعلقة بدور الصغير وتأثيره 
وفي سلوك الآهل تجاهه وإن كان معظم هذه البحوث يميل إلى القول 
بأهمية ردة فعل الطفل تجاه الأهل في صياغة سلوكهم نحوه؛ وتأثير الفروق 
الفردية بين الأطفال في سلوك الأهل تأثيرا هاما ويتعلم الطفل من خلال 
التجربة التأثير في سلوك الأهل؛ وهذا ما يعزز لديه الشعور بالقدرة على 
التأثير في المحيط بشكل عام. ومما لا شك فيه أن التأثر والتأثير بين 
الأهل وأطفالهم يكون في اتجاهين اثنين» فالعلاقة بين الطفل والأهل علاقة 
تتسم بالتبادل. ويكون الطفل نشطا في هذا التبادل. 


العلاقات الزوجية وسلوك الأهل 

تؤثر طبيعة العلاقات الزوجية القائمة بين الأم والأب في سلوكهما 
كأهل. وهنا يبرز دور الآب. الذي لا يقل أهمية عن دور الآم؛ إلا أن ممارسة 
هذا الدور تنعكس بصورة غير مباشرة على الطفلء؛ وذلك من خلال علاقة 
الأب بالأم. مما يستوجب اعتبار النظام الأسري كلا متكاملاء تتداخل 
عناصره وتتفاعل باستمرارء فالتوتر والتآزم المتكرر في العلاقات الزوجية 
يرتبط بمستوى منخفض من الكفاءة في أوضاع الطفل من قبل الأم 
(2,1982ه5علء2) . بينما يرتبط التناغم في العلاقات الزوجية؛ والتفاهم بين 
الزوجين بتدخل الأب في شئون الطفل والعناية به فكلما ساد التفاهم 
والصداقة؛ هذه العلاقات: ازداد اهتمام الأب ومشاركته في العناية بالرضيع. 

يلجأ غالبا الأهل ذوو المشكلات الزوجية الحادة إلى استخدام متكرر 


17 


الأمومة 


للحريات / الجسدية:؛ ونادرا ما يعتمدون الحوار المنطقي مع الطفل في 
استراتيجيتهم التريوية. وكثيرا ما تؤثر الجلاحك اروم الترترةكي ريم 
ستيه جنوع السلوك كلد الم حفن . فسلوك الأهل يؤثر بمجمله في تطوّر 
الطفلء ويتوجب عند دراسة هذا التأثير الأخذن بعين الاعتبار طبيعة العلاقة 
الزوجية القائمة بين الأب والأم. 

بالإضافة إلى ذلك يكون للدعم الاجتماعي بأشكاله المنظمة أو العفوية 
درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة للأهل؛ ويترك أثره الكبير في علاقتهم 
بالطفل ويساعدهم على مواجهة الأحداث المزعجة والمؤلمة. 

إن نشاط المؤسسات الاجتماعية من أجل مساعدة الأسرة؛ وتقديم الدعم 
والعون. خصوصا في الظروف الصعبة:؛ يمكن أن يوفر في عمليات الإنفاق 
على المدى البعيدء في الميادين الأخرى الاجتماعية منها والصحية. 

إن سلوك الأهل هو أحد الأبعاد الوظيفية للانسان ويتأثر كفيره 
بالخصائص الفردية وبالتاريخ النمائي للفرد وكذلك بالحالة النفسية الراهنة. 
فطفولة الأهل تؤثر في سلوكهم اللاحق كأهل؛ كما يتبين من نتائج دراسات 
الأطفال المعاملين بقسوة؛ فعدم كفاءة الأهل تنتقل من جيل إلى جيل 


(980١,نواماء8).‏ إلا أن هذه النتائج ت تستند إلى دراسة بعض الحالات السريرية: 
تحب اعدو وفة مخاراة دييها على الحالات العادية إكذلك بالنبية 
لدراسة أصول العنف والعدوانية إذ ت تشير إلى وجود ارتباط بين مراحل 


التطور المبكرة عند الآم وسلوكها اللاحق نحو طفلها. 

تؤثر التجربة المبكرة في طاقات الفرد وقدرته على توظيف هذه الطاقات 
في دوره كأب أو كأم. فالطفل الذي يرفضه أهله-بالمقارنة مع الطفل المتمتع 
بقبول الأهل ورضاهم يكون أكثر عدوانية وعنفا. ويضطرب من الناحية 
الانفعالية وفي تقديره لذاته. ويحمل وجهة نظر سلبية عن العالم. وسيكون 
أكثر قابلية لأن يرفض أطفاله عندما يصبح راشداء بالمقارنة مع الأهل 
الذين سبق لهم وتمتعوا بقبول الأهل ورضاهم: 

إلا أن المسألة التي تبقى بحاجة إلى إيضاح هي الإجابة على السؤال 
التالي: في أية مرحلة من مراحل التطور الفردي يكون تأثير هذه التجربة 
أو تلك تأثيرا ذا دلالة في سلوك الأبوة؟ 

إن النتائج السابقة» بالرغم من محدودية آثارهاء وكونها تتعلق بأبحاث 


1 8 


الأمومه فى الأسرة العربيه وكفاءة الأهل 


إكلينيكية (سريرية) لحالات متطرفة: فهي تفتح أمام البحث طرقا جديدة 
على درجة كبيرة من الأهمية: 

-١‏ ما هي العلاقة بين اضطراب الأطفال وسلوكهم كأهل في المستقبل؟ 

2- وما هي العلاقة بين الخصائص الشخصية والقدرات والطاقات 
الذاتية للفرد وبين سلوكه كأب أو كأم. 

لقد حاولت بعض الدراسات الإجابة على السؤالين السابقين: ومنها ما 
أشار إلى وجود علاقة بين اضطراب الطفولة وبعض خصائص الحياة 
الأسرية كعدم التفاهم بين الأبوين: والانفصال بينهماء ورفضهما للطفل. 

ويرى بعض الباحثين أن من أهم الخصائص الثابتة في تاريخ الأسرة 
التي تسيء معاملة الصغير انتقال ظاهرة القسوة وإساءة معاملة الطفل من 
جيل إلى جيل؛ ومن أهم العوامل المؤثرة في سلوك الأهل تجربتهم السابقة 
مع أهلهم. فالتجربة التي تتميز باللطافة وشعور الطفل بأنه موضع الاهتمام 
والمساعدة؛ تبقى حاضرة في الذهن ومؤثرة في السلوك عندما يصبح 
الطفل بدوره أبا أو أما (21:1983 اه بمكاعسا5) .. 

أما بالنسبة للكبير (السيكوباتي) الذي يعاني من الاضطرابات النفسية وغير 
القادر على إقامة علاقات مع الكبان سوى غاؤاقات بمطلكية استغلالية وعدائية, 
يظهر هذا الكبير علاقات مشابهة مع الأطفال؛ في حال كونه أبا أو أما. 


تأخير العوامل الاجتماعية فى سلوك الأهل 

يتأثر سلوك الأهلية (الأمومة والأبوة) بشروط البيئة والثقافة والمعتقدات 
السائدة والقيم الأخلاقية. حيث توجه هذه العوامل سلوك الناس في حياتهم 
اليومية. فسلوك الأهل-.خصوصا سلوك الأم نحو الطفل-يتأثر بالعوامل 
الخارجة عن نطاق الأسرة وأهمها: 

- الخصائص المهنية لعمل الأب أو الأم. فالآباء الراضون عن عملهم هم 
أكثر نجاحا من غيرهم بدورهم كآباء. ويميلون إلى اتباع استراتيجية الحوار 
والديموقراطية مع الطفل بدلا من استخدام العقاب الجسدي. وكذلك 
بالنسبة للأم العاملة حيث تختلف عن الأم غير العاملة في طموحاتها وضي 
آمالها التي يكون الطفل موضعا لتحقيقها . واختلاف الأساليب المتبعة من 
قبل الأهل يؤدي إلى فروق نمائية عند الأطفال. 


1] 0 


الأمومة 


- تقوم الأسرة بدورها في ظل علاقات اجتماعية محددة وقيم ومعتقدات 
وتقاليد سائدة. ويمكن فهم سياق تأثر الأسرة بمن حولها. فالأشخاص 
المقريون منهم مساعدتها وتقديم الدعم المادي والمعنوي لها عن طريق محبتها 
واحترامها وتقديرها. وهذا يلعب دورا إيجابيا في علاقتها بصغيرها وعنايتها 
به. ونخلص مما سبق إلى أن سلوك الأهلية يتحدد ويتأثر بالقدرات 
والإمكانات الشخصية للفرد. وبخصائص الطفل وبالمصادر المتوفرة في 
المحيط إيجابية مساندة أم سلبية محبطة. فكل هذه العوامل تؤثر مجتمعة 
في صياغة سلوك الأهل الذي يحمل كنظام بكامل بتأثر بالعناصر السالفة 
الذكر. فإذا أصاب الخلل أحد هذه العناصر تأثرت العناصر الأخرى. وتشير 
أدبيات البحث في هذا المجال إلى أن أهم هذه العناصر طاقات الأهل 
وكفاءتهم. فالخلل الذي يصيب خصائص الطفل مثلا يمكن تعويضه إذا 
تمتع الأهل بكفاءة مناسبة (21.1984 ه نزعاواه8). فالطفل الذي يولد قبل 
الآوان يمكنه التطور تطورا عاديا في الطبقات الوسطى حيث تجتمع كفاءة 
الأهل. وشروط المحيط الإيجابية الداعمة؛ بينما يختلف الأمر لمثل هذا 
الطفل فى الطبقات الدنياء إذ قد تتسبب الولادة قبل الآوان فى طرق 
وككازات سقمرية: 

يتبين مما سبق أن سلوك الأهل عامة وموقف الأم تجاه صغيرها خصوصا 
يمكن أن يتأثر بعوامل عديدة, وقد تتداخل هذه العوامل وتتعارض في 
تأثيرها حيث أن مصادر التأثير ليست متساوية في دعمها وفي درجة 
حاجتها من قبل الأهل. فارتفاع كفاءة الأهل يرتبط إلى حد بعيد بالدعم 
العاطفيء وبالمساعدة الفعالة وبإقرار الجماعة لهذه الكفاءة وتشجيعها. 


سلوك الأمومة وتطور الطفل 


دور الأم فى تعلم اللغة 
مرحلة ما قبل الكلام 

غالبا ما يتوقف الطفل الحديث الولادة عن 
البكاء عندما يسمع صوت الأم؛ وكذلك تتوقف الأم 
عن فعل أي شيء عندما تسمع صوت طفلها . فكأن 
الطفل والآم يملكان القابلية لسماع بعضهما البعض؛ 
وإصغاء الواحد منهما إلى الآخر. 

منن الأيام الأولى يحدث التبادل بين الأم والطفل 
وجها لوجه. ويشترك الاثنان في تفاعل معقد. 
فالصغير يحرك وجهه وشفتيه وجذعه وذراعيه 
باتجاه الأم التي تتلقى هذه الإشارات والحركات 
بدورهاء وتتوجه نحوه بالإصدارات الصوتية 
والحركات الإشارية. 

وتبدأ الأم بالحديث إلى الطفل بحنو واهتمام 
وتتغفير صيغة هذا الكلام. وتصبح أكثر انتظاما 
وموسيقية. وتتميز بالتكرار وبنبرة خاصة وهذا ما 
يعرف بالكلام إلى الطفل الحديث الولادة. 

وتصبح الأم أكثر نشاطا وتظهر اللعب وحركات 
إيقاعية محددة؛ وتبالغ في حركات رأسها وجسدهاء 
وتحاول ملامسة الطفل بمحبة وحنان. وعندما تلعب 
مع الصغير بهذه الطريقة تحاول أن تستخدم أصواتا 


الأمومة 


بلا معنى؛ وتغني بصوت عال مقاطع غنائية لا معنى لها (979!,معطامة:ت12) . 
ررق تريفارسق اتامن اللتتيل بخضوع الكلام كرجه لعفل التسعين إلى 
قواعد تعبيرية لا شعورية؛ يتم استدعاؤها بطريقة آلية. وهي مبنية بحيث 
يكون فهمها محدودا . ويرفض الاعتقاد السائد الذي يعتبر هذه الخصائص 
قبيرا عع السيظ ويرك كوا صيكة خاقنة خرن التواضل بين الأم والطفن: 

يبدو هذا التكيف الآلي لسلوك الأم وكأنه يهدف إلى التقاط احساسات 
الصغير وقدراته الاتصالية. ويعتبر حديث الأم المتزامن مع حركات جسدية 
خاصة صيغة من التكيف مع القدرات المعرفية والتعلمية والمعلوماتية للطفل: 
ودعما قويا للتطورات المعرفية الآولية عنده (977! ,عاءدناهمة2 نصة عاء5ناهمهط) . 

ويوافق الكثير من الباحثين على أن الاتصال اللاكلامي7' (بواسطة 
الأضارات اليذه التعليده التغابير الوجيية الابضاف العدي العبوين: 
الإصدارات الصوتية) يعتبر نقطة انطلاق هامة في تطور الاتصال الكلامي 
في مراحل لاحقة من العمر. 

يشيه البحكن هذا الشاذاء يعطوي الاكة هقد الظفل»نوريما كان الريملة 
التي تمهد لاكتساب اللغة الكلامية؛. فالسياق الإبداعي الذي يؤدي إلى 
الناهم والسافل جين الأم والطادل بيشكل حجر انراوية حى خطور الطفين 
المعرضي واللغوي وإدراكه المعني (1977 ,معطاتهه) . 

كيف يبدأ الطفل بإدراك المعنى؟ وكيف يستخدم ذلك في تخاطبه مع 
الآخرين؟ لكي نتمكن من الإجابة على هذين السؤالين لا بد من دراسة 
خيسية لتطور للفلا فى منحكلت ماحل كهو اظفل وتملوو شررته على ناد 
نظام لغوي واستخدامه في تفاعله مع الآخرين. 

لقد اكتسب النوع البشري القدرة على تعلم اللغة عبر التطورء فالكائن 
البنشري تغاور كسخارى لقرى ويطيه .36 | السياق الاق يتل مز تهيل إلى 
جيل في تطوره على تفاعل الطفل مع الأم. 

يتمكن جميع البالغين الطبيعيين من الكلام. ويظهرون درجة معقدة من 
التعابير الوجهية وحركات الأيدي التي تتزامن مع الكلام: فالتعبير البشري 
نسظد إلى قاضوة قطرية شع كةا بين جميع البشورمهها الختافت عروقهم 
وثقافاتهم. فالكلام يندمج مع التعابير الانفعالية الخاصة باللغات المختلفة, 
ويبدو النشاط الحركي المرافق للكلام أكثر وضوحا في بعض اللفات. 


سلوك الأمومه وتطور الطفل 


ويعتبر الابتسام من الميزات الاجتماعية للنوع البشري المكتسبة أثناء 
التطورء ويظهر هذا السلوك بفعالية كبيرة في الشهر الثاني من العمر 
كإشارة للسرور وللاستعداد للتواصل. 

فالابتسام وثفثفات الفرح التي يبديها الصغيرء تثير اهتمام الأم إذ تكون 
شديدة الحساسية للجهود التي يبديها الطفل عندما يبتسم ويحرك شفتيه 
فهي تفسر ذلك كمحاولة منه للكلام ١977(‏ بمعطتيوت12) . 

ويحاول الصغير إجابة الآم بأصوات محددة وبطريقة متناسقة مع أسئلتها 
المتكررة التي تطرحها بإيقاع موسيقي معين وتتخللها برهة زمنية «دمخصصة» 
لاستجابة الصغير. ويتميز الاتصال ما قبل الكلامي عند الطفل بتغير هام 
في عناصر التفاعل مع المحيط أثناء السنة الأولى من العمر. ويصعب 
تفسير تطور اللغة عند الطفل بالاستناد إلى سياق الاتصال غير الكلامي. 
فاللغة بالمعنى الدقيق يمكن أن تكون نظاما منفصلا يبدأ بالتطور في مراحل 
لاحقة تتناسق وتتزامن مع وسائل الاتصال اللاكلامي. 

ولا تزال مسألة العلاقة بين تطور الاتصال اللاكلامي وتطور اللغة مثار 
جدل في أوساط الباحثين. فمنهم من يرى أن الأم تحضر الطفل في السنة 
الآولى لتطوير عناصر أساسية ضرورية لتعلم اللغة. وهذا ما يفضي إلى 
القول بأن الأهل يعلمون اللغة والطفل يملك القابلية والاستعداد لذلك. 
فالطفل في عامه الثاني يكون قد حضر من خلال تفاعله مع الحاضن 
الأولي لتعلم قواعد اللغة والتعلم بشكل عام ضمن ظروف مثلى. 

ويمكن الافتراض أن العناصر الأساسية لتعلم اللغة تنمو وتتطور بصورة 
منهجية من خلال السلوك المتبادل بين الطفل والأم. إلا أنه لم يتم التحقق 
من صحة هذه الفرضية كما لم يتم نفيها . فالتحقق من هذه الفرضية يجب 
أن يتم من خلال دراسة الفروق الفردية للتفاعل بين الطفل والأم. 

أظهرت دراسة ريكس (1979 ,81615) للاتصال الصوتي عند الطفل في 
المرحلة قبل الكلامية؛ أن الصغير بين ١2(‏ و ١8‏ شهرا) ينطق ببعض الكلمات 
«ماما» «دادا»»«بابا» دون أن تتعلق بشيء واقعي فهو يقلد هذه الكلمات عند 
نطقها من قبل الكبار. وفي مرحلة لاحقة تظهر مجموعة أخرى من الكلام 
كإجابة على أحداث محددة. 

لقد أشارت هذه الدراسة إلى أن تقليد الكلمات من قبل الطفل العادي 


الأمومة 


يعتمد على قدرته على الإمساك بمعناها. فعندما يتلفظ الصغير بكلمة 
يصغي لها ويكررها أكثر مما لوكانت صادرة عن الأهل أو الآخرين. فالطفل 
في خطواته الأولى على طريق اكتساب اللفة يصغي للمضمون أو للمعنى 
وبعدها فقط تؤثر خصائص الصوت في استجابته. تتوجه الأم بالكلام إلى 
الصغير معتبرة إياه قادرا على المحادثة. فهى عندما تتحدث إلى طفلها 
تعامله كما تعامل الآخرين القادرين على العسرية بنفس اللغة (1979 01م5: 
1.. ويلاحظ هذا السلوك في بعض المجتمعات والزمر الثقافية دون 
غيرهاء عندما تعتقد الأم أن الطفل كائن مستقل يجب الاتصال معه. بينما 
لا يلاحظ ذلك فى المجتمعات التى يسودها الاعتقاد أن الطفل هو امتداد 
للأمكما هو الخال في العافة البابانيقوي كال ليس مرق العبرووى متخاطيتة 
والحال هذه ككائن مستقل (المرجع السابق). 

كما أشارت الدراسة السابقة إلى اعتقاد الأم أن الأصوات الصادرة عن 
الصغير على عدة أنواع؛ لكل منها معنى خاص. وهي تشعر أن الطفل في الشهر 
السادس يفهم بعض خصائص كلام الكبار. خاصة عندما تتكرر الجملة بنبرة 
معينة. كما تعتقد الأم أنه يتعذر على الطفل فهم عبارة تتضمن أكثر من كلمتين. 

تظهر الأم التعبير الكلامي أثناء حوادث وفرص محددة قد تتعلق بسلوك 
الطفل أو بسلوك الأم. إلا أن الكلام يظهر أيضا دون أن يكون على صلة 
بذلكء, وإنما يكون عبارة عن تبادل ولعب دون سبب واضح. ويترافق هذا 
اللعب أحيانا بالغناء في إيقاع خاصء وتعرف هذه الظاهرة عند مختلف 
الشعوب. حيث تغني الأم أغنيات خاصة بالطفل الصغير. وتكون هذه 
الأغنيات معروفة غالبا من قبل الجماعة الثقافية التي تنتمي لها الأم. إلا 
أنها تبدع أحيانا أغنياتها الخاصة؛ وتلحن عبارات عادية تتعلق بمهامها 
المختلفة أثناء عنايتها بالطفل. 

وفي دراسة للمؤلف تبين أن التبادل الكلامي يحتل مكانا بارزا في 
التفاعل بين الأم والطفل (18- 24 شهرا) أثناء تناول هذا الأكينيهية 
العشاء. كما أوضحت هذه الدراسة أهمية هذه الوضعية في تعزيز تعلم 
اللغة وتطورها عند الطفل حيث تقوم الأم بتصحيح أخطاء الطفل وتشجيعه 
عندما يتكلم بصورة صحيحة (,1987 عقاده؟) . 

وتجدر الإشارة إلى أن الأم التي ترضع الطفل عند طلبه تجد من الفرص 


54 


سلوك الأمومه وتطور الطفل 


للتفاعل معه والحديث إليه أكثر من الأم التي ترضع وفق برنامج محدد. 
وذلك نظرا لوضعية الطفل ودرجة يقظته. غفي حالة طلبه الرضاعة يكون 
على درجة من اليقظة ومن القابلية لتلقي المؤثرات الخارجية أفضل بكثير 
مما لو تم إيقاظه من أجل الرضاعة وفق برنامج محدد مسبقا. 

ويعتبر اللعب واستخدام الأشياء على درجة كبيرة من الأهمية في توفير 
الفرص للمؤثرات الكلامية. خصوصا إذا ترافق اللعب بالمزاح والحبور حيث 
يعطي الطفل الفرصة ليفعل شيئًا ما يتناسب وسلوك الأم أو حديثهاء وهذا 
ما يشعر الأم بأنها في حالة اتصال حقيقي مع الطفل. 

إن تنظيم كلام الأم (بطريقة تمكن الصغير من التنبؤٌ بالحوادث التي 
ترتبط بحديث الأم) يساعد الطفل على تنظيم عالمه وإدراك الترابط بين 
هذه الحوادث وتمييز النشاطات المختلفة وتوقع حوادث المستقبل. إلا أن 
الإصدارات الصوتية للأم تكون قليلة الحدوث في بعض الثقافات مما 
يحملنا على الحذر قبل القول بأن تعلم اللغة الطبيعي عند الطفل يتطلب 
حديث الأم ويستوجب لعبها معه وتعليقها على الحوادث والألعاب: ومعاملته 
كقرين في المحادثة. 

لقد تركز اهتمام الباحثين على دراسة تطور التبادل اللغوي الكلامي بين 
الأم والطفل. حيث كنا نجهل-إلى وقت قريب-اللغة «اللاكلامية» التي تسبق 
مرحلة الكلام؛ وسياق تطورها بين الأم والطفل وأثرها في تعلم اللغة الكلامية 
في المراحل اللاحقة من تطور الطفل. إلا أن هذه المسألة بدأت حديثا تجذب 
اهتمام الباحثين. حيث تعاقبت البحوث التي تدرس «اللغة الجسدية» أو 
«اللغة اللاكلامية» أو ما يسمى «باللغة قبل الكلامية». ففى دراسة سلوك 
الإشارة إلى شيء ما بواسطة أصبع اليد (عصتصتمط) اطضت دراسة مورضي 
ومسر (1977,ء5و116 لصة 'زطمعت31) أنه من المهم لكل من الطرفين أن يري 
الطرف الآخر ما يمكن أن يثير اهتمامه فى المحيط الخارجىء ويترافق هذا 
المازك بالخابة التسرية لاتجاد إقازة الأمسي زيعدهي على الصكيو ان 
يفصل بصره عن يد الأم عند إشارتها لشيء ما قبل أن يبلغ السنة من العمر. 
فبدلا من النظر إلى الاتجاه المشار إليه يتثبت بصر الطفل نحو يد الأم. وضي 
أبحاث أخرى تبين أن الطفل يتمكن من فهم هذا السلوك عند بلوغه الشهر 
التاسع. وتقوم الأم عادة باستخدام سلوك إشارة الإصبع بعد أن يبلغ طفلها 


الأمومة 


منةاهن الحجر بيتها وظهرع الطلل فى عبرل خاي مشر يرا 

لقد أوضحت الدراسة السابقة اعتقاد الأم بأن إشارة الإصبع وحدها لا 
تكفي. فلا بد من مرافقتها بسلوك آخر (بصري أو سمعي) ليتمكن الطفل في 
عمر ضعة الآشهر من فهمهاء فشروع الآم بالتاشير شعو شي ما يزامن مع 
النظر إليه ثم توجيه البصر نحو الطفل لتقدير تأثير السلوك الإرشاديء ويترافق 
هذا السلوك بالتعبير الكلامي للأم الذي يختلف باختلاف عمر الطفل؛ فالأم 
تستخدم لغة أكثر تعقيدا عندما يتعلق الأمر بطفل في الشهر الرابع عشر بينما 
تميل إلى التبسيط وإلى تأكين الطلب يصيغة الأمر عندما تتجه نحو طفل في 
الشون الفا وذالك لزياذة معالية تريديانيا.كالام سستعوم السلولك الأشاري 
لتوجيه انتباه الصغير نحو شيء ماء ولإقامة التفاعل المتبادل معه. 

وتجدر الإشارة إلى آنه خلال السنة الأولى من العم يضبع القباذل ذا 
معنى محدذ بالنسبة للأم وبالنسبة للطفل: ويتميزهذا التبادل بالإعادة والتكرار: 
وتتوقف الأم عادة عن تكرار سلوك ما عندما يتوقف الطفل عن النظر إليها . 

ويتمكن الصغير في عامه الأول قبل الكلام من الدخول في علاقات 
اجتماعية مع البالغين؛ وينفي تدريجيا مهارات للتواصل مع الآخرين. وتأخذ 
حركاته وأفعاله معانى محددة. إلا أن نفس الحركة قد تأخذ معنيين مختلفين 
تاخقاذف الشروط الح قرت ضما . 

ما الذي يتعلمه الطفل كي ينتقل من مرحلة ما قبل الكلام إلى مرحلة 
انبتعفال اللئةة نعتمن 'تطور اللغة-إلئى حل كبيرة على ما اكتسية الضغير من 
مفاهيم ومعان في المرحلة السابقة للكلام: وعلى تجربته في استعمال كلمة 
أو عبارة أوفي مجال دلالات الألفاظ وإيقاعها الصوتي. غذلك يمهد السبيل 
لانبثاق اللغة التي تكتسب تدريجيا من خلال التجربة اليومية التي يعيشها 
الطفل (1977 بتعصنم8) . 1 

ويملك الطفل منث البداية القدرة على التداء وطلب المساعدة: وتشتق 
هذه القدرة من العناصر الفطرية للتعبير عن الضيق الذي يدفع الكبار 
للتدخل. فالكثير من الأمهات يزعمن بأن لديهن القدرة على تمييز عدة 
أنواع من نداءات الصغير في شهره الثالث أو الرابع؛ وذلك استنادا إلى 
الإيقاغ الخاصض بكل نداء (الرجع السايق) 

ويتم اكتساب اللغة في إطار من الحوار واللعب حيث يتهياً المناخ للتقدم 


56 


سلوك الأمومه وتطور الطفل 


في ذلك. فالتفاعل بين الأم والطفل يتراجع في الحالات الجدية إلى الطلب 
والرد على الطلب أما في حالة اللعب فيتقدم التفاعل باطراد مما يوفر 
الفرصة للتعرض لمؤثرات لغوية هامة في تطور اكتساب اللغة عند الطفل. 

تصدر الأم المؤثرات الصوتية بما يتناسب ومراحل تطور الطفل. والطفل 
أيضا يأخذ دوره فى ذلك؛. ويمكن ملاحظة فترات قصيرة من التداخل فى 
الإضتدار الميوتي ناكم والظفل, إلا آن تنظيم تاذل الأذوان بينهما يعود إلى 
مبادرة الأم. فهي التي تهيئْ الفرصة للطفل كي يظهر كفاءته ويعبر عن ذاته 
وهي التي تتدخل لتملاً الفراغ أثناء توقفه عن الثفثفة والمناغاة (977! ,هثنهطء85) . 

ويمكن أن نخلص إلى القول بالتكامل والاستمرارية بين مرحلة اللغة 
اللاكلامية ومرحلة اللغة الكلامية؛ واستخدام الطفل والأم للعناصر الإشارية 
والصوتية في تفاعلهماء وتنسيق العناصر الكلامية وغير الكلامية وتزامنها 
فضي العلاقة المتبادلة بين الطفل والأم. 


الأم والنمو المعرفي عند الطفل 

إن تأثير الآم في التطور المعرفي للطفل غير معروف بشكل جيد حتى 
أيامنا هذه. فنحن لا نزال نجهل تأثير الحرمان من الأمومة المناسبية على 
النمو المعرفي عند الطفل. فلا بد من تطوير الأبحاث الممتدة كي نتمكن من 
في المرحلة قبل المدرسية. 

تبدأ الأم منن الأسابيع الأولى من حياة الطفل بالحديث عن انتظام 
دوراته المتعلقة بالنوم والجوع والتغذية: متى سينام؟ وكم من الوقت سيستغرق 
نومه؟ وكم من الحليب سيأخذ في هذه الوجبة؟ ومتى سيأخذها؟ وكيف 
يمكن تفسير بكائه في هذه الفترة من اليوم؟ تطرح الأم هذه الأسئلة في 
محاولة لفهم الطفل؛ فهي بحاجة لترى الانتظام في سلوكه: ولتشعر بالقدرة 
على تفهمه؛ ولا تكتفي الأم بأن تكون قادرة على توقع حالات الطفل المختلفة 
التي يمر بها خلال اليوم, وإنما تريد أن تكون مشاركة في تنظيم هذه 
الحالات.. وأن تسهم في تكييف حالاته المختلفة يما يتتاسب وبرنامجها 
دون أن يؤدي ذلك إلى اضطراب الطفل (1977 ,16296) . 

وتشعر الأم بالقدرة على الفعل عندما تؤثر في تعديل مسار حالات الطفل» 


]57 


الأمومة 


وتشعر بالألم والإحباط عندما تخفق في ذلك. وتبدا الأم أثناء الرضاعة-مثلا 
بتفسير توقف الطفل عن المصء من برهة إلى أخرىء كإشارة لضعف قدرته 
على الرضاعة؛ وترى في ذلك فرصة لإصدار المؤثرات. فالأم والطفل يملكان 
برامج متنوعة إذ يستجيب الطفل الحديث الولادة بجملة من المنعكسات في 
حالات الجوع أو الألم أو البرد. ويصبح بالتدريج قادرا على توقع سلسلة 
الحوادث التي تؤدي إلى إظهار هذه المنعكسات. فهو يتأثر بالتجربة الانتقالية 
من حالة الجوع إلى حالة الشبع ومن حالة البرد إلى حالة الدفء. 

تؤثر وظائف التكيف المختلفة عند الطفل في تطور سلوكه. ويعتبر الحصول 
على الغذاء من أهم هذه الوظائف تأثيرا في الوسط الاجتماعي؛ وهذا 
يحمل نتائج تطوريّة. فانتظام سلوك الطفل يمكن أن يفرض تنظيما ما في 
محيطه. فلم يكن عدم النضج-الذي يتميز به الطفل الحديث الولادة-صدفقة 
بل ربما كان من أهم مصادر قوته؛ إذ يضمن درجة من الانتظام والتوقع فيما 
يتعلق بسلوكه وبحالاته المختلفة. حيث تستخدم الأم قدرتها على التنبؤٌ بالبنية 
الزمنية لسلوك طفلهاء وذلك لبناء القاعدة الأساسية للتفاعل المتبادل؛ القائم 
على الفعل ورد الفعل عبر التمايز المتبادل للاستجابات المختلفة. 

ويقوم الترابط القوي بين أغراد النوع البشري على الاتصال والتعاون, 
حيث تنتقل كمية هائلة من المعارف عبر التفاعل والتخاطب. وهذا يحتم أن 
يمتلك الطفل الحديث الولادة القدرة على تعليم أهله كيف يمكن أن يتفاعلوا 
معه. وعندما يأخذ كل دوره في عملية التفاعل يكون في ذلك تمهيد للحوار 
اللغوي المستقبلي. فالطفل والأم يتعلمان أن يأخذ كل دوره؛ وأن يقرأ إشارات 
الطرف الآخر فيما يتعلق ببداية دوره ونهايته. فهما يتعلمان قراءة نية الآخر 
وتفسير عواطفه وإشاراته المختلفة. 

إن تكرار الأم لمؤثر ما من شأنه أن يشد انتباه الصغير وينشط تعابيره 
الوجهية (1977 ,1ه8ع50). أما تكرار الطفل لحركة ما فيدفع الأم للتحقق من 
تأثيرها ومن قدرتها على توقع ماذا سيفعله الطفل. ويعتقد هذا المؤلف أن 
هدف الطرفين ليس الاستجابة أو إثارة سلوك ما بقدر ما هو المحافظة على 
مستوى معين من اليقظة:؛ أو لإرضاء حاجة ما. ويثير تكرار الأم لحركة ما 
اهتمام الصغيرء مما يدفعه للنظر إليهاء ويمكن للأم-مع كل عرض جديد 
لنفس المؤثر مع بعض التغيرات-أن ترفع من احتمال الحصول على استجابة 


سلوك الأمومه وتطور الطفل 


من قبل الطفل (المصدر السابق). وتجدر الإشارة إلى أهمية أن يمتلك 
الطفل حرية التوجه ببصره نحو الأم أو امتناعه عن ذلك. فالطفل الذي لا 
تسمح له أمه بتوجيه بصره نحوهاء أم بعيدا عنهاء يميل إلى قضاء وقت 
أقل بالنظر إليها بالمقارنة مع الطفل الذي يتمتع بحرية التوجه ببصره 
حيثما شاء (5:6:2,1974). لقد أشارت البحوث السابقة إلى العلاقة بين 
درجة انتباه الطفل وبين مستوى التفاعل (طفل-أم) فتنوع التفاعل واستمراره 
يرتبط إلى حد بعيد بدرجة انتباه الطفل ويقظته. وتتميز البنية السلوكية 
للأم وصغيرها بتبادل المؤثرات بانتظام: والذي يتمثل بمختلف الحركات 
والأفعال التعبيرية والتواصلية كالثفثفات المختلفة. والعرض الوجهي التعبيري. 
والتبادل البصري. وتكون هذه المؤثرات على درجة عالية من التنظيم. فالام 
تستخدم مثلا المؤثر اللمسي حسب إيقاع محدد يتشابه بإيقاع الجمل الصوتية 
التي تطلقها باتجاه الصغير (977! ,21 ]© صرعاة) . 

فالآم من خلال لعبها مع الطفل تقوم بتنظيم سلوكها وتعديل استراتيجيتها 
بما يتناسب وحالة طفلها من حيث التكرار والشدة. والصيغة,. والتغير, 
والزمن. وذلك لتضمن إيقاظ اهتمام الصغير وتركيز انتباهه. 

فالطفل منذ الولادة يعيش في إطار اجتماعي. ويصعب عليه البقاء 
والاستمرار خارج هذا الإطار. فيثبت سلوكه ويتبدل من خلال فعل الآخر 
أو من خلال حضوره. فالتفاعل الاجتماعي على درجة بالغة من الأهمية 
بالنسبة للطفل. فهو ضرورة بيولوجية تحتمها متطلبات النمو الجسدي 
والتطور العقلي-المعرفضي. 

وتوفر الأم للطفل أول فرصة للتعرض للوجود البشريء. وللاتصال 
بالآخرين؛ فمن خلال سلوك الأمومة يتمكن الصغير بواسطة حواسه- 
كالسمع والبصر-من تكوين صورة عامة للوجه الإنسانيء وللانفعالات 
المختلفة التي تظهر في التعبير الوجهيء ويتعلم الطفل مع الأم كيف يمكن 
أن يصبح الابتسام أو الثفثغة حدثا اجتماعيا . ويبداً الطفل مع الأم بتشكيل 
روابط التعلق» ويكتسب من خلال تجربته معها مدى تأثير سلوكه 
الاجتماعي؛ وكيف ينظم بنفسه حالات اليقظة وحالات العاطفة. فسلوك 
الأمومة 5 للطفل-من خلال الأقنية الحسية المختلفة-تجريته الأولية 
في سياق الاتصال البشري. 


56 


الأمومة 


الأمومة ومشكلات الطفولة 
الأمومة والاستقلال الذاتي عند الطفل 

إن مهمة الأسرة هي أن تحمل الطفل شيئًا فشيئًا إلى الاستقلال وتهدف 
إلى تشجيع الاستقلالية عنده بما يتناسب والمراحل المختلفة من مراحل 
النمو حتى يتمكن من الاعتماد على النفس ومن خوض غمار الحياة دون 
اتكال على الغير. إلا أنه بعد مرحلة من الاتحاد الكامل بين الأم والطفل 
يصعب على هذا الأخير تحقيق الذات وتنمية الاستقلالية الفردية. ولا 
تسهّل نزعة الأم إلى التملك تطور قدرة الصغير في الاعتماد على نفسه. 
وضي أحيان كثيرة وبعد بلوغ الثالثة من العمر. يصعب على الطفل التحرر 
من أمومة أمه؛ بالرغم من مشاركته لآترابه في ألعاب متعددة. مما يؤدي 
إلى تجمد التطور بسبب الأم التي تبالغ في حمايتها للصغير وتضخم من 
أمومتها؛ فالأمومة القوية والإغراط فى احتضان الطفل وحمايته أكثر مما 
يجب ظاهرة واسعة الانتشار ضي المجتمعات العربية. خاصة إذا كان الطفل 
ذكرا . فمحاصرة الطفل داخل دائرة محبة الأم المطلقة لا يسهل انطلاقته 
لإقامة علاقات حميمة أخرىء ويعرقل تحقيق الذات وتنمية الاستقلالية 
والثقة بالنفس. 


الآثار السلبية للحماية المبالخ فيها 

قدم الباحثون عدة فرضيات لتفسير الأسباب التي تجعل طفلا أكثر 
اعتمادا على الآخرين دون غيره من الأطفال: وكذلك لشرح الأسباب التي 
تجعل هذا الطقل يشعر يالغم والكرب عند الاتفعال عن الآم. من هذه 
الفرضيات جا يوك علج التجاني الدانكلى»ويزمع انض الأطمال ترتن 
عندهم أكثر من غيرهم الحاجيات الجنسية «الليبيدو». وبالتالي فهم بحاجة 
أكثر من غيرهم إلى المكافأة والعطاء والاهتمام (315. ::ز16نلدهظ8 مآ ,متعم 
م ,73 ). وفي إطار نظرية التحليل النفسي أيضا هناك من يقول إن دافع 
اللوكديكين اكت كتظورا عقة طن الأظفال مانا ينل سم كبرهم مجر هذا 
الدائع ويعلق سن فاته بالقلق والعرب والمبوط والشوف من الوت» 

لقد تعرضت هذه الفرضيات للكثير من الانتقاد. مما حمل بعض أنصار 
تعطرية اللغطيل لعي علي [بزاق ا معية دوو :)حيط ف كدربور اف 


600 


سلوك الأمومه وتطور الطفل 


الاعتماد على الغير؛ والتأثر المفرط عند الانفصال عن الأم. وحاول هؤلاء 
تقديم فرضيات جديدة لتفسير المظاهر السابقة من هذه الفرضيات: 

-١‏ إن الولادة الصعبة والصدمة القوية التي يتعرض لها المولود في 
الأسابيع الأولى نتيجة التغير المفاجيٌ بين الوسط السابق (بطن الأم) والوسط 
الجديد يمكن أن يصعّد من ردود فعل القلق» ويؤدي إلى تطوير استجابات 
مبالغ فيها لمواجهة «الأخطار» الخارجية في مراحل الحياة اللاحقة. 

2- يكون بعض الأطفال موضوعا للدلال المبالغ فيه (الإفراط في إرضاء 
حاجات الليبيدو) من قبل الآهل مما يدفعهم للمطالبة بالمزيد» وعند تعذر 
ذلك يشعرون بال معاناة القاسية. 

3 - يكون بعض الأطفال مفرطي الحساسية لاحتمال الانفصال أو 
الحرمان من المحبة من خلال تجربتهم الفعلية بالانفصال أو نتيجة التهديد 
بالتخلي عنهم. 

ولا تزال الفرضية الثانية تحظى بموافقة العديد من أنصار نظرية 
التحليل النفسي. فالمبالغة في تدليل الطفل تجعله كثير المطالب. وشديد 
المعاناة عند عدم تحقق هذه المطالب. 

لقد سبق لفرويد أن شجع الأمهات على تقبيل الصغير ومداعبته بحنو 
ولكنه حذر من المبالغة في ذلك. فالحنان المبالغ فيه قد يوقظ أحاسيس 
الطفل بشكل مبكرء ويجعل من الصعب إرضاء حاجته للمحبة فيما بعد. 
وبالرغم من شعبية هذه الفرضية. إلا أنه لا يوجد ما يثبت أن التعلق القلق 
هو نتيجة المحبة المبالغ فيها من قبل الأهل. 

لقد أشار ماكورد ورفاقه (1962 6621 01000:0) في دراستهم لمجموعة من 
الصبيان المعتمدين على الآخرين بشكل مفرط إلى تميّز علاقاتهم مع الأم 
بالقلق. ويعرب غالبية هؤلاء عن الشعور بالدونية والخوف الذي لا مبرر له 
فهم يعانون من رفض ولا مبالاة من قبل الأهلء ومن مقارنة مجحفة بينهم 
وبين أخوتهم: وهم دوما في الجانب السلبي بينما يكون الأخ أو الآخت 
موضوع المقارنة في الجانب الإيجابي. ولقد لاحظ هؤلاء الباحثون أن 
العلاقات العائلية لهؤلاء الأطفال تتسم بالمشاجرة والخلاف. 

وفي دراسة أخرى (957! ,21 :© :563) تبين أن الأمهات اللواتي يظهرن 
الفوق: وفقاذ الصدي وقتة اسان نحو الطفل دميل اطفاليق إلى الامقياد 


6١‏ ا 


الأمومة 


على الغيرء وإلى قلة إظهار السلوك المعبر من الاستقلالية. وكذلك بينت 
هذه الدراسة وجود علاقة ترابطية بين اعتماد الأطفال على الآخرين وبين 
استخدام الأهل لطريقة الحرمان من المحبة كإجراء تأديبي: ولجوثهم إلى 
تهديد الطفل بالتخلي عنه. تشير هذه النتائج المتعددة إلى أن ميل الطفل 
إلى الاعتماد المفرط على الآخرين: وضعف قدرته على الاستقلالية لا ينتج 
عن محبة زائدة أو مبالغ فيها من قبل الآهل؛ وإنما يكون ذلك نتيجة لعلاقة 
مضطربة مع الأهل خصوصا مع الأم. فالعامل الأهم الذي يحدد استقلالية 
الطفل وتطور قدرته في الاعتماد على الذات يكمن في طبيعة العلاقة 
القائمة بين الطفل والآم. فالطفل الذي يعاني من الحرمان: ومن قلة الحنان 
والمحبة؛ يكون شديد الاعتماد على الآخرين بخاصة على الأم. فهو يطلب 
الكثير كما لو أنه يريد بذلك البرهنة على مدى استجابة الأم. ومدى تفهمها 
له. وبذلك يريد أن يجذب انتباهها واهتمامهاء وغالبا ما يضيق صدرها به 
ويزداد نزقهاء وهكذا يستقر الاثنان في حلقة مفرغة وفي علاقة قلقة 
مضطربة. وتجدر الإشارة إلى أن الأم-المربية هي التي تأخذ بيد الطفل 
رويدا رويدا بتدريبه على القيام ببعض المهام كأن يأكل وحيدا دون مساعدة 
أو أن يتمكن من وضع ملابسه. أو القيام بأية مهمة أخرى تتناسب وعمره؛ 
وتشجعه وتقدره في كل مرة ينجح في عمل ماء فهي بذلك تزيد من مهاراته 
وخبراته وتساعده على الاستقلال والشعور بالثقة بالنفسء أما الأم التي 
تنفذ كل شيء.: ولا تترك للطفل لا الوقت ولا الفرصة للقيام بمهمة ماء 
فإنها تشعره بالإحباط. وعدم القدرة على الفعل؛ وفقدان الثقة بالنفس». 
وبالتالي الاعتماد على الآخرين. 


الأمومة وتطور الخوف سند الطفل 

يستجيب غالبا الطفل الناشئ في عائلة مستقرة بالحزن والقلق عند 
انفصاله عن الأم. بينما يستجيب بالغضب والهيجان الطفل الذي يكبر في 
وسط عائلي مضطرب. وفي معظم الأحيان يكون هذا الأخير قد عاش 
مرارة الانفصال عن الأم مرات متكررة. ويرى بعض الباحثين أن مظاهر 
الخوف المفرط (000013) التى يعانى منها الطفل تكون نتيجة لاضطراب 
التعلق بينه وبين الأم (1973 0 ويظهر هذا الخوف في حالات متعددة: 


162 


سلوك الأمومه وتطور الطفل 


الخوف في الظلمة؛ أو الخوف من الحيوانات؛ أو الخوف من وقوع مكروه 
للأم.... إلا أن مظاهر الخوف التي تناولها البحث أكثر من سواها هي 
الخوف من الذهاب إلى المدرسة؛ ورفض الطفل الالتحاق بصفة. ويتصف 
الأطفال الرافضون الذهاب إلى المدرسة بالتهذيب والقلق؛ وعدم القدرة 
على التعبير عن الذات. وتترافق هذه المظاهر ببعض الاضطرابات العضوية 
الوظيفية كفقدان الشهية للطعام؛ والشعور بالرغبة في التقيؤء أو بآلام 
البطن أو الغثيان. وتتسم غالبا العلاقات السائدة بين الأبوين لدى الأطفال 
الرافضين للمدرسة بالاضطراب والمشاجرة. وهذا ما حمل بعض الباحثين 
على الربط بين علاقة الطفل بالأم وبين اضطراب الاتصال لديه مع العالم 
الخارجي. حيث يتمثل هذا الاضطراب في عدم قدرة الطفل على التكيف 
مع الظروف الجديدة, فالتغير الناشيّ عن الالتحاق بالصف مثلا يدفع إلى 
الخوف والقلق من مواجهة حالة جديدة. وفي معظم الأحيان يكون الخوف 
المغفرط عند الطفل نتيجة تجربته المعاشة وابت راك الأحداث التي قد 
تدفعه في مرحلة ما إلى حالات من الخوف والقلق الشديدين. 

ويتبلور الشعور بالخوف الشديد عند الطفل نتيجة للتفاعل بين الحوادث 
الواقعية التي يعيشها الطفل كحالة مرض الأم مثلاء وسع أوضاعها الصحية- 
بين التهديد بوقوع حوادث معينة: كالتهديد بالطلاق والانفصال بين الأبوين 
مثلا. لقد أشارت دراسة الوسط العائلى لهؤلاء الأطفال إلى أنه غالبا ما 
يعاني أحد الأبوين من مشكلات مناه وذلك يظهر الترابط بين طبيعة 
العلاقات الأسرية وتطور مشكلة الخوف المفرط عند الطفل. 
وهذا ما يدحض مزاعم بعض أنصار نظرية التحليل النفسي القائلة بأن 
الخوف الشديد لدى الطفل هو نتيجة الإفراط والتسامح والتدليل من قبل 
الوسط العائلي» فالطفل يرفض أن يكبر ويرغب في البقاء صغيرا متعلقا 
بأمه؛ وقد أظهرت الأبحاث الحديثة التى تعرضت لاوط العائلى لهؤّلاء 
الأطفال وللعلاقات الآسرية الساتدة يفط هذه الأحكام عندما أشارت إلى 
تآثير التعلق القلق في تطور الخوف عند الطفل (المرجع السابق). 


الأمومة وسلوك الاستبداد والقسوة تجاد الطفل 
يمكن ملاحظة غياب العلاقة العاطفية أو ركاكتها بين الطفل والأم عند 


65 


الأمومة 


الأطفال المعاملين بقسوة وصلف. لقد كانت الفرضية السائدة لتفسير قسوة 
الأم نحو الطفل هي الولادة المعقدة التي تستدعي فصل الطفل عن الأم: إلا 
أن الأبحاث الحديثة لم تؤكد هذه الفرضية. فالانفصال في الأيام الأولى 
ليس السبب الأساسي في اضطراب العلاقة بينهماء والعلاقة بين الأمرين 
ليست علاقة سببية بسيطة؛ فبالرغم من أهمية الأيام الأولى التي تلي 
الولادة في تطور علاقة الأم بالطفل؛ إلا أن ذلك لا يكفي لتحديد طبيعة 
هذه العلاقة في مراحل لاحقة؛ فقد يكون الانفصال متداخلا مع عوامل 
أخرى كالقلق؛ وعدم نضج الأهلء والأزمات الحادة في حياة الأسرة: فالتعلق 
ليس وليد اللحظات التي تلي الولادة. فهو يتطور تدريجيا بين الطرفين. 
وتبدأ الروابط بينهما بالاستقرار خلال الأشهر الأولى التي تلي الولادة. 
وهذا ما يدعو إلى النظر للتعلق بين الطفل والأم بمجمله وبتطوره في 
مختلف مراحل حياة الطفل. 

وبالرغم من انفصال الأم عن الطفل في حال الولادة المبكرة (قبل الآوان) 
لأسباب طبية؛ تتمكن الأم في شروط مناسبة بعد اجتماعها بالطفل أن تقوم 
بدورها على الوجه الأكمل؛ وأن تجعل روابط التعلق بينهما على درجة من 
القوة والتماسك كما هو الحال بالنسبة للأم التي تلد في الوقت المناسب. 

ويميل الكثير من المشتغلين في الشؤون الاجتماعية إلى القول بأن 
معاملة الطفل بقسوة غالبا ما تكون نتيجة حالة مرضية عند الأهل خاصة 
عند الأم؛ وكذلك نتيجة لشروط الوسط العائلي الذي يعيش ضمنه الطفل. 
وقد يلعب الطفل دورا كبيرا في تطور علاقته المأساوية. فبالرغم من التأثير 
الكبير الذي تمارسه الأم في صياغة سلوك طفلها وفي تطور التعلق بينها 
وبينه؛ فهو بدوره يؤثر في صياغة سلوكها . ويمكن ملاحظة الصعوبة أحيانا 
بالنسبة للأم ليس فقط في تربية الطفل بل أيضا في محبته. فالطفل 
«المشكل» أو الطفل «الصعب» يساهم في إحباط سلوك الأمومة؛ ويدفع الأم 
إلى عدم تقبله وعدم محبته ويكون سلوكه مصدرا للتوتر والاضطراب مما 
يضع الأم في حالة من الغموض لعدم قدرتها على الاستجابة المناسبة 
لمتطلباته ويشعرها بالفشل والإخفاق في القيام بدورها. 

إن العقوبة والقسوة في التعامل مع الطفل تعرقل نموه السوي وتؤدي 
إلى عكس ما ينتظر منها. كما يجب عدم اللجوء إلى التهديد لأن عدم تنفيذ 


1 4 


سلوك الأمومه وتطور الطفل 


ذلك يضعف موقف الأهل. فاستخدام العقاب على درجة كبيرة من الصعوبة 
وهذا ما يفسر اختلاف الباحثين في هذا المجال؛ فمنهم من يرى أن الحد 
من تعبير الطفل الحر يضر بصحته النفسية:؛ بينما يرى آخرون أنه يتوجب 
على كل فرد أن يتعلم ضبط سلوكه ومشاعره. إلا أن القسوة في معاملة 
الطفل مدانة علميا وأخلاقيا. 

إن مسألة انضباط الطفل وتعليمه أن يسلك وفوق قواعد تحدد ما هو 
مقبول وما هو غير مقبول مسألة هامة بالنسبة للأهل. خاصة بالنسبة 
للأم. والطفل يظهر الاستجابات المناسبة نحو الأشخاص الذين يحبهم. 
وتؤثر طبيعة علاقة الأم بالطفل في مدى تقيده بالقواعد والقوانين التي 
تحددها له. فالاهتمام بالطفل ومحبته يعزز الثقة المتبادلة بين الآطفال 
والأهل. وموافقة الأهل ورضاهم يعزز ظهور سلوك ما عند الطفل. بينما 
يمنع ظهوره رفض الأهل واستنكارهم لهذا السلوك. إن الضبط والدقة في 
ردود أفعال الأهل واختيار الوقت المناسب لذلك يلعب دورا هاما في ضبط 
الطفل وتعليمه كيفية التصرف بطريقة مقبولة اجتماعيا. 


الأمومة والطفل المعوق 

تعتبر الأسرة من أهم المؤسسات التي تنقل الثقافة السائدة إلى الصغيرء 
وتعده للحياة الاجتماعية؛ فالسياق الذي يتم عبره إعداد الطفل ليصبح عضوا 
في الجماعة يتأثر بالصعوبات التي تعاني منها الأسرة وخصوصا الأم. 

إن ولادة طفل يعاني من الإعاقة الجسدية أو العقلية قد يعدل تعديلا 
ريا حياة الأسرة.ولة يكقى عفجوئ الأذل عل السافعءة الفعالة كن 
تربية الطفل المعوق؛ فالأسرة تحتاج إلى الدعم الكبير لمواجهة هذه المشكلة, 
وذلك بتحضيرها وإعدادها للتدخل المناسب لمساعدة طفلها المعوق وتربيته 
داخل إطار الأسرة. 

ويسهم التفاعل بين الطفل والأم والعلاقات الثنائية بين الصغير وأفراد 
أسرته إسهاما فعالا في عمل النظام الشامل الذي يسمح للصغير بالانتقال 
من الطفولة إلى الرشد. فوجود عضو جديد.ء والتغيرات التي تحصل عبر 
الوقت؛ تؤثر في العلاقات السائدة وفي التفاعل القائم بين مختلف أفراد 
الأسرة؛ فالطفل المعوق يؤثر في حياة الأسرة ويتفاوت هذا التأثير بحسب 


65 


الأمومة 


درجة الإعاقة الجسدية أو العقلية التى يعانى منهاء وبقدرة الأسرة على 
تقبل هذه الإعاقة وطريقة تحضيرها لذلك. 

إن التقدم الهائل في ميدان الفحص السريري يسمح الآن باكتشاف 
معظم حالات التشوه والإعاقة أثناء فترة الحمل. وكذلك أصبح في الإمكان 
معرقة أسباب غالبية هذه. لحالات وتجنبهاء وإن لم يتسع المجال هنا لمنافضشة 
هذه المشكلة؛. خلا بد من تحذير المرأة الحامل من تناول العقاقير دون 
استشارة طبية؛ وخطورة تناول المواد الكحولية أو المخدرة. وتجدر الإشارة 
إلى أهمية المراقبة الطبية أثناء الحمل حيث يسمح ذلك بمتابعة تطور 
الجنين: وبالاكتشاف المبكر لأية أعراض مرضية:؛ مما يعطى الفرصة للعاملين 
في الميادين الصحية والاجتماعية للتدخل بشكل فعال قبل فوات الأوان. 
وكذلك تتمكن الأسرة من إدراك المشكلة بمختلف جوانبهاء ومواجهتها من 
مواقع أفضل وبشكل مبكر. 

تتفاوت ردة فعل الأسرة بشكل عام والأم بشكل خاص أمام ولادة طفل 
معاقء ويتأثر ذلك يعوامل عديدة تحدد مدى الضغط الذي تعاني منه الأسرة, 
فإما أن تبدي قدرتها على مواجهة هذا الحدث واستيعابه؛ أو أن يؤدي ذلك 
إلى شل فاعليتها واضطراب وظيفتها وبنيتهاء ويتأثر شعور الأسرة بالضغط 
والمعاناة. كما تتأثر قدرتها على مواجهة مشكلة ولادة طفل معاق بالخصائص 
الفردية لأعضاء الأسرة وكذلك بالخصائص التنظيمية والبنيوية وبطبيعة 
العلاقات القائمة بين أفرادها. 


الخصائص الفردية لأعضاء الأسرة 

غالبا ما تؤثر الخصائص الفردية لأعضاء الأسرة في تحديد مقدار 
الضغوط والمعاناة وشعور الأسرة بهذه الضغوط. ويتأثر ذلك بدرجة الإعاقة 
التي يعاني منها الطفلء؛ وبنوع المشكلة وبطريقة إحساس الأهل بهذه المشكلة, 
وتعتبر درجة اعتماد الطفل على الأهل؛ ودرجة إعاقته الجسدية وخصائصها 
من أهم العوامل التي تشعر الأسرة بالضغط (و5ع5) والمعاناة ١984(‏ ,صقحعاءء8) . 

كما تؤثر الخصائص الفردية للأم-كمستوى الذكاء؛ ودرجة التحصيل 
الدراسىء والإمكانات اللغوية-فى مقدار الضغوط التى تعانى منها الأسرة- 
وكذلك الأمربالنسبة لتاريخ التجربة المعاشة من قبل الأهل. وقدرايه النفسية. 


6 


سلوك الأمومه وتطور الطفل 


فشعور الأهل بالضغوط وال معاناة يرتبط بالعوامل السابقة. إلا أن هذا الترابط 
ليس آليا أو مباشرا حيث لم يتوضح ذلك في جميع البحوث التي تطرقت إلى 
هذه المشكلة. مما يحمل على القول بأن الخصائص الفردية لأعضاء الأسرة 
تأخن أهميتها ضمن أبعاد أخرى للنظام الاجتماعي (المرجع السابق). 


التنظيم الأسرى: 

تتأثر درجة الضغوط التي تعاني منها الأسرة بطريقة تنظيمها وببنيتها . 
فمقارنة زمرة من الأمهات اللواتي يعشن وحيدات مع زمرة ثانية تعيش فيها 
الأم والآأب معاء تبين هذه المقارنة أن الأم أقدر على مواجهة مشكلة الطفل 
المعاق عندما تعيش مع الأب. إلا أن وجود الأب بحد ذاته لا يكفي للتخفيف 
من معاناة الأسرة؛ بل لا بد له من المشاركة الجدية وتحمل المسؤولية في 
مختلف شؤون الأسرةء وتقديم المساعدة للأم ليمكنه التخفيف من وطأة 
الضغوط الناجمة عن مشكلة الطفل المعاق. 

كما يمكن أن يؤثر عدد الأطفال في طبيعة الإحساس بمشكلة الطفل 
المعاق. حيث ترتفع نسبة الهبوط العصبي عند الأمهات بعد الولادة الأولى 
بينما ترتفع نسبة النزق والتوتر عند الأمهات في الولادات اللاحقة في 
المرحلة التي تسبق الولادة (المرجع السابق). 

ويجب أن تؤخذ نتائج هذه الدراسات مع كثير من الحذر نظرا للتفاوت 
البنيوي بين الأسرة الغربية-حيث أجريت هذه البحوث.والأسرة العربية, 
كما يختلف تعريف الضغط من دراسة إلى أخرى. 


العلاقة بين أفراد الأسرة 

تؤثر العلاقة القائمة بين أغراد الأسرة في طبيعة الضغوط التي تعاني 
منها هذه الأخيرة. وتتمثل هذه العلاقة في التفاعل القائم بين أعضاء الأسرة 
من جهة. وفي الدور الذي يقوم به كل فرد من أفرادها من جهة أخرى. 

لقد خلصت معظم الدراسات المتعلقة بالتفاعل بين الأهل-خاصة الأم- 
والطفل إلى القول بأن عملية التفاعل بين الآم الحاضنة والطفل هي عبارة 
عن سياق متبادل بين طرفين؛ يساهم كلاهما مساهمة فعالة في هذا 
السياقء ضفياب التبادل يمكن أن يطيب في الصميم العلاقة بين الطفل 


167 


الأمومة 


والحاضنء فعلى سبيل المثال يحدث التعلق بين الطفل الذي يولد مكفوفا 
والأم متأخرا غالبا بالمقارنة مع الأطفال العاديين (1977 ,عنءطنه) . لقد 
أوضح هذا المؤلف أن الطفل المكفوف لا يستعمل نفس الوسائل الاتصالية 
اللاكلامية التي يستعملها الطفل العادي كالابتسام والتواصل البصري؛ 
فاللمس يسهل حدوث التعلق فى حالة فقدان البصر. ويمكن لاضطراب 
الاتصال على هذا النحو أن يشكل مصدرا للضغط والمعاناة بالنسبة لأهل 
الطفل المعاق. فالأم تشعر بالغضب والخيبة والإحباط عندما تعجز عن 
تهدتة بكاء طفلها الذي يعاني من إصابة دماغية مثلا. 

ويؤثر مصدر الضغط على النظام الأسري بمجمله. ولا يقتصر ذلك 
على التأثير المباشر بل يمكن أن يكون تأثيرا غير مباشرء فإذا اعتقد بعض 
الأهل أنه يمكن تجنيب الأطفال نتائج الخلافات الزوجية الحادة؛ وذلك 
بجعلهم في مأمن عن هذه الخلافات. إلا أن ما يحدث هو أن النظام 
الأسري بمجمله يعاني من الاضطراب في حالة الخلافات الزوجية الحادة 
ويتأثر الأطفال بذلك. إلا أن تأثرهم قد يحدث بصورة غير مباشرة. 

وتجدر الإشارة إلى أن المعاناة والضغوط ترتبط بالدور الذي يلعبه الفرد 
داخل النظام الأسري. فمعاناة الأخت الكبيرة أو الأخ الأكبر تكون أكثر وطأة 
من معاناة الصغار وذلك لتحمل الأبناء الكبار المسؤولية في نظام الأسرة. 

وخلاصة القول: تؤثر الخصائص البنيوية للأسرة تأثيرا هاما في مقدار 
الضغوط التي تتعرض لها الأسرة وفي طبيعة هذه الضغوط. إلا أن العلاقة 
بين هذه الخصائص والضغوط المختلفة قد لا تكون علاقة مباشرة. ويمكن 
بالتالي للشروط الخارجية أن تؤثر في مقدار المعاناة ونوعها . فمن الضروري 
الأخذ بعين الاعتبار شروط المحيط التي تسمح للأسرة بالعمل والتطور. 


عوامل المحيط 

ربما كان العامل الاقتصادي من أهم العوامل التي تؤثر في المعاناة 
والضغوط التي تعيشها الأسرة. ويتمثل الوضع الاجتماعي الاقتصادي 
بالوظيفة التي يشغلها الأهل: والدخل السنويء ومستوى التحصيل الدراسي. 
فعدم توفر الحاجات المادية الأساسية وغياب التأمين الطبي يؤدي إلى 
مضاعفة معاناة الآأسرة عند تعرضها لمشكلة ما. خاصة عندما يتعلق الأمر 


168 


سلوك الأمومه وتطور الطفل 


بولادة طفل معاق. فالوضع الاجتماعي-الاقتصادي للأسرة يؤثر في طريقة 
قيامها بوظيفتها. إذ توضح معظم البحوث الحديثة أهمية الترابط بين 
الحالة الاقتصادية-الاجتماعية وقدرة الأسرة وكفاءتها. إن ارتفاع حدة 
الضغوط وال معاناة عند الأسرة تؤدي إلى معاملة الطفل بتعسف وقسوة: أو 
إلى المبالغة في تجاهله وعدم الاهتمام بشؤونه. فالفئات الاجتماعية الفقيرة 
تكون أكثر عرضة من غيرها للضغوط والمعاناة. وأقل مقاومة للمشكلات 
الإضافية التي تطرحها ولادة طفل معاق. يمكن للأسرة أن تتلقى دعما من 
جهات مختلفة خاصة عند معاناتها من مشكلة ما. فتدخل الأصدقاء. 
ومساعدة الجيران والأقارب يلعب دورا هاما فى تعزيز قدرة الأسرة على 
اسسعيعاب الشكلة ومن ابنوكيا ستررظة ناس ويكفق الك من بقوار اكعاناد 
التي تعيشها الأسرة. إلا أن الدعم الأهم يجب أن تقوم به الجهات الاجتماعية 
المختصة ويجب أن يأخذ شكلا منهجيا منظما يمكن الأسرة من مواجهة 
مشكلة ولادة طفل معاق. 


التعلق بين الأم والطفل المعاق 

إذا كانت الأم غير مدركة لمشكلة الطفل يمكن أن تتطور علاقتها به على 
نحو اعتيادي ويمكن أن تستمر هكذا . وفي حال معرفة الأم بحقيقة المشكلة 
عند الولادة ستشعر بأنها أصيبت في الصميم. والسؤال الذي يطرح نفسه 
الأ هل سيكو بجنا للمبغير يشكل المطيادى ام لان رن ردة اتفال الأرلني 
لدق الأم عادة تكون الصدمة والشعور بالقلق. وتتمكن بعض الأمهات من 
شعاود الأنجنة الى على كلت ويظاوكرن يمارك الأروية تحن طتنون المعوق 
مشكل وشبرك. 

إدتجد امواضال يد الكلد لولم يجكمن خاى تارك االخاركيا هالو جاع 
الك يعات متها الطدل كد كيهل ف رطع اللايمكده من الانصسامن بالزثرات 
التي تصدرها الآم أو إدراكها. مما ينعكس سلبا على التفاعل القائم بينهما. 
#الطفل الغوق يسم يفيه ميحيط فير باللوكر انك وأكل وساي لخطوره 
بالمقارنة مع الطفل العادي. تتدخل الأم أكثر في تفاعلها مع الطفل المعاق 
(10نط© عدم تلطز5 ممهصط[ ع1) بالمقارنة مع الطفل العادي (1977 ,وعممل) 
ومرحدهة | السخل اللسوكد إلى اعتعاد لجان حلماي) نميو بالسليية 


69 


الأمومة 


وعليها أن تكون أكثر تدخلا وتوجيها. فالعلاقة بين الاثنين تتسم بهيمنة 
الأم أكثر منها باتكالية الطفل؛ وبالرغم من استخدام هؤلاء الأطفال للأصوات 
والثغثفات المتشابهة مع الأطفال العاديين. إلا أن ذلك يحدث غالبا في إطار 
غير مناسب للحوار الصوتي. كما أن إصداراتهم الصوتية تكون أطول وأكثر 
تكرارا في مدة زمنية محددة بالمقارنة مع الأطفال العاديين. إنه لمن الصعب 
تقدير الآثار المترتبة على ولادة طفل معاق بالنسبة لتطور التعلق بين الأم 
والطفل. إلا أنه من المعتقد أن التعلق بطفل معاق يمكن أن يحدث بشكل 
ممائل للطفل الطبيعي. لقد اعتبر الإخفاق في إقامة روابط التعلق بين 
الطفل والأم مسؤولا عن حوادث رفض الطفل من قبل الأم ومعاملته بصلف 
وقسوة. وعن حالة الطفل الذي يعاني من الانطوائية («دناننه) والذي يبدي 
عدم الاهتمام نحو الأم وسلبية تامة في علاقته بها. وبعكس الطفل العادي 
فهو لا يعامل أمه كشخص له خصوصيته؛ وفي وقت متأخر يكون غير قادر 
على إقامة الروابط الاجتماعية. ويعاني من قصور واضح في التطور اللغفوي. 
لقد اعتقد الكثير من الباحثين أن الإخفاق في إقامة الروابط بين الطفل 
والأم سبب في انطوائية الطفلء؛ فالآم لم تدرك خطورة رخضها للطفل منذ 
البداية. إلا أن التوجه الحديث للباحثين يخالف ذلك. فسلوك الأهل يتأثر 
بسلوك الطفل وما هو إلا نتيجة لذلك؛. حيث يكون الطفل في حالة الانطوائية 
غير قادر على إقامة الروابط مع الكبار بشكل عام ولاء حتى مع الأم. 
فالمشكلة ليست إذن في قصور سلوك الأمومة وإنما في قصور إمكانات 
الطفل وضعف قدراته على التواصل والتفاعل مع المحيط. لقد آن الآوان 
للتوقف عن توجيه الاتهام إلى الأمهات كيفما اتفق. حيث اعتاد البعض 
اعتبار اضطراب الروابط بين الآم والطفل سببا في انطوائية الطفلء؛ أو في 
قصور نموه الجسدي أو في الاضطرابات الغددية العصبية وهرمونات 
النمو. ولا بد من تعميق البحث في مجمل الشروط التي تؤثر في حالة 
الطفل؛ وعدم اللجوء إلى تفسيرات مفرطة في السهولة. فاضطراب التعلق 
بين الطفل والآم قد يكون نتيجة لحالة معينة يعاني منها الطفل. 


الفطام وأخره في علاقة الطفل والأم 
يطرح الفطام مشكلة أو جملة مشكلات على الأم. ولكن المشكلة الأكثر 


]70 


سلوك الأمومه وتطور الطفل 


حدة وأثرا هي تلك التي يشكلها الفطام بالنسبة للطفل؛ فبعد آلاف الرضعات 
المترافقة بالذكريات الجميلة وبالأمن والطمأنينة» ليس من السهل على 
الطفل أن يقبل بفقد الثدي الذي يعتبر مصدر الغذاء ويرتبط بالكثير من 
الذكريات الحلوة والأحلام الجميلة الهادئة. فالتغذية من ثدي الأم تشكل 
تجربة غنية بالنسبة للصغيرء ولكي تنتهي هذه التجربة بنجاح؛ يترتب على 
الأم أن تدرك أهمية الفطام وأن لا تدع ذلك لمحض الصدفة. 

إن إدخال عناصر جديدة إلى غذاء الطفل وتعويده تدريجيا على تناول 
العناصر الجامدة؛ وتدعيم الإرضاع بوجبات أخرى يمهد الطريق لانجاح 
الفطام؛ فاختيار الوقت المناسب, ورعاية الطفل وإحاطته بجو من المحبة 
تشكل عناصر هامة في إنجاح الفطام. وقد يستحسن الاستمرار في إعطاء 
الثدي عند المساء فقط كمرحلة انتقالية لبعض الوقت حيث يتوجب أن 
يتوقف ذلك بشكل كامل. 

وقد يرفض الطفل الغذاءء أو يفقد الشهية بسبب الفطام؛ ويظهر نزقا 
وعصبية. ففي جميع الحالات يجب عدم إرغامه على الطعام؛ قلا بد من 
التحلي بالصبر والانتظار بعض الوقت لعودة الأشياء إلى طبيعتها . 

ويعتبر الفطام مرحلة دقيقة بالنسبة للأم وللطفل في آن معا. لذا يجب 
أن يحدث ذلك بالتدريج وأن يتم التحضير بعناية لهذا المنعطف الخطرء 
ويعتبر ظهور الأسنان الإشارة المحسوسة بأن الطفل أصبح قادرا على تتاول 
الأطعمة الجامدة حيث يتوجب على الأم التنويع التدريجي في تغذية الطفل. 

ويجب الحذر والانتباه من توقيت الفطام أثناء ظهور الأسنان: لأن 
الطفل يتعرض لخطرين في نفس الوقت؛ فقد يؤدي التغير المفاجىْ في 
نوعية الطعام إلى اضطرابات هضمية وإلى إسهال شديد. ويتزامن ظهور 
الأسنان مع آلام حادة قد تضعف العضوية بشكل عام. لذا ننصح الأمهات 
بتأجيل الفطام بعض الوقت بعد ظهور الأسنان. 

ويحتاج موضوع التغذية إلى بحث منفرد. ومعالجة مفصلة؛ حول الكمية 
والثوهية المناسية لمختلف فراحل ثمو الطفل© . فالأطباء العرب المخخصون 
بصحة الأطفال مدعوون لدراسة هذا الموضوع مع الأخذ بعين الاعتبار 
العناصر الغذائية المتوفرة في البيئة المحلية. مما يعزز الأمن الغذائي العربي. 
ويحد من استهلاك الأغذية المحفوظة والمستوردة. وهذا يستدعي حملات 


17 


من التوعية حول القيمة الغذائية للمواد المتوفرة» وحول الطرق الصحية في 
تحضير وإعداد غذاء الطفل يما يضمن له نموا سليما. 

إن المثل الذي يمكن تقديمه في هذا المجال مادة الجزر؛ فبالرغم من توفر 
الجزر في معظم الأقطار العربية بأسعار رخيصة نسبياء يندر أن يدخل في 
تحضير الأطباق المطبوخة الخاصة بالصغار أو الكبار. بينما يعتبر الجزر 
مادة غذائية هامة خاصة للأطفال في العديد من الدول الأوروبية. 


الانفصال 


الانفصال بين الأم والطفل واضطراب التعدق 
إن معاناة الصغير الذي يفقد أمه تترك أثرا 
عميقا في النفس وتثير مشاعر الحزن والشفقة: 
ومن الصعب أن يبقى المرء محايدا إزاء طفل ترغمه 
الظروف على الانفصال عن أمه. 
وبالرغم من مأساوية هذا الحدث وخطورته 
وتأثيره البالغ في نمو الطفل وتطوره؛ فانه لم يشكل 
موضوعا للبحث والدراسة إلا في العقود الأخيرة. 
إن الدراسات المتعلقة بسلوك الطفل بعد فصله 
عن الأم لأسباب مختلفة-بالرغم من تنوع شروط هذه 
الدراسات تخلص إلى شيء مشترك يثير الدهشة 
هو أن الطفل المفصول عن أمه يظهر ردود فعل 
محددة. وذلك بعد يلوغه الشهر السادس من العمر. 
وتستند المعطيات المختلفة لتلك الدراسات على 
ملاحظة سلوك الطفل خلال السنة الثانية أو السنة 
الثالثة من العمر في ظروف متنوعة منها مثلا ما 
يتعلق بوضع الطفل في المستشفى بعيدا عن محيطه 
الأصلي وعن أمه وعن كل المقربين له. فهو يتلقى 
العلاج في محيط جديد من قبل أشخاص لا 
يعرفهم . ويصنف بولبي (49. م ,1969 ,لإ80:!6) سلوك 
الطفل؛ بعد انفصاله عن أمه في مراحل ثلاث: 


|] 


الأمومة 


-١‏ مرحلة الاحتجاج. 

2- مرحلة فقدان الآمل. 

3-.مرحلة ثلاشى التعلق. 

اكد اسع هذا الولف علق تكاقم الالاحظات المبدائية لاطفال فكراوت 
أعمارهم ما بين عشرة أشهر وثلاثين شهراء والذين يفصلون للمرة الأولى 
عن أمهاتهم اللواتي تربطهن بهم علاقة أمن وطمأنينة (0عطعمكة تراوسعءة) . 

لكن هذه المراحل يمكن أن تتداخل ويمكن للطفل أن يبقى مدة طويلة 
في حالة انتقالية من مرحلة إلى أخرى. 

تبدأ المرحلة الأولى بعد الانفصال مباشرة أو تتأخر عنه بعض الوقت 
ويمكن أن تدوم من عدة ساعات إلى أسبوع أو أكثر. يظهر خلالها الطفل 
ضيقه الشديد لفقدانه أمه ويبحث بكل الوسائل لاستعادتها مستخدما كل 
طاقاته. إنه يبكي ويصرخ ويلقي بنفسه في كل الاتجاهات. ويرفض كل من 
يقترب منه ويروي «بولبي» بأن الطفل يتشبث أحيانا بإحدى الممرضات 
فاقدا الأمل. 

أما المرحلة التي تلي مرحلة الاحتجاج فهي مرحلة فقدان الأمل؛ فالطفل 
يظهر القلق لغياب الأم ويفقد الآمل تدريجيا في إيجادها. ويتميز سلوكه 
في هذه المرحلة بانخفاض الحركات النشطة؛ وهو يبكي برتابة أو بشكل 
5 وتغلب عليه الانطوائية وقلة التشاظ وتندر متطلباته ممن يحيط 
به ويبدو في حالة حداد عميقة. وتتميز هذه المرحلة بالهدوء مما يدفع إلى 
ظن خاطئ بأن كربة الطفل تميل إلى الانخفاض. 

في المرحلة الثالثة يمكن ملاحظة اهتمام الطفل بما حوله؛ فهو لا يرفض 
الممرضات ويتقبل الطعام والعلاج؛ ويميل شيئًا فشيئًا إلى التبادل الاجتماعي 
وإلى الابتسام وتقبل الألعاب. ومما يثير الدهشة أن عودة الأم لزيارته تظهر 
غياب سلوك التعلق لديه. فالطفل لا يكترث بمشاهدة الأم ويبقى بعيدا وكأنه 
لا يعرفها من قبل ويبدو فاقد الاهتمام بها وكأن عودتها لا تعنيه. 

إن استمرار الطفل في المستشفى أو في مؤسسة رعاية الأطفال يعرضه 
للتعلق العابر بعدد من الممرضات اللواتي يغادرن جميعا مما يؤدي إلى 
تكرار تجريته الأصلية بفقد أمه. مما يحمله على الاقتناع بأن الأمومة 
وكذلك الصلات مع الآخرين ليس لها معنى بالنسبة له. فبعد عدة تجارب 


174 


الانفصال 


انفعالية متتابعة فقد فيها من أولاهم الثقة والمحبة ينتهي بالتوقف الكامل 
عن التعلق (المصدر السابق). إن الطفل الذي يصل إلى هذه المرحلة يصبح: 
أكثر فأكثر. متمركزا حول ذاته؛ لا يظهر أفعاله أو عاطفته لدى تغير المشرفين 
غلية ويكاور عد الاكتراكر هلد ؤيازة آملة هما يشعرهم بالحوق. كبالرعه 
من أن الطفل يبدو فرحا متكيفا مع وسطه إلا أن ذلك ليس إلا مظهرا 
سطحيا فالطفل لا يبدي عاطفته لآي كان 

إن ذريكة رد قل الطفل يع باإتماد لآم مفاك رعني كرو مل وله 
وحيدا في محيط غريب لا يعرفه يزيد من حدة ردود فعله بينما يمكن 
التقليل من ذلك بصورة فعالة في حالة حضور أخ أو أخت له. أو تحديد 
شخص بعينه يحل محل أمه ويهتم بالطفل بصفة دائمة ومنتظمة خاصة إذا 
كان هذا الشخص معروفا من قبل الطفل بحضور الأم. ففي ذلك تجنيب 
للكثير من ردود الفعل العنيفة وتخفيف لمعاناة الطفل في حالة الانفصال. 

ولعل مدة الانفصال من أهم العوامل التي ترتبط بالاضطراب الذي 
يعاني منه الطفل. 

وجالريقم من عاقير فيه التحيط. في ناورك الطفل إل أن العادق الأسايتي 
الذي يؤدي إلى اضطراب هذا السلوك هو غياب الأم. لقد تمت ملاحظة 
أطفال في محيطهم المعتاد بعد غياب الأم؛ وبينت هذه الملاحظة أن غياب الأم 
هو العامل الحاسم في ظهور الاضطرابات السلوكية التي سبق الحديث عنها. 
فالمتغير الأكثر أهمية عند الطفل هو حضور أو غياب الأم فوجوده في وسط 
غريب بحضورها لا يؤدي إلى اضطراب ملحوظ في سلوكه. ويتناسب الاضطراب 
ف سارك الطفان هم طبيحة النااقه لان تريظه بالأم فا تقل اللذس ترمظه 
الام سااكة تحبيية دام التاجة علد غيابها وفيا لآ يكجرط يالك ككييرا 
الطفل الذي تكون علاقته بالأم غير مرضية (المصدر السابق. ص 57). 


الاضفصال عند الأضواع 
إن ملاحظة الأنواع المختلفة في شروط الحياة العادية تبين مدى 
الاضطراب الذي يطرأ على سلوك الصغير عند انفصاله عن الأم. 
فالانفصال عن الأم يثير الخوف والقلق: ويبعث على الاضطراب والشعور 
بالضيق عند مختلف الأنواع كالثدييات والطيور. إن صغار البط والأوز 


]715 


الأمومة 


والدجاج والحجل وغيرها من الطيور تبدي ردود فعل خاصة عند عزلها 
عن الأم وتغني غناء خاصا «غناء المناداة» لتنادي الأم عند غيابهاء وكذلك 
الأمر بالنسبة للخراف والقطط الصغيرة. إذ تقوم الخراف بثفاء خاص كما 
تصدر صغار القطط مواء محددا عند فصلها عن الأم. 

إن التغير في سلوك الصغير بعد عزله عن الأم؛ يمكن ملاحظته في 
الحياة اليومية عند مختلف الأنواع وخصوصا الأنواع الأكثر تقدما في سلم 
التطور كالقردة والشمبانزي حيث يلاحظ ردود فعل قوية عند الصغير 
أثناء فصله عن الأم؛ وتشبثه بها عند لقاته لها من جديد. 

لقد لاحظ بولوينغ (,1963 55ذ8018). أن صغير القرد الذي أشرف على 
تربيته منذ الولادة لا يبدي أي خوف عند مشاهدة المجرب طالما هو بالقرب 
من الأم؛ ولكن عندما يترك وحيدا يبدأ بإظهار الهلع والارتباك وإصدار 
الصراخ محاولا الهرب ليلوذ بأي شخص قريب منه؛. ولكن هذا الصغير 
يبدأ بسرعة بإظهار تعلقه بالمجرب الذي يوليه العناية» وحتى عمر ثلاثة 
أشهر ونصف يبدو قلقه واضطرابه إذا لم يكن بمرافقته. وفي عمر أربعة 
أشهر يبدأ باستطلاع المحيط مبتعدا شيئًا فشيئًا عن صاحبه؛. مما حمل 
هذا الأخير على وضعه في قفص برفقة قرود عدة لبضع ساعات في 
اليوم: إلا أن «بولوينغ» لاحظ ارتباك هذا الصغير وصراخه وشعوره بالشدة 
والضيقء محاولا التشبث به دافعا بباب القفص بقوة. وعندما أخرجه من 
القفص هرع متشيبثا به. 

وفي الأيام التالية بدأ يرفض البقاء بعيدا عن «بولوينغ» ويستيقظ أثناء 
الليل ليتشبث بصاحبه مظهرا علامات الرعب والخوف عندما يحاول إبعاده 
عنه. لقد أو ردت كاتي هايز (,1!969 إ80:15 م1 1951 ,2ع:زة11 :إطنه0) مالاحظات 
متشابهة تتعلق بالشمبانزي التي «تبنتها» وهي في عمر أربعة أشهر حيث 
ظلت هذه الصغيرة تتشبث بأمها الجديدة معظم الوقت وتحتج بشدة عند 
ابتعادها عنها. 

إن الملاحظات السابقة لا تبين التشابه بين سلوك التعلق عند صغار 
(الرئيسات)!'' وبين الطفل البشري فحسب بل أيضا تبين التشابه بصورة واضحة 
لردود الفعل المتعلقة بالانفصال. إن تعذر فصل الطفل عن أمه أكثر من عدة 
دقائق دفع الكثيرين إلى التجريب على صغار القردة؛ فكان الانفصال غالبا 


|] 


الانفصال 


حدثا شديد الوطأة على الم وعلى الصغير وعلى المجرب وعلى القردة المجاورين. 

فالآم تبدي مقاومة عنيفة تجاه المجرب الذي يحاول فصل الصغير عنها 
وتعمل جاهدة على حمايته والصغير بدوره يتشبث بالأم معلنا صراخه العنيف. 
وعند الانفصال تقوم الآم بالسير ذهابا وإيابا داخل الفرفة دون توقف, 
وتهاجم الباب بعنفء. وتقطع الفواصل الحديدية محاولة الخروج بينما يتابع 
الصغير صراخه طيلة فترة الانفصالء وعندما يعاد إلى الأم بعد خمس 
دقائق: يركض الواحد تجاه الآخر ويتشبثان بعضهما ببعض بحنو لا حدود له 
وتبدو علامات السعادة والسرور على الآم؛ ويتسم كل شيء بالهدوء والسلام. 

وعند فصل صغير القردة فترة أطول تمتد إلى عدة أيام أو عدة أسابيع, 
لاحظ المجربون اضطرابا حادا في سلوك الصغير خاصة في اليوم الأول 
من الانفصال. وبعدها يمر بمرحلة من الهدوء قد تمتد إلى أسبوع وأكثر إذ 
يبدي القليل من النشاط واللعب ويبقى في حالة انطواء. ثم يظهر الحيوان 
الاهتمام بما حوله تدريجياء فيكتشف محيطه ويبداً بالتواصل الاجتماعي 
مع أترابه. ثم يبدأ بعدها اللعبء إلا أنه يلاحظ استكرء الهبوط العام 
والذي تتخلله مراحل يكون فيها الصغير أكثر نشاطا وتستمر هذه الأعراض 
أكثر من شهر. 


آثار الاشفصال على المدى البعيد 

لا تقد دن د د د دا المباشرة التي تلى فصل 
الطفل عن أمه بل تستمر إلى وقت طويل. إذ تشير الدراسة التجريبية على 
صغار القردة إلى أن أعراض الانفصال (كالانطوائية. والهبوط» والانقباض) 
تبدو على الصغار الذين فصلوا عن الأم لمدة ستة أيام في الأشهر الأولى من 
فالفروق السلوكية تيدو واضحة عند المقارنة بين زمرة عادية لم تفصل عن 
الأم وزمرة تجريبية سبق وأن فصلت عن الأم مرة واحدة ولمدة ستة أيام. 
وتكون هذه الفروق أكثر حدة عند وجود كلا الزمرتين في وسط غريب 
وجديد كل الجدة. وتزداد أهمية الفروق المذكورة عند مقارنة الزمرة العادية 
بزمرة تجريبية أخرى تعرضت للانفصال عن الأم مرتين في الأشهر الأولى 


177 


الأمومة 
أي في الشهر الثاني عشرء وفي الشهر الثلاثين من العمر. 


الغروق الغردية 

يمكن ملاحظة الكثير من الفروق الفردية في ردود فعل الصغار بعد 
الانفصال عن الأم. والجنس يلعب دورا هاما حيث يبدو أن الذكر أكثر تأثرا 
من الأنثى. ويتأثر السلوك بعد الانفصال بطبيعة العلاقة التى تربط الصغير 
بالأم. وكذلك تلعب ظروف المحيط دورا هاما في ؤنادة حدة الاتفصال: 
فالصغير الذي ينقل إلى قفص جديد يبدي درجة أعلى من القلق والخوف 
عند انفصاله فيما لو قورن بآخر بقي في نفس القفص بعد نقل الأم. 

لقد أوضح «بولبي» بأن المكتشفات المتعلقة بالرئيسات لا تدع مجالا 
للشك في التشابه في ردود الفعل الملاحظة عند هذه الأنواع وتلك التي 
يمكن ملاحظتها عند الطفل البشري في حالة الانفصال عن الأم. 


الانفصال واضطراب التعدق 
إن الانقطاع المبكر في الروابط الحميمة مع شخص ما لا يؤدي إلى 
اضطراب الطور العاطفي فحسب بل قد يترافق باضطرابات جسدية صحية . 
إن التطور التكنولوجي الحديث قد مكن الباحثين من قياس التغيرات 
الفيزيولوجية والكيميا-.عصبية في حالة الانفصال عن شخص محب 
(10:1985عز1 لصه عازع) . لقد اا تن الباحثين إلى الترابط بين الانفصال 
والهبوط العصبى إذ يلاحظ أن الطفل بعد انفصاله عن أمه أو فى حالة 
الأسومة شين العاهية وقيو| لناسية كن يكلير هلئه امراش الميومك العضوين. 
لش خركز اناه الباحفين على هذه المشكلة أقثام السرب العامية الكاثية 
وما خلفتها من مآس بالنسبة للعديد من الأطفال الذين اضطروا للانفصال 
عن أمهاتهم. لقد أصبح واضحا دور التغيرات الكيميما-عصبية الدماغية 
في تحديد حالة الضيق والشدة بعد الانفصال. 
إن تحليل العوامل العاطفية الاجتماعية وسياق التعلق يحتاج إلى أن 
نأخن بعين الاعتبار جانبين أساسيين: الجانب السلوكي والجانب البيولوجي. 
وذلك يحتاج إلى المزيد من التطور في ميدان السيكوبيولوجيا كي نتمكن 
من تفهم أفضل لأنظمة الدماغ التي تؤثر في سلوك التعلق والانفصال. 


178 


الانفصال 


الأم والمربية في حياة الطفل 
الانفصال بين الأم والطفل أثناء النهار: 

كانت مشكلة الانفصال بين الأم وطفلها موضوعا لدراسات عديدة تتعلق 
بنمو الطفل وبتطور العلاقة بين الأم والطفل؛ وتتعلق معظم هذه الدراسات 
بحالات الاتصال الطويلة نسبيا والتي تتراوح من أسبوع إلى عدة أشهر. أما 
بالنسبة لحالات الاتصال الأكثر حدوثا وهي الانفصال اليومي بين المرأة 
العاملة خارج المنزل وطفلها فلم تستآثر باهتمام الباحثين. ويصعب تحديد 
الفترة المناسبة والتي يمكن للأم أن تلتحق بعملها بعد الولادة. فإجازة الأمومة 
تحددها عوامل اقتصادية دون النظر إلى نتائج الانفصال اليومي بين الطفل 
والأم وتأثير ذلك على العلاقة بين الاثنين. فبرازلتون مثلا يقترح على الأم 
عدم العودة إلى العمل قبل نهاية الشهر الرابع بعد الولادة. وينصح بأن 
الفترة الأمثل للعودة هى أن تكون أجازة الأمومة من 6 أشهر إلى ١2‏ شهرا. 
وهنا يجب الأخذ فين الامشار نتائج الدراسات العديدة التي بينت أن 
مظاهر سلوك التعلق عند الطفل تظهر في عمر (8 - 9) أشهر وأن الانفصال 
قبل ذلك قد يؤدي إلى اضطراب روابط التعلق بين الطفل والأم. 

وفي رأينا أن الانفصال قبل عمر السنة لا بد وأن يعود بالآثار السلبية على 
الأم والطفل؛ فالانتظار حتى مرحلة المشي عند الطفل يمكن أن يخفف من آثار 
الانفصال السلبية ويقوي روابط التعلق بين الأم والطفل خاصة وأن المشي 
يعزز مشاعر الاستقلالية عند الطفل وقدرته على التحرك واكتشاف المحيط» 
فالانفصال التدريجي والمحدود والمرافق باليقظة والانتباه يمكن أن يعود بأقل 
الأكيراز على الاى على الطفل: عند اضطرار الأم إلى مغادرة الوسط العائلي 
يوميا بسبب العمل ووضع الطفل في كنف المربية أو دار الحضانة. 

إن الجهل في التاريخ الطبيعي لسلوك التعلق بالإضافة إلى دوافع 
أيديولوجية وحماسية دفع بعض العلماء إلى القول بضرورة أن يصبح الطفل 
ناضجا ومستقلا بصورة مبكرة؛ مما أدى إلى تطبيق مضر بالطفل وبتطوره 
وذلك بالحاقه بدور الحضانة في وقت مبكر. 


الطفل فى كنف المرسية 
في بحوث أخرى تبين أن الطفل الذي ينفصل عن الأم عند عملها نهارا 


170 


الأمومة 


خارج المنزل خلال السنة الثانية من العمر, يتأثر بطبيعة العناية التي يتلقاها 
في غياب الأم. إن الأطفال الذين يكونون في رعاية أشخاص متغيرين يبدون 
أكثر قلقا واضطرابا وأقل شعورا بالآمن من الأطفال الذين يكونون في كنف 
اعرافكائية وذلك كن السكيات الاكجفة زو ذلك يظير اهمية القيات 
والاستغراز فى خياة الظفل فى السئوات الأولى وحاجشه لإقاية فلاقات 
الثقة التي تتصف يبالقبات والامكيراوت من يقوم على شؤونه. فالأطفال 
الذين يعانون من نظام مضطرب وغير متوقع يشعرون بفقدان الأمل وسرعان 
ما يفقدون التعلق ولا يظهرون اهتمامهم بالآخرين ولا ثقتهم بهم. وغالبا ما 
يتميز سلوكهم بالعدوانية وعدم الطاعة والعناد المفرط. 

إن مالاحظة دوتش (969! ,8016 هذ ,داءكاناء1) تبين أن الطفل الذي سبق 
أن وضع في كنف مربية بسبب عمل الآم خلال النهار أظهر قلقا واضطرابا 
عند تغير هذه المربية ومجيء مربية أخرى كي تهتم بشؤونه عندما بلغ 
السنتين من العمرء فبالرغم من بقائه في البيت ومن استمرار الانتظام في 
عودة الأم في المساء. ففي يوم مغادرة المربية الأولى بكى كثيرا بشكل غير 
معتاد ولم ينم؛ وبقي بجانب الأم. وفي اليوم التالي رفض الغذاء الذي قدمته 
المربية الجديدة» وفقد السيطرة على وظائف الطرح (التبول والتبرز) . 


تأخير دار الحضانة فى تطور الطفل 

إن البحوث المتعلقة بتطور الطفل المترعرع في دار الحضانة نهارا تعتبر 
قليلة نسبيا وتندر هذه البحوث عندما يتعلق الأمر بالطفل الموكل إلى مربية 
خاصة تقوم على شؤونه داخل الوسط العائلي أو خارجه. ثمة جملة من 
الآسئلة لا تزال مطروحة وعلى الباحثين الإجابة عليها: ما هو تأثير المربية 
في تطور الطفل5: وهل تحل محل الأم5. وهل تتنازل الأم عن دورها عند 
وجود المربية؟ إن الإجابة الدقيقة على هذه الأسئلة تتطلب جملة من البحوث 
الميدانية.. إلا أن دراسات عديدة تؤكد على ضرورة الاستقرار والثبات في 
القائمين على شؤون الطفل وعدم تغيير المربية بشكل متتابع. أما تأثير دور 
الحضانة (عنة© :(2©) على تطور الطفل فقّد كان موضوعا لبعض الدراسات 
إلا أننا لا نعثر على دراسة وافية تقارن عينة مناسبة من الأطفال تذهب إلى 
دار الحضانة بانتظام مع عينة أخرى ربيت في الوسط العائليء إلا أن دراسة 


الانفصال 
جولدن وبيرنس (1!976 ,085/ذ8 كمه م60106) تشير إلى أن دار الحضانة تؤثر 
تأثيرا إيجابيا في تطور ونمو الأطفال القادمين من وسط فقير. وتحد من 
منخاظر التدهور حفك الأطفال المقتربين من حالات خطرة بعد عمر ال 8ا 
شهرا. إن دار الحضانة ذات النوعية الجيدة يمكن أن تخفف من الآثار 
المتعلقة بالمحيط الذي يشكل خطرا على تطور قدرات الطفل المختلفة. لقد 
تأكدت هذه النتائج في دراسة رامي وسميث: ١976(‏ ,طلتددد لصة تإعصه2) . 

لقد قام هذان الباحثان بدراسة ثلاث عينات: 

الأولى: زمرة تجريبية تنتمي إلى محيط فقير مضطرب 0:ن-5عن1] 
العمدممزحم8) تم وضعها في 3 حضانة خاصة لإغناء قدراتها المعرفية 
وتنتمي الزمرة الثانية إلى نفس المحيط ولكنها بقيت في الوسط العائلي 
دون الالتحاق بدار الحضانة؛ بينما تنتمي الزمرة الثالثة إلى محيط أكثر 
يسرا وغنى وبقيت في كنف الأسرة. إن القدرات العقلية فيما بين 6 أشهر 
و8١‏ شهرا لشو رك عن أطفال الزمرة الثانية من (104 إلى 86) بينما بقيت 
ثابتة عند أطفال الزمرة التجريبية بين عمر ستة الأشهر والثمانية عشرة 
شهراء بالإضافة إلى ذلك تبين أن النمو الحركي كان أفضل عند أطفال دار 
الحضانة بالمقارنة مع أطفال الزمرة الثانية. فالمقارنة بين أطفال دار الحضانة 
وأطفال الزمرة الثالثة المنتمية إلى وسط غني لم تظهر فروق دلالية. 

إن دار الحضانة تخفف من حدة التدهور فى قدرات أطفال الطبقات 
التحرومة. وقى وراابية لاتحقة كاكنا ايرترا ر هذا لاقام علد لاعلا فى عفر 
الثالثة. إن الفروق يمكن أن تظهر في سلوك الأطفال أيضا حيث أن أطفال دار 
الحضانة أكثر تعاونا وأقل تخوفا من أقرانهم. يستخلص من هذه الدراسات 
أن دار الحضانة يمكن أن تخفف من آثار الوسط العائلي الفقير؛ وتعوض بعض 
الحرمان الذي يعانيه الصغيرء وتهيئ له فرصا أفضل للتفتح والنموٌ. 

وتجدر الإشارة إلى أهمية الأخن بعين الاعتبار خصائص دار الحضانة: 
وتوفر المكان المعد خصيصا للأطفال الذي يمكنهم من الراحة واللعب وتطوير 
قدراتهم الحركية ويوفر لهم المؤثرات والألعاب التربوية وتقوم عليه مربيات 
مؤهلات لهذا الفرض. يفتح ونمو قدرات الطفل المختلفة يرتبط إلى حد 
كبير بخصائص دار الحضانة وما توفره من إمكانات ضرورية لتطور الطفل 
تطورا مناسيا. 


الأمومة 


إن وضع الطفل في دار الحضانة أثناء النهار يجب ألا يؤدي إلى إضعاف 
دور الأم وتلاشي اهتمامها بالطفل حيث تعتقد الأم أحيانا بأن هناك من 
يقوم بدورها تجاه الطفل وبآن شؤونه لم تعد تعنيها بشكل جوهري. يجب 
تجنيب هذا الخطأ فدور الحضانة يجب أن يكون مكملا لدور الأسرة؛ وضي 
حالة اضطرار الأم للعمل خارج البيت. فمن المستحسن أن يوضع الطفل 
لساعات محدودة فى دار الحضانة لا طيلة النهار. وفى هذه الحالة يستفيد 
الطفل من تجربة 5208 غنية؛ مع الاحتفاظ يتماسك العلاقة الأسرية. 
وهذا ما يسمح للأم بأن تعيش أمومتهاء وتحقق ذاتهاء وتوفق بين الأمومة 
والحياة المهنية بكل ما ينطوي عليه ذلك من الشعور بالرضى والسعادة. 

إن ردود الفعل الملاحظة عند الأطفال بين سنتين وثنلاث سنوات تميل 
إلى الانخفاض بعد الأسبوع الأول من اصطحابهم إلى الحضانة وانفصالهم 
عن أمهاتهمء باستثناء عدد قليل منهم حيث يستمر في إظهار اضطرابات 
سلوكية قوية قد تستمر عدة أسابيع. 

وفي بحث لنا يتعلق بدراسة التغيرات الفيزيولوجية التي يمكن أن ترافق 
الأضطراباتالسلركية بعى اتقتضال الطفل عن وسيظة العائلي ووضعه في 
دار الححاكة نين أن الظفل نين (2- 5 بنش اكدضن يكاقرمن الا حنة الحذاكية 
نتيجة هذا التغير. يبدو أن بعض وظائف الاستقلاب تؤثر في قلة الشهية 
عند الطفل حيث أن كمية الطعام المتناولة من قبله لا تميل إلى الاستقرار 
إلا في الأسبوع الثاني من وجوده في دار الحضانة. (981! ,تهلهه>) . 

إن مقارنة أطفال الطبقة الميسورة تبين أن العينة التى سبق أن التحقت 
عدار السحياتة لاكتدلى ى خاورها عن تلك القن يعيك كن الوسيط الفاكل 
(1978 بعنءط معاد لمة 0 هآ ,تقطاء8) بينما تبن قن بحث لاحق أن مكاضر 
الخوف والضيق أقل لدى أطفال الحضانة منها عند أطفال الوسط العائلي 
عند انفصالهم عن الأم. إلا أن أبحاثا أخرى عارضت ذلك مما (دقع بلسكي) 
وشتاينبرغ إلى القول بأن الدراسات المقارنة بين الأطفال الملتحقين بدار 
الحضانة وبين أطفال الوسط العائلي أدت إلى نتائج متناقضة عند مقارنة 
تعلق الطفل بالأم. أما مقارنة النمو الاجتماعي فقد أظهرت هذه الأبحاث 
ميل أطفال الحضانة إلى الاستقلالية عن الأم لدى لقاتهم بأطفال آخرين 
وذلك بالمقارنة مع أطفال الوسط العائلي. إلا أنه لا يوجد فروق بين هاتين 


الانفصال 


العينتين عند مقارنة طبيعة علاقاتهم بالأتراب ولا بد من الإشارة إلى ندرة 
الدراسات التي تتناول تأثير الحضانة على الأسرة وعلاقتها بالطفل بالرغم 
من التوسع السريع في إقامة هذه الدور. إن تطوير البحث والدراسة في 
هذا المجال يعتبير ضرورة أساسية خاصة في المجتمع العربي, لتفهم آثار 
الحضانة على تطور الطفل وعلاقاته بالأسرة فى المراحل المبكرة من العمر. 

لقد أوضحت العديد من الدراسات فى البلدان الصناعية الآثار الإيجابية 
لدور الحضانة على نمو الطفل وتطوره وتهيئة الفرصة له للتفاعل مع 
الأتراب (انظر الفصل العاشر) إذ يندر توفر ذلك خارج دور الحضانة والتي 
تستقبل الأطفال عادة اعتبارا من عمر ثلاثة أشهر حتى السنة الثالثة. إلا 
أنه لا بد من الحذر عند تفسير نتائج الأبحاث الغربية؛ فما يناسب الغرب 
لايناسب بالضرورة مجتمعاتنا وإن كان لا بد من الاستناد إلى الحقائق ذات 
الصفة الشمولية.: مع الأخن بعين الاعتبيار الخصائص المميزة للمجتمعات 
العربية ولتفهم آثار هذه التجربة التربوية التي يعيشها الطفل العربي في 
مرحلة مبكرة من العمر لا بد من تطوير وتعميق البحث في الوطن العربي. 


الانفصال الطويل بين الأم وطفلها 

في تقريره إلى منظمة الصحة العالمية قام «بولبي» بصياغة المبدأ القائل 
بآن التوازن العقلي للطفل يرتبط بضرورة تمتعه بعلاقة حميمة ومستقرة 
وثابتة مع أمه أو مع المرأة التي تحل محلها بشكل دائم؛ علاقة تمكن الطرفين 
من العيش بسعادة ورضى. لقد قدم هذا المؤلف براهين عدة تبين أن 
اضطراب الشخصية والعصاب تكونان غالبا نتيجة الحرمان من عناية الأم 
أو نتيجة لعلاقة متقطعة زمنيا وغير دائمة بين الطفل والأم. 

إنه لمن الثابت حاليا أن انقطاع العلاقة بين الأم والطفل يعود بالنتائج 
السلبية على هذا الأخير. وأنه أصبح من المحتم على علم النفس المرضي 
بأن يولي أهمية بالغة لردات الفعل الناجمة عن فقدان وجه الأمومة وما قد 
يتركه ذلك من علاقات القلق والعصاب والاضطراب العاطفي وعدم القدرة 
على إقامة علاقات عاطفية عميقة ودائمة. إلا أن هناك عوامل متعددة 
يمكن أن تتداخل مع حدث الانفصال بين الطفل والأم ومن أهمها العوامل 
الصحية, والتغيير المفاجىّ في الوسط الخارجي وغرابته؛ وطبيعة العناية 


الأمومة 


التي يلقاها الطفل من قبل من يحل محل الأم: وطبيعة علاقة الطفل بمن 
يهتم به قبل الانفصال وبعده. إن هذه العوامل قد تعزز من خطورة الانفصال 
أو قد تخفف من آثاره ولكن العامل الحاسم والأكثر تأثيرا في الحالة 
العاطفية للطفل هو غياب الأم. 


التعلق القدق 

إن الطفل بعد مرحلة من الانفصال عن الأم يبدو أكثر قلقا بعد عودته 
إلى الأم مما كان عليه قبل الانفصال خاصة إذا تولى أمره شخص غريب 
أثناء الانفصال. ولكن يمكن ملاحظة فروق فردية؛ إذ يمكن للطفل أن 
يستعيد الثقة بمن حوله خاصة الأم بينما لا يكون ذلك ممكنا لطفل آخر. 
ثمة عوامل عديدة قد تلعب دورا هاما في هذا المجال؛ إلا أن المسألة الأكثر 
قابلية للجدل هي تأثير الانفصال على المدى البعيد في حياة الطفل. لقد 
أشارت بعض الدراسات إلى اختلاف بين زمرتين من المراهقين سبق لأفراد 
واحدة منهما أن انفصلوا عن وسطهم العائلي لدخولهم المستشفى مرتين أو 
أكثر لمدة تزيد على أسبوع في كل مرة. لقد تبين أنه في عمر المراهقة يكون 
الميل إلى عدم الاستقرار وإلى الجنوح عند أفراد هذه الزمرة أكثر حدوثا 
منه عند أطفال الزمرة الأخرى التى لم يفصل أفرادها عن وسطهم العائلي 
«بولبى ص 29». (1973,نإط1ه8) . 

فى راى بولبي اج حالات القاق والييوط العصى رضن السالات الرضية 
عند الكبار يمكن أن تكون على ما يبدو مرتبطة بحالات تلاشي التعلق وفقدان 
الأمل أثناء الطفولة. إن تأثر هذا المؤلف بنظرية التحليل النفسى دفعه إلى 
البالعة الفرطة فى كاضر اصطراب القماق انام الناقولة طرلة الحياة وكانه 
استبدل «الليبدو الفرويدي» بالتعلق لتفسير اضطرابات الشخصية. 

إننا نتفق مع هذا المؤلف في أهمية استقرار العلاقة بين الطفل والأم 
(أو من يحل محلها) في تطور الطفل وتكامله من الناحية الانفعالية والعاطفية: 
وتفتح شخصيته في عالم من الثقة والطمأنينة والآمن. ولكننا نختلف معه 
في إعادة كل قلق أو اضطراب في سن الكبر إلى اضطراب العلاقة بين 
الطفل والأم قبل عشرات اسفن 

إنه من الصعب في رأينا-إيجاد العلاقة السببية بين ما يحدث للمرء في 


1 4 


الانفصال 


سن الأربعينات وما سبق أن أصابه في عمر سنتين: فلا بد للباحث من 
إلقاء الضوء على الظروف الحالية المحيطة بالفرد التي دفعت بالشخصية 
إلى ردود فعل محددة مع أخذ الخبرات السابقة برمتها ككل متكامل بعين 
الاعتبار. إنه لمن المؤكد أن غالبية الأطفال الذين أصيبوا في علاقتهم بالأم 
قد تمكنوا-ولحسن الحظ-من تجاوز هذا الحدث المؤلم والمفرط في قسوته 
ومن التطور والنمو بشكل عادي. إن قدرة الصغير على تضميد الجراح لا 
يستهان بهاء فالعفوية النامية تتمتع بدرجة عالية من المرونة والتكيف. 

إن ملاحظة سلوك الأطفال أثناء مغادرة الأم تبين مدى التشابه في ردة 
فعل هؤلاء تجاه هذا الحدث. إن القاعدة التي تحكم هذا السلوك تكون 
البكاء والصراخ والاحتجاج وأحيانا محاولة اللحاق بالأم. 

ويتابع الطفل إعلان البكاء وإظهار الحزن من حين إلى آخر أثناء النهار 
ويكون البكاء ردة الفعل الأساسية بعد الانفصال عن الأم خاصة في الأيام 
الثلاثة الأولى. وبالرغم من انخفاض تكرار البكاء في الأيام التالية إلا أنه 
يحدث بصورة متفرقة حتى اليوم العاشر وتظهر آزمات البكاء لدى زيارة 
الأب أو أحد الأقارب له وفى بعض الحالات يستمر الطفل فى «البحث» عن 
الأم ومناداتها. وغالبا ما يرشك الصغير محاولات افيية د مراضاته 
والعناية به وبالرغم من استمرار مقاومة محاولات المربية بحث الطفل عن 
الحماية وعن بعض العاطفة عندها. وفي الأسبوع الثاني يبدأ بتفضيل 
مربية دون غيرهاء وعند دخول شخص ما لا يعرفه الأطفال يمكن ملاحظة 
مدى الفزع حيث يهرع بعضهم نحو المربية ليتشبث بها. 

لقد أورد بولبي بعض الملاحظات المتعلقة بهؤلاء الآأطفال حيث فقد 
سبعة أطفال من أصل ثمانية مراقبة وظائف الطرح (التبول والتبرز) بعد 
انفصالهم عن الأم. ويشير هذا المؤلف إلى أن الفروق الفردية بين هؤلاء 
الأطفال كانت على صعيد الحركة والنشاطء فبعضهم يميل إلى اللعب والحركة 
المتواصلة بينما يبقى بعضهم الآخر في حالة من العزلة والخمول وعلى 
وشك أن يبدأوا بالبكاء. 

إن ملاحظة سلوك هؤلاء الأطفال بعد لقائهم بالأم عند عودتها بعد 
عدة أسابيع من الغياب تبين تلاشي سلوك التعلق عند هؤلاء إذ يبدو الطفل 
وكأنه لا يعرف أمه من قبل فيدير ظهره مبتعدا وأحيانا يجهش بالبكا. 


الأمومة 


وبعضهم يتردد بين البكاء وعدم الاكتراث. إن تلاشي التعلق قد يستمر 
بضعة أيام ويرتبط ذلك بمدة الانفصال فكلما كانت المدة قصيرة كلما 
استعاد الطفل علاقات المحبة وبدأ بالتشبث بالأم وبالتفاعل معها. إن 
الانفصال المطول والمتكرر بين الأم والطفل خلال السنوات الثلاث الأولى 
يمكن أن يؤدي إلى تلاشي سلوك التعلق عند الطفل بصورة نهائية. أما في 
حالات الانفصال القصيرء فيمكن لهذا السلوك أن يعود إلى مجراه الطبيعى 
خلال ساعات أو خلال ايام ظظيلة: 

إن الطفل يطرح على الأم مشكلات جدية بعد العودة إلى الوسط العائلي 
وذلك يعتمد إلى حد كبير على طبيعة علاقتها به وقدرتها على تطمينه 
وإعادة بناء الثقة والتعامل معه بشكل يتناسب ومدى الاضطراب الذي سبق 
أن عانى منه أثناء انفصالهما. إن الطفل يعاني من الخوف والقلق يتجدد 
بتجربة الانفصال والعودة إلى كنف أناس لا يعرفهم في وسط غريب عليه. 
غلا بد من تطمينه بأن ذلك لن يتكررء وحمله تدريجيا على إعادة ثقته بمن 
حوله وخاصة الأم. 

ما هي الشروط التي يمكن أن تخفف من وطأة الانفصال؟ إن مرافقة 
الطفل لأخ أو لأخت أثناء الاتصال قد يخفف الكثير من ردود فعله عند 
مغادرة الأم. وتشير بعض الدراسات إلى أن الأطفال المرافقين لأخ أو لأخت 
عند دخولهم دار الحضانة وانفصالهم عن الأم يعانون أمور أقل من غيرهم. 
وتكون ردود فعلهم أقل شدة وتكرارا بالمقارنة مع هؤلاء القادمين وحدهم 
دون معرفة أحد في الوسط الجديد (1966 ,تعصستعطاء/ا لمه اعنص نع1) . 
ويمكن للطفل أن يمصطحب شيئًا مفضلا لديه من المنزل إلى الوسط الجديد 
وقد يخفف ذلك من قسوة هذا الحدث. 

وتجدر الإشارة أيضا إلى أهمية سلوك الأمومة لدى الشخص الجديد 
الذي يأخذ على عاتقه رعاية الطفل والاهتمام بشؤونه بعد انفصاله عن 
أمه. فالأطفال الموكلون إلى جدة أو عمة أو خالة تحسن معاملتهم وتربطها 
بهم علاقة المودة يعانون بصورة أقل من وطأة الانفصال ويكون الاضطراب 
عندهم في حده الأدنى. إن مدة الاضطراب التي يعاني منها الطفل بعد 
لاهن لآم تركيظ الوسطد كرين طبيجة بنارا الذى تدلو رن اتعود قلت 
التي ستحل محل الأم. إن قدرتها على التكيف مع الطفل وأخذه بالحسنى 


نا 


الانفصال 


وطمأنته وإظهار السلوك المناسب قد يختصر على الطفل مدة الاضطراب 
ويحد من مخاوف الطفل ويخفف من قلقه عند وجوده في رعاية شخص 
يفرقة بقاصية ذا أنداى هذا الشخصى الحية والستو تجامه. 

إن مشاعر الضيق والشدة الناتجة عن الانفصال يمكن تخفيفها عند 
الطفل إذا تم التحضير لهذا الحدث (عند دخول الأم المستشفى أو حدوث 
ولادة جديدة): وبالتالي يمكن تجنيب الطفل ردات الفعل العنيفة من الاحتجاج 
وفقدان الأمل وبالتالي تلاشي التعلق بالأم نتيجة الاتصال المفاجيّ والتغيير 
الكبير الذي يفوق قدرة الطفل على المواجهة. فتحضير الطفل وتعريفه 
بالأم المرضعة التي ستتولى شؤونه أثناء غياب الأم. وكذلك الخصائص 
السلوكية للأم المرضعة يمكن أن يساعد الطفل على تجاوز الاتصال ومتابعة 
النمو والتطور بشكل مقبول بأقل الخسائر. إلا أن ذلك لا يعني أنه يمكن 
إلغاء مخاطر الانفصالء فالانفصال ينطوي على الكثير من الخاطوقي 
الطفولة الأولى؛ فيجب العمل على تجنبه. لقد أشارت مجموعة من البحوث 
إلى أن غياب الأم يمكن أن يتفاعل مع عوامل أخرى كجدة المحيط وغرابته 
ونقص العناية بالطفل وعدم توفر الأآم المرضعة المناسبة مما يؤدي إلى 
الحزن العميق والشعور بالضيق والشدة عند الصغير في عمر السنتين. 
فغياب الأم يبقى العامل الأساسي في تحديد المظاهر الانفعالية وسلوك 
الاحتجاج عند الطفل. 

إن الأم من خلال ملاحظتها اليومية تدرك أن الطفل القادر على المشي 
والحركة يذهب بثقة وشجاعة بعيدا عنها لاكتشاف العالم من حوله. وعلى 
العكس في غيابها فهو يظهر خوفا شديدا في مواجهة أي طارىء وتبدو 
عليه علامات القلق والاضطراب مما لا يمكنه من متابعة نشاط الاستكشاف. 
غفي حال شعور الطفل بأن أمه على وشك مغادرة المكان أو أنها سبق وأن 
غابت عنه يبدأ على الفور بتوظيف كل طاقاته كي يتمسك بها أو يبحث 
عنهاء ويتملكه الخوف والقلق حتى يجدها. 

إن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو لماذا يشعر الطفل بالضيق والشدة 
في حالة غياب الأم؟ فماذا يخشى أثناء غيابها؟ 

في أدب التحليل النفسي يمكن العثور على جملة نظريات للإجابة على 
هذا السؤال إلا أن هذه النظريات تسلم بأن غياب الأم لا يمكن أن يكون 


167 


الأمومة 


بحد ذاته السبب الحقيقي لمظاهر الخوف والضيق عند الطفل (بولبي 
«1973» ص 55). ا 

لقد شرعت أنسوورث ومعاونوها ١974(‏ ,دماتزة]5 لصة 1اءع8 بطكرهوكستم) 
في دراسة سلوك التعلق عند عدة زمر من الأطفال في أعمار متدرجة حيث 
قامت بدراسة زمرة في عمر تسعة أشهر. ولكن تركزت دراستها على الأطفال 
في عمر السنة. ووضعت طريقة تجريبية محددة لدراسة سلوك التعلق 
أصبحت قيما بعد منهجا مهما اعتمده الكثير من الباحثين وأكدوا مصداقيته. 

تستند طريقة «انسوورث» على ملاحظة سلوك الطفل في شروط 
تجريبية يمكن التحكم بهاء فلقد وضعت ثلاثة مقاعد متباعدة في غرفة 
صغيرة بحيث تتمكن الأم من الجلوس على أحدها وتخصص المقعد المقابل 
لامرأة غريبة بينما توضع ألعاب جذابة على المقعد الثالث في طرف 
الشرطة إن القرض من سه الوضعية التجريبية هو إيقاه فصول الطملق 
بجدتها وجاذبيتها دون تخويفه بغرابة المحيط. فدخول المرأة الغريبة يتم 
بطريقة تدريجية بحيث لا يثير خوف الطفل. تتضمن التجربة ثماني 
مراحل متهايمة كع سيروتها ‏ الحواة اليومية: إن الام ميا متل الخراء 
الغريبة تحاط علما بالدور الذي يجب أن تلعبه وتتعاقب مراحل التجربة 
على الشكل التالي: 

-١‏ في المرحلة الأولى: يقوم أحد الملاحظين باستقبال الأم وطفلها 
واصطحابهما إلى غرفة التجربة ويبتعد الملاحظ بعد ذلك. 

2- في المرحلة الثانية: والتي تستمر ثلاث دقائق تقوم الأم بوضع الطفل 
بين مقعدها والمقعد المعد للمرأة الغريبة. ويتوجب على الأم عدم التدخل 
في نشاطات الطفلء إلا إذا ألحٌ هو على ذلك. 

3- في بداية المرحلة الثالثة: والتي تدوم ثلاث دقائق أيضا. تدخل المرأة 
الغريبة. وتجلس في مقعدها بهدوء لمدة دقيقة وبعدها تتحدث مع الأم لمدة 
دقيقة أيضا ثم تقترب بهدوء من الطفل وتقدم له لعبة. في تلك الأآثناء تبقى 
الآم جالسة في مقعدها. 

4- في بداية المرحلة الرابعة: تغادر الأم الفرفة تاركة حقيبتها اليدوية 
على الكرسي دون أن تلفت نظر الطفل. وتبقى المرأة الغريبة دون نشاط إذا 
تابع الطفل اللعب. وتحاول ترغيبه إذا توقف, وتهدتته إذا بدأ بإظهار القلق 


الانفصال 


والخوف. تستمر هذه المرحلة ثلاث دقائق: وتختصر في حالة إظهار الطفل 
لسلوك الضيق والشدة. 

5- في بداية المرحلة الخامسة: تخرج المرأة الغريبة حالما تدخل الأم إلى 
الغرفة وتتوقف قليلا لمعرفة ردة فعل الطفل العفوية بعد عودتها وبعدها 
يكون لها الحرية في التعامل مع الطفل فبإمكانها تهدتته إذا كان ضروريا أو 
ترغيبه في الألعاب الموجودة.. ثم عليها أن تغادر الغرفة وتتوقف قليلا عند 
العتبة لتقول له إلى اللقاء. 

6- في المرحلة السادسة: يبقى الطفل وحيدا في الغرفة ويستمر ذلك 
ثلاث دقائق إلا فى حالة ظهور الضيق والخوف عند الطفل بصورة حادة. 

دكي الكرنمللة السبائعاة تود المرأة الغريبة لتأخذ مكانها في الغرفة دون 
تدخل فى نشاط الطفل. 

8 قواقيطة الثامنة: تعود الأم إلى الغرفة. 

- يقوم الملاحظون طيلة المراحل السابقة بتسجيل سلوك الطفل والأم 
والمرأة الغريبة عبر مرآة خاصة تسمح للملاحظ بالرؤية بينما يتعذر ذلك 
على من هو موضوع الملاحظة. 

لقد قام هؤلاء الباحثون بدراسة (56) طفلا في عمر السنة وتركز 
اهتمامهم على مقياسين أساسيين: التكرار والقوة (جاتقمعاصآ قصة تزعمعدوع) . 

-١‏ تكرار السلوك خلال كل مرحلة من المراحل السابقة حيث تم تحديده 
بعدد واحد لكل لحظة مؤلفة من (15) ثانية يظهر خلالها سلوك ما. فالرقم 
يكون بين صفر واثنى عشر لكل مرحلة مؤّلفة من ثلاث دفائق. 

2- فوة (ؤأقمعنم1) السلوك والآخن بعين الاعتبار الصفة والطريقة التي 
يظهر بها سلوك ما. 

إن آهم ما يخلص إليه هذا البحث هو أن سلوك الطفل يتغير بشكل 
أساسي أثناء غياب الأم في المرحلتين الثانية والرابعة؛ بالمقارنة مع مراحل 
حضورها. فالطفل يعلن علامات القلق والخوف والضيق عند غياب الأم 
بينما يمضي باستطلاع المحيط والاهتمام بالألعاب طيلة وجود الأم (المرحلة 
الثانية) ملقيا ببصره تجاهها من حين إلى آخرء سبعة أطفال فقط من 
المجموع بقوا حيث وضعوا دون نشاط يذكر وعند دخول المرأة الغريبة أثناء 
وجود الأم والطفل معا لوحظ بأن عددا كبيرا من الأطفال يقترب من الأم 


إنن! 


الأمومة 


ويبدأ بتفحص القادمة الغريبة وينخفض تكرار اللعب واستطلاع المحيط 
إلى ما يقارب النصف. 

وفي المرحلة الرابعة أثناء غياب الآم وبقاء الطفل بحضور المرأة الغريبة 
يميل معظم الأطفال إلى البحث عن الأم واتباعها عندما يشعرون بذهابها 
ويترافق ذلك بالبكاء. وعند عودة الأم يقوم معظم الأطفال بمحاولة الاقتراب 
منهاء وبعضهم يتشبث بها ويتوقف البكاء بشكل تام إلا أنه يصعب إرضاء 
وتهدئة القليل ممن سبق أن أبدوا ردة فعل شديدة عند غياب الأم. 

وعند مغادرة الأم من جديد (المرحلة السادسة) تاركة الطفل وحده 
يبدي معظم الأطفال بكائهم وبحثهم عن الأم بشكل أكثر قوة من المرة 
السابقة (المرحلة الرابعة). 

وتجدر الإشارة إلى أهمية الفروق الفردية الملاحظة في ردود فعل الأطفال 
والتي ترتبط غالبا بطبيعة التفاعل بين الطفل والأم خلال السنة السابقة. 
إلا أنه بالرغم من ذلك تتميز ردود فعل الأطفال بعد مغادرة الأم. بخصائص 
مشتركة من أهمها انخفاض النشاط المتعلق باللعب وباكتشاف المحيط وتوقفه 
بشكل كامل في بعض الأحيان: وكذلك يبدو الحزن والبكاء على الغالبية 
العظمى من الأطفال ويتميز سلوكهم أيضا بالقلق والخوف والشعور بالضيق 
عند مغادرة الأم بالرغم من بقاء الشروط الأخرى (الألعاب والأشياء) ثابتة 
في محيط الطفل. إن طريقة «أنسوورث» ومعاونيها في دراسة سلوك التعلق 
استخدمت على نطاق واسع من قبل الباحثين. وتناولت هذه الدراسات 
أطفالا في أعمار مختلفة ويمكن الإشارة إلى نتائج (1973 ,/إ16نزه8 م1 .لدع عع1) 
لقد تبين أنه بالرغم من أن سلوك التعلق يستمر في الظهور بصورة نشطة 
في تمام العام الثاني من العمر إلأ أن النظام الذي يحكمه قد تغير. فالطفل 
في عمر السنتين يبقي على مسافة بينه وبين الأم أكبر مما هو الحال في 
عمر السنة؛ ويكون أقل ترددا في الاقتراب من شخص غريب غير معروف 
من قبل الطفل. ويشعر الطفل في عمر السنتين بالأمن والطمأنينة لمجرد 
وجوده بالقرب من الأم أو رؤيتهاء بينما يميل الطفل في عمر السنة إلى 
الاقتراب من الأم لدرجة الملامسة الجسدية. بالإضافة إلى ذلك يكون 
احتجاج الطفل أقل حرارة عند مغادرة الأم في عمر السنتين منه في عمر 
السنة. يخلص هذا المؤلف إلى القول بأن الطفل في عمر السنتين يمتلك 


]00 


الانفصال 


استراتيجية معرفية للاتصال بالأم أكثر تطورا مما هي عليه الحال في 
عمر السنة. فالطفل يستخدم في عمر السنتين وسائل الاتصال البصري 
والكلامي (المناغاة) وقدرته على التمثيل العقلي بصورة أكثر فعالية من عمر 
السنة. مما ينعكس على سلوك التعلق إذ يصبح أكثر تنظيما حيث تكون 
وسائل المحافظة على جوار الأم أكثر فعالية منه في عمر السنة. 

أما في عمر ثلاث سنوات فالتغير في سلوك الطفل في الحالة 
التجريبية يمكن أن يكون نتيجة تطور القدرة المعرفية الإدراكية عنده؛ إذ 
يصبح الاتصال عن بعد أكثر فأكثر تطورا بين الأم والطفل: ويصبح هذا 
الأخير أقدر على الفهم بأن مغادرة الأم ستكون مؤقتة وهي ستعود بعد 
قليل. مما يؤدي إلى انخفاض ملموس في ردود فعل الطفل في عمر ثلاث 
سنوات عند مغادرة الأم بالمقارنة مع عمر السنتين إذ يندر حصول اليكاء أو 
الذهاب باتجاه الباب للحاق بالأم. 


متى تبدأ ردود الفعل الخاصة بالا نفصال عن الأم؟ 

إنه لمن الصعب التحديد الدقيق للعمر الذي يظهر به الطفل ردود فعل 
خاصة عند انفصاله عن الأم. إذ يتعذر التفسير الصحيح لذلك قبل عمر 
سبعة أشهر. ويجمع الباحثون بأن ذلك يظهر بوضوح خلال النصف الثاني 
من السنة الأولى. ويستند هذا التفسير إلى نظرية «بياجيه» القائلة بأن 
الصغير يصبح قادرا على تصور الموضوع كشيء موجود مستقل عنه في 
إطار سببي ومكاني. وتميل أبحاث أخرى إلى التأكيد على أن قدرة الطفل 
على إدراك الشخص تنمو بصورة أسرع منها عندما يتعلق الأمر بالشيء 
الجامد (,1970 8611) ويتعذر ذلك قبل عمر تسعة أشهر. إن معطيات البحث 
الحديثة تؤكد أن الصيغة الخاصة بردة فعل الطفل عند انفصاله عن الأم 
عند وجوده في وسط غريب وبحضور شخص لا يعرفه من قبل تبقى ثابتة 
نسبيا حتى عمر ثلاث سنوات حيث تبداً بعدها بالانخفاض التدريجي. 


ما هي دواعى الخوف عند الطفل؟ 
يتفق الباحثون على أن القلق والخوف يتولد لدى الصغير أو لدى البالغ 


عند ابتعاده عن وجه يحبه ويتعلق به. خصوصا إذا وجد في وسط مجهول 


10 


الأمومة 


مع أناس لا يعرفهم: فسلوك الصغير في هذه الظروف يتجه إلى اللحاق 
بمن يحب والفرار من الوسط الغريب. 

هناك عوامل كثيرة يمكن أن تثير الخوف لدى الصغير. فوجود الطفل 
وحيدا في كنف مجهولين؛ وتعرضه لحركة أو لضجة مفاجئة يبعث الخوف 
والرعب في نفسه. كذلك الاقتراب المفاجي منه أو وجوده في أماكن شاهقة: كل 
هذه العوامل يمكن أن تشعر الطفل بالخوف وأحيانا بالآلم والرعب. إلا أن أثر 
هذه العوامل يمكن أن يختلف في شدته من شخص إلى آخرء ومن حالة إلى 
أخرى. فما قد يثير الخوف اليوم قد يكون أقل تأثيرا بعد أيام والعكس بالعكس. 

إن ردة الفعل على وضع خطر يمكن العضوية من تجنب الخطر.ء وبالتالي 
يلعب دورا هاما في بقاء النوع. فحضور شخص قوي الألفة أو غيابه يؤدي 
إلى ردة فعل تختلف في شدتها بالمقارنة مع حضور شخص عادي أو غيابه 
لا تربطنا به علافة قوية. 

إن الدراسات المتعلقة بهذا الجانب تعتبر قليلة نسبيا وتعتمد في معظمها 
على سوال الأم عن العوامل التي تسبب الخوف عند الطفل. 

إلا أن بولبي يعرض دراسة (973! ,نإ801716 مز 1959 بعلده3/1 سه عدتاهصة.]) 
توضح مدى التعارض بين وجهات نظر الأمهات حول حالات الخوف والخوف 
الحقيقي الذي يصيب الأطفال. 

فالحالات التي تشعر الطفل بالخوف والرعب قد تمر دون انتباه الأم. 

إن الطفل يشعر بالخوف من الضياع.؛ والاختطاف. ومن المجهول؛. ومن 
الحرب؛ ومن المرضء ومن الموت. بينما أكد (742) إلى (257) من الأمهات 
بأن الطفل لا يخاف من هذه الحالات. فالملاحظة المباشرة للأطفال تكفل 
معرفة العوامل الحقيقية التي تشعرهم بالخوف. إن تعرض الصغير في 
الأشهر الأولى لمؤثرات خارجية معينة كالضجيج المفاجي؛ وحالة عدم الارتياح 
يدفعه إلى البكاء والتوتر العضلي. وبعد الشهر الرابع حيث يبدأ الصغير 
بتمييز الوجه الغريب من الوجه المألوف عندها يظهر التحسب لدى رؤية 
وجه غريب. وبين الشهرين السابع والتاسع يظهر الطفل علامات الخوف 
لدى مشاهدته إنسانا مجهولا أو شيئًا غريبا. فحضور رفيق مألوف يحد 
من آثار الخوف والقلق: ووجود الطفل بالقرب من الأم يخفف إلى حد بعيد 
من ردود فعله على مؤثرات قد تثير الخوف والذعر أثناء غيابها . إن وجود 


102 


الانفصال 


الطفل بجوار الأم يخفض من مخاوفه ويؤدي إلى تلاشي مظاهر الخوف 
والقلق عند اقتراب شخص غريب منه مثلا. 

إن النوع البشري كالكثير من الأنواع-قد اكتسب خلال التطور استجابات 
محددة؛. وهي ما يسمى بالخوف عن تعرضه لمؤثرات تنذر بالخطر. لقد 
أصبحت هذه الاستجابات عبر التطور جزءا من التراث الغريزي عند الإنسان 
إذ تسهم في مساعدة العضوية على مواجهة الظروف الجديدة. 

وبالتالي تلعب هذه الاستجابات دورا هاما في المحافظة على بقاء النوع, 
فوجود الطفل في وسط مجهول يحمل علامات الخطر والتهديد. فهو بحد 
ذاته لا يشكل خطرا ما وإنما يشير إلى حدوث الخطر. فوجود الطفل بعيدا 
عن الوسط المألوف يعرضه لهجمات الأنواع المعادية وهكذا-تعلم الطفل 
عبر ملايين السنين أن يهرع باتجاه الأم أو باتجاه من تربطه بهم بعض 
الصلات عند تعرضه للخطر حيث أصبحت هذه الاستجابات غريزة متوارثة 
قد تتأثر بالتعلم والاكتساب إلى حد كبير. 

إن الأمن بالنسبة للرئيسات يتطلب منها أن تبقى في زمر. فالانفصال 
عن الزمرة أو الابتعاد عنها ينطوي على مخاطر كبيرة. وبالنسبة للأفراد 
الضعفاء تؤدي العزلة غالبا إلى الموت حيث يكون هؤلاء فريسة سهلة للأنواع 
المعادية. إن ردة الفعل على حالة الخوف من الوقوع فريسة عند الإنسان 
يمكن ملاحظتها بالرغم من غياب الظروف الموضوعية التي تبررها في 
عصرنا الحالء إلا أن ذلك قد يتوضع في بيولوجية النوع خلال ملايين 
السنين ومن غير الممكن إلغاؤه في فترة قصيرة؛ فالتطور البيولوجي يتم 
بشكل بطيء على عكس ما هو الحال فيما يتعلق بالتعلم والاكتساب. 

إن الأنظمة الداخلية التي تتحكم بسلوك التعلق وبسلوك الخوف تحافظ 
على إبقاء الفرد في وضع من التوازن في محيطه. 

فمن وجهة نظر بولبي يمتلك الفرد الإمكانية لتطوير أنظمة بيولوجية 
حساسة لنوع محدد من المثيرات تمكنه من تحقيق التوازن كلما تعرض 
للخلل بحيث تنشط هذه الأنظمة حتى تعود العضوية ضمن حدود التوازن. 
إن ردة الفعل المتمثلة بالخوف عندما يتعذر على الطفل الاتصال بالأم والتي 
أضبحة:غبر التطونجزءا أساسيا هن اكتظومة السلوكية غند الإأتسان: 
تلعب ردة الفعل هذه دورا هاما في تكيف الطفل مع المحيط. وكذلك في 


]|]05 


الأمومة 


المحافظة على بقاء النوع. إن انفصال الطفل عن الأم يؤدي إلى ردود فعل 
متشابهة عند جميع الأطفال مهما اختلفت أوساطهم ومجتمعاتهم. فحضور 
حليف موضع الثقة يؤدي إلى الشعور بالآمن وإلى انخفاض مظاهر الخوف 
في مختلف الظروف المؤدية لذلك. وعلى العكس فالعزلة والوحدة تؤدي 
إلى تصاعد الخوف في مختلف الظروف. 

فالطفل الذي يشعر بأن لا شيء يمنعه من اللجوء إلى الأم (الوجه الذي 
يتعاق به) عندما يرغب وكلما اقتضت الظروف ذلكء وأن الأم تقبل ذلك برحابة 
صدرء يكون أكثر أمنا وأقل خوفا من طفل آخر لا يمتلك الثقة بحضور الأم 
وأمبعدادها توف إن تشكل هذه الثقة يتم غس الراخل الخحلفة من خطور 
الطفلء ويتعزز من خلال التجربة التي يعيشها الطفل مع الأم بشكل يومي. 

إن الطفل الذي ترعرع في وسط مقبول وفي كنف والدين محبين ووجد 
دوما من يأخن بيديه ويضمن له الأمن والطمأنينة خاصة فى الظروف 
الصعبة ستتعزز الثقة بنفسه عندما كر والقتام اه سر دوما من 
يساعده في الحالات الصعبة. فالثقة القوية تتسحب على العالم الخارجي, 
وتنعكس على طبيعة علاقة هذا البالغ بالعالم من حوله. 


1 4 


الأمومة في غياب الام 


سلوك التعدق بين الطفل والآخرين 

إن عتهوم الرايطة الماطفية الوعيدةبين الأم 
والطفل مفهوم رومانسي وجذاب من حيث بساطته 
البيولوجية إلا أن التطون الفاطلمي التطفل لا يتجدة 
فط يعلاققه بالآم.يل لا يدمق الأخة بعين الامقبان 
العلاقات المبكرة الأخرى التي يقيمها الطفل في 
وسطه. حيث يكون ذلك على درجة كبيرة من 
الأهمية لتفهم أفضل لتطور الطفل ونموه (977! 
,كألاعآ له كله0ه81 ,طتتمعصتء11) . 

لشن هذا لفكمام البالحكيم يكركو ديه سن 
العلاقات الأخرى التى يقيمها الطفل بالإضافة إلى 
عاؤقت رالآن بخصرصا علاقة لاقل بالأجه ويالاخوة 
والأخوات. وعلاقته بالأقران في دور الحضانة أو 
في الروضة وذلك في المرحلة ما قبل المدرسية. 

أوضحت بعض الدراسات الحديثة أهمية 
التفاعل بين الطفل والأقران في المراحل المبكرة 
شن العمى وكافين الله غلئ علاقة اظفل باهلة 
(21,1982 أء معاممء طن :1979 ,ااعفصة17) وأثشارت 
دراسات أخرى إلى أهمية مفهوم التعلق الثانوي 
(التعلق بالأقران أو بالأخوة والأخوات أو بالأب... 
الخ) في دراسة تطور الطفل وفي تحديد العلاقات 


05 


الأمومة 


التي يمكن أن تؤثر في هذا التطور. إن مفهوم التعلق الثانوي يتعارض مع 
نظرية التعلق التقليدية؛ ويعزز القطيعة مع النظرية الفرويدية التي ترى في 
كل أنواع التعلق البشري اشتقاقا من العلاقة بالأم. فالتعلق برفيق اللعب 
يؤكد استقلالية التعلق عن موضوع «الليبدو» وعن الدوافع الأخرى. 

سنحاول في هذا الفصل مناقشة تعلق الطفل بالآب: وبالاخوة أو 
الأخوات, والتعلق بين الطفل والأتراب. 


أولا: التعدئ بين الطفل والأب 

بالرغم من أن الأم تحتل مركزا هاما في تطور السلوك عند الطفل؛ إلا 
أن الأب يمكن أن يسهم أيضا في ذلك. وخصوصا مع تزايد اهتمام الآباء 
المضطرد لشؤون الطفل. 

لقد بدأ الآب في المجتمعات الصناعية بالمشاركة الفعالة في تربية الطفل 
منذ الولادة إذ تزداد نسبة الآباء الذين يحضرون ولادة صغارهم وأصبح 
غياب الأب أثناء الولادة إشارة إلى قلة اهتمامه بالطفل. إلا أن المشاركة 
الفعالة أثناء الولادة لا تعبر عن حقيقة ما سيكون عليه سلوك الأب في 
مرحلة لاحقة. ويتفاوت اهتمام الأب بشؤون الصغير من مجتمع إلى آخرء 
ويتأثر هذا الاهتمام تأثرا بالغا بالثقافة الاجتماعية السائدة؛ وبالعادات 
والتقاليد والأعراف. وبمعزل عن التأثير الثقافيء لا يختلف الرجل عن 
المرأة من حيث شعوره واستجابياته نحو الطفل عدي الولادة (1983 ,ملاعساد 
1ه 6). فالتعلق مسألة درجة؛: وليس مسألة أن يكون أو لا يكون: ويعتمد إلى 
حد كبير على مدة اجتماع الطفل والكبير واعتماد كل منهما على الآخر. 
وتعلق الأب بالطفل لا يختلف عن تعلق الأم من حيث نوعه وطبيعته. إلا أنه 
يكون أقل حدة وقوة منه عند الآم (المصدر السابق). 

إن التوسع في الاتصال بين الأب والطفل في الثقافتين الغربية والعربية 
هو أقل منه بين الأم والطفل؛ وبذلك تكون فرص التعلق بين الطفل والأم 
محدودة لا تقوى وتتعاظم كما هو الحال بالنسبة للأم. 

وتقل الدراسات المتعلقة بالأبوة عن تلك المتعلقة بالأمومة حيث يتركز 
اهتمام الباحثين-الذين غالبا ما اعتبروا سلوك الأهل يعني بالدرجة الأولى 
سلوك الآم-على دور الأم: إذ يقتصر دور الأب. في رأي الكثيرين: على دعم 


06 


الأمومه فى غياب الأم 


الأم وتعزيز علاقتها بالصغار. أما اليوم فالضغوط الاجتماعية تدفع الآباء 
كي يكونوا أكثر اهتماما بالصغار وعناية بهم؛ وتتطلب منهم مشاركة الأم في 
الاهتمام بشؤّون الطفل المختلفة. وهذا ما شجع الباحثين حديثا على الشروع 
بالدراسات التي تتناول علاقة الصغير بالأب ودوره في تطور الطفل. 


الأب والعناية في شؤون الصغير 

يتعاظم دور الأب أكثر فأكثر في تنشئة الطفل وتطورهء وتشهد معظم 
المجتمعات. خصوصا المجتمعات الصناعية: تبدلا هاما فى هذا المجال 
حيث يشارك الأب مشاركة فعالة في رعاية الطفل. ويرى لامب (اسمة) أن 
الأب هو المساهم المنسي في تطور الطفل حيث تبدلت المفاهيم الآن: فالآب 
يشعر أكثر فأكثر بأنه معني في شؤون الطفل المختلفة. وبالرغم من قلة 
تدخل الأب في شؤون الطفل المختلفة. ومن قلة تدخله في شؤون الطفل 
اليومية كالتغذية والنظاغة بالمقارنة مع الأم إلا أنه يلعب دورا مهما في تطور 
الطفل ونموهء وتجدر الإشارة إلى التغير في مساهمة الأب في العناية 
بشؤون الطفل: ومشاركة الأم في المهام المتعلقة بنظافته وتغذيته واستحمامه 
والاستيقاظ ليلا من أجله. لقد تزايدت فى العقدين الأخيرين نسبة الآباء 
الذين يتقاسمون مع الأم هذه الأعباء (1982 ,01 أ 15لا16) . وهناك العديد من 
الآباء الذين يتحملون مسؤولية كبيرة في الاهتمام بشؤون الطفل وشؤون 
الآم في المرحلة التي تلي الولادة. ويؤثر هذا التغير في سلوك الأب نحو 
الصغير على القيم والعادات التى سيلقنها الأب لأبناته؛ وفي التكوين النفسي 
للطفلء وفي الاستراتيجية القريوية التي سيتبعها الأب ع أطفاله. إلا آله 
من الخطأ الاعتقاد أن الرجل اتخذ قرارا واعيا بتحمل مسؤولية أكبر فيما 
يتعلق بتربية الطفل ورعايته في المراحل الأولى من حياته؛ فلا بد من بحث 
العوامل التي دفعت بالأب ليساهم أكثر من ذي قبل في العناية بشؤون 
الصغين: ا 


العوامل المؤشرة في سلوك الأب نحو الطفل 


-١‏ بنية الأسرة: 
إن التطور فى بنية الأسرة واستبعاد الأقارب (الجدات والعمات والخالات) 


107 


الأمومة 


من حياتها أكثر فأكثر وعمل المرأة خارج المنزل حمل الرجل على مساعدة 
الأم ومشاركتها المهام التي كانت من شأنها وحدها فيما قبل. ويترافق 
التزايد المستمر في نسبة الأمهات العاملات في مختلف أنحاء العالم. مع 
تحولات في العلاقات الاجتماعية والعائلية. حيث لم يعد في الإمكان تكليف 
الجدة أو الخالة أو أحد أفراد العائلة الآخرين برعاية الطفل والاهتمام به 
أثناء عمل الأم. 

لقد حملت هذه الأسباب الكثير من الأزواج-خصوصا في المجتمعات 
الصناعية المتطورة-على المشاركة الفعالة في رعاية الطفل أثناء غياب الأم: 
وتوفيق ظروف العمل بحيث يتواجد أحد الزوجين بالقرب من الطفل بصورة 
دائمة. إلا أن نسبة الآباء الذين يختارون البقاء في البيت أثناء عمل الأم لا 
تزال نسبة قليلة. 

وتجدر الإشارة إلى أن التغير في التقاليد الاجتماعية المتعلقة برعاية 
الطفل في المجتمعات الصناعية قد تدعم بتعديل تناول التشريح الذي 
ينظم العلاقات الآسرية حيث يتساوى الزوجان في الحقوقء وتتزايد نسبة 
الآباء المطلقين الذين يقومون على شؤون الطفل. ويمكن للرجل في بعض 
المجتمعات أن يحصل على إجازة أمومة بعد ولادة الطفل الثالث. 

ومن العوامل التي قد تدفع الأب للمشاركة أكثر فأكثر في رعاية الطفل؛ 
الولادة خارج البيت في المستشفىء؛ فعند عودة الأم إلى البيت يشعر الأب 
بضرورة أن يقوم ببعض المهام التي كان يقوم بها الآخرون في دار الولادة؛ وأن 
يهِيى الفرصة للأم كي تخلد إلى الراحة؛ وتتمكن من استعادة حيويتها ونشاطها. 

وتهتم المرأة المعاصرة أكثر فأكثر في مدى تدخل الأب في سياق التكوين 
الاجتماعي للطفلء وتشكو سلبيته في هذا المجال وترى بعضهن أن دور 
الأب غير محدد بشكل صحيح: وعدم مشاركته يعبر عن رغبة الرجال في 
إبقاء المرأة في مكانها التقليدي؛ ويكون غالبا عدم قيام الزوجين بالدور 
المناسب مصدرا للمواجهة بينهما. إلا أن التمييز بين دور الرجل ودور المرأة 
لا يخضع لرغبات أحد الطرفين. فكلاهما يلتزم بنظام القيم السائدة التي 
تحددها الجماعة الثقافية التى تنتمى إليها الأسرة. 
2- تجرية الأب مع أهله: د 

تعتبر تجربة الأب مع أهله خاصة مع والده على درجة كبيرة من الأهمية 


1١08 


الأمومه فى غياب الأم 


من حيث التأثير في سلوكه الخاص كأب. فالآب الذي يسيّ معاملة أطفاله: 
ويعاملهم بصلفء غالبا ما يكون بدوره طفلا قد اسيئت معاملته من قبل 
والده. وعومل بقسوة وصلف. ومن المحتمل أن تنتقل بعض النماذج السلوكية 
من جيل إلى جيل حيث يميل الأب إلى تقليد سلوك والده كما يميل المعلم 
إلى تقليد سلوك معلمه بصورة إرادية أو لا إرادية؛ إلا أن الثقافة قد تؤثر 
تأثيرا عميقا في تعديل هذه النماذج السلوكية وتجعلها أكثر مرونة وقدرة 
على التكيف مع الشروط المستجدة في المحيط. 


تأخير الأب فى سلوك الطضل: 

لقد أوضحت الملاحظات الحديثة أن الأب يقوم بحمل الصغير خلال 
الأشهر الخمسة الأولى من عمره. فالآباء يحملون أبناءهم لمدة طويلة. 
فالوضعيات المختلفة أثناء حمل الطفل تؤدي وظائف متعددة؛ فالأب يتصرف 
بشكل مختلف حسب طريقة حمله للصغير. وكذلك تؤثر وضعية الصغير 
أثناء حمله في سلوكه عامة وفي قدرته على توجيه انتباهه إلى الأب. وتهيئ 
وضعية الحمل أفضل الفرص للتفاعل المتبادل. خصوصا عندما يكون 
الطرفان وجها لوجه. مما يمكنهما من التبادل البصريء والتعبير الوجهي. 
ويكون الأب عندها مصدرا للمؤثرات بالنسبة للطفل الذي يكون على درجة 
من الحساسية لهذه المؤثرات. 

إن طريقة الحملء: حيث يكون الآب والطفل وجها لوجه. تسمح بتطور 
العلاقة بين الطرفين. بينما ترتبط الحالات الأخرى لحمل الطفل بتهدئته 
عندما يكون غاضبا أو باكياء وبرعايته والقيام على شؤونه. وتمكينه من 
التفاعل مع الآخرين. 

لقد أوضحت دراسة وايت ورفاقه (1981: 1700116 لصه عانط7؟) أن (75/) 
من الآباء يحملون الصغير بين الذراعين قبل عمر شهرين. وترتفع هذه 
النسبة إلى (796) عندما يبلغ الطفل شهره الخامس . فالآباء يحملون الطفل 
بعد الولادة وينظرون إليه ويتحدثون عنه إلا أن السلوك النشط كالملامسة 
والابتسام والحديث إلى الطفل يكون أقل ظهورا . 

لا تكمن أهمية سلوك الآب في مشاركة الآم مسؤولية الطفل فقط بل 
في التغير الانفعالي والنفسي الذي يعيشه الأب في علاقته بالطفل. 


إنفدا 


الأمومة 


ويرى بعض الباحثين (21,1979 6ه هه5:ءل0ه2) أن تأثير الأب يجب أن يفهم 

- طريقة مباشرة وذلك من خلال تفاعله المباشر. وتجربته المميزة مع 
الطفل» حيث يمكنه أن يعرر تطور الطفل من خلال سلوكه نحوه. 

- طريقة غير مباشرة وذلك من خلال علاقته بالأم؛ فالزوج يمكنه أن 
يوفر للزوجة-الأم دعما انفعاليا عاطفيا وذلك ينعكس على علاقة الأم 
بالطفل. ويمكن أيضا للتفاعل بين الزوجين: وطبيعة العلاقة بينهما أن تؤثر 
فى سلوك الأب نحو الطفل. 

وتكون المدة الزمنية التي يقضيها الأب في البيت على درجة كبيرة من 
الأهمية؛ وغالبا ما يحدث التفاعل بين عدة أفراد بنفس الوقت الأب-الطفل- 
الأم وهذا ما يحد من التفاعل الشائى بين الطفل والأب. فالأب يقسم وقته 
بين الزوجة والطفل بينما تخصص الأم معظم وقتها للتفاعل الثنائي مع 
الطفل أثناء النهار. ويمكن أن يكون انخفاض الاتصال المتبادل بين الأب 
والطفل نتيجة للاتصال بين الزوج والزوجة حيث يغلب ذلك عندما يجتمع 
الأب والطفل والأم. 

كيف يمكن للتفاعل بين شخصين الأم والطفلء أن يتأثر بشخص ثالث- 
الأب-5 هل يمكن للأب أن يدفع الأم للكف عن إظهار بعض أنواع السلوك؟ 
أو أن يسهل بعضها الآخرة 

وهل يمكن لتأثير الأب أن يعدل في خصائص سلوك الآم؟ 

لقد أشارت الدراسة السابقة إلى أن حضور الأب يؤدي إلى خفض 
التفاعل بين الأم والطفل؛ وإلى خفض الإصدارات الصوتية الموجهة للطفل. 
وقد يؤثر التنافس بين الوالدين فيما يتعلق بشؤون الطفل في تفاعل كل 
منهما مع الطفل وفي إثارة الخلافات الزوجية نتيجة لانعدام الخبرة في 
طرق التعامل مع الصغير. 

إن ندرة البحوث المتعلقة بدور الأب يجعل الإجابة على الأسئلة السابقة 
عملية صعبة وتنطوي على بعض المضاربة. إلا أنه يمكن القول أن الأب 
أيضا يحتاج إلى الدعم العاطفي-الانفعالي ليتمكن من الاستمرار في علاقته 
بالطفل ومن ممارسة سلوك الأبوة. فمعظم البحوث تتناول التعلق بين الأم 
والطفل في سياق ثنائي ولا تتناول هذه المشكلة في إطارها الأسري المتكامل. 


الأمومه فى غياب الأم 


إن النتيجة التي يمكن استخلاصها هي أن مشاركة الأب في المراحل 
المختلفة من حياة الطفل تؤثر تأثيرا هاما في تطوره خصوصا في الطفولة 
المتوسطة. إذ يمكن للأب أن يقوم بدوره في تشجيع الإنجاز المدرسي للطفل 
وفي وقايته من الانحراف وتجنيبه الجنوح. فمشاركة الأب عامل هام في 
نجاح الطفل. ويتركز اهتمام الأب بشكل خاص على الوضع المدرسي 
للأطفال. فالمتابعة من قبل الأهل تؤدي إلى تحسن الإنجاز المدرسي. وعلى 
العكس من ذلك فعدم اهتمام الأهل بشؤون المدرسة يرتبط بقلة النجاح: 
وبتدهور المستوى الدراسي للأطفال. ويكون الإنجاز المدرسي على علاقة 
بإرادة الأب ومدى تعاونه مع المعلم. 

ولا بد من التنويه إلى أن طبيعة عمل الأب تؤثر تأثيرا بالغا في درجة 
اهتمامه بالأطفال. غالب الذي يصل إلى البيت بعد يوم من العمل المرهق 
لا يملك الطاقة كي يقوم بدوره. وكذلك الأب الذي يمارس مهنة صعبة 
تستنفد معظم وقته وإمكاناته. لا يستطيع أن يهتم بشؤون أطفاله ويتابع 
أرشاعيم تشفل ضحي 

ويلاحظ أن الصغير الذي يتمتع بعلاقات إيجابية مع الأب يظهر قلقا 
كبيرا عند انفصاله عنه فى حال الطلاق ١1980(‏ ,ترلاعكا قصة متعاووالة117) 
وريما كان موقف الأم ين كباب الآبا اكذن اهميلاجن غياب الأبيجد خاتة: 
فالنتيجة المدرسية المتواضعة عند الأطفال ترتبط بموقف الأم السلبي من 
غياب زوجها. إن الطفل الذي يفقد أباه بسبب الموت يأسف طيلة حياته 
لحرمانه من وجود الآأب. 

واهتمام الأب بشؤون الطفل على علاقة بالتفاعل الذي يدور بين مختلف 
أغراد الأسرة؛ ويؤثر في جو المنزل حيث تكون الأسرة أكثر تماسكا وأكثر 
تعاوناء عندما يبدي, الأب مشاركته واهتمامه بشؤون الأطفال. وكل ذلك 
يشيع نظرة بناءة للعالم, ويصعد من اهتمامات الأسرة وآمالها ويحد من 
احتمال ظهور السلوك المنحرف أو من سلوك الجريمة. ويبرز دور الأب في 
التمايز الجنسي عند الأطفال وفي فرض النظام في إطار الأسرة. 
-١‏ دور الأب في التمايز الجنسي عند الأطفال: 

يتحدد اكتساب الطفل للسمات السلوكية التي تتتاسب مع جنسه من 
خلال التنشئة الاجتماعية حيث يكتسب الصبي صفات الذكورة؛ وتكتسب 


الأمومة 


البنت صفات الأنوثة. 

وتؤثر العوامل الثقافية تأثيرا كبيرا في تحديد الدور الجنسي؛ فالفروق 
القائمة بين الجنسين تحددها الثقافة السائدة. وذلك عبر السلوك الذي 
يتبناه الأهل نحو أطفالهم من الجنسينء إذ يتم تعزيز السلوك المناسب 
للجنسين من قبل الأهل. حيث ينتظر من الصبي أن يكون أكثر نشاطا وأكثر 
قدرة على التنافسء وأكثر استقلالية واعتمادا على الذاتء وتؤثر الثقافة 
السائدة في جعل البنت على درجة أقل من الرجل في الصفات السابقة, 
وتعزز لديها الهدوء والرقة والحنان وسلوك الطاعة والانصياع, وتحضيرها 
للعمل المنزلي. 
التمايز الجنسي عند الأطفال؛ وفي ظهور المشكلة الأوديبية» ويلح أنصار 
هذه النظرية على أهمية دور الأم حيث يقتصر دور الأب على التأثير غير 
المباشر وذلك من خلال علاقته بالآم ودعمه لهاء إذ تكون معنية بصورة 
دائمة وعميقة في تطور الطفل. إلا أن هذه النظرية كانت موضعا للانتقاد 
في السنوات الأخيرة حيث بدأ الاهتمام بدور الأب في حياة الأسرة, وأثره 
في التطور الانفعالي والعقلي للأطفال. 

ويتفق الباحثون الآن على أن غياب الأب عن المنزل يؤثر في سلوك 
الطفل وخصوصا في سلوك الصبي. كما يؤثر الأب تأثيرا هاما في التمايز 
الجنسي بين البنات والصبيان. 

ويتصرف الأهل بطريقة مختلفة ياختلاف جنس الطفل. فتختلف العناصر 
السلوكية التي يبديها الأب أو الأم نحو الطفل إذا كان هذا الأخير ذكرا أم 
أنثى, ويتم تعزيز سلوك الصغار بطريقة مختلفة باختلاف جنسهم. فهذه 
حيث يشجع الأهل السلوك المناسب للجنس ويتجاهلون السلوك غير المناسب 
أو يعاقبونه. فالآباء يشجعون البنات على أن تكن جذابات ويتصرفن بشكل 
حسن. كما يقوم الأب بتعزيز سلوك الأنوثة عند البنات. بينما يشجع الصبيان 
على حب الاطلاع: وعلى الاعتماد على الذات؛: وإظهار سلوك الرجولة. ويكون 
سلوك الأب أكثر ليونة تجاه الصبي بينما يضع القيود الكثيرة على البنت 
(1977 ,اكذاعة2 4هة طائص9) ويتكلم الأب أكثر ويلعب أكثر مع الصبي بالمقارنة 


الأمومه فى غياب الأم 


مع البنت في عمر ال ١8‏ شهرا . (977! ,اعلصفظ قصة طنتسم8) . 

ويهتم الأب والأم بتوفير فرص متكافئة أمام أولادهم من صبيان أو 
بنات. إلا أنهما يميزان بين ألعاب الجنسين ونشاطاتهما. ويشجع الآباء 
البنت على طلب المساعدة بينما يقومون بتأنيب الصبى عند استخدامه 
لألعاب البنت (982! ,61:6 »81) . كما تتأثر مشاركة الآب قن العناية بالطفل 
بجنس هذا الطفلء إذ يولي الصبيان اهتماما أكثر من البنات. 

إلا أن الثقافة التقليدية بدأت تتراجع أمام التغيير الذي أدى إلى تعديل 
في موقف الأهل من التمايز الجنسيء واتجاههم نحو التقليل من الفروق 
بين الجنسينء فتزايد النساء اللواتي يتابعن الدراسة في مختلف 
الاختصاصات؛ء وممارسة مهن متعددة وازدياد عدد العاملات خارج المنزل 
في الوقت الذي يرتفع فيه عدد الرجال المشاركين في الأعمال المنزلية. كل 
هذا ينعكس على طرق التنشئة؛ إذ يتأثر الأطفال بهذا الاتجاه الذي يقلل 
من الفروق بين الجنسين. فالتحول الذي يعيشه المجتمع العربي الآن هو 
تحول في صالح المساواة بين الجنسين (اسماعيل 1986). 
2- الأب وفرض النظام: 

تتصف صورة الأب في المجتمعات العربية بالقمع والتسلط وكأن وظيفته 
تقتصر على الردع والتأديب. وتشجع الثقافة السائدة هذا التوجه التسلطي 
للأب الذي يبالغ في اللجوء إلى العنف والقسوة كي يملي إرادته على جميع 
أفراد الأسرة. وغالبا ما يقوم الأب بالمحافظة على «الانضباط» والنظام 
داخل الأسرةء وينفن العقوبة بمن لا يخضع لإرادته من الأطفال. وكثيرا ما 
تهدد الأم الطفل بعصا الأب الغليظة:؛ إلا أن هذه الصيغة تكون فقط للتهديد: 
ولضمان طاعة الطفل دون أن تؤثر الأم على صورتها كمصدر للعاطفة 
والمحبة إذ تترك مسألة فرض «النظام والانضباط» لتحكيم الأب. 

إن مبالغة الأب في استخدام سلطته وتبنيه العنف الجسدي والمعنوي 
في التعامل مع الأطفال ينطوي على أخطار جسيمة. فلقد أشارت دراسة 
ماكوير (1!982 ء:ننا© 3816) إلى أن الكثير من مشكلات انحراف الأحداث: 
وتوجههم نحو الجريمة: يرتبط بالطريقة التأديبية التي يستخدمها الأهل, 
فتعرض المراهقين للقمع والضرب قد يعزز عندهم هذا التوجه. 

ويأخن دور الأب أهمية خاصة في تطور جنوح الأحداث حيث أشارت 


الأمومة 


بعض الدراسات إلى أن أبا الطفل الجانح يكون متجاهلا وأقل تدخلا في 
شؤون طفله بالمقارنة مع أب الطفل العادي. 

ويكون الرجل غالبا معجبا بوالده؛ ومتأآثرا بقيمه الأخلاقية وبشجاعته. 
وهذا ما يؤهل الأب لموقع المسؤولية؛ ولإشاعة العدالة والحزم في الأسرة. 
ويكتمل دور الأب عندما يتصف بالمحبة والحنان. فهيمنة الأب وقوة شخصيته 
المرافقة بمشاعر المحبة والعطف تنمي عند الأطفال الذكور الضوابط الذاتية 
التي تثير حساسيتهم وسخطهم عند تجاوز القواعد الأخلاقية السائدة. 

يكون للأب إذن دور هام في الأسرة وفي التنشئة: فهو المرجع الأخيرء 
ويجب أن يكون في موقع يمكنه من مواجهة كل مشكلات الأسرة. وبقدر ما 
تتسع ثقافته ومعارفه بقدر ما ينعكس ذلك على أطفاله وعلى قدرته في 
مساعدتهم تريويا ودراسياء وفي الإجابة على تساؤلاتهم وتمكينهم من التكيق 
في عالم متغير. فالأطفال بحاجة إلى التوجيه والمساعدة لتذليل المصاعب؛ 
وحملهم تدريجيا إلى النضج والاستقلال الذاتي. 


خانيا: التعدى بين الطفل والأخوة والأخوات 

كيف يمكن للتفاعل بين الأخوة والأخوات أن يؤثر في مسار تطور الطفل؟ 
وهل يختلف الطفل الوحيد عن طفل ذي أخوة وأخوات؟ وهل يؤدي هذا 
الاختلاف إلى علاقة خاصة مع الأهل؟ 

لقد حاولت بعض الدراسات الغربية الإجابة على الأسئلة السابقة. إلا 
أن تميز الأسرة العربية بتعدد الأطفال بالمقارنة مع الأسرة الأوربية أو 
الأمريكية يجب أن يحملنا على الحذر عند الأخذ بنتائج البحوث الغربية, 
نظرا لخصوصية الأسرة العربية في هذا المجال. 

يتمتع الطفل الأول بعلاقة خاصة مع الأهل. ويتحمل مسؤوليات متعددة 
في إطار الأسرة؛ ويتأثر بالعلاقة مع أخوته الصغار. فاستجابات الطفل لمؤثرات 
طفل آخر تختلف اختلافا كبيرا بالمقارنة مع استجاباته لمؤثرات البالفين. 

ويتميز التفاعل المتبادل بين الأخوة بخصائصه العاطفية. فإما أن يكون 
متسما بحرارة المحبة والعطفء مما يشعر الأخوة بالفرح والحبور أثناء 
الاتصال. وإما أن يشوب هذا الاتصال الخلاف والمشاجرة حول الألعاب 
والأشياء (1979اباعضل دعكا لصه مدن) . و ترتفع نسبة التفاعل الإيجابي بين 


204 


الأمومه فى غياب الأم 


الأخوة عندما يعبر الطفل الكبير عن حسن استضافة أخيه الأصغرء ويبدي 
الاهتمام به. ويساعده على اكتشاف الأشياء من حوله. وعلى العكس من 
ذلك ترتفع نسبة التفاعل السلبي عندما يبدي الكبير سلوكا عدائيا نحو 
الأم بعد ولادة أخ أو أخت. 

إن التبادل بين الأخوة والتفاعل الذي يمكن أن يحصل بينهم في أي وقت 
كونهم يعيشون تحت سقف واحدء يمكن لهذا التفاعل أن يلعب دورا هاما 
في سياق التطور الاجتماعي للطفل. إلا أن البحوث التي تعتمد على الملاحظة 
المباشرة للسلوك تعتبر نادرة حتى وقتنا الحالي. 

وتعتبر العلاقة بين الأخوة والآخوات على درجة كبيرة من الأهمية؛ إذ توفر 
للصغير الفرصة للتفاعل مع أخ أكبر متمتع بقدرات أكثر تطورا. فالأخ الأكبر 
يقوم بدور المعلم بالنسبة لأخيه الأصغر ويساعده في التكيف وفي تطوير 
قدراته المختلفة. ويقوم الأخ الأكبر بالدور الرئيسي في عملية التفاعل فهو 
الذي يوجه النشاطات المختلفة ويقودها (1982 21,.]ء 87003): ويعلم أخاه الكثير 
من الألعاب والمهارات. إلا أن معظم هذه النشاطات تتوقف عند حضور صديق 
للأخ الأكبر حيث يتركز الاهتمام على هذا القادم الجديد (المصدر السابق). 

وتتغير طبيعة العلاقة بين الطفل الأكبر وشقيقه الأصغر أو شقيقته 
تبعا لمراحل التطور إذ يتمكن معظم الأطفال بين الثالثة والخامسة من 
عمرهم من أن يكونوا مصدرا للأمن والطمأنينة بالنسبة للأخ الأصغر (10- 
14) شهراء في حال غياب الأم (,1984 هذ8ره81 لمة تهع5) . كما يمكنهم أن 
يلعبوا دورا هاما في إعادة تنظيم التعلق بين الأم والطفل عندما لا يتسم 
هذا التعلق بالأمن. 

وتجدر الإشارة إلى أهمية تقليد الصغار لأخوتهم الكبار حيث تأخذ هذه 
الظاهرة أهمية بالغة في سياق تطور الصغير واندماجه في الحياة الاجتماعية. 

إن الاسوة الاكثر اهمية هي شيزة الآخرة العبار مان الحدائة يشؤون 
الك الأسشر ورفايقة والسرون على عطلاياقة. المكادة #العفدينة والنظافة 
والرعاية الطبية.. وتوفير الأمن والطمأنينة له. وتعرف هذه الظاهرة على 
نطاق واسع في المجتمعات العربية إذ يقوم الأخوة الكبار بدور هام: ويتحملون 
مسؤوليات كبيرة نحو الأخوة أو الأخوات الأصغر سناء وكثيرا ما يكون 
التعلق بين هؤلاء على درجة من القوة بحيث يتشابه والتعلق مع الوالدين. 


الأمومة 


إن تعميق البحث ودراسة هذه الظاهرة على درجة كبيرة من الأهمية, 
وذلك لتحديد الدور التربوي الذي يقوم به الأخوة الكبار نحو الأخوة الصغار 
في الأسرة العربية؛ وتتميز العلاقة بين الأخوة الكبار الذين يقتربون من 
سن البلوغ والآخوة الصغار في طفولتهم المبكرة تتميز بعواطف المحبة والحنو 
وتؤثر بلا شك تأثيرا عميقا في مسار تطور الطفل. 

إن دراسة علاقة الأخوة والأخوات فى الطفولة المبكرة وتأكيد بعض 
الباحكين طن الجواني السابية فى الحتبعات العروية يحي الااريضب انا على 
إغفال أهمية هذه العلاقة وتأثيرها فى تطور الطفل. 

وعلى الرغم من الجوانب الإيجابية العديدة لعلاقة الطفل بالأخوة 
والأخوات: يؤكد بعض الباحثين على الجوانب السلبية لهذه العلاقة كالنزاع 
والتنافس والعدوان. غفي رأي فيلسون (98! ,«هواء5) يتميز التفاعل بين 
الأخوة والأخوات في المجتمع الأمريكي بارتفاع تكرار العدوان الذي يميل 
إلى الانخفاض مع العمر. وتغلب الغيرة والتنافس على علاقات الأخوة 
والأخوات. وتنشأ هذه العدوانية غالبا نتيجة الخلافات الحادة حول الألعاب 
والأشياء. فالتفاعل السلبي في علاقة الأخوة والأخوات يفوق التفاعل السلبي 
في علاقة الطفل بالوالدين. وتتأثر علاقة الطفل بالأم عند ولادة أخ جديد 
ويلخص هايند (ع8120) ذلك يما يلي: 

يمكن لولادة طفل جديد أن تؤثر في المدة الزمنية التي تكون فيها الأم 
مستهدة للتفاعل مع الطفل الأكبر. إذ تنخفض عادة المدة التي تقضيها الأم 
في حالة انتباه ولعب مشترك مع الطفل الأكبر. 

تترافق ولادة طفل جديد مع انخفاض في تكرار مبادرة الأم لإقامة 
التبادل واللعب المشترك. وكذلك تنخفض في عبارات المحادثة المتبادلة عدا 
تلك المتعلقة بالآمر والمنع» ويمكن أن يكون التغير في سلوك الأم نتيجة 
للتعب الذي يلحق بها بعد الولادة. 

- يتغير سلوك الطفل عند ولادة أخ أو أخت حيث يتفاعل مع الأم بطريقة 
مختلفة؛ فيرتفع تكرار سلوكه السلبي (العدوان: البكاء. الرفض) ومتطلباته 
المختلفة؛ ويتزامن ذلك مع ارتفاع في نسبة المشكلات المطروحة المتعلقة 
بالنوم والتغذية والنظافة. 

- ويمكن ملاحظة تغير إيجابي في سلوك الطفل الأكبر إذ يأخذ 


200 


الأمومه فى غياب الأم 


مسؤوليات أهم من ذي قبل في اتخاذ المبادرة» ويبدأً بتناول الطعام بمفرده 
ويتجه شيئًا فشيئًا نحو الاستقلالية. وهذه التبدلات تدعو إلى القول بأن 
الطفل الأول-على خلاف الطفل الوحيد-يكون صورة عن نفسه متآثرة تأثيرا 
بالغا بهذه التجربة الجديدة. فالتفير في بنية الأسرة يترافق مع تغير في 
محيط الطفل الأول حيث يسهم ذلك في تعديل سلوكي لديه. ومما لا شك 
فيه أن علاقة الأم بالطفل تتأثر بولادة أخ أو أخت؛ حيث تتغير العناصر 
السلوكية لهذه العلاقة. فالأم أثناء تفاعلها مع القادم الجديد تثير غيرة 
الطفل الأكبر مما يدفعه إلى تغيير نشاطه ليلفت انتباه الأم ويثير اهتمامها . 
وهذا ما يفسر ارتفاع تكرار المنع الذي تصدره الأم نحوه. ويدرك معظم 
الأهل المشكلات التى تسيبها ولادة طفل جديد عند الولد الأكبرء ويتساءلون 
فى كيكنة التصيرف إذان الغيرة واللتحاسين بين الألخرق ول يتم معالجة الغيرة 
والتحاسد عن طريق تحقيق المساواة المطلقة بين الكبار والصغارء بل عن 
طريق الاهتمام الحقيقي بالكبير وإشعاره بأنه محبوب ولازال يتلقى الاهتمام 
والرعاية بعد ولادة أخ أو أخت,. وأن المحبة لكل منهما مختلفة بسبب من 
اختلافهماء وهذا ما يمكن الأم من التعامل مع كل منهما بطريقة مختلفة 
دون إثارة التحاسد والغيرة. فالمهم أن يدرك الطفل أن الأم لا تتصرف على 
هذا النحو لأنها تميز أو تفضل أحدهما على الآخر بل لأن كليهما يختلف 
عن الآخر (سالك:987! ,:1له5). وتجدر الإشارة إلى أهمية تهيئة الطفل 
الكبير لاستقبال القادم الجديد أثناء فترة الحمل؛ والإجابة بصدق ووضوح 
على الأسئلة المتعلقة بكيفية بداية الحياة. وكيفية نمو الجنين. وكيفية ولادته 
(المصدر السابق). ولا بد من أن يعرف الطفل احتمال غياب الأم عن البيت 
أثناء الولادة. كي يتمكن الطبيب والممرضات من الإشراف على الوليد. وتتمكن 
الأم من الاستراحة بعض الوقت. وعلى الأهل اتباع الصدق والصراحة في 
علاقتهم بالطفل؛ وأن يتفهموا مشاعر الشك والمعارضة لديه إزاء القادم 
الجديد . وتزداد مهمة الأهل صعوبة في إقناع الصغير إذا كان عمره يقل عن 
ثلاث سنوات. لصعوبة إدراك المشكلة وتفهمها. وهو بحاجة إلى والديه ولا 
يزال يعتمد اعتمادا كبيرا عليهما . وضي جميع الحالات يجب أن يطمئن الطفل 
على أنه موضع اهتمام وأنه محبوب وأنه جزء مهم من الأسرة التي كبرت 
بقدوم الطفل الجديد. 


207 


الأمومة 


إن تميز الأسرة العربية؛ واختلاف بنيتها بالمقارنة مع الأسرة الغربية 
يجعل من المفيد إجراء الدراسات المقارنة وتعميق البحث الذى يتناول علاقة 
الآخرة ان النحوات: حي يافحظ #حيانا كيام اعبار يدون الأهل بالتمجية 
للصغار عندما تكون الفروق كبيرة في أعمارهم: وقد تكون روابط التعلق 
بينهم على درجة من التشابه مع تلك التي تقوم بين الطفل وذويه. 


خالثا: التعدى بين الطضل والأتراب 
تطور الاتصال بين الأتراب 

لقد درج الباحثون على تقسيم حياة الطفل إلى مراحلء تتسم كل منها 
ببعض السمات. حيث قال العالم الفرنسي هنري فالون مثلا بمراحل التطور 
الانفعالي-الاجتماعي عند الطفلء؛ كما قال بياجيه بمراحل التطور المعرضي- 
الإدراكي: وكذلك فعل فرويد عندما تحدث عن مراحل مختلفة في تطور 
الليبيدو. وفيما يتعلق بتطور سلوك الاتصال والتفاعل الاجتماعي عند 
الطفل تحدث بعض الباحثين عن مراحل مختلفة في تطور قدرات الطفل 
في هذا المجال. فلقد ميز ميلر ولوكاس (1975 بخهسا امه معلاء»ط8) ثلاث 
مراحل في تطور سلوك الاتصال عند الطفل تحدد قدرته على التفاعل مع 
الآخرين خاصة مع الأتراب. 

تتميز المرحلة الأولى بعدم تناسق سلوك الاتصال عند الطفل فهو يقوم 
بإصدارات متقطعة لا رابط منطقي بينها. ويطلب استخدام البصر على 
أقنية الاتصال الأخرى. ولا يتمكن الأطفال أثناء هذه المرحلة؛ التي تستمر 
حتى نهاية السنة الأولى. من تنسيق سلوك الاتصال فيما بينهم: لذلك 
يتعذر اندماج هذه الإصدارات السلوكية في وحدات اتصالية تفاعلية. ويكون 
سلوك الصغار فى هذه المرحلة متركزا حول الأشياء. أما فى المرحلة الثانية 
فيحل الأقران ا الأشياء. حيث ينشط الطفل في النيعت عن الاحتكاك 
مع الأقران» ويقوم بتوجيه سلوكه نحو الأقران بشكل واضح أثناء عامه 
الثانى. وهذا ما حمل هذين الباحثين على تسمية هذه المرحلة بمرحلة 
التفاعل الاجتماعي الحقيقيء وتتميز المرحلة الثالثة بقدرة الأطفال على 
التفاعل المتبادل وتنسيق سلوكهم في عملية تفاعلية متكاملة؛ وتبرز في هذه 
المرحلة الوحدات التفاعلية المعقدة. وفي ملاحظات فينز 197١(‏ ,تعصة؟) 


الأمومه فى غياب الأم 


التي أجراها في دار الحضانة: والتي تناولت سلوك الأطفال بين الشهر 
السادس والشهر السادس عشر من العمرء بينت هذه الملاحظات أن الطفل 
يملك الاستعداد للتفاعل مع الأقران منذ الشهر السادس. فالاحتكاك بين 
الأطفال يترافق بتوجيه البصر والضحك والابتسام: فالصغير يبحث عن 
قرينه ويتبعه ويلامسه ويتوجه نحوه بالعديد من العناصر السلوكية. ويندر 
ظهور السلوك العدائي عند الطفل قبل مرحلة المشي؛ مما حمل هذا الباحث 
على القول بأن المتعة والألفة تغلب على العلاقة المبكرة بين الطفل وأترابه. 
ولقد تعززت وجهة النظر هذه وتأكدث في بحوث لاحقة (1989 ,نقاده؟1) . إن 
دراسة الطفل خلال عامه الثاني وملاحظة سلوكه بحضور الأم أثناء اجتماعه 
بطفل لا يعرفه من قبل؛: وذلك أثناء اللعب في قاعة أعدت خصيصا لهذا 
الغرضء تبين أن الطفل يلتفت قليلا نحو الأم وكأنه لا يأبه كثيرا بحضورها . 
بينما يتركز نشاطه نحو الطفل ونحو الأشياء الموجودة في المحيط (980! 
له أء مقحصعءاء8 ١975‏ ,تدقصة1-لصة-دهدومع1) . ويتمكن الأطفا ل في هذه المرحلة 
من العمر من دمج الأشياء والألعاب في عملية التفاعل القائمة بينهم: وضي 
نهاية السنة الثانية من العمر يهيمن اللعب الاجتماعي على نشاط الطفل 
مع الأقران. ويعود تزايد أهمية اللعب الاجتماعي في هذه المرحلة إلى تطور 
قدرات الطفل على التقليد (18153,1980 300 داهومع1) حيث يتمكن الطفل 
بواسطة التقليد من إظهار وحدات سلوكية معقدة ومن تطوير التفاعل 
المتبادل مع الأقران بحيث يصبح أكثر أهمية من ذي قبل. 

لقد تعاقبت-حديثا-البحوث والدراسات التي تتناول علاقة الطفل بالأتراب؛ 
وكانت نتائج هذه البحوث-في معظمها-تخلص إلى القول بالدور الإيجابي 
للأقران في حياة الطفلء وإلى أهمية التفاعل معهم. وذهب بعضها إلى 
اعتهار التفاخل مع الأقراى كدروريا لضسلوى لتقل خطورا سويا (1975 ,وهب . 

إن توفر فرص لقاء الأقران بالنسبة للأطفال الصغار يمكنهم من إظهار 
سلوكهم في إطار تفاعلي يؤدي إلى التأثير المتبادل فيما بينهم وإلى سرعة 
تطور السلوك الاجتماعي عندهم. 


تطور التعدق بين الأتراب 
يميل الأطفال عادة إلى تفضيل طفل دون غيره عند استقرار العلاقات 


200 


الأمومة 


ضمن مجموعة معينة في دار الحضانة أو الروضة. فالطفل يختار طفلا 
آخر أو أكثر ليلعب معه ويتفاعل وإياه بشكل متميز. 

ويمكن ملاحظة هذا الميل إلى إقامة علاقات مميزة بالنسبة للطفل منذ 
عامه الثانى (1984 ,12023م85) . وتظهر صدفات حقيقية فوية بين طفلين فى 
الرابعة والحامية من العمرء إلا أن ملاحظاتنا الشخصية لسلوك الأطفال 
في دور الحضانة تبين ظهور هذه الصداقات في مرحلة مبكرة: أثناء العام 
الثالث من العمر. 

وتتميز هذه العلاقات بين الأطفال بالألفة والمودة والاستقرار فقد تدوم 
بضعة أشهر أو حتى بضع سنوات. ويصبح من الصعب على الطفل أن 
ينفصل عن صديقه وفي حال حدوث ذلك يمكن ملاحظة بعض الاضطرابات 
السلوكية والفيزيولوجية عند الطفل مثل خفقان القلب. واضطراب النوم 
والشهية للطعام (1985 ,151614). ويمكن للطفل أن يشعر بالآمن والطمأنينة 
عند حضور صديق له من أقرانه. إذ يخفف حضور هذا الصديق من 
مظاهر القلق والضيق عند الطفل أثناء تعرضه لموقف صعب. ولقد تمت 
الإشارة إلى حالات مشابهة من التعلق عند الرئيسات غير البشرية (وعامسنءط) 
إذ يتمكن الصغار من إقامة علاقات قوية مع الأقران تحل محل العلاقات 
مع الكبار (1!969 ,12:100]) . ومن الجدير بالذكر أنه قد سبق لفرويد ودان 
(951! ,ططة-»طآ له كنع:1) ملاحظة علافات فوية تقوم بين ستة أطفال حرموا 
من علاقة والديّة مع الكبار. حيث أرغمتهم الحرب الكونية الثانية على 
الانفصال عن ذويهم والعيش معا في إحدى المؤسسات الخيرية. إن التعلق 
بين هؤلاء الأطفال أصبح على درجة كبيرة من القوة إذ لوحظت اضطرابات 
عميقة عندهم بعد فصلهم عن بعضهم: كما لوحظ تأثرهم العميق الذي 
تمثل بطلبهم المستمر العودة لمشاهدة الأقران. ويشبه الباحثون هذه الأعراض 
بتلك التي يمكن ملاحظته بعد فصل الطفل عن أمه؛ ويرى بعض الباحثين 
أن التعلق بين الطفل وأقرانه يصبح الحدث الأكثر أهمية: والميزة الأساسية 
للطفولة المتوسطة (975! ,«ناتدآة). وفي دراسة لنا (989! ,1987: عمنده>) 
قمنا بملاحظة ثلاثين طفلا وطفلة بين عمر الستة عشر شهراء وثلاثين 
شهراء وذلك في دار الحضانة أثناء النشاط المشترك مع الأتراب. وتم 
تنفيذ الملاحظة المدعمة بالوسائل لتسجيل الصورة والصوت بمعدل مرة أو 


الأمومه فى غياب الأم 


مرتين في الشهر لكل طفل. وقد أمكن ملاحظة ثمانية عشر طفلا من هؤلاء 
في الوسط العائلي بحضور الأم. وهذا ما جعل المقارنة بين نظامين سلوكيين 
(بين الطفل والأم وبين الطفل والأتراب) ممكنة. لقد أكدت هذه الدراسة 
أهمية الاستقرار بالنسبة للطفل في زمرة ثابتة من الآتراب. كما أشارت إلى 
تطور هام في سلوك الطفل بعد بلوغه السنة الثانية من العمر حيث يتمكن 
من الدخول في تفاعل متبادل يتطلب تنسيقا معقدا بينه وبين الآخرين. 

ويتميز الطفل في هذه المرحلة بتطور قدرته على الاتصال التعددي؛ أي 
التفاعل مع عدة أتراب في الوقت نفسه حيث يندمج سلوكه مع سلوك 
الآخرين في وحدة متكاملة ومعقدة. ويتطلب هذا النوع من الاتصال تنسيقا 
عاليا وتزامنا بين مختلف الأفعال السلوكية لعدة أطفال فى الوقت نفسه 
(,987! سممععددناه5 اع تتدادم؟! قتنطار:1989) . 

ولقد بينت المقارنة بين نظامي السلوك السابقين: الطفل وأترابه. والطفل 
وأمه ما يلي: 

-١‏ يكون السلوك الودي للطفل تجاه الأم أكثر تكرارا منه تجاه الأتراب 
باستثناء سلوكي التقليد والابتسام. 

2- يوجد علاقة ترابط بين بعض جوانب السلوك الودي للأم نحو الطفل 
وللطفل نحو الأقران. 

3- يتصف الطفل الذي يعبر غالبا بسلوك عدائي تجاه أمه بقلة المشاركة 
ف حلاقات قباذلية غير عدائية مع اثرايه '  .‏ 

وبالرغم من أن نتائج هذه الدراسة توضح الترابط بين بعض جوانب 
السلوك المتبادل بين الأم والطفل من جهة وبين الطفل وأترابه من جهة 
ثانية» إلا أنه يلاحظ غياب الترابط بالنسبة لغالبية الجوانب السلوكية 
المقارنة في الحالتين. 

توضح هذه الدراسة أن نظام الاتصال بين الطفل وأترابه يتمتع بدرجة 
كبيرة من الاستقلالية في ضوابطه ووظائفه. فهو ليس نظاما مشتقا من 
نظام التواصل بين الطفل والأم كما يزعم أصحاب نظرية التحليل النفسي 
أو أنصار نظرية التعلق؛ فالتأثير المتبادل بين النظامين ليس عملية آلية بل 
على درجة عالية من المرونة والدينامية. وتؤكد هذه الدراسة أهمية الأقران 
في حياة الطفل؛ وفي نمو سلوك الاتصال الذي يمكنه من إقامة علاقات 


الألفة معهم. فالتجربة المبكرة مع الأتراب خارج الوسط العائلي يمكن أن 
تؤثر تأثيرا مهما في نمو الطفل وتطوره وأن تحقق للطفل فرصة ملائمة 
لتنمية بعض الجوانب السلوكية لديه. فالطفل في علاقاته مع الأتراب 
يتعرض لمؤثرات مختلفة ولتجارب متميزة يتعذر توفرها مع الكبار. 


خاتمه 


لقد أردنا أن تكون هذه الدراسة مقدمة 
لدراسات أخرى تتناول موضوع الأمومة والطفولة 
بالبحث المعمق؛ وبالحوار المفتوح, لذا يتعذر علينا 
اخختامها. فليس القصد من هذه الدراسة إعطاء 
الأمهات جرعة جاهزة لتأهيلهن للتعامل مع المولود 
الجديدء وإنما كانت محاولة لتفهم سياق العلاقة 
بين الطفل والأم: والتنبه لأهميتهاء والتعلم منها. 

إن موضوع الأمومة على درجة بالغة من 
الخطورة. لأنه يتعلق بالقدرة على إعداد الطفولة 
الأولى ركيزة كل عمل تربويء ويتعلق أيضا بالكفاءة 
في تنظيم مستقبل الأجيال القادمة. ويشكل تحديد 
خصائص سلوك الآمومة خطوة أولية وضرورية 
لتفهم تطور الطفل؛ ولتفهم مختلف العوامل المؤثرة 
في تكون شخصيته. وفي ذلك فائدة خاصة ليس 
فقط للأطفال والأهل وإنما أيضا لجميع المهتمين 
بمسائل التربية وعلم النفس. فما أروع قول الشاعر 
العربي: 
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق 

لقد سبق أن أشرنا في أكثر من مكان إلى أهمية 
دراسة الأمومة في المجتمعات العربية» وإلى أهمية 
تعميق البحث في هذا الميدان» وها نحن نرى قيام 
باحثين إسرائيليين بدراسة العناية بالمولود الجديد 
عند قبائل البدو في صحراء النقب"""..!!! فماذا 
يريد الصهاينة من هذه الدراسة؟ إنهم ولا شك 
يرمون إلى أهداف عدة منها: 


الأمومة 


-١‏ تأكيد الفياب العربي عن ميدان البحث العلمي. فالإسرائيلي 
«المتحضر» يقوم بدراسة السلوك والعادات عند هؤلاء البدو تماما كما يفعل 
الأوربيون والأمريكيون عندما يدرسون الهنود الحمر والقبائل «البدائية» 
في القارة الأفريقية أو في جزر المحيط الهادي. 

2- تأكيد مقولتهم الدعائية في اعتبار كل العرب قبائل بدوية راحلة؛ 
فالوجود العربي لا يتخطى حدود الصحراء. 

إننا نرى من واجبنا أن نختتم هذه الدراسة بتوجيه نداء إلى أولي الأمر 
في مجتمعاتنا بوضع الوسائل الكفيلة في متناول الباحثين العرب كي يتمكنوا 
من القيام بعملهم وأن لا يتركوا للأعداء أن يزوروا تقاليدنا وتراثناء كما 
زوروا التاريخ والجغرافية. 


214 


المواجع 


أ-المراجج العربسية 

إبراهيم: سعد الدين (1985) الأسرة والمجتمع والإبداع في الوطن العربي؛ المستقبل العربي. 
(62)7- 86. 

إسماعيل؛ محمد عماد الدين: (1986) الأطفال مرآة المجتمع. «سلسلة عالم المعرفة». المجلس 
الوطني للثقافة والفنون والآداب؛ الكويت (العدد 99). 

التنير. علي (1983) الرضاعة الطبيعية. مؤسسة الكويت للتقدم العلمي. 

الريحاني: سليمان (1985) أثر نمط التنشئة الأسرية في الشعور بالأمن؛ دراسات: العلوم 
التريوية )1١(‏ 199- 219. 

سالكء لي (ترجمة فاخر عاقل) (1987) التهيؤ للوالدية. دمشق: دار طلاس. 

عثمان. سنية النقاش (1974) دليل المرأة العربية؛ بيروت: دار العلم للملايين. 

عزام؛ إدريس (1985) أثر الحراك الاجتماعي الصاعد على العلاقات القرابية بين الأسرة 
الزواجية وأسرة التوجيه. دراسات؛ )١١(‏ 221- 243. 

قنطارء فايز (1989) دراسة متلازمة لنظامى الاتصال عند الطفل قبل الثالثة من العمر: 
الاتصال بين الطفل والأم وبين الطفل والأتراب؛ مجلة العلوم الاجتماعية, (2) -31|١‏ 313. 


ب -المراجع الأجنبية 
حاتت كا 
.655 الداع نالآ .ستكامه1آ صطم1 :ع تمسقغلة8 يملصدع نآ صا تإعصقكم] ١967.‏ ,.841 لتدمتاكستم 
نا10 8ع 5110121101 ع8 هناد صا دععمعترء0117 15101121لم1] ١‏ | 197 ,.ثآ سماتجهاد لصة .5 لاع ,.8141 للترمتاكستى 
,عتصع لدعم عتتملا بتاع[ ركده لقاع 50121 تتقتصتاط 01 قصنع 011 ع1 ,(.80) تع كهداءك .11.1 ص[ .1035م تمع و-عمه 01 
197 
هل 01 1تقطع6 7021 3020 ععتتة)015آ لقدم5تعمعنم] .,1978 ,.آ.© عاععط20آ سه .2.3/1 عماعل؟ ,.[.8 ممستعل0مم 
١, 381-391.‏ .امعطم ماعنع12 سه «ماتقطاء8 غمدكم] .20ول اصدخصة عطامحم عط 
3 08 الاعطدعع سفضة 1550ل .له ل2تتكهط 01 امتامععتعم أسقكص1 ١198|,‏ ,.0آ تتعتسدا8 مه .81.8 وتعسوظ 
- 96! , 52 ,أمعحدمماءعنع2آ للنطن) ,بععدظ عله تمعاعة 
.0- 177 ١4,.لاع]1‏ مآماظ ,عستامتتمصا 01 ءتعاممء لسه دعناةتتعاعمتهطاء عط]” ١966,‏ ,.0.ط ومدعنو8 
وألاعآ مآ .بمعملاتكء لمم مدع 1لصقط ,كه دعتلتحصهة صا ووعتاة 04 لزعلل [2ممتاأعدقصدئ خ ,2.1.1984 سمحجداعع8 
.ووقع21 تطتاصعاط علولا تعل8 .0دنزل عط لدمئزع8 ,(80) .131 
باتاعمتطعة 6ه تعطلامحم-اسذكما م لعتداع كه أعع زناه 01 أمععدم عط 1ه أمعصرم ماع تعل عط ١1970,‏ ,.5.341 بلاعظط 
41,291-3,أمعصصممماءع2آ انط 


-320 , ذا ,أذاع010طء:253 صوعةتعسة .ممتتمععاصا لوعلع10امعع عه تاداع مدع لفحم للتطء ,1.1980 تواماعظ 


الأمومة 


335. 

عع:15 أمدكما 02 تإلناد لقممتاعع؟5 .5ومتك 2 :(ة1م 10 صمله1مامعء سمط :|1981 ,.>1 .خآ :8105 سه .ل واماعظ 
.5630-9 تإع10مباء نزو .ناع0آ .م1اتقطاعط :12م 

-أمفكصة 06 'واتتناععة عط لصة ع1 .,01 تدع( غ15 عطا مز عتقء لمصتع نه حصصو[8 ,988 |,.81 عمزده] لصه .لآ تواماءظ 
.57-167!, 59 .لاء0آ للنطن) بأمعحساعمة أمعتدم 

-929 , 49,لاء10 ل1نطن) ./اأعالاع1 لوع تك 2 تعتوء- تل 05 مأععلع ع]' ,1978 ,.0آ ..آ عع طصتعاد لصة .ل واماءعظ 
949 





دااع[ ص[ رععمعاعءم تمه لمامع؟ هم 01 كاممستحمعاعل عط]' ١984,‏ ,. 117 عاطصد0 لصة .8 ممتطه] ,.ل تواماع8 
.قوع تمتتصعاط صمل" .بوعل8 ,ملهتول عط لممنوعءظ8 ,(ل8) 

1 ,.وع7نالعء010 0[1أجامء .“اعم0م 115 320 عستصمنتلصمء لدزء50 ١1975,‏ ,.ى مغزوممد8 لصة .>1 حدمم1اظ 
209-222 , 9ا,نرع10مطء:ووط للنطن) لماسمعستعود8 1ه 

,17لآ2 :قوط ,1 باتاعسطعم كه * .1 ,1969 ,.آ نوم احمظ 

.*01] نقتتوظ ,02,2 لأتتومع5 هآ ١1973,‏ ,.آ نزط أمظ 

.300-60 , 1.21نام أ تقطء 8 ,لإع12001 01115( 2 نا ع تلاتعسترظ ,11.1963 مستحام8 

.2330 زقتتوط بأطدكمء عنا0؟؟ تعاتاوعظ , ١198|‏ ,.18' دم )اع عممظ 

5 11161201105 ا قعتتاعتط ططلزقة ع01خ] ,1982 ,.8.ن) وممستكلع8/]2 220 .2 ممسعدماد .0.11 ترلمرظ 
, 1370- 53:1364,]تعصدمماعنع2آ لانن ,كلصعتظ تتعطا سه وعستاطلة تععصناه: تتتعطا بمعلاتداء لعع1-2[ممطعو 

507 :(.80) تع كمداء5 .11.1 .صا صم ]1ك تناوعة ععفناعصها غصة مملاعه عتما لمزع0د ترنتدظ ,1977 ,.5.ل تعصتحظ 
.وو عتلدعلوعة :دم0ل0دم.آ .متعم ءادا أسدكستتعطامحة ص 

-21131 :ع15ا010ا10' بوتع القة 502 أء لقسصتصة *.[آ ,1980 ,1 مدمحمة0 

تتنامطتةحآ :(.180) 8 اعستطنع1] صز (815 1,0 عل علساء) علممحد عا مصقل ع6[1ناعة معد زد ,1980 ,31 مالدمعوت 
عاء560 :قوط ,أتلة] عل أء 

نوع تع لسك 01 .[ ,كأمفكصا :تتم ط اعم تتاعطا ما كممتاعدع] تعطأه]8 , 11.10.198١‏ للاعمة0) لصة .ططا] عمون 
6-31| , 20.تجتقتطءئزوط لانن 1ه تإسعلوعم 

,تعالقطء5 لصة .11.0 ,تسامطل80] 1 موودعة.] ,.0 عمه:1]15 ,.0 ممسصمع مط .11 ععوطعععه1 .5.0 ,ممدس هده 
له معدم ماع ناع12 .1ه كقطع6 "تعطامحم عط دده للتطء عصتنة تعطامحط مرعع نكتاع6 أعهاجرمء .01 غطنامططتة 01 قاعع811 ,1978 ,.ل 
.43-50! , | ا,متطمطءئزوط 

,.آ اع 1لقطء5 لتنة .14 سامطل0] ,.>آ مهذوستهآ .0.2 عصة:5آ1] ,.0 سمحدعءه]1] .11 عتمطمععد] ,.5.0 بممدواعة0 
أسكص] .1م تقطعط عستكتتاه عط دده للقطء لطهة تتعطاامحط جرعع وجاع6 أعمامم .01 5اأمنامتطتة كتام هه ١‏ 01 ماعع821 ,1979 
-209 , 2, ادعتسم ماع عل لصة متكتقطعط 

باعععم5 عتماء 8 :(.18:0) 1/1 10112 اناظ مآ بامتاعةتعاصا لهاء50 01 عتتاعنتتاد عط عستطتهعوع2] ١979,‏ ,.0.141© 5تلآه0 
.0-!١1.مم‏ بووعء انوع حنمتنا عمل #طصسةن :مملدمآ 

,35 ,تاعاء30 لوعاع10مء تروط ,طمتغق8 عطا 2ه صاعللنا8 ,ممتاعة رغصا عتله نول لممنوعظ8 ,0.11.,1982 كتلام 
00م 

باعععءم5 عتماع 8 :.(1/1.)8:0 10132 [ناظ 0[ مهنا [تاعدع لتتنة ادع متسته امع لمتمصمعل8 ١1979,‏ ..17.5ا دملمه0 
١31-148.‏ .مم .5وععط وااوتع نكتمنآ عع30طصدن :مملمم.آ بممتكدء تمتتصحدمء لمممكاعم عاص 04 عستمصلعع6 عط 


كع .الداع انم لآ 01010 :01010 .عمعع امقاءد عط]” ١976,‏ ,.1 ممكانوودآا 


216 


المراجع 


01015 'تتنادعن دماعاممك علرهلا بوعل .عطععنن) عط 4ه معفمل انط ,1973 ,./18 متصمعدآ 

لاع 201 دمع تاعط متطقصه0 داع عستم ماء(زع0 عط جه كممناه تزعد00) ١977,‏ ,.11.5.31 لتمطاعن؟] سه .8.ل مسد 
:هآ .تناع هعاط أسدكصا تتعغ810 صز دعنلنة5 (.1:0) .11.16 معتمطء5 .ص[آ لمتعم لمته ممعم عط صذ تإطقط له 
.ؤوع20 عتسسمعلوعم 

اإلنصعة عط 2ه لتعغاممء عط صذ وعستاطلة ناه( معع اع ممنتاأعممعنم][ ,1979 ,.ل عاعستتلمع؟] لصة سسصسدا 
-43ا.تتتاصعاط عاتملا بتتعا8 .اإلنصقة 15 سه للك عط" .(18035) تمساطمعة .0ك] سه .81 متناع.] صا .ومتطممم كماع 
.مم .168 

تتعطامت -أاسمفكصا 1ه بإاتلقنن دععتتتاع6 «متطعممتماع عط]” ,1979 ,.1.8 طتصمآ لصة ,.ى.8 رىاومءطتعاموظ 
- 380 , 50.معدممماعتع12 1لنطن) .تاععم طغز/" 5تعاسنامعمع لهتاتما ص ععمعاءمصرمء أتمحخصا لصة امعسطع ممم 
.37 

عع عط عسمتتنل ستععم طخن؟ تإهقام لدأء50 012 ه010 ,1975 ,.سآ.5 اناك لصة .ل تزعلأقطا/لا ,.0 مممععاء8 
.42-49 , انرعومامطءئزوط لماسمعحصمماء ع2[ .عقن 1ه موعن 

م[ بع اتأععمدمعم لنتتفلنكء 5ومك 2 صا ممنعه عاص للتطء- أ معهدم 01 كدسمعقوط ١983,‏ ,.1 الاعاوعءعطاتط- املظ 
.2.8.0 ,قأطفكا مقصبط 2ه متتقطعط .عط" :زمل8) .141 وااعم مدت سه .خ متع :حن01 

بصع للخطء لعقتاطة 07 دعاو 1معاعةشقطء 2[1]معتممماعتع<1 ١|967,‏ ,.0.5 ععع02 لصهة .8 تعساظ 
596-02 , 0ك,وعاقتلءط 

5 رع ا للأطهاة ,عالء0 مك 80ظ-ع" رعطاععك 218 ستتهم عتامع د5علماء50 ممتتواع: دع[ ١984,‏ ,.0 22مصتموظ 
.57-78 , 3بدمتوعنال عتعمامطءئزووط ,وعلاع تمع اعم 

-271 , 117,16ع نهنا تزع 10مطء :زو لمأء50 .دع ستاطازه صعع اع ععدع 7101 لصة سمزووعمعخ ١983,‏ ,.خ8.1 مرمداع1 
.265 

0معع عطا صا نتقام كللتاء-عطلا 2ه ممتكمتعع ام لقة صم نأدضامعءع12 ,1980 ,.0.5آ لإعوصق8_ لصة .آ ممجمعط1 
١171-78.‏ , اذ .أسعمصدمماعتع2آ للنطن) تدعق 

2102 1نامتصقطط لمأمعمستيعم عع لصه كاتع لل عتكتاعه عاص بممتكخهتتومع؟ تولتتوع 08 جاعع887 ١1977,‏ .1 لاعلط 
.763-77 , 48 بأمعصدمماعنع2آ للنطن أعمنعاما ععد]-ما-ععدة] "تعطامم-اسدكما 

مآ .لطأعدعاء:1735 عصدد عط .دده عصاعط تامع دمعصه لدعلع10ه10طمطءئزو كه الاعسطعمتى ١985,‏ ,1 لاعلط 
عتسعلوعكة عتتولا بتزع]8 .مملغهتومء5 له الاعسطع همه 02 نرع1010طمطاء :ووم عط :(05ل8) .1 10ع11 سه .81 عنزع]1 
.415-454,.مزم رؤوععط 

11.1 تعكمطء5 صآ بممتاعهنعامز ععهة م ععدآ أمدكص غ220 طنز مله تصدع 0 1[هممرصدع]' ,1977 ,.خ اعوه1 
.وو عنلطع لدعم :005دمآ بتامناعة تعام1 .أسدكست ع طامحم ص وعنلنم5 :(.80) 

.80015 لاتناعداء2 جتنه71201051ة1] ,ع5 2 تتتقحط تنه متطمصك]1 ١967,‏ ,غ1 م1 

.50015 .عنقة8 عاتملا ارعآظ يلصتا علا صسمتظ مخطعاكم] ١977,‏ .5.8 عتعطتممظط 

.خآ سصنااطمعده18 لصه .81 دأتتاعآ سآ .00للدواع تمك علأوتناع ستاءءط ,1977 .11 دااع[ لسة .]1 عللععط 
.م1711 تعتتملا تاعلظا .عم هناعصة] 01 امعصطمماع عل عط لصة ممتتد5اع كمه دممتاأعورع م1 :(8105) 

للنطن :56103 عناإلمسدمطء -نزو2 .ىصاع سمتتنامنا تامع صا أمعستعيع مخ , | ١95‏ ,.5 صصدد»آ مه .خ لناع1 
.6,127-168 

01 قطاع 01 ,(.8:0) .11 والاعنآ بم[ .ععمععاء [اعاصا سكم لسه دذقماء لهاءه50 ١976,‏ ,.8 ملظ لصة .81 مع66010 


.لتتاطعاط عاتملا بوعا8 .عمعمعع 1لاعاما 


217 


الأمومة 


1260120177 01 لمتأصعامم لقناءرعد زعغة! غتاتطصذ تزه ختهممناى طعنط/ا 5كم010جمء ع مهدع خ] ١977,‏ ,.خ. دآ :06010100 
.548-556 , 27 ,ععمعك5 لقصسنصكة ,ندم أتقطعط عتاكتدمع012 لصة دعدعطاه0م:112] :ونإععلدممم دتاوعط مط 

,01 1/لقاع6 عأمتصتط (.80) ,1 عنده7 عد[ ص[ .عنتتعوع ]1 متدعتتاد عطاترمع عط 01 وععتصدم تصتطن ,965 ١‏ ,.[ 1ل ه6000 
.لطة تتمطعصتخ] ,غ101 تعتدملا عار 

21 ,(80) ...8 طختصسك صمنناد صآ .لإعسمكصا صا عصدع لداع50 ,1979 .1.8/1 ##معلسناه0 لصة .0.0 عمنتلضمدكط 
.دوع .“تعصلعة0 تعتتملا بلاعآ8 .وستصسيوعا له 

.8 ووه مآ .5ئزع 22001 .أسفكصط صذ ممع عدم لمسمنعع 27 02 امعصسمماع ع0 ع1 ١96١,‏ .8.15 معدك[1 
م111 بعتملا نتاع[ظا باعنطاع81 :مملدمءآ ١/01. ١,‏ «ماتتقط .عط أخسدكصا 01 كاسمستمعاعج] .(.80) 

تاتصلاه5 لصة ."11.1 اتاملكة]] نتعتتطاء كحم[ ,قصطع ةزه لهدمتاعع كه عط]' ١965,‏ ,.>11.1 112210 لمه .81.1 خماتدك[1 
.ووع]2 عتدمعلدعخ :مه0لدمآ لصة عترملا تزع[ .3ع111121م تتمتصبط .ممه كه ومتكقطءع8 :(مل8) 1 

537 لطة .خث..ك]آ ملست ,0.5آ مممصاعآ ص[ .سعأاوتزة لممماعع له تععم نه عنتقم ععخ ١969,‏ .1.1 مك1 
.ووع]2 عتدمعلوعك عانتملا بع]ظ ,2 .701 ,امتكتقطعط .0 'زلناد عطا ما وععصه كلخ .(كل8) 

10 تماع متطقة'17 .5ع ؟تاععم5 .اعم عأتقصتط :1اع27200 مقصتيط عط ,1979 ,.0 كمدع81 لمة .21.1 مك1 
ين 

متطسلمعت1 (805) .خآ تسنااطدعد :0]] لصة .11 دذزع.آ ص[ ,ومتطاملصعت]آ 01 ستعتره عط1]' ,1975 ,117./الا متدك[1 
١١-26.‏ .مم ع:11/1139 صملممنآ ,كدمتواعع نتععم له 

وعنا لاع نالآ 200281 متتعغس] عترملا برعلا .مده تندمومء5 أعتر8 ,| ,1966 ,تاعستعطاوع17 لمهة .0 ععاء تماع[ 
121 

عاء5]0 :قتتهط بأتد1] عل اء تتنامصدج] )80.(١980,‏ .8 اأعسمتطمع[] 

0 عدده00:ز5 5م100 .) .عتاوتناع متادعم زا مملكوء استتتصصدمء للتاء عط ]8 ,1977 ..8.81 .0 وعصمل 
.ؤوع .ع اطع لوعة :002دم.آ بتامتاعة تعانا أسدكست تع امح صز وعنلننة (.11.15.)180 عع كمطاءد م1[ بأسفكما لمضمم 

د ء5وع201 5أصعتدم 5ع0 ع3135ا5 ,132 ع1 ناه 53317317 3 كلل تا عنان عء أوعن0 , | ١98‏ ,.81 ستطمك] عع .([ عوومل 
0902| , 3رععسفتمظ كتزمطم 10 2 ععصددكتهط 12 عل أسدكدع1 

بأنة1] عل اع تتامحصددآ ,(.ل80) أعصتط عط ص[ (غتد1 عل كننام دعلاع-امه “2 وعصصدع] دعا أمناوصتصوط ,1980 ,1 معتلمك 
.عاء50 :متتوط 

مآ نتوعنز أقت عطا عمتتل .عستتدع لت صا وععمعمع نل ذمقكء لوزءه50 197١,‏ ,.5 مكلان1” سه .آ سدعيك1 
عنتطع لدعم :002دم.آ .كدم لهاع لوأء50 تقح .تلط 02 مستئتده ع1" (.80) .11.16 مع ظتقطع5ه 

أصفكصا تتعطاه]/8 صا ,دعنلنة5 (180) .11.16 معاتكقطء5 ص[ .عنعه01210 4ه صتعتره عط لتتدنم ,1977 .ك1 عنروكا 
.ؤوع .عتسعلوعة :مملممآ .ممعم نعام1 

تتعاكة مع2101 تتقصتاط عطا صز عستاوع[8 ,1973 .11.11 دنتملكءا لصة .11 187016 ,.جمآ معاوعطن .1.11 ااعصمععك[ 
.7-269 بتاأعتهعوع] عتتمتلع2 .مم نأهتتدمع؟ اممكست مع طامطم 

عاءذاع 20010 .لاع 1115556205 5م10 0ن مقع اعطع5اع 20010 صا غطاعنجة [لتره0 ١1979,‏ ,.خ] عع امطامطءمع ك1 
.73-6 , 38 ,اعتتمع 

غل؟ عط غه :ام1تتقطعط 103[1ء1/136 .تتمصبطط 5.1970 ععااطعناجي لتتة .]ا طحصساط ,.11.[ ااعصمعع] كسد .81.11 وجاك[ 
.78-2 | , 46 ,5ع 1تقتلع2 .عصنامئز عط جلغز؟ أعماممء 

.1105 :5تنام0آ .]5 .ع طتلصهط أخصدكمآ-لمصع ]8 ١976:‏ .1.11 ااعصمعع] لص .81.11 دسمك1 


.211133665 13313تا لطم صا رم تتتقط عط عتكتاعع 22 50121 نه 'تتاماعع[2لع نوتته 01 قاعع811 ,1972 ,.خ عسمنك] 


المراجع 


.515-36 ,م0 .تمتتصقاط ماتعلرولا تعلط .علهلعتتتصة عط 2ه نرع1010طمسبعا8 عط1' ,(.ل8) .8.8 بامتعطقعا18 

.404-407 , 59 أنتأمعنه5 تلدع تع صصث بده غ1 كطتنة قطن :1010 تتعطاه]8 , 197١|‏ ,.11.ط عاممل]1 - 

ع0 كاأاعطاعومحصمء جعدعط!' دعل اع عتتةامعتطلله امعتمع]1ومحدمء نل عطعمعمممى ١1981,‏ ,.]1 مممتصمك]ا 
عألساع انمل] .ا اعطسع روم حدم بل عزعه1متط )ع عنع 010 1ط مداع ل دع غ12ماء00 عل بأسدكمء عصبعرز بال مكدع تستاستصسرمء 
.مع طووء 8 ع0 

:م0001 تعطامحط لصة لمنة تععم بسمعنتل لتك صا تناه تقاعط مللدء لصتتستصصمء 01 'زلنداد ١986,‏ ,.1 تتمتصمك1 
.48 -275 (آ8 مسلقمعء 18/1 ,بدمقدعسل8 لمصطللنطن نراتتوظ لسة تتقاسعصدع81 دده عدنامطعمتدعلن .مممعم رع م1 

عا تأمققمع عصتاعز بال منادء لصتاحط حترمء عل و5عدمقاوتزة عباءنآ عل عاسمكتسممعممء علبمظ ,1987 ,.1 ممتممك1 
عل علاواع؟ ..تمنا ,دع [اعتتطواظ وععمع5 65 غ1ماء20آ .أموقمع- ممع عدمفاوتزة ع1 أء أموكمع-ع زعم عممعاوود 
120111 

ألطة ع0001]-تعطاممط م1001 صا .مدع أةوزة مم نوع 1 تتاستحدمء 380 01 ناد امقغتصممء00) ١989,‏ .1 تمتمصمك]1 
اإأعنع50 لقصهد[ظ! تعنص[ عط ذه دعسنتاعع]/8 لمتسمعاظ طتمع1' عطاغة لعأمعوع يم تعمدم-متمعزوتزة 2ع0001-ع10001 
(تإلدة 9-13 12تجكاقة19 نلسقاصتط ,)155810 .أمعصدمماعتعء120 [متتناه أ كقطء8 02 تإلبذاد عط 1م10 

5ع :قتلهم 5ع5 عع31 التفكلاء .عطتاعز نال امتاعة تعاصتل دعمطقاونزة 5ع[ ,1987 ,خآ قمع أودناه50 اء .1 تماممك1 
.45-59 , 2 ا تنام كقاء8 06 نزع81010 5عنن017:201م اع دعناو 07:20 دعع سهراءة 

.اع انلمك عل هآ :كتتة ,وعتتدطع؟ وع1 عنتاصى عتتعدد وع2[] ١1985,‏ ,ستلنتهة[نل-عاومعة.] 

15 للتة 'تلنسةة سدع تعسة عصاع سقطء عط] ١979,‏ .141 دع 011 طاعوع:11' مه ..آ علملقصةآ-عققطن .141.8 ماسم[ 
كالاعآ .2[آ بأمعحطتزم ام لدستعند]8 2ه عددن) عامصدد عط :امعصممماع نعل لم501 أسدكصا :م1 مممنوء تامسر 
2©.267-291 ووع نوعاط :م0لممآ لصة عتتهلا «ععاظ اجلنسعة 5غز مضه للتطء عط ,(.18:0) .هآ مسمساطمعوم كا ى 

2 ب.ث.ل قدتة !11/11 لصة .0.1 أأعسمدظ .2.11 مسمستعلاع.] .مله معأاع] 

-203! , 43 باأتعصممماعناع12 للانطن) ,تم تتقطعطا امعحصطاع هه ادمع تحط دده دسم نخد تدمرع؟ خسدكمك _عطاممم 6ه مأععلاء 
.218 

.2155 تتاتااع1© :20012مآ لتتة علتولا ..ع]ظ! ,لإلنصعة 5غذ لصة لاتطء عط]” ١979,‏ ,.عآ مسططمعوم؟1 ع .1/1 وزبوعآ 

متطقصه تداع" 15 لد 000طل[تطء اع نامخطا صم تم ما تختدم تعطند ١982,‏ ,.[ مسمكتتع[1 لصة .18 دمكتع[8 ,ل وأبوع] 
لدعاع10ماء :25 وتعطتو ,(مل8) .1 عتتناوء81 ع .]8 اتوع8ظ م[ ,لإعمعنوستاعل ممه تدم تامعتمقة تععمقهء طتتير 
.3 - 74١.مم‏ .م8001 «متأعصمل :مم00مم] ,دع لتاععم ديعم 

١37-22‏ , 83 ع1150108د0 02 لمصتتناه1 .قاعع ١70‏ دعل غاعنتتدمن] عل دز مومرصسصيك] عن[ ,1935 ,.كآ تمعدمآ 

.01121 تمتقصتاط علا صا مععمعمعاعتم لوأع50 02 امعصمماء ع0 عطا صا مناع ه01 ١975,‏ ,.[.ى عسصمعمدقعة13/1 
.03-7! , 33,.مصصتزك .لصنه8 هط 

عل لتك علقحط ده ععدعوطة [2صتعغدم 06 كأععللع عددود ,1962 ,.8 تعطقبتط]' لصة .177 0010ع51 .1 10م0عه1/1 
.361-69 , 64 ,لإع10مطعئزدم لهتعه؟ سه لممستمصطة 2ه لمستساول 

اندع 8 ص] ,تعطلنه؟ عط 1ه أعدمحصا رعطا نلومطل لتك تزتدع صا وععمعع نل عتاععمة علمع0 ١982,‏ ,.آ عشسوعكل1 
.8001 تاه أعطناك :مه0لممءآ .وتعطته1 ,(5ل8) .ل عتتسانوء21ع .آل 

ة 1 1نمعة]1 :دملهم.آ .لإلنصعة عط]' ١965,‏ ,.>آ سمس جد .31 0دء131 

.15 11111323 لإ0 كعتتتتاوعع [2ناتقحط لطة لقاعه] 01 «متكمتتحس] ,1977 .11.11 عروهآل/ا عن .لآ.ى 16مجااء1/1 
.75-78 ,198 رعمعمعك5 


213351010 32020028 02ناع3 تتتعاصا تتععم 02 5أولإلققة [2امعصسمماع عل ى ,1975 ,.1آ كدعناآ ع .8 مع 1اع مك13 


210 


الأمومة 


.مم .م111 تعتتولا تاعاظ .ددم لواع" نتععم لصة «متنطكلسصعت :(8035) .لث ..آحتصن[طمع05خ] عى .11 وأباع.آ مآ ,100015 
. 223-257 

تتعاكقطء5 سآ .عتتطودعع 01 '03ناة .3 بعستكاصامم لتتة كأصدكصا كتعطأه81 ١1977,‏ .12.1 تتعووعء181 ع .0.81 زامسكاة 
-325 .مم .ووع عادرعلوعث :مه0لممآ لصة عتتملا نع[ ممناعهتعاصا أمدكصا تعطامم ص وعنليند :(.80) .11.1 
.354 

0م متعم لوعناتكء قلطا 01 15كةاد عط تعصتلصهط أسقكمآعط ه81 ١984,‏ .8.1 د82 - 
240-74 , 4,تاتعااع]1 21 دعصم ماءنع2آ1 

*2][1 نممو ..كأسه كمع دع تناع عتتأداع 71221105 تاتحتحم اع لامتكمانس] ,1986 ,.[ اعلدلك 

ذانتاعآ ص[ .5قعمة عع عط 2ه دم تفاع لطاع 222 عطا 0غ كده نا نا طتاصمء لدعنع 81010 ١984,‏ ,.آ.] الولح 
.09-128١.مم‏ .ووع21 تمتتصعاط بدملدمآ لصة عترهلا بعا8 يلدنيل عطا لممنوء8 :(.80) 

11 1ن صل عع ناأععمدء لصة أسدكما ممع تناع عصتلصة كمع لصن لعنتقطاد 01 طانتزمعع عط]” ,1979 ,.1 سمووع لح 
207-22 .م .5قعاط /وانوتع نانملآ عع30تطصدن) مملمم.آ باعععم5 عندملع 8 :(.80) 

عاء5]0 :قتتوط باتد] .عل اع تتنامحصةئآ ,.ظ أعساتطئع11] ص[ بععاعا عع اتتمعم 2[ ١980,‏ .841 أمعل0 

-مطعنزوط تاختهاة لدعط خ1 .11 نع عتكتاتصعم عط سه عستعطا6ه]8 ١1977,‏ ,.841 عاعدنمموط لصهة .11 عاعدئنامموط 
عتسعلودعخ عاتملا تاعلط .تمناعة تعاصا أسدكسل تعطامصط ص وع1لن5 ,(.80) لقطءك صآ ,كممتكومعل1قدمء لدعزعه1ملط 
121 

تاععاز5 0 لتتلط متم قتعا .)هم عع 51 أمقكم] ,1964 .11.16 جاانتطءد لصة .117.11 تتعصمع17 .11.ى عع اعوط 
5762 , 65 ,وعتتوتلع2 02 لمصتناه[ .ععة 01 امع 

تقلطا وجع0001)] ما متنطقصه0ه1 .ع كز لصة اتعتسطع هه أسدكسمتتع )محم 2ه كتلدنان عط1, 198١|‏ ,..آ.0آ تماموط 
.326-335 ,0108.17طء:3و5 اتاعصممماعناع0آ .تععم طتتين واتلتطماءمو 

عطا مآ ,(.80) ,.ل تكاقاع8 م[ .ستعأاولزة عاكتاعةتعاما مه 5ه أسدكصا لصة تعطلدة نتعطاه]8 ١982,‏ .1 ممدععلعط 
.326-15 .مم ,3 ,.ؤوعط (والواع كلملآ مأطسسامت عتتملا بوعل8 تإعمدكما دده دع متلدع؟ :ع متسممزعوعط 

عع لكا تعطنه] 01 مهغة2 لد نامع مه9790 ١‏ ..آ.خ]آ صنهن) لصة.[.8 رو5تاعلصك ,. لآ تتمتتهلا, .1 مموععلعط 
:عاتملا باعلا ولنسدة كاز سه 1لتدكء عط" :,(805) ..آ مصمساطمعده] عى .81 ذزبوع.آ مص[ .لمتعم تإعمقكما عط مد 
.45-66 .مم .ووع© لمتتمعاط 

عط غقطان لصة نجهام أخسمكست عطاممم 01 أعمده عط تععع تا دعتطوط عع2مدمصتطكء 3110 تامع ,1979 ,.1 زتمماط 
.مم .دوعت (واذوع انملآ ع0 3تطصهنت) :مهل0دم.آ بطاعععم5 عتملء8 :.(80) .31 1012اناظ ص[ بغز 2ه وععتفحم #تعطامحص 
.223-43 

عطا صا وماتتقطعط لمستعتد]/01..8 مله اناعع" تتتمكمع5 ته عمتملمظ ١980,‏ ,.ط عنتلسزعل8 عن .2 بلامتلستمط 
:120101 .ععطتة كلخ :(805) 11-0 اعصدباظ لصة .ل تعع8 ع6 01 :03نند عطلا صخ .خآ علصنآ] ,.5.آ ممتطمعءده]] م[ .معنو 
.قوع عتطعلوعك تعتتملا بترعلة .11 1701 

نوع [اع<ناة8 بألاء11ع27/1101111اع .301 أء أممكدع.] ,983 |,.0 غتناء1/2[1 ع .ىم نندع|:تعصصمط 

1 ممناصع اتعاما نزاتتوع 01 وععمعناوعد ممه لدناعع [[عامز عطا عستووعوقة ١976,‏ ,.8 لاتتصد سه .لآ ترعصسم1 
8١ ,318 -3 24‏ ,لإعمعنع قعل لماصع]8 1ه امستتناه10 سدع تتعصخ .كأسدكما عامكت طعتئط 

عتسعلوعك ,ممتهتتومء5 لتة .اماعصاعة 6ج 02 نرع10ه0تطمطء :ردم عط ١1985,‏ ,(5ل8) .1 10علط عن .81 عنزع] 
ع2 


عطا صا 5م20 تلدء70 01 عصتدمن نلصمء لدزعود ١959,‏ .11.117 ,1055 لصه ..آ10 جتنتوعء0 ,.81 10معستعطك1 


المراجع 


.3 68, 52 ,لإع10مطءنزوط لوعتعم 1ه 1وتتطط سه عتحتتهتوم ددم 01 لممتنامل .أمفكما 
عتم1ء 8 :(.80) .181 1012[ناظ صآ ملصناهة عاطتقمعة ععلقدم 0 ععمعتععرع 01 عدمعة عسكعله]8 ١1979,‏ ,.0آ ماع11 - 
.مم .ووع22 (واأواعء انصتآ ع#108طصسهن) :000دمآ ,مملكدء استتصحصمء لمممكعم "عاص 04 عصتصصنلعع6 عط]1' ,جاعععمم 
.288- 245 
عط (.80) .0.11 عصعباظ ص[ ,امتقطعط 72211021 عععصدمصتطن ,1970 ,.>1 .خآ توم معوع172 2 .0 ورعع 10 
ع1 :أع825 ,عع 2 دم تستطات 
م17201117-0001 جره قتععم 01 قماعع] اع معله لتجمعع5 ,982 | ,.خ.1 دمجتعلع2 لله .ل 5ع35]] ..آ.[ معأممعط خآ 
.1855-14 ,5ب األمعدطمماعتاع2آ لصة م 1تتقطع8 أمدكم] .ممتاعم معام 
2 -520 , 260 ,ع:11أة1[1 ,21261010 لاتلتتطامك ناماع 0112 مقصبطط ,81.1.1976 ااعددن] 
.2002مآ ,عم قاصة 15205 له دعل ,1976 ,.آ8آ عع3120 عع .11 ع1 
,120115 وناقع 1 01 منامقع 2 5م0 هادع عستاطزة لصة عستام0115- عتم 01 مأععم5ة عدزود ,1965 ,.12.5 ع520 
١-8.‏ , 23 بلإع10وممتطنصخ لمعنئتجاط 02 لقصهنا10 سدعتعسة عمتصدممنع 01 ممأودناءكتل طتتير 
مناء ناه ).دوعن 'جانواع اندنآ لنتهتكتة1آ بقمقاحده80015/1 جاعم 0 :002ممآ ,عمتتعطاه]8 , ١977‏ .11.16 معاتقطع5ك 
١98١.‏ رمه لعة] :دع اععتارظ اأعصتع 02 امعطيع روم حم عر[ تعمتةع صم 
.5و عنطدع لوعف :002ل0دمآ ,7010 لهاء50 2 ماصا نكناد 5للنطن عط]' ١984,‏ .11.16 مع هراعد 
5ا قتع 1/1020 , لإعمقكصا ص مخدع سطع 22 0250121 امعحسمماع نزعل ع1" ١964,‏ .2.8 دده ةتعصظ عن .11.16 رع كم 5 
.94 2 لمعك ,29 باأسمعصصسمماء تعل للاتطاء صذ طاعتوعوع؟ [واع50 01 
0 تناز وع.آ ,1980 ,خآ ممطء001) سهد .ذخ عوع:(80 ,.0آ نجده8012 ,.8 عستلاتيع1] ,.1] ,تمسمعخاده]38 ,.8 لمماءك 
.نآ 20:843-858,.م10عنع2آ .انال .100مع8] رعتعمط 12 أء أمقتكمع]ا ممع دمتتواعم دعا مصهل دع تكتاعة011 
رع -تتوع كنامم ع1 أع عتعحم 12 عتاصء 5ع تكتاع 0112 05م دع 1[لتتصتصمء دعل عوعمقع مم0 ١984,‏ ,.8 لققطاءك 
0ع و5 8 ,عأحم00) ,عطعصفئظ عل عازواع انصن] ,ممتخماعووع12آ ماع20[ ,عله أمعدمتعميرء عنعهامطاط! عدم عطعم ممم 
0231أعطناة عصة لمأسعمممماع ع0 :سمعملائطء لتنة كأسفكصا صز سمناعهة011 :رعتدع8 ,1988 ,.8 لققطعك 
.0 -145.مم,1701.13,22 ,وعومعة لوعتسعغطن) ,دع كتاععم دعم 
:نا 000 كأسفكصذ عط اكلتاصعل1 م ال لتطة وتعطامحم عط 4ه معدم ماع نعل عط]' ١986,‏ ,.1 ممأاممكا ع ,.8 لمقطءك 
لعنللث لطة تتتمتك .نزوط أخسقكم] له دوعنع م00 17177010 310 .دع اطمتعة؟؟ لمتتسعتعم-عء عصة تحنل أ كتلمة 6ه مأععلء 
.أ متكاء50 :معلع:511-وعص نا منءو1دآ1 
ع6 11017 :111 ,لماكصة؟8 .ع ستتدع لآتء 01 تتتعكوط ,1957 .11 سالاعآ لصة ,.8 لإامععة]8 ,]1 توعد 
لدعناذققكء ع ستاطاتمعوع:1 ووعع010 2 .01 15م 2عستناع عتأوع د00 عط صا د20 :تاأك دهعل عط]1' , 1963 ,.17.1ا ترعامتطك 
ب ١١470-474‏ | ,تناه تقباء8 لمتستسة .عستاسضتمصسا 
01 1231نا10 طمنا8 بطقلط غه متعم لامنامتلا ,1982 ,.(آ عوه280 > .ا مه5ه]8 ,لح رعنو[ك - 
.519-525 , 108(:,7/3مطعتزوط 
لاع نتتكاعة81 :01010 ,عسصتلصوط لمسنع ند]8 , ١983‏ ,.خ صكاعس[1د ع .81 أرعمع] .7لا مواعساك 
لاء اع 812 :01010 ,تنام تقطاعط لوأسعمدط ١986,‏ .11 تتعامع] على .17لا مواع ناد - 
:02100 .(كل8) 11 اتعطعع] عق. 7لا مناعن!د سآ ,قلمهط أسدكصا مأ تعطاممم سمصسط ١1986,‏ ,./لا متاعساة . 
.2083-7 .مم ب1اع تكاعة81 
لطن ,عصصمط عط ص داه تفاع أصفكصا 0ه أمعتدم صا دععمعتع] ]تل عرعد ١977,‏ ,..آ طامتاعدجآ لصة ع[ط تمرك 
١250-١5‏ , 48 ,اأمعدرمماءنع2آ1 


الأمومة 


-549 , 43 ,أمعدممماعنع12 للنطن) عمقناعمة! عسصتستدعا معتلاتطء مغ طعععمة 5تعد8100 ,1972 ,.8ب0 /لاممم 
+555 


0 غ01 عطا :وعتطهقط طغلا عمد نزام مضه عسمتللة]' ١1979,‏ ,.0 مع لقصدهه0] مدلا عع .لح ننه[ ع2آ ,.ل درك 
ر5قع1 لقاع نالآ ع1105طتنةن) :005هم.آ بطاعععم؟ عنتملء 8 :(.80) .841 101:2 أناظ ص[ ,عستتدع:- ل اتطء 02 وعنعه1[مع10 
.296-88 .مم 


01 كصلعتزه عط1” :(8035) .هآ تسمسااطدعة 10 لصه .81 دزلاع.آ سآ ,لإقام غد أاسدكما لصة معطاأه]8 ١1974,‏ ,دآ عاك 
.187-23 .مم نإع1/11ا تعتتملا بوعل8 ,1701.1 ,تنام تتقطعط 


.180013 اعم 0)/ةتتقغده1 .2ه00دم.آ ,تعطامحط تنه أخسقكم] :متطقصم هماع أحتة عط]” ,1977 ,دآ عاك 
01 عتمتكتال 110110 15ا1نا- لاد 5 “أمقكصا عط]” ,1977 .آ.د لأعموعظ عل .[ علد[ ,.ظ عاععظ8 ,.نآ معاد 


م[ .عمنصطن لطه مصمتتاعمع؟ م1 ععمعنعاع يها جاعتتتدم طللا كتنامأتقط عط تع كلوعتتدء 01 ناد 2 :ممتاعمتعام1 
.ؤوع عتسعلوعة ندمل .صمآ بممتاعهعاصا أمدكسصتعطامحم صا دعنل سنك :.1.11 مع ملعك 


مذ مسمتعلما-عء كتاعع مكاعم [ةتامعء-دمء 02 غ101 عطا زكمم لماع عمتاطزك ١984,‏ ,.5.ك] متتد/ة ع .18 تنو عاك 
١322-2‏ , 55 بأمعدممماعتع12 للتكء ,مص تحتوعهء وستاطزر 01 تإمعومامه عط 


امع صا ملتقطعط عتتزووعتزم-عل 01 2005 91ع211 لتة دمماعن لهم ,1977 .11.15 اعوط ع .ل.5 اسرمناك 


:مع5أع صوص مود آع72200 لمامع تستيعبء :تزع 10مطندممباء نوو :(105) 11182 صقحط عتلاء5 ع .1.10 نتعمة1/1 ص[ .وزع [سمحر 
.31-3 .مم بتمصسععم1 


أء :103220101 :(.1]0) .8 أعستطقع 11 مآ عاطازوووط ؤوعن .. 1980 داع اتاعدوع [مرساه تعانه لخ ,980 ١‏ .81.1 بممضتط]" 
.133-59 .مم بعاءه)5 :متتوط .باتة1 عل 


:(.80) .81 كتلاعآ سآ 5تتععصدناد لطنه د5عتلتسةةآ ,تتعطاممم ,كتصققم] ,1984 .11 سما ع لخ .]ا رمدم صدمط]" 
.195-221 .مم .ووع© تسمتصعاط :مملدمآ لص عترملا بترعاظ يهنيل عط لسمنرع8 


.22-3 ,3649 .يط ,49! ,ععمعك5 بوعتكلك أمدظ صا سهمط نزانتدع ١|965,‏ ,.7٠ا.ط‏ موزطه1" 


ناآ :(.80) .8.11 ماع اعصدع.آ-م] بأمعدصمماع نعل اعععم؟ 2ه زع 010 1طمطء تروط عط]' ١974,‏ ,.ل) معطلتيةاع:11 
.585- 570, 2ابصتاعلانا8 تسمععهط طاعتوعوع] ,وععمعاعومنباء[ظ وأععمكة لمأسمعحصمم1عتع12 يسمتوعظ له 


,11.16 نتعاكتقطاءد سآ تناه تقاعا-ع 1221117 تالتحمء أخممكما 01 دع5:([هصه ع لتأمتعوع2آ] ,1977 ,.ل اعطتتهاع11" 


.227-70 .مم ,ذوعا عتسعلوعى عملا نعل بمملهم.آ ,ممتاع معام أسدكصت ع طاممم ص وعنل 1مك 


اكتقحصتام 01 متأمتعوع0 2 :لإعصةة بصا تإاتتوع ص مم تغماعمم0ه 220 مكدع تصناتصحصمن ,1979 .0 تعطتية نوع 
.ممرووع2 'واأواع اندلا ع303اطتصدن) :عع730طصدن ,اعععم5 عتملء85 :(.80) 11 012 11ناظ ص[ .نولأ كناءء زط نامعامز 
.3211-7 
.- 1083.37/9مطءنزو لهأ معدم ماء(ع12 


م 501 1ع ج121 لحنة ,4 .501 ناعط1201 ده ععمعتاع مع إنامتع 12م 2 01 قاعع811 ,1979 ,..آ.جآ اأعلسة/١‏ 


1011م صا دععدعتتت011 لنل تلص 1972 .8 5وتعغة117 مه .خآ عكناممد ,.8 لسماععظ ,.8 سناعية/١‏ 


للنطن) .ووعنتاة تتعلصنا معتلتصةة صذ ععصقء مه 'طتلتطهاد :قطتصمم مععغطعء اسه عتكاعنا غه أمعحساعممة 
.971-975 , 50 بأمعدممماعتع2آ1 


للنطن نزامو .تعطاعع0) عمتفمدع"؟ معنتلاتطاء عصناهئز له أخسفخصا 2ه كأعمتصمء لم50 عط ١,‏ 197 .84 عدعصتلا 
9- 99 , ا رعقةن) له أمعصرمماعنع2آ1 


غ2 اتاعدمم ماع لعل للتء عسمتتعطامصم ععمدمعع1 ١984,‏ ,.]ا تعاغنا8ظ لصة ,.خ صتهطاو0 ,.8 101 نجه'1' ,.[ طتده0515ة 177 
.3305-3 , 25,'تتقتطءائزو اسه نزعمامطءئزوط للنطن) 02 لمصنامل .مدع نز متك 


المراجع 


طغر عم (إللمبععخ مععل[نطان 80 :متكلدعئتط عط عصتحاتتصناك ١980,‏ ,.1.8 اولاععا عى .5.ل ماعن سعللة/18 
.8001 عنقو8 :بعتملا بعلل بعه01 11ل 

لاع سطع هه تعطامحم- أسدكصز صا وععمعيع 1ل لمدل تلص 4ه كتلتطهاة سه وتاتطهقتاءن عطا] ١978,‏ .8 5رعنة117 
.4 -483 , 49,. اأمعصمماعنع2آ انط 

عط صذ ععمعاء محمء لطه أععل1ع-ع0051017 ,الاعستطع مخ ,1979 ,خآ 5101112 لتنهة .آ ,متقصطمم 111 ,.8 5رعنة1717 
.821-29 , 50 بامعدصمماعتع10 للنطن) مه0 7١2116‏ أعتتتأاقصمء صذ 5ع56101 00 :متامع عع 

.001703) .ع صتطامتاطناط وعاممع2 عتتملا عاط كته 1 كقطاء8 ١925,‏ ,.8.[ ممئغة117 

أمعع02ء عط 01 مم نخمتع510دمعع1 3 :عازه كاعم لدزعهة عط]' ,1977 ,.14 داتعا لصه .ل عامم:8 .81 «اتتكنتماع/13 
.7 -31 , 20 باتتعدممماعناع2آ مقصنط] .أمعساعم تج 01 

.13م عع عمتتنل دمتاعهنعاما أسدكصت معدم صا دعممع نع تل عرعد ,1.,1977 اععلصوءط امه .311 ماستتماع/13 
١240-١249.‏ , 48 باأتمعددمماعتع0آ 1اتطن) .ع مومعل مه مم نأممومعة 

لوعاع10مطء :زو طكتا8 عط م ممع عتم مهم ,طتتاط غة لإلنحصدة عط ,| 198 ,.خ .8 أع1امه171 ع .17.6 معانلا 
.اع طتاععع12 :مملممآ ,تجاعاعو50ى 

0[ ,متطمدم ماع أسممكصل تعطاممم عطا جره كتمعتع لمتممعمم 06 كاأععلاء عطا عستووعودة ,1977 ,.خ معائط/لا 
.445 -403 .مم .ووعط عتسعلوعة :مملممآ بممتاعم1ع م1 مكلصت عطاممم ص دعنلنة5 :(.810) .1.16 معتقطعه 

ألفكصا عع الععتتهه نزانتدظ ١985,‏ .:11 بآ نل الامطوعاآ صد/ا لصة ...8/1 ل جاع تفرع )1ه تخصعم 1811 .141 سرععم 1171 
:ععصطةة ..(15581 عط 02 دوعساأععمم لمممعاظ غطواظ .مممتمع 2ه ممتووعمعء و “مععللتك عه ممناعمعام1 
10115 

.855 فتلا 8 عط ,8/1255 .ع105طتصهن) .كأوعطاطتزة نتاعم عط ,تزع 010 تطاماء50 ١1975,‏ ,.8.0 ده117115 


01 ل1ةتتتنان1 .5اع1200 مكنا 10 31210 1110م 1نات 01 ت0تأهقاتدم] ,1972 .2.11 خامع5 ع .11.11 امنتيولا 


.2259-0 , 23 ,لإعوم1امطءنووط لم50 لمة اتلقممئمءط 


ليهو امش 


مدخل 


أى كل ما يفعله الوالدان من أجل الأطفال 04 طامعتةم -(1) 


الفصل الأول 

(1) طير من الحوائم. 

(2) المختصون في دراسة السلوك عند الأنواع المختلفة بواسطة ملاحظة هذه الأنواع في وسطها 
الطبيعي المعتاد. 


الفصل الثاني 
)١(‏ (كل ما يفعله الأهل (الأب والأم) كن أجل الأطفال) . 


الفصل الثالث 


رتبة من الثدييات وعنهستط (1) 


الفصل الرابع 


(1) هرمون يفرزه الدماغ. 


الفصل الساد س 
)١(‏ الخمول القريب من النعاس 


الفصل السابع 


)١(‏ الأسرة المؤلفة من الأب والأم والأطفال 
(2) فقدان الزوج 


الفصل الثامن 
(1) الاتصال اللاكلامي 00 لوطنعء ١7‏ درولل 


(2) راجع دليل المرأة العربية-سنية النقاش عثمان-دار العلم للملايين-بيروت-1974. 


الأمومة 


الفصل التاسع 

(1) الرئيسات (: (وعنهمتط رتبة من الثديات. 

الخاتمة 

تأ المعامء 5 ,0نمااع5112 ممدعنارآ ,وعسمتامك15ئآ لعنالى لصة جتقتاء تروط أسمدكم] جره ووععع مم0 1870101 سمس * 


.(74 .م ,كأعماوطة) 1989 , 20-24 


220 


المؤلف في سطور: 

د. فايز نايف قنطار 

* من مواليد «داما» بسوريا عام 1950 دكتوراة في بيولوجيا السلوك من 
جامعة بيزانسون بفرنسا عام |1981. 

* معيد في قسم علم النفس الفيزيولوجي والتجريبي- جامعة دمشق 
«كلية التربية» (1981-1975 م). 

* أستاذ مساعد بقسم المخبر الفيزيولوجي بجامعة بيزانسون بفرنسا. 

* له عدة أبحاث ومقالات منشورة حول تطور سلوك الاتصال 
عند الطفل. 

* عضو في عدة منظمات وهيئات دولية. 

* شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية والدولية. 





بنية الشورات العلمية 
تأليف: توماس س. كون 
ترجمة: شوقي جلال 


227 











كه حطذ | الكثتاي 


ما دور الأم5 وما سلوك الأمومة؟ وما وظائف هذا السلوك5 وما 
مدى تأثير الأم في طفلها؟ 

في سياق الإجابة على هذه الأسئلة يحلل الكتاب العلاقة بين 
الطفل والأم: ويحدد العوامل المختلفة التي تتداخل وتسهم في صياغة 
مسار هذه العلاقة. محللا سلوك الأمومة لدى بعض أنواع من 
الكاتئنات. كما يتناول تطور العلاقة بين الأم والطفل؛ حيث يعالج 
العلاقات الأولى بينهما ويناقش نظرية التعلق القائلة بأن التوازن 
العقلي للطفل يرتبط بضرورة تمتعه بعلاقة حميمة ومستقرة مع آمه. 
ثم يعرض لتطور التعلق بين الطفل والآم في السنوات الأولى. وأثر 
ذلك فى النمو النفسى والاجتماعى. ويؤكد الكتاب أيضا الدور النشط 
الذي يلعته الطول شن حياة الأم وسلوكهاء خلاها لوجهة النظر القائلة 
بأن الصغير كائن غامض غير قادر على التأثير فيمن حوله. كما 
يعالج الكتاب مسألة الانفصال بين الطفل والأم: والآثار المترتبة على 
فقدان الأم؛ ونتائج العلاقة المنقطعة زمنيا بين الطفل وأمه. وأخيرا 
يتناول الكتاب بالتحليل قضية الأمومة في الأسرة العربية وأهميتها 
في البيئة الاجتماعية ودورها في استقرار المرأة في أسرتها الجديدة 
بعد الزواج. والسمات المميزة للعلاقة بين الطفل والأم في الأسرة 
العربية.